بيئةُ المرأةِ-10-2-1443هـ-مستفادةٌ من خطبةِ الشيخِ هلالٍ الهاجريِ
محمد بن سامر
بيئةُ المرأةِ-10-2-1443هـ-مستفادةٌ من خطبةِ الشيخِ هلالٍ الهاجريِ
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عليه وآلهِ صلاتُه وسلامُه وبركاتُه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
أما بعد: فيا إخواني الكرام:
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا كَيْدًا، وَيَمْكُرُونَ مَكْرًا مَكْرًا، مَكْرَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، في الخَفاءِ وفي الجِّهَارِ، مَكرًا يعجزَ عن وصفِهِ اللّسانُ والخيالُ، وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ، خِطَطٌ وتخطيطاتٌ، مؤتمراتٌ ومؤامراتٌ، قَنواتٌ وشبكاتٌ، اجتماعاتٌ وقراراتٌ، كلُّ ذلكَ لضربِ الأسرةِ: نواةِ المُجتمعِ وأساسِهِ، وذلكَ بكسرِ عمودِها الفَقريِّ: المرأةِ.
لنْ نتحدثَ عنِ الخطرِ الذي يُداهمُ المرأةَ المُسلمةَ، ولا عن التَّغييراتِ التي فَعلتْها بها الأيدي الآثمةُ، ولنْ نتحدثَ عنِ حقوقِ المرأةِ في بلادِ الإسلامِ، وعن حالِها التَّعيسِ في بلادِ الحُريَّةِ والآثامِ، ولنْ نتحدثَ عنِ طُرقِ إغواءِ المرأةِ لتتمرَّدَ على الدِّينِ والمجتمعِ، وتنخدعَ بالشُّبهاتِ البَّراقةِ التي تخطفُ السمعَ والبَّصرَ، الحديثُ موجهٌ إليكَم أنتُم أيَّها الرِّجالُ، اسألْوا أنفسكُم: هل أنتم سدٌ متينٌ أمامَ هَجماتِ الفُّجارِ؟ أم أنتم-لا قدَّرَ اللهٌ-أعضاءٌ فاعلونَ في تسهيلِ مُهمةِ الأشرارِ؟
اعلموا أنَّه لا يمكنُ لهذهِ الدَّعواتِ التي تحاولُ خِداعَ المرأةِ أن تنجحَ إلا في بيئتينِ لا ثالثَ لهما، هما المستنقعُ الذي يُمكنُ أن تنبتَ فيه طحالبُ الشُّبهاتُ، وتنتشرَ حولَه أسرابُ النَّسوياتِ.
البيئةُ الأولى: بيتٌ فيهِ بنتٌ تُهانُ، أو زوجةٌ تُظلمُ، أو أمٌّ تُعَقُّ، أو أختٌ تُذَّلُّ، لا يعرفونَ للمرأةِ قَدرَها، ولا يُعطونَها حقَّها، إذا جاءتِ احتقروها، وإذا تكلمتِ انتقصوها، لا يرونَ أنَّها مَخلوقٌ يستحقُّ التَّقديرَ والاحترامَ، وليسَ لها إلا الخضوعُ للظُّلمِ والإجرامِ.
فيا فرحَ أهلَ الفسادِ بهذه المرأةِ التي قد بلغَ بها الانتقاصُ، لتطلبَ أيَّ لونٍ من ألوانِ الهُروبِ والخلاصِ، فهي لا ترى إلا الخروجَ من هذا البيتِ الذي سامَها سوءَ العذابِ، حتى ولو كانَ خروجًا إلى طريقٍ مُظلمٍ كئيبٍ نهايتُهُ سَرابٌ، فهي بينَ أمرينِ أَحلاهُما مرٌّ، ويصدقُ عليها قولُ الشَّاعرِ:
المُستجيرُ بعمروٍ عِندَ كُربتِهِ* كالمستجيرِ من الرَّمضاءِ بالنَّارِ
وأما البيئةُ الثَّانيةُ: بيتٌ لا يُقالُ فيه للمرأةِ: لا، ولا تتعلَّمُ فيهِ دينًا أو تقاليدَ أو حياءً، ليسَ لها أمٌّ تسترُ لباسَها وهي صغيرةٌ، وليسَ لها أبٌّ يغارُ عليها وهي كبيرةٌ، تفعلُ ما تشاءُ، وتلبسُ ما تشاءُ، وتخرجُ متى تشاءُ، مع من تشاءُ، تبرجٌ واختلاطٌ، وتفريطٌ وإفراطٌ، لا أبٌّ يردعُ، ولا زوجٌ يمنعُ.
