بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء
أبو البراء
1432/10/16 - 2011/09/14 14:12PM
هذه الرسالة منقولة من محاضرة للشيخ محمد المنجد
بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء
أما الأعمال الصالحة فهي كثيرة جداً، والذي يستعرض القرآن وأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام يجد من الأعمال الصالحة ما لا حصر له.. أبواب مختلفة، وأعمال متنوعة، وأجور عظيمة لهذه الأعمال الصالحة، وسنذكر -إن شاء الله- في هذا الدرس طائفة من الأعمال الصالحة في أبواب متنوعة من العبادات والمعاملات وغيرها، والأخلاق والآداب، ولكي تهفو النفوس إلى هذه الأعمال وتتحمس وتتوقد الهمم والعزائم لمواقعتها وفعلها. فهذه الأحاديث التي سنذكرها -إن شاء الله- فيها ذكر للجزاء والثواب، والله سبحانه وتعالى ذكر الجزاء والثواب لكي يتحمس العباد، وما عيشنا في هذه الدنيا -أيها الإخوة- إذا لم يكن لأجل الأعمال الصالحة؟! وما قيمة أعمالنا وأوقاتنا إذا لم تكن مملوءة بالأعمال الصالحة؟! وبأي شيء ندخل الجنة بعد رحمة الله إلا بسبب أعمالنا الصالحة؟! وما الذي ينجينا من نار جهنم التي حرها شديد وقعرها بعيد إلا الأعمال الصالحة؟! وما الذي يثبت أقدام المؤمنين على الصراط فلا تزل ولا تقع في النار إلا الأعمال الصالحة؟! وهذا العمل هو مقتضى الإيمان، فلا إيمان بغير عمل، والله سبحانه وتعالى ذكر لازم الإيمان بعد ذكر الإيمان كثيراً جداً في القرآن؛ فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [البقرة:25] وهذا كثير جداً في القرآن، فلابد من الأعمال الصالحة. وهذه الأحاديث التي سنذكرها من أقواله صلى الله عليه وسلم مما ذكر أهل العلم صحته، وهي من الأحاديث الصحيحة التي صححها أهل العلم، وعلى الأقل سيكون فيها دافع وباعث وتحميس لفعل هذه الأعمال والقيام بها.
الطهارة والوضوء وبعض ما ورد فيهما
فضل الأذان
فضل المشي إلى الصلاة
فضل إطالة الصلاة والأذكار بعدها
الذكر عند النوم
صلاة الضحى وما تجلبه من أجر
ما ورد في الصيام من أجر
ما ورد في فضل الحج والعمرة
قراءة القرآن وما فيها من أجر
ذكر الله وما لفاعله من عطايا جزيلة
حِلق الذكر والفضل الوارد لمرتاديها
الجهاد.. وفضل المجاهدين في سبيل الله
فضل تجهيز المجاهدين والاستعداد للغزو
كفالة الأيتام والسعي على الأرامل
فضل رعاية البنات
الأخوة الإيمانية.. وفضل المحافظة عليها
إماطة الأذى عن الطريق
بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء
أما الأعمال الصالحة فهي كثيرة جداً، والذي يستعرض القرآن وأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام يجد من الأعمال الصالحة ما لا حصر له.. أبواب مختلفة، وأعمال متنوعة، وأجور عظيمة لهذه الأعمال الصالحة، وسنذكر -إن شاء الله- في هذا الدرس طائفة من الأعمال الصالحة في أبواب متنوعة من العبادات والمعاملات وغيرها، والأخلاق والآداب، ولكي تهفو النفوس إلى هذه الأعمال وتتحمس وتتوقد الهمم والعزائم لمواقعتها وفعلها. فهذه الأحاديث التي سنذكرها -إن شاء الله- فيها ذكر للجزاء والثواب، والله سبحانه وتعالى ذكر الجزاء والثواب لكي يتحمس العباد، وما عيشنا في هذه الدنيا -أيها الإخوة- إذا لم يكن لأجل الأعمال الصالحة؟! وما قيمة أعمالنا وأوقاتنا إذا لم تكن مملوءة بالأعمال الصالحة؟! وبأي شيء ندخل الجنة بعد رحمة الله إلا بسبب أعمالنا الصالحة؟! وما الذي ينجينا من نار جهنم التي حرها شديد وقعرها بعيد إلا الأعمال الصالحة؟! وما الذي يثبت أقدام المؤمنين على الصراط فلا تزل ولا تقع في النار إلا الأعمال الصالحة؟! وهذا العمل هو مقتضى الإيمان، فلا إيمان بغير عمل، والله سبحانه وتعالى ذكر لازم الإيمان بعد ذكر الإيمان كثيراً جداً في القرآن؛ فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [البقرة:25] وهذا كثير جداً في القرآن، فلابد من الأعمال الصالحة. وهذه الأحاديث التي سنذكرها من أقواله صلى الله عليه وسلم مما ذكر أهل العلم صحته، وهي من الأحاديث الصحيحة التي صححها أهل العلم، وعلى الأقل سيكون فيها دافع وباعث وتحميس لفعل هذه الأعمال والقيام بها.
