بُنيانٌ مرصوص 7ـ 3ـ 1445هـ

عبدالعزيز بن محمد
1445/03/05 - 2023/09/20 16:32PM

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أيها المسلمون: مُجْتَمَعٌ مُسْلِمٌ أَقَامَ وَجَهَهُ لَلدِّيْن.. كِتَابُ اللهِ لَه دُسْتُورٌ، وَرَسُوْلُ اللهِ لَهُ إِمَام.  أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْم.. لَهَا صَرْحٌ شَامِخٌ وأَسَاسٌ رَاسِخٌ.  عُنْوانُها فِيْ كِتَابِ اللهِ مَسْطُورُ {إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}

أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ.. كَالْبُنْيَانِ قَدْ شُدَّ أَصْلُهُ، وَرُصَّ بِإِحْكَامٍ فَقامَ لهُ شأنُ.   * أُمَّةٌ واحِدَةٌ عَلَى مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَدِيْنٍ قَوِيْم. لا تَتَفرَّقُ في مَتَاهَاتِ الضَّلالِ، ولا تَتَشَعَّبُ في مَسَالِكِ الهوَى. اعْتِصَامٌ بِالعُرْوةِ الوُثْقَى لانْفِصَامَ لها. وَاسْتِمْسَاكٌ بِـحَبْلِ اللهِ لا تَخَلِيَ عَنْه. تَتَوَحَّدُ كَلِمَتُها عَلى كَلِمَةِ التوْحِيْدِ، فَلا تَـخْتَلِفُ ولا تَتَنازَعُ ولا تَنْحَرِفُ ولا تَحِيْد.

تَرْتَقِي الأُمَّةُ إِلى أَرْقَى مَرَاقِي العُبُوْدِيَّةِ، وَتَعْتَلِيْ أَعْلَى قِمَمَ المَجْدِ.. إِنْ عَلَى التَّوْحِيْدِ اتَّحَدَت، وإِنْ عَلَى الشَّرِيْعَةِ قَامَتْ واسْتَقَامَتْ.

أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ.. كَالبُنْياَنِ قَدْ شُدَّ أَصْلُهُ، وَرُصَّ بِإِحْكَامٍ فَقامَ لهُ شأنُ.  * وَلاؤُهَا للهِ وَعَدَاؤُها فِيْه، وَعُبُوِدِيَّتُها لَه وَتَحَاكُمَها إِلَيْه، لا تَتَقَاتَلُ ولا تَتَنَاحَر، ولا تتقاطَعُ ولا تَتَدَابَر.   تَتَنازَعُ ــ إِنْ تَنَازَعَتْ يَوْماً ــ فَلا تَفْزَعُ إِلى قَوْمِيَّة، ولا تَلْتَفِتُ إِلى عَصَبِيَّةٍ، ولا تَتَحَاكَمُ إِلى جَاهِلِيَّة، ولا تُذْكِي نَارَ حَمِيَّةٍ.

تَتَنازَعُ ــ إِنْ تَنَازَعَتْ يَوْماً ــ فَتَنْحَنِي مُتَوَاضِعَةً لحُكْمِ اللهِ وَرَسُوْلِه.. صَادِقَةً في تَحَاكُمِها، تَطْلُبُ الحقَّ الذي فِيهِ تَخْتَلِف.. فَلا تُراوِغُ عَن الشَّرِيْعَةِ ولا تَتَحَوَّل، ولا تَتَلاعَبُ بالنُّصُوصِ ولا تَتَمايَلُ عَنْها ولا تَتَأَوَّل. لا تُزَوِّرُ الحقائقَ لِتَجْنَحَ بالحُكْمِ، ولا تَفْتَرِي الكَذِبَ ولا تأَتِيْ بالبُهْتان.

أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ.. تَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ اللهِ وَرَسُوْلِه صَادِقةً. مُسْتَجِيْبَةً لِرَبِها فِيْمَا أَمَرْ {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} فَلا يَصْدُرُوْنَ إِلا بِأَوْفَى حُكْمٍ، ولا يَنْتَهُوْنَ إِلا بِأَوْضَحِ بُرْهَان. تِلْكَ هِيَ الأُمَّةُ الواحدةُ.. أَمَةُ خَيْرِ الأَنامٍ صَلى الله عليه وسلم إِنْ هِيَ قَامَتْ بِما أُمِرَتْ بِه.. كَتَبَ اللهُ لَها الرِّيَادَةَ والقِيَادَةَ والسَّنَاءَ وَالتَّمْكِيْن {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}

عباد الله: إِنَّ أمْرَ الأُمَّةِ سَيَبْقَى ظَاهِراً.. وإِنَّ وِحْدَتَها سَتَبْقَى قَائِمَةً، وَإِنَّ رِدَاءَهَا سَيَبْقَى طَاهِرَاً، وإِنَّ عَاقِبَتَهَا سَتَبْقَى رَاضِيَةً.  وَلَنْ تُؤْتَى الأُمَّةُ مِنْ عَدُوٍ عَنِيْدٍ، وَلا مِنْ مَاكِرٍ بَعِيْدٍ. وَإِنَّما تُؤْتَى الأُمَّةُ مِنْ عُمْقِ دَارِها إِنْ تَخَلَّلها خَلَل. وَمِنْ سُوْءِ حَالِها إِنْ حَلَّ بِها زَلل.   تَهُونُ الأمةُ إِنْ وَهَنَتْ عَنْ الشَّرِيْعَةِ عَزِيْمَتُها، وَتَرَاخَتْ عَنِ القُرْآنِ قَبْضَتُها، وَقَلَبَتْ عَنِ السُّنةِ قِبلَتَها.    تَهُونُ الأمةُ.. إِنْ تَرَنَّحَتْ شَرْقاً وغرباً.. تَنشُدُ رِيّاً لظَمَأٍ قَد صَنَعَته.. والماءُ فَوْقَ ظُهُوْرِهَا مَحْمُوْلُ. {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}  

تَهُونُ الأمةُ.. حِينَ تَحِيْدُ عَنْ هَديِ القُرآن، وتتفَرَّقُ عَنْ سَبِيْلِ الإِيْمَان. يَرْمِيها اللهُ بالضَّعْفِ والذُّلِّ والهوان.  يَجْتَرِؤُوْنَ عَلى الجَرِيْرَةِ فَيُذِيْقَهُمُ اللهُ وبَالَها {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه  أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالْ: "إِنَّ اللهَ زَوَى لِيْ الأَرْضَ، فَرَأيتُ مَشَارِقَها ومَغَارِبَها، وإنًّ أُمْتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُها مَا زُوِيَ لي مِنْها. وأُعْطِيْتُ الكنْزينَ الأَحْمَرَ والأَبْيَضَ. وإِنِّيْ سَألتُ رَبِي لأُمَّتِي أَنْ لا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وأَنْ لا يُسَلِّطَ عليهم عَدُواً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ؛ وإِنَّ رَبِي قَالَ: يَا مُحَمَّدْ، إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لا يُرَدُّ، وَإِنِّيْ أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أَنْ لا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وأَنْ لا أُسَلِّطَ عَلَيهم عَدُواً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ ولو اجْتَمَعَ عَلَيْهِم مَنْ بأَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُوْنَ بَعضُهم يُهْلِكُ بَعْضًا ويَسْبِي بَعْضُهم بعضًا"رواه مسلم

وأَخْطَرُ طَرِيْقٍ تَنْجَرِفُ بِهِ الأُمَةُ إِلى هَذَا الخَطَرْ.. طَرِيْقُ النَّمِيْمَةِ والوِشَايَةِ والتَّحْرِيْش. قومٌ يَمْتَهِنُونَ النَّمِيْمَةَ وَيَسْعَوْنَ في التَّفَرِيِقِ بَيْنَ المؤُمِنِيْن.  لَيْسَ لَهُمْ في سَبِيْلِ الإِصْلاحِ سَعْيٌ.. وَلَيْسَ لَهُمْ إِلى تَأْلِيفِ القُلُوْبِ طَرِيْق. لا تَقُوْمُ للأمةِ قَائِمَةُ صَفاءٍ إِلا شَوَّشوها، ولا تَلُوْحُ لَهُم بَارِقةُ صَلاحٍ إلا خَدَشُوها، كَفُّوا عَنْ أَهْلِ الضَّلالِ أَلْسِنَتَهُم وأَقْلامَهُم، وَصَوَّبُوا نَحْوَ أَهْلِ الإِيْمَانِ عَدَاءَهُم سِهَامَهُم. أَلا سَاءَ مَا يَزِرْوُن. 

 يَلْتَمِسُوْنَ المعاذِيْرَ لِكُلِّ مُنْحَرِفٍ وَغَوِيّ، ويَخْتَلِقُونَ الْمَثَالِبَ لكُلٍ مُؤمِنٍ وتَقِي. رَفَعُوْا رَايةَ الشَّيْطَانِ فَهُمْ لَه جُنْدٌ وهُم لهُ أَعْوَان، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ الشَّيْطانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ في التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ) رواه مسلم  أقْبَلَ رَجُلٌ إِلى إِيَاسِ بنِ مُعَاوِيَةَ  رحمه الله فَقَالَ لَهُ: يَا إِيَاس، إِنَّ فُلاناً قَدْ ذَكَرَكَ بِسُوء!. فَنَظَرَ إِلَيْهِ إِيَاسٌ وَقَال: أَغَزَوْتَ فَارِسَ؟ قال: لا، قَالَ: فَالرومَ والسِّنْدَ والهِنْدَ؟ قَالَ الرَّجُلُ: لا، قَالَ: أَفَتَسْلَمُ مِنْكَ فَارسُ الرُّوْمُ والسِّنْدُ والهندُ، وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْكَ أخوكَ المسلمُ؟!. ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ إِيَاس.

دَرْسٌ بَلِيْغُ.. مِنْ رَجُلٍ مُلِيءَ حِكْمَةً وورَعاً وعَقْلاً. ولَنْ يَفْهَمَ الدَّرْسَ مَن انْتَكَسَ خُلُقُه، وقَلَّ ورَعُهُ، وغابَتْ مُرُوءَتُه، وضَعُفَ إِيْمانُه.  فجَعَلَ التَّفْرِيْقَ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ شَرِيْعَةَ لَهُ وَمَنْهَجاً {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}  بارك الله لي ولكم..


الحمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ النَّبِيُّ الأَمِيْنُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِيْنَ وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً . أما بعد: فَاتَّقوا اللهَ عِبادَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُوْن.

أيها المسلمون: وإنَّ أمةً جَمَعَ اللهُ على التوحيدِ كلِمَتَها، وأَلَّفَ على القرآنِ وِحْدَتها، لَحَرِيَّةٌ أَنْ تَكُوْنَ لِرَبِهَا مِنَ الشَّاكِرِيْنَ. وأَنْ تَصْدُقَ في إقامَةِ صَفِّها، وحمايةِ لُحْمَتِها، وَصِيَانَةِ مَسَالِكَها. إِنْ رَامَتْ دَوَامَ عِزٍّ، وطَلَبَتْ نَماءَ خَيْرٍ، ونَشَدَتْ صَادِقَ تَمْكِيْن.

تَحْمِي عَقِيْدَةً وتَعْصِمُ نُفُوْساً، وتَحمِي أَمْوَالاً وَتَحْفَظُ حُقُوْقاً، وَتَصُوْنُ أَعْرَاضاً وتَنْشُرُ فَضِيْلَة. تَقُومُ بأَشْرَفِ وِسَامٍ بِهِ تُوِّجَتْ، وبِأَكْرَمِ شِعارٍ بِهِ وُصِفَتْ {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}

تَرْفَعُ شَعارَ الشَّرِيْعَةِ.. فَيَشِعُّ لَها نُورٌ لا يَنْطَفئ، وتَعْلُو لَها رايَةٌ لا تُنَكَّسْ {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}

أُمَّةٌ واحدةٌ.. كَالبُنْيَانِ قَدْ شُدَّ أَصْلُهُ، وَرُصَّ بِإِحْكَامٍ فَقامَ لهُ شأنُ.

تَبْقَى فِيْ ازْدِهَارٍ ونُمُوٍّ وأَمْنٍ وَتَمْكِيْن.. إِنْ أقَامَتْ وَجْهَهَا لِلدِّيْنِ وَرَفَعَتْ بِهِ رأساً {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}

تَبْقَى قَوِيَّةً آمِنَةً، لَهَا رِزْقٌ مَمْدُوْدٌ، ومُلْكٌ مَشْدُوْدٌ، وَعَطَاءٌ وَاسِعٌ وَخيرٌ مَبْسُوْط.  أَمْرُهَا ظَاهِرٌ وَعَدُوُّهَا مَقْهُوْر، وَمَقَامُها عَالٍ وَحَاسِدُها مَثْبُوْر. إنْ هِيَ قَامَتْ بِالعَدْلِ وحَفِظَتْه، وَحَجَزَتِ الظَّالِمَ ورَدَعَتْه، وحَمَتِ التَوْحِيدَ وقَامَتْ بِمُقْتَضَاه {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}

عبادَ الله: وَصِيَّةُ اللهِ لَكُمْ فاحْفَظُوها. ونِعْمَتُهُ عَلَيْكُمْ فاشْكُرُوها، وبَيانُهُ لَكْمُ فافْهَمُوه.  لا تُسْلَبْ مِنْ ساحَتِكُمُ النِّعَمُ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِين {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}

حِمايَةُ الأُمَةِ.. بِحِمايَةِ عَقِيْدَتِها، وحِفْظِ عِفَّتِها، وصِيانَةِ أَخْلاقِها.  وبَقاءِ عِزِّها.. بِتَناصُرِها وتَآزُرِها وتَآخِيْها.

وكُلُّ فَرْدٍ مِنَ الأُمَّةِ.. يَقِفُ عَلى ثَغْرٍ مِنْ ثُغورِها. إِنْ كَانَ في الحِرَاسَةِ كَانَ فِيْ الحِرَاسَةِ، وإِنْ كَانَ في السَّاقَةِ كَانَ في السَّاقةِ.

أَفْلَحَ مَنْ أَدْرَكَ أَنَّهُ عَلى ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الأُمَةِ.. فَقامَ للهِ كَما أُمِرْ. وخَابَ مَنْ خَرَقَ في سَفِيْنَةِ الأُمَةِ خَرْقاً لِيُغْرِقَها.. بإِشاعَتهِ لِفاحِشَةٍ، أَو إِفْشائِهِ لِمَعْصِيَةٍ، أَو مُجاهَرَتِهِ بِمْنْكَرٍ، أَو سَعْيهِ بالفَسادِ والإِفْساد.

اللهم احفظ إيماننا وأمننا..

المرفقات

1695216692_بُنيانٌ مرصوص 7ـ 3ـ 1445هـ.docx

المشاهدات 1032 | التعليقات 0