بين الغبار والأمطار
1436/06/14 - 2015/04/03 04:47AM
إن الحمدَ لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
بلغَّ الرسالةَ ونصحَ الأمةَ وجاهدَ في الله حتى أتاه اليقين تركنا على المحجةِ البيضاءِ ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك
أما بعد:
فيا عبادَ الله اتقوا اللهَ حقَ تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ...
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا @ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
عبادَ الله تذكروا أن من صفاتِ أهلِ العقولِ والقلوبِ الحيةِ أن يتفكروا في خلقِ السمواتِ والأرضِ وتقلب الليل والنهار
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
تأمل أيها المؤمنُ كيف جمع الله في هذه الآية الواحدةِ أطرافَ الكونِ، وما يُصرفهُ فيه ... ثم ختمها بأنَّ في ذلك كله آياتٍ لقومٍ يعقلون
أما الغافلُ الذي لا يعقلُ فإن الآياتِ لا تنفعهُ ولا تحيي قلبَهُ
وقد مرَّ بنا في الأيامِ القليلةِ الماضيةِ تصرفٌ عجيبٌ آيةٌ من آياتِ الله
فبعدَ أن ملئتْ هذهِ الأجواءُ بالرطوبةِ والأمطارِ، بعدَ أن امتلأتِْ السماءُ بهذا السحابِ المسخرِ الذي يحملُ من الماءِ ما يملأُ ملايين السدودِ والأوديةِ والسهولِ
يعقبهُ خلالَ أيامٍ قليلةٍ
تلك الرياحُ التي تحملُ ملايينَ الأطنانِ من الرمالِ والتربةِ
فلا إله إلا الله
يدعونا الله لنتأمل أنَّ ( مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
فالماءُ وتصريفُ الرياحِ والسحابُِِ المسخرِ آيات وأي آيات وخصَّ اللهُ المنتفعينَ بها أنهم "قوم يعقلون"
لو اجتمع العالمُ كلُّهُ من شرقهِ إلى غربهِ كي يدفعَ عنا هذهِ الريحَ أو حتى يغيرَّ اتجاهها فقط؛ لعجزَ وأفلسَ من كلِ حيلةٍ
ولو أتى العالمُ كلُّهُ بأسرهِ من شرقهِ وغربه ليحرمنا من الأمطارِ لعادَ بالخيبة والخذلان ...
إن في تصريفِ الرياحِ لآياتٍ لقومٍ يعقلون، الرياح في اليوم الواحد تتقلب وتتغير
تكون صبا وجنوبا وشمالا ودبورا ... وليس لأحدٍ من الناسِ حيلةٌ أو تصرفٌ أو قدرة
رياحٌ تحملُ البشرى ورياحٌ تحملُ الخوفَ والفزعَ وما هي إلا ذراتُ هواء مجتمعة!
كما أن هذه السيولَ العظيمةَ ذراتُ مياهٍ مجتمعةٍ، فسبحانَ من سخرها وسبحانَ من دبرها وسبحانَ من سيرها
فيا عجبا كيفَ يعصى الإلهْ
أم كيفَ يجحدهُ الجاحدُ
وللهِ في كلِ تحريكةٍ
وفي كلِ تسكينةٍ شاهدُ
وفي كلِ شيءٍ لهُ آيةٌ
تدلُ على أنَّه الواحدُ
إن تلك التقلباتِ في هذا الكونِ دلالةٌ عظيمةٌ على التوحيدِ ولومٌ شديدٌ لأهلِ الشركِ إذ كيفَ تزيغُ عقولُهمْ في قلوبِهم؟!
ولذا ذكَّرَ اللهُ الناسَ بعدَ هذهِ الآيةِ العظيمةِ
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
ذكَّر اللهُ الناس بعدَ هذهِ الآيةِ بالتوحيدِ ولامَ أولئكَ المشركينَ الذينَ يعيشونَ بينَ هذهِ الآياتِ العظامِ ثمَّ همْ يجعلونَ للهِ أندادا ،سبحانه وبحمده
فقالَ العظيمُ ـ الواحدُالأحد ـ بعدها : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ)
كلُ هذهِ الآياتِ والعبرِ المنزلاتِ وهذا الشأنِ المتغيرِ ومعَ هذا يجعلونَ للهِ أندادا لا حولَ لهم ولا قوةَ ولا سمعَ ولا بصرَ ولا تصريفَ ولا تدبير، فأين العقول؛ أين الأعين؟!
ألا يسير هؤلاء في الأرض؟! ليروا أيات الله؛ (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ...
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآن العظيمِ ونفعنا بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه...
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله حمدا يليقُ بجلالهِ وعظيمِ سلطانهِ الحمدُ لله حتى يرضى والحمدْ لله إذا رضي والحمدُ لله بعدَ الرضا
وأشهدُ أنَّ محمدا عبدهُ ورسوله بلَّغَ الرسالةَ وأدى الأمانةَ تركنا على المحجةِ البيضاءِ لا يزيغُ عنها إلا هالك
أما بعد :
إن تقلبَ الكونِ في لحظاتٍ يسيرةٍ بعدَ سحابٍ وغيثٍ ومطرٍ وبَرَدٍ، رياحٌ وغبارٌ وترابٌ، ومن بعد ذلك صفاءٌ للجو عجيبٌ
وكأنه لم يمرْ بنا شيءٌ منْ تدبيرِ اللهِ لهذا الكون؛ إلا أنَّ القلوبَ الحيةَ لا تطوفُ بها هذهِ الآياتُ عابرةً دونَ وقفةِ تأملٍ وعبرةٍ وعظةٍْ
ما بينَ طرفةِ عينٍ وانتباهتها
يقلّبُ الله من حالٍ إلى حالِ
القلوبُ العاقلةُ الحيةُ، والتي خافتْ اللهِ حينَ أقبلَ الغبارُ ؛شكرتِْ اللهَ حينَ أدبرتْ تلكَ الريحُ
إن القلوبَ الحيةَ الزكيةَ تنظرُ إلى السماءِ في كلِ أمرها، فمعَ الخوفِ تفرُّ إلى اللهِ ومعَ النعمةِ تشكرُ الله ومع الفترةِ تتوجهُ وتتذلل إلى الله
إليكَ وإلا لا تشدُّ الركائبُ ××× ومنكَ وإلا فالمؤملُ خائبُ
وفيكَ وإلا فالكلامُ مضيعُ ××× وعنكَ وإلا فالمحدثُ كاذبُ
اللهم يا مصرفَ الرياحِ ويا مجريَ السحابِ ويا منزلَ الكتابِ
انصر إخواننا على الثغورِ اللهم أخلصْ نياتهمْ وتقبلْ منهمْ وانصرهم على عدوكَ وعدوهم
اللهم أنزل السكينةَ على المجاهدين في سبيلكَ في كل مكان اللهم آنس وحشتهم وثبتهم واحمهم وأعذهم من التولي يا كريم يا جليل يا عظيم
اللهم أنتَ اللهُ لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيثَ
اللهم أغثنا غيثا هنيئا مريئا سحا طبقا مجللا نافعا غير ضار
اللهم كما أريتنا عجائبَ من قدرتكَ في الرياحِ فأرنا من رحمتك في الغيث والأمطار
إنك أنتَ الواحدُ القهار
اللهم لا تؤخذنا بما نسينا أوأخطأنا اللهم واغفر لنا زللنا وجرأتنا اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ...
عباد الله إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحابته الكرام وعلى منتبعهم إلى يوم الدين وعنا معهم يا أكرم الأكرمين ...
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
...
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
بلغَّ الرسالةَ ونصحَ الأمةَ وجاهدَ في الله حتى أتاه اليقين تركنا على المحجةِ البيضاءِ ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك
أما بعد:
فيا عبادَ الله اتقوا اللهَ حقَ تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ...
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا @ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
عبادَ الله تذكروا أن من صفاتِ أهلِ العقولِ والقلوبِ الحيةِ أن يتفكروا في خلقِ السمواتِ والأرضِ وتقلب الليل والنهار
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
تأمل أيها المؤمنُ كيف جمع الله في هذه الآية الواحدةِ أطرافَ الكونِ، وما يُصرفهُ فيه ... ثم ختمها بأنَّ في ذلك كله آياتٍ لقومٍ يعقلون
أما الغافلُ الذي لا يعقلُ فإن الآياتِ لا تنفعهُ ولا تحيي قلبَهُ
وقد مرَّ بنا في الأيامِ القليلةِ الماضيةِ تصرفٌ عجيبٌ آيةٌ من آياتِ الله
فبعدَ أن ملئتْ هذهِ الأجواءُ بالرطوبةِ والأمطارِ، بعدَ أن امتلأتِْ السماءُ بهذا السحابِ المسخرِ الذي يحملُ من الماءِ ما يملأُ ملايين السدودِ والأوديةِ والسهولِ
يعقبهُ خلالَ أيامٍ قليلةٍ
تلك الرياحُ التي تحملُ ملايينَ الأطنانِ من الرمالِ والتربةِ
فلا إله إلا الله
يدعونا الله لنتأمل أنَّ ( مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
فالماءُ وتصريفُ الرياحِ والسحابُِِ المسخرِ آيات وأي آيات وخصَّ اللهُ المنتفعينَ بها أنهم "قوم يعقلون"
لو اجتمع العالمُ كلُّهُ من شرقهِ إلى غربهِ كي يدفعَ عنا هذهِ الريحَ أو حتى يغيرَّ اتجاهها فقط؛ لعجزَ وأفلسَ من كلِ حيلةٍ
ولو أتى العالمُ كلُّهُ بأسرهِ من شرقهِ وغربه ليحرمنا من الأمطارِ لعادَ بالخيبة والخذلان ...
إن في تصريفِ الرياحِ لآياتٍ لقومٍ يعقلون، الرياح في اليوم الواحد تتقلب وتتغير
تكون صبا وجنوبا وشمالا ودبورا ... وليس لأحدٍ من الناسِ حيلةٌ أو تصرفٌ أو قدرة
رياحٌ تحملُ البشرى ورياحٌ تحملُ الخوفَ والفزعَ وما هي إلا ذراتُ هواء مجتمعة!
كما أن هذه السيولَ العظيمةَ ذراتُ مياهٍ مجتمعةٍ، فسبحانَ من سخرها وسبحانَ من دبرها وسبحانَ من سيرها
فيا عجبا كيفَ يعصى الإلهْ
أم كيفَ يجحدهُ الجاحدُ
وللهِ في كلِ تحريكةٍ
وفي كلِ تسكينةٍ شاهدُ
وفي كلِ شيءٍ لهُ آيةٌ
تدلُ على أنَّه الواحدُ
إن تلك التقلباتِ في هذا الكونِ دلالةٌ عظيمةٌ على التوحيدِ ولومٌ شديدٌ لأهلِ الشركِ إذ كيفَ تزيغُ عقولُهمْ في قلوبِهم؟!
ولذا ذكَّرَ اللهُ الناسَ بعدَ هذهِ الآيةِ العظيمةِ
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
ذكَّر اللهُ الناس بعدَ هذهِ الآيةِ بالتوحيدِ ولامَ أولئكَ المشركينَ الذينَ يعيشونَ بينَ هذهِ الآياتِ العظامِ ثمَّ همْ يجعلونَ للهِ أندادا ،سبحانه وبحمده
فقالَ العظيمُ ـ الواحدُالأحد ـ بعدها : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ)
كلُ هذهِ الآياتِ والعبرِ المنزلاتِ وهذا الشأنِ المتغيرِ ومعَ هذا يجعلونَ للهِ أندادا لا حولَ لهم ولا قوةَ ولا سمعَ ولا بصرَ ولا تصريفَ ولا تدبير، فأين العقول؛ أين الأعين؟!
ألا يسير هؤلاء في الأرض؟! ليروا أيات الله؛ (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ...
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآن العظيمِ ونفعنا بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه...
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله حمدا يليقُ بجلالهِ وعظيمِ سلطانهِ الحمدُ لله حتى يرضى والحمدْ لله إذا رضي والحمدُ لله بعدَ الرضا
وأشهدُ أنَّ محمدا عبدهُ ورسوله بلَّغَ الرسالةَ وأدى الأمانةَ تركنا على المحجةِ البيضاءِ لا يزيغُ عنها إلا هالك
أما بعد :
إن تقلبَ الكونِ في لحظاتٍ يسيرةٍ بعدَ سحابٍ وغيثٍ ومطرٍ وبَرَدٍ، رياحٌ وغبارٌ وترابٌ، ومن بعد ذلك صفاءٌ للجو عجيبٌ
وكأنه لم يمرْ بنا شيءٌ منْ تدبيرِ اللهِ لهذا الكون؛ إلا أنَّ القلوبَ الحيةَ لا تطوفُ بها هذهِ الآياتُ عابرةً دونَ وقفةِ تأملٍ وعبرةٍ وعظةٍْ
ما بينَ طرفةِ عينٍ وانتباهتها
يقلّبُ الله من حالٍ إلى حالِ
القلوبُ العاقلةُ الحيةُ، والتي خافتْ اللهِ حينَ أقبلَ الغبارُ ؛شكرتِْ اللهَ حينَ أدبرتْ تلكَ الريحُ
إن القلوبَ الحيةَ الزكيةَ تنظرُ إلى السماءِ في كلِ أمرها، فمعَ الخوفِ تفرُّ إلى اللهِ ومعَ النعمةِ تشكرُ الله ومع الفترةِ تتوجهُ وتتذلل إلى الله
إليكَ وإلا لا تشدُّ الركائبُ ××× ومنكَ وإلا فالمؤملُ خائبُ
وفيكَ وإلا فالكلامُ مضيعُ ××× وعنكَ وإلا فالمحدثُ كاذبُ
اللهم يا مصرفَ الرياحِ ويا مجريَ السحابِ ويا منزلَ الكتابِ
انصر إخواننا على الثغورِ اللهم أخلصْ نياتهمْ وتقبلْ منهمْ وانصرهم على عدوكَ وعدوهم
اللهم أنزل السكينةَ على المجاهدين في سبيلكَ في كل مكان اللهم آنس وحشتهم وثبتهم واحمهم وأعذهم من التولي يا كريم يا جليل يا عظيم
اللهم أنتَ اللهُ لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيثَ
اللهم أغثنا غيثا هنيئا مريئا سحا طبقا مجللا نافعا غير ضار
اللهم كما أريتنا عجائبَ من قدرتكَ في الرياحِ فأرنا من رحمتك في الغيث والأمطار
إنك أنتَ الواحدُ القهار
اللهم لا تؤخذنا بما نسينا أوأخطأنا اللهم واغفر لنا زللنا وجرأتنا اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ...
عباد الله إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحابته الكرام وعلى منتبعهم إلى يوم الدين وعنا معهم يا أكرم الأكرمين ...
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
...