فمما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الأعمال الصالحة: الطهارة والوضوء.. قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (وأيما رجل قام وهو يريد الصلاة فأفضى الوضوء إلى أماكنه؛ سلم من كل ذنب وخطيئة هي له، فإن قام إلى الصلاة رفعه الله تعالى بها درجة، وإن رقد رقد سالماً) الوضوء لقيام الليل والوضوء للصلوات. وروى البخاري رحمه الله عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـبلالٍ عند الفجر: (يا بلال! حدثني بأرجى عملٍ عملته في الإسلام؛ فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة -أمام النبي عليه الصلاة والسلام- فقالبلال رضي الله عنه: ما عملت عملاً أرجى عندي من أني لم أتطهر طهوراً في ساعة من ليل أو نهارٍ إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي) فهذا أجر الطهور والصلاة. وأما السواك وفي قيام الليل بالذات فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليستك -يستعمل السواك ويتسوك- فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه، ولا يخرج من فيه شيءٌ إلا دخل فم الملك) يطوف الملك بالمصلي، فإذا قرأ القرآن وضع الملك فمه على فم المصلي المتسوك المتطهر، فلا تخرج آية من فم المصلي إلا دخلت في فم الملك.
وأما الأذان فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول المقدم، والمؤذن يغفر له مد صوته، ويصدقه من سمعه من رطبٍ ويابس، وله مثل أجر من صلى معه) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة: (إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنٌ ولا إنس ولا حجر ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة) فمن أذن ولو أذاناً واحداً يحصل له هذا.. والمؤذن المحتسب لوجه الله لا يحتسب أجراً على الأذان.. الأمين على الوقت، الذي يوقظهم لصلاتهم.. الذي يخبرهم بوقت إفطارهم إذا صاموا ووقت إمساكهم، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من أذن ثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة، وبإقامته ثلاثون حسنة).
أما المشي إلى الصلاة؛ فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى -كلما مشى من بعيد استفاد- والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصليها ثم ينام) وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط عنه سيئة، فليقرب أحدكم أو ليبعد، فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضاً وبقي بعضٌ صلى ما أدرك وأتم ما بقي، فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك) . وقال عليه الصلاة والسلام مبيناً أجراً عظيماً في حديث صحيح رواه أبو داود : (من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم -والله واسع الفضل- ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغوٌ بينهما كتابٌ في عليين) كتاب يكتب في عليين. أما الذي يصلي أربعين يوماً في جماعة، ويكون واقفاً في الصف عندما يكبر الإمام تكبيرة الإحرام، فيقول في شأنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن الذي رواه الترمذي: (من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق) فيحافظ على أربعين يوماً في جماعة، أن يكون واقفاً في الصف عندما يكبر الإمام تكبيرة الإحرام. فهنيئاً لمن كان له براءات كثيرة.
أما إطالة الصلاة وأجر ركوعها وسجودها فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن العبد إذا قام يصلي أُتي بذنوبه كلها فوضعت على رأسه وعاتقيه، فكلما ركع أو سجد تساقطت ذنوبه) فإذا كان الركوع طويلاً والسجود طويلاً كان تساقط الذنوب أكثراً. وأذكار الصلاة منها ثلاث وثلاثون سبحان الله، ومثلها الحمد لله، ومثلها الله أكبر، وتمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ومن أذكار الصلوات التي بعد الصلاة: سبحان الله خمساً وعشرين، والحمد لله خمساً وعشرين، ولا إله إلا الله خمساً وعشرين، والله أكبر خمساً وعشرين. ومن أنواع الأذكار التي بعد الصلاة: سبحان الله عشر مرات، والحمد لله عشر مرات، والله أكبر عشر مرات، فلو كان هناك شخص مستعجل يقول هذه، وهذه أقصر صيغة، ومع هذا انظر إلى الأجر الوارد فيها:- روى الإمام أحمد والأربعة والبخاري في الأدب المفرد: عن ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خصلتان لا يحافظ عليهما عبدٌ مسلم إلا دخل الجنة، ألا وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل) كثير من الناس بعد الصلاة يقومون ويمشون مسرعين بدون تسبيح وتحميد وتكبير من غير حاجة، والنبي عليه الصلاة والسلام قد قام مسرعاً بعض المرات ولكن لحاجة، وكثير من الناس اليوم يقومون بعد الصلاة دون هذه التسبيحات، يقول: (ومن يعمل بهما قليل، يسبح الله في دبر كل صلاة عشراً، ويحمده عشراً، ويكبر عشراً فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان) هذا بالنسبة لبعد الصلاة، خمسون ومائة باللسان وألف وخمسمائة في الميزان؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها.
الذكر عند النوم: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر أربعاً وثلاثين، قال في فضلها عند النوم: (إذا أخذ مضجعه يكبر أربعاً وثلاثين، ويحمده ثلاثاً وثلاثين ويسبحه ثلاثاً وثلاثين فتلك مائة باللسان وألف في الميزان) يكرر سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، صاروا ستة وستين، والله أكبر أربعاً وثلاثين صاروا مائة باللسان، لكن في الميزان ألف، فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفان وخمسمائة سيئة؟ يعني: عندك الآن ألف وخمسمائة ترتبت بعد الصلوات وألف قبل النوم هذه ألفان وخمسمائة حسنة، فهذه كافية لأن تكفر ألفان وخمسمائة سيئة، فمن الذي يعمل في اليوم ألفان وخمسمائة سيئة، وهذه في الحساب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن صلاة الضحى وهي من الصلوات النافلة: (يصبح على كل سلامى من أحدكم في كل يوم صدقة) والسلامى هو عظم المفاصل، فكم في الإنسان من مفصل؟ فيه ثلاثمائة وستون مفصلاً في الإنسان، كل مفصل من هذه المفاصل له حق ينبغي عليك أداؤه، يجب أن تتصدق بصدقة عن كل مفصل، يعني: تأتي في اليوم بثلاثمائة وستين صدقة: (يصبح على كل سلامى من أحدكم في كل يوم صدقة) فمن أين نأتي بهذه الصدقات؟ قال: (فله بكل صلاة صدقة، وصيام صدقة، وحج صدقة، وتسبيح صدقة، وتكبير صدقة وتحميد صدقة) فلو قال شخص: أنا ما أظمن أن آتي بثلاثمائة وستين صدقة عن المفاصل، قال: (ويجزئ عن أحدكم من ذلك ركعتا الضحى). ووقت صلاة الضحى من بعد ارتفاع الشمس إلى قبيل صلاة الظهر، وأفضل وقتٍ لها حين ترمض