فهنا حُقَّ لهذهِ العائلةِ أن تُكرَّمَ من أعداءِ الفَضيلةِ، لِقيامِهم بتسهيلِ المُهمةِ بأفضلِ وسيلةٍ.
ضدَّانِ يا أُختاهُ ما اجتمعا*دينُ الهُدى والفِسقُ والصَّدُّ
واللهِ مَا أَزْرَى بأُمَّتِنَا*إلا ازدواجٌ ما لَهُ حدُّ
أستغفر اللهَ لي ولكم وللمسلمين...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
فما أجملَ بيئةً تصانُ فيها المرأةُ، فهي الأمُّ المُعظَّمةُ، والأختُّ المُكرَّمةُ، والزَّوجةُ الحبيبةُ، والبنتُ الغاليةُ، هي تلكَ الأمُّ التي استأذنَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ-في زيارةِ قبرِها، فبكى شَوقًا لها ورحمةً، وأبكى من حولَه، وتلكَ الأختُ التي رحَّبَ بها رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ-، وبسط لها رداءَه، فجلستْ عليه، ودَمعتْ عيناهُ، وهي تلكَ الزَّوجةُ التي كانتْ تَشربُ منَ الإناءِ فتُنَاوِلُهُ رسولَ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ-فيضعُ فَمَهُ على موضعِ فَمِها، فيشربُ منْهُ، وهي تلكَ البنتُ التي كانَ يَقومُ لها رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ- ويَأخذُ بيدِها، ويُقَبِّلُها ويُجلسُها في مَكانِه الذي كَانَ يَجلسُ فيه.
فأنَّى لأهلِ الفسادِ أن يَعثَوا في بيئةٍ كهذهِ؟ وقد أُكرمتْ فيه المرأةُ، ومُنعتْ مما يضُرُّها، وأحاط بها الرِّجالُ الغيورونَ، فهي بينَ أبٍّ رحيمٍ، وزوجٍ كريمٍ، وأخٍ رَقيقٍ، وابنٍ شفيقٍ، يصدقُ على أحدِهم:
جـوادٌ إذا الأيْـدي كفَفْنَ عن النَّـدى*ومن دونِ عَوْراتِ النِّساءِ غَيُورُ
فكونوا سدًا منيعًا في وجهِ النَّسوياتِ والأشرارِ، تتحطمُ عليهِ سِهامُ مكائدِ الأعداءِ والفُّجارِ.
يا حيُ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، لا إلهَ إلا أنتَ سبحانَك إنَّا كنا من الظالمينَ، أسألكَ بأسمائِك الحسنى، وصفاتِك العلى، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اهدنا والمسلمين لأحسن الأخلاق والأعمال، واصرف عنا وعنهم سيِئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمهم واجعلهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمين، اللهم إنَّي أسألك لي وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، وأعوذُ وأعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، حسبيَ اللهُ ونعمَ الوكيلُ لا إلهَ إلَّا هوَ عليهِ توكلتُ وهو ربُّ العرشِ العظيمِ، اللهُمَّ عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ والظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ، اللهُمَّ إنَّا نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم، اللهُمَّ اسقنا وأغثنا(ثلاثًا).
اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ وأنبياءِ ورسلِه وآلِهِ وصحبِهِ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.
المرفقات
1631809528_بيئةُ المرأةِ-10-2-1443هـ-مستفادةٌ من خطبةِ الشيخِ هلالٍ الهاجريِ.docx
1631809529_بيئةُ المرأةِ-10-2-1443هـ-مستفادةٌ من خطبةِ الشيخِ هلالٍ الهاجريِ.pdf
m93 m93
خطبة موفقة مسددة جزاك الله خيرا
تعديل التعليق