بعض الْحِكم من مشروعية صلاة الجماعة. 29-12-1445

أحمد بن ناصر الطيار
1445/12/28 - 2024/07/04 13:29PM

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيراً. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله, واعلموا أنَّ صلاة الجماعة فيها فوائد كثيرة، ومصالح عظيمة، ومنافع متعددة, شُرعت من أجلها، وهذا يدل على أن الحكمة تقتضي أنّ صلاة الجماعة فرضُ عين، ومن هذه الفوائد والحكم التي شرعت من أجلها ما يأتي:

أولا: زيادةُ الْمَودّةِ والْمحبة بين الناس؛ ولأجل معرفة أحوال بعضهم لبعض، فيقومون بعيادةِ المرضى، وتشييعِ الموتى، وإغاثةِ الملهوفين، وإعانةِ المحتاجين؛ ولأن ملاقاة الناس بعضهِم لبعض توجب المحبةَ والألفة.

ثانيًا: إظهار عزّ المسلمين، وذلك إذا دخلوا المساجد ثم خرجوا جميعاً، وهذا فيه إغاظة للمنافقين والكافرين.

ثالثًا: تعويدُ الإنسان ضبطَ النفس؛ لأنه إذا اعتاد على متابعة الإمام متابعةً دقيقة، بحيثُ لا يُكَبِّرُ قبله، ولا يَتقدَّم ولا يتأخر كثيراً، تعوَّد على ضبط النفس.

رابعًا: شعورُ المسلمين بالمساواة، وتحطيمُ الفوارق الاجتماعية؛ لأنهم يجتمعون في المسجد, فيكون الغْني بجانبِ الفقر، ويصُفُّ الأميرُ إلى جنب المأمور، والصغيرُ إلى جنب الكبير، فيشعر الناس بأنهم سواء، فتحصل بذلك الألفة، وتزول عن النفوس الشعورُ بالأنفَة.

خامسًا: تفقدُ أحوال الفقراء والمرضى، والمتهاونين بالصلاة؛ فإنّ الناس إذا رأوا الإنسان يلبس ثياباً بالية, وتبدو عليه علاماتُ الجوع رحموه، وأحسنوا إليه، وإذا تخلف بعضهم عن الجماعة عرفوا أنه كان مريضاً فيعودونه، أو عاصياً فينصحونه, فيحصل التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والأمرِ بالمعروف والنهيِّ عن المنكر.

سادسًا: أنها تزيد من نشاط المسلم, فيزيدُ عمله وإيمانُه عندما يشاهد أهل النشاط في العبادة، وهذا فيه فائدة عظيمة.

سابعًا: اجتماعُ المسلمين في أوقات معينة يُربِّيهم على المحافظة على الأوقات, والدِّقَةِ في المواعيد.

 

 هذه بعضُ الحكم لصلاة الجماعة في المساجد, فلو أنَّنا طبقنا تعاليم الإسلام كاملةً لصلُحتْ مُجتمعاتنا, واسْتقامتْ أحوالنا, وانْعدم الفساد والتناحرُ بيننا, فتعاليمُ الإسلام مبنيَّةٌ على جلب المصالح ودرءِ المفاسد.

 

أيها المسلمون: من المؤسف ما نراه من قلَّة الْمصلين في صلاة الفجر, التي هي من أعظم العبادات وآكدِها, ويكفي في فضلها ما قَالَه النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا».

أي لو يعلمُ الناسُ ما في صلاةِ العشاء والفجر من الأجر الذي أعدَّه الله لهم في الآخرة, والتوفيقِ الذي يُحالفهم في حياتهم, لجاؤوا إليهما ولو حبواً على أقدامهم.

ومما يُحزن أيضًا: التأخرُ في الحضور للصلاة, فكم همُ الذين لا يأتون إليها إلا مع الإقامة, والواحد منهم يندرُ أنْ يتأخر عن عملِه واجتماعاتِه, وقد كان السلف الصالحُ يُسابقون الْمُؤذن إلى المسجد.

فهذا الأعمش رحمه الله لم تفته التكبيرة الأولى قريباً من سبعين سنة.

وقال سعيد بن المُسيِّب رحمه الله: ما أذَّن المؤذن منذ ثلاثين سنةً إلا وأنا في المسجد.

وكان بعضُهم إذا فاتَتْهُ صلاةُ الجماعة بكى.

نسأل الله أنْ يحبّب إلينا الإيمان, وأنْ يكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.

****************

الحمد لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين, وسلَّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، أما بعد: إنّ مما يجب التَّنْبيه عليه أنَّ الأطفال في سنِّ السابعة فما فوق, يجب على أوليائهم أنْ يأمروهم بالصلاة في وقتها, وبعض الناس يُوقظ أولاده لصلاة الفجر أوقات العمل, وأما في الإجازات فلا يفعل ذلك, وهذا من التقصير والخطأ.

قَالَ النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ". رواه أبو داود (495), وصححه الألباني.

فيجب على الآباء أنْ يأمروا أولادهم بالصلاة في وقتها إذا بلغوا سبع سنين، وهو سِنُّ التمييز، وتأديبُهم عليها إذا بلغوا عشر سنين.

والعجب أنَّ كثيرًا من الآباء لا يسمح لأولادهم أنْ يتأخَّروا عن مدارسهم, فضلاً عن غيابهم, لكنهم لا يُبالون في صلاتهم وهي أهمُّ مِن كلِّ شيء.

نسأل الله أنْ يصلح أولادنا, وأنْ يجعلهم قرةَ أعيُنِنا, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.

 

عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبي الهدى, وإمام الورى, فقد أمركم بذلك جل وعلا فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي.. يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, وخُصَّ منهم الحاضرين والحاضرات, اللهم فرِّج همومهم, واقض ديونهم, وأنزل عليهم رحمتك ورضوانك يا رب العالمين.

 عباد الله: إنَّ اللَّه يأْمُرُ بالْعدْل والْإحْسانِ وإيتاءِ ذي الْقُرْبى ويَنْهى عن الْفحْشاءِ والمنْكرِ والبغْيِ يعِظُكُم لَعلَّكُم تذكَّرُون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

المرفقات

1720088967_بعض الْحِكم من مشروعية صلاة الجماعة.pdf

المشاهدات 232 | التعليقات 0