بيئتنا ونزهتنا ( وزاري )

راشد بن عبد الرحمن البداح
1445/06/21 - 2024/01/03 18:14PM

الحَمْدُ للهِ الذِيْ جَعَلَ لَنَا دِيْنًا هُوَ خَيْرُ الأَدْيَانِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا كِتَابًا هُوَ خَيْرُ الكُتُبِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُوْلاً هُوَ خَيْرُ الرُّسُلِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهَ تَسْلِيْمًا كَثِيْرًا. أَمَّا بَعْدُ:

فاتقُوا اللهَ تعالى، واعلمُوا أننا لم نُخلقْ عبثًا، ولن نُتركَ سدىً. والموفقُ مَنِ اسْتَعِدَّلِلْمَوْتِ قَبْلَ الْفَوْتِ.

معاشرَ الإخوةِ: هاقدْ بدأتْ إجازةٌ مطولةٌ لأولادِنا، وطابَ عبيرُ الربيعِ،برغمِ البردِ والصقيعِ. فلنتأملْ رياضًا نضِرةً، وروائحَ عطِرةً، و{حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا}[النمل60]

من فاقِعٍ في ناصعٍ في قانِئٍ  ...  في ناضِرٍ صَبّاغُها الخَلّاقُ()

تَراها حتى بينَ البيوتِ، وفي حوافِ الإسفلتِ، لتجِدَ ربيعًا يَتَبسَّمُ، يكادُ من الحُسنِ أن يتكلمَ، وبُقَعَ زهورٍ تتبلَّجُ عن وجهٍ بَهِجٍ، ورَوضٍ أَرِجٍ. {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}[الروم50]

يا خارجًا للنزهةِ: إليكَ آداباً مهمةً منها:

الأذانُ للصلاةِ في الفلاةِ، فله فضلٌ خاصٌ؛ لقولهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ، وَلاَ إِنْسٌ، وَلاَ شَيْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَالْقِيَامَةِ.. رواهُ البخاريُ.

ومنَ الآدابِ: قولُ الدعاءِ عند النزولِ وتذكيرُ الكبارِ به، وتعويدُ الأطفالِعليهِ، فقد روَى مسلمٌ وابنُ ماجةَ واللفظُ لهُ: أنه قيلَ للنبيِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنَّ فُلانًا لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ، فَلَمْ يَنَمْ لَيْلَتَهُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَوْقَالَ حِينَ أَمْسَى: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، مَا ضَرَّهُ لَدْغُ عَقْرَبٍحَتَّى يُصْبِحَ.

ومنَ الآدابِ: الحذَرُ من تقذيرِ أماكنِ النزهةِ، فهذا من الإيذاءِ المحرمِ،لقولهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ().

ويُقاسُ عليهِ رميُ مخلفاتِ الأكلِ الورقيةِ والبلاستيكيةِ والمعدنيةِ.وليسَ الحلُ هو إحراقُ المخلفاتِ قبلَ الارتحالِ من المكانِ، ولكنْ بجمِعها في كيسٍ وربِطها ثم إلقائِها بأقربِ حاويةٍ؛ ليسلمَ مِن أذاها مَن أتاها!

ألا ما أجملَ أن يَظهرَ المسلمُ بصورةِ الواعيِ الذي لا يفكرُ في نفسهِفقط، بل يفكرُ فيمن يأتيْ بعدَه، ولا يؤذيْ مَنْ يتنزهُ بجوارهِ، بأيِّ نوعٍ منأنواعِ الأذى، فتَنزَّهُوا ولكنْ تَنزهُوا. ورسولُنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يقولُ: مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ. رواهُ الطبرانيُ بسندٍحسنٍ(). وَأما الذِيْنَ يُمِيْطُوْنَ الأَذَى عَنْ طَرِيْقِ الْمُسْلِمِينَ، تطوعاً بتنظيفِالمتنزهاتِ، وتبليغاً عن مخاطرِ آبارٍ مكشوفةٍ، فهُمْ قُدُوَاتٌ حَسَنَةٌ، تَجْرِيْ لَهُمْ حَسَنَاتُهُمْ كلمَا أماطُوا. قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ أَمَاطَ أَذىً عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَمَنْ تُقُبِّلَتْ مِنْهُ حَسَنَةٌ دَخَلَ الْجَنَّةَ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَحَسَّنَهُ الهَيْثَمِيُّ وَالسُّيُوْطِيُّ وَالأَلْبَانِيُّ().

ومنَ الإيذاءِ للمسلمينَ في طرقِهم: أولئكَ الشبابُ الذين يُروّعونَالمتنزِهينَ بالمخاطَراتِ والاستعراضاتِ العبثيةِ، بعبورِ السيولِ بالسياراتِ، وصعودِ كثبانِ الرملِ المرتفعةِ، مما يسببُ فواجعَ تُفسدُ جمالَ النزهةِ، وأُنسِ الرحلةِ.

ومنْ آدابِ التنزهاتِ الحذرُ منَ الإسرافِ في المشترياتِ المطبوخةِوالمأكولةِ، ولنسألْ أنفسَنا: هلْ مِن شُكرِ النعمةِ الإسرافُ بشراءِ أطعمةٍزائدةٍ عنِ الحاجةِ، ثم تقذيرُ الأرضِ بنثرِها وإهانتِها، بحجةِ أن البهائمَوالطيورَ تأكلُها؟! فاللهم اجعلنا منَ الشاكرينَ.

 

الحمدُ للهِ وكفَى، وصلاةً وسلامًا على النبيِ المصطفَى، أما بعدُ:

فإليكمْ  أيُها المتنزهونَ وصايا موجَزةً، وكلُها داخلةٌ في قولِ ربِنا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة2]

الأولَى: مراعاةُ أنظمةِ وزارةِ البيئةِ والدفاعِ المدنيِ، والتي تُحققُالمصلحةَ العامةَ للجميعِ، وتراعِي التوازُنَ البيئيَ.

الثانيةُ: أهميةُ المحافظةِ على الغطاءِ النباتيِ، بلْ والمساهمةِ في التشجيرِ، وعدمِ وطءِ العشبِ بالسياراتِ والدراجاتِ الناريةِ، ولا قطعِالأشجارِ. ولذا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- متوعِداً: مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِى النَّارِ. رواهُ أبُو داودَ وصححهُ السيوطيُوالمُناويُ(). وهذا غيرُ مختصٍ بالسِّدرِ، بلْ عامٌّ في كلِ شجرٍ يستظِلُ تحتَه الناسُ والبهائمُ().

الثالثةُ: التحذيرُ منَ المبيتِ أو المكثِ في الأوديةِ والشعابِ، أو اختراقِها بالسيارةِ أثناءَ جريانِها، لما فيهِ منْ تعريضِ النفسِ والمالِللهلاكِ.

الرابعةُ: إشعالُ النارِ بالطرقِ المسموحِ بها، وإطفاؤُها قبلَ مغادرةِالمكانِ.

الخامسةُ: الحرصُ على نظافةِ المتنزَّهِ عندَ مغادرتهِ، واستشعارُ ما يترتبُ على تركِ المخلفاتِ والقاذوراتِ منْ إفسادٍ للبيئةِ وإيذاءٍ للناسِوللدوابِ.

• فاللهم أصلحنا وأصلحْ بنا، وأصلح شبابَنا وشوابَنا، للمحافظةِ على دينِهم وقيمِهم وعاداتِ بلدِهم، وعلى مكتسباتِ وطنِنا، وبيئتِنا.
• اللهم إنا نعوذُ بك مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ. اللهم احفظْ بلادَنا وبلادَ المسلمينَ.
• اللهم انصرْ إخوانَنا بأكنافِ بيتِ المقدسِ، واهزمْ إخوانَ القردةِ والخنازيرِ.
• اللهم وأيد بالحقِ إمامَنا، ووليَّ عهدِه، ووفقهما لما تحبُّ وترضَى، وخُذْ بناصيتِهِما للبرِّ والتقوى. وارزقهمْ بِطانةَ الصلاحِ والفلاحِ.
• اللهم لكَ الحمدُ يا مَن هو للحمدِ أهلٌ. اللهمَ لكَ الحمدُ على ما أنزلتَ من خيراتِ السحابِ، وأجريتَ من وِديانٍ وشِعابٍ.
• اللهم تابِعْ علينا الخيراتِ، وأحضِرْ معها البركاتْ.
• اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.
• اللهم يا ذا النعمِ التي لا تُحصَى عددًا نسألكَ أن تصليَ وتسلمَ على محمدٍ

المرفقات

1704294864_‎⁨بيئتنا ونزهتنا⁩.docx

1704294866_‎⁨بيئتنا ونزهتنا⁩.pdf

المشاهدات 1410 | التعليقات 0