تأملات مع سورة الإخلاص

بسم الله الرحمن الرحيم إخوة الإيمان والعقيدة ... جاء النداء من رب العالمين لعباده المؤمنين بالأمر في تدبر القرآن الكريم ]أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ[ القرآن الذي وصفه الله U أنه مبارك، وبيَّن الحكمة من إنزاله فقال ]كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ[ من البعض من هجر القرآن فلا يعرفه إلا في رمضان، تمر عليه الأيام والأسابيع بل الشهور فلا يقرأ شيئًا من القرآن، أما نستحي من ربنا، أما نستحي من نبينا حينما يشكو لربه U من هجران أمته للقرآن الذي أُنزل عليه ]وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا[. أيها المؤمنون ... نعيش هذه الدقائق المعدودة مع سورة من أعظم سور القرآن، إن لم تكن هي أعظمها، مع سورة تعدل ثلث القرآن، مع سورة أدخلت الذي أحبها الجنة وكانت سببًا لمحبة الرحمن U له، إنها سورة الإخلاص. هذه سورة جاءت ردًا على المشركين حينما قالوا للنبي ﷺ انسب لنا ربك، فأنزل الله ]قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[ أحبها رجل فأكثر من قراءتها؛ فأحبه ربه، بعثه النبي ﷺ على سَريَّة، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بـ ]قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[ فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ﷺ فقال (سلوه: لأيّ شيء يصنع ذلك؟) فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النبي ﷺ (أخبروه أن الله تعالى يحبه) اللهم إنا نسألك حبك، وحبَّ من يحبك، وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك. أيها المؤمنون .. كان رجل من الأنصار يَؤمَّ القوم في مسجد قُبَاء، فكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ ]قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[ حتى يَفرُغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة. فكلَّمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تُجزئُك حتى تقرأ بالأخرى، فإما أن تقرأ بها، وإما أن تدعها وتَقرأ بأخرى. فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم. وكانوا يَرَونَ أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يَؤمهم غيرَه. فلما أتاهم النبي ﷺ أخبروه الخبر، فقال (يا فلان، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك، وما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟) قال: إني أحبها. قال ﷺ (حُبك إياها أدخلك الجنة). واعلموا – أيها المؤمنون – أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن، جاء رجلٌ إلى النبي ﷺ وقد سمِع رَجُلا يقرأ ]قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [ يرددها، فذكر ذلك للنبي ﷺ، وكأن الرجل يتقالّها، فقال النبي ﷺ (والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن). أيها العبد المؤمن! ألا تريد بيتا في الجنة!؟ قال رسول الله ﷺ (من قرأ ]قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[ حتى يختمها، عشر مرات، بنى الله له قصرًا في الجنة) فقال عمر بن الخطاب: إذن نستكثر يا رسول الله! فقال ﷺ (الله أكثر وأطيب). أيها العبد المؤمن! ألا تريد أن يستجيب الله لك الدعاء، دخل النبي ﷺ المسجد فإذا رجل يصلي، يدعو يقول: اللهم، إني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد. قال ﷺ (والذي نفسي بيده، لقد سأله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب). نسأل الله أن يرزقنا العلم والعمل بكتابه، واتباع سنة نبيه ﷺ. أقول ما تسمعون ...     الحمد لله رب العالمين ... معاشر المؤمنين ... سنقف -بإذن الله- على شيء من معاني سورة الإخلاص؛ لأن كثيرًا منا يقرؤها وقد لا يفهم معناها، فكيف يتحقق التدبر والتأمل والتفكر بآيات الله ولا نفهم معناها. بدأ الله هذه السورة بالخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، وللأمة أيضاً ] قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[ وهذه إجابة لسؤال المشركين للنبي ﷺ أن ينسب لهم ربه U فرد عليهم بأتم رد ] قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[ أي: متوحد متفرد بالجلال والعظمة عز وجل، الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير، ولا ند له ولا شبيه ولا عديل، فهو سبحانه الكامل في جميع صفاته وأفعاله، فاستحضر هذا المعنى وأنت تقرأ ]قُلْ هُوِ اللهُ أَحَدٌ[. ثم قال ]اللهُ الصَّمَدُ[ الكامل في صفاته، الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته. فهو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته. وهذا يعني أنه مستغنٍ عن جميع المخلوقات، لأنه كامل الصفات، فالخلائق تصمد إليه في حوائجها. ثم قال ]لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ[ وهذا حق؛ لأنه جل وعلا لا مثيل له، ولأنه مستغنٍ عن كل أحد U، وقد أشار الله إلى امتناع ولادته فقال ]أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ وفي قوله ] لَمْ يَلِدْ[ رد على ثلاث طوائف منحرفة من بني آدم، وهم: المشركون، واليهود، والنصارى، لأن المشركين جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن بنات الله. واليهود قالوا: عزير ابن الله. والنصارى قالوا: المسيح ابن الله. فكذبهم الله بقوله ] لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ[. ثم قال ]وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[ أي لم يكن له أحد يساويه في جميع صفاته، فنفى الله سبحانه وتعالى عن نفسه أن يكون والداً، أو مولوداً، أو له مثيل، فهو سبحانه مالك كل شيء وخالقه، فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه أو قريب يدانيه؟! وجاء في الحديث القدسي (قالَ اللَّهُ تبارَك وتعالى كذَّبني ابنُ آدمَ ولم يَكن ينبغي لهُ أن يُكذِّبني، وشتَمني ابنُ آدمَ ولم يَكن ينبغي لهُ أن يشتُمَني، أمَّا تَكذيبُه إيَّايَ فقولُه إنِّي لا أعيدُه كما بدأتُه، وليسَ آخِرُ الخلقِ بأعزَّ عليَّ من أوَّلِه. وأمَّا شتمُه إيَّايَ فقولُه ]اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا[ وأنا اللَّهُ: الأحدُ الصَّمدُ لم ألِد ولم أولَد ولم يَكن لي كفُوًا أحدٌ). وصلى الله على نبينا محمد ﷺ
المرفقات

1662702562_تأملات مع سورة الإخلاص.docx

1662702574_تأملات مع سورة الإخلاص.pdf

المشاهدات 735 | التعليقات 0