تَحْدِيدُ الحَجّ نِعْمَةٌ وحِكْمَةٌ – الحُوثِيُّ مُنْدَحِرٌ ( مشكولة مع الدعاء)
راشد بن عبد الرحمن البداح
الحمدُ للهِ نحمدُه وقدْ أعطانَا وكفانَا وآوَانَا، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، شهادةً نرجوْ بها فوزًا ورضوانًا، وأشهدُ أنَّ نبيَنا محمداً عبدُه ورسولُه، الذيْ ما مِنْ خيرٍ إلا لهُ دعانَا، وما مِنْ شرٍ إلا عنهُ نَهاناَ، صلى اللهُ وسلَّمَ عليهِ، وعلى آلهِ وصحبِهِ الذينَ كانوا على الخيرِ أعوانًا. أما بعدُ:
فاللهم لكَ الحمدُ عُدنا لمساجدِنا بحذَرٍ، ولكَ الحمدُ سيَعودُ حُجاجُ مكةَ بحذرٍ.
عادَ ركنانِ عظيمانِ، وشعيرتانِ مُرتبطتانِ بالمسجدِ: الصلاةُ والحجُ. وأعظمُ العباداتِ البدنيةِ الصلاةُ، وأعظمُ العباداتِ الماليةِ الحجُ.
لذلكَ؛ فإنَّ دولتَنا السعوديةَ العظمَى قرَّرتْ قرارًا حكيمًا صائبًا، يَجمعُ بينَ حُسنَيينِ:
- الأولُ: إقامةُ حجِّ هذا العامِ، وعدمُ تعطيلِ هذهِ الشعيرةِ العظيمةِ، التي جَعلَها اللهُ قيامًا للناسِ.
- وثانيًا: إقامتُه بأعدادٍ محدودةٍ جدًا مِن داخلِ المملكةِ؛ حفظًا للنفسِ البشريةِ.
فأقاموا الحجَّ لكنْ بحَدّ. وهذا القرارُ الأحكمُ والأسلمُ، يَصُبُّ ويُصِيبُ صَميمَ مقاصدِ الشريعةِ، ويحقِقُ قاعدةً شرعيةً متينةً، ألا وهيَ: أنَّ الشَّرِيعَةَ جَاءَتْ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا([1]).
وبالرَّغمِ مِن أنَّ العالَمَ يَشهدُ تَفشيًا لفايروسِ كورونا، في أكثرِ من مائةٍ وثمانينَ دولةً بالعالَمِ، ووفِيَّاتُه قُرابةُ النصفِ مليونٍ، ولَقاحُه وعِلاجُه لم يَتوفرْ بعدُ، وبرغمِ أعباءِ الحجِ وتجمعاتهِ البشريةِ التي يَصعبُ توفيرُ التباعُدِ الآمنِ بين أفرادِها= برغمِ هذه التداعياتِ المجتمِعةِ إلا أنها تحملتْ إمضاءَ الحجِ، مع الاحترازِ والحذَرِ الشديدِ.
ويحقُّ لنا أن نقولَ بصريحِ العبارةِ ونحن لربِنا شاكِرونَ، وبفضلِه مُفتخرونَ، ولقادتِنا مُثْنُونَ: حكومتُنا صارتْ أحرصَ علينا منْ أنفُسنا. إيْ واللهِ صارتْ أحرصَ!
ومنَ التوفيقِ الذي ساقَه اللهُ لنا: أن بلادَنا ستبقَى عزيزةً مَهيبةً مُعانةً من ربِّها، أعانَها فحازَت بفضلِ ربِها المركزَ الأولَ عالميًا بلا مُنازِعٍ في الوقوفِ معَ الإنسانِ أولاً، ومع المواطنِ ثانيًا. وهاهيَ تستعِيدُ قُواها لتستعِدَّ للحجِ بكلِّ ما أعطاها اللهُ وآتاها.
يا مَنْ فاتَهُ الحجُّ وتمنَّاهُ : اللهُ يَكتبُ للمرءِ ما نواهُ. فاحتسِبْ على ربِكَ أنكَ تنالُ أجرَ الحجِ وأنتَ ببيتِكَ على قَدرِ نيتِكَ.
ويا أهلَ الحمَلاتِ: لا تجزَعُوا ولا تَتحسَّرُوا، وأبشِرُوا بهذهِ البشارةِ، فَقَد قالَ المبلِّغُ e عن ربِهِ –تعالَى-: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ، إِلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ، [فقَالَ الصحابةُ مُستغرِبينَ مُستفهِمِينَ]: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟! قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ. متفقٌ عليهِ([2]).
واعتبِروا أَيُّها المُسَوِّفُونَ في أدَاءِ فَرْضِ اللهِ عَليكُمْ أعْوامًا مضتْ: أَتَذْكُرونَ حِينَما كَانَ النَّاصِحُونَ يَحُثُّونَكُمْ، وَيُذَكِّرُونَكُمْ بِقَولِ رَسُولِ اللهِ e: مَنْ أَرَادَ الحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ، فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ، وَتَضِلُ الرَّاحِلَةُ وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
سوَّفتمْ وهَا هُوَ العَارِضُ قَدْ عَرَضَ! والوَبَاءُ قَدْ انْتَشَرَ!
لكنِ: اعْقِدوا عَزْمَكم بعامِكم، أو العامَ القادمَ، فإنْ عزَمْتمْ حصَّلتمُ اثنتَينِ: أجرَ هذهِ العزيمةِ، وتيسيرَ درْبِ الحجِّ لكمْ.
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾. والأشهرُ الحُرُمُ هيَ شهرُ ذي القَعدة، وذي الحِجةِ، وشهرُ اللهِ المحرمُ، وشهرُ رجب. ثلاثةٌ سردٌ وواحدٌ فردٌ.
وأما أشهُرُ الحجِ فشهرُ شوالٍ وذو القَعدةِ وعَشرُ ذيْ الحِجةِ.
فشهرُنا هذا معظَّمٌ منْ ناحِيتينِ: شهرُ حجٍ، وشهرٌ حرامٌ.
إذًا: فما عظَّم ربُكمْ فعظِّمُوا، وفيهنَّ فلا تَظلِمُوا.
أذاكَ حُوثيْ أم هذا أبو لَهبِ |
|
تبَّتْ يدا عُصبةٍ حمَّالةِ الحَطَبِ |
يا حيةَ الحقدِ يا نارَ الضغينةِ كمْ |
|
أبكيتِ من مقلةِ في ساعةِ الحرَبِ([3]) |
ألا إنَ بلادَنا لنْ تزيدَها تلكَ الصواريخُ الخاسئةُ البائسةُ المجوسيةُ الحوثيةُ بحولِ اللهِ إلا ثباتًا، والتفافًا حولَ قيادتِها وعلمائِها، ألا شاهَتْ وجوهُ المجرمينَ المعتدينَ، لمْ يَرْعَوا إنسانيةً، ولمْ يُراعُوا وباءً، ولمْ يَحفظوا جِوارًا، ولمْ يَتَقُوا شهرًا حرامًا، بلْ كأنهمْ يَتحرَّونَ دخولَ الشهرِ الحرامِ؛ ليَنتهِكُوه! أيُحاربونَ اللهَ؟!
زَعَمَ [الحُويثِيْ أنْ سيَغلِبُ رَبَّه] ... ولَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلاَّبِ
ولتهنأْ بلادُ الحرمينِ، ولتبْقَ عبرَ الأعصارِ دُرّةَ الأمصارِ، وصخرةً شمّاءَ تتهاوَى أمامَ صلابتِها سهامُ المُغرضينَ والمُبغِضينَ.
ألا إنّ الأمةَ مُطالَبةٌ للخروجِ مِنْ أزَمَاتِها الخانِقةِ، إلى تَوبةٍ عامّةٍ، وأوبةٍ صادقةٍ، وتضرُّعٍ ودعاءٍ، وتجديدِ حُسنِ الظنِّ باللهِ -سبحانَه-، حينَها يأذَنُ اللهُ بالفَرَجِ والفَرَحِ بالنصرِ بعدَ الصبرِ: [لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ].
اللهم وفِّقْ المسلمينَ قاطبةً للعودةِ الصادقةِ إلى دينِكَ القويمِ. اللهم وفِّقْ ولاةَ أمرِنا قادةَ هذهِ البلادِ لكلِ خيرٍ، واصرِفْ عنهم كلَّ شرٍ، وافرُجْ لهمْ في المضائقِ، واكشِفْ لهمْ وجوهَ الحقائقِ، وأعِنهُمْ ببطانةٍ ناصحةٍ، تدلهُّم على الخيرِ، وتُحذِّرُهم من الشرِ، تُذكّرُهمْ بالخيرِ إذا نسُوا، وتُعينُهمْ عليهِ إذا تَذَكَّرُوا، واصرِفْ عنهمْ بطانةَ السوءِ، وقالةَ السوءِ، ونقَلةَ السوءِ، وأهلَ الغشِ والخديعةِ، والذممِ الوضيعةِ.
اللهم بتيسيرِكَ يسِّرْ هذا الحجَ، وأْذَنْ مِن عندكَ بفرَجٍ تامٍ، بزوالِ دائِنا، واندِحارِ أعدائِنا، واجعلْ أفئدتَنا تهويْ إلى بيتِكَ المعظَّمِ.
المرفقات
تحديد-الحج-نعمة-وحكمة-الحوثي-مندحر
تحديد-الحج-نعمة-وحكمة-الحوثي-مندحر
تحديد-الحج-نعمة-وحكمة-الحوثي-مندحر-2
تحديد-الحج-نعمة-وحكمة-الحوثي-مندحر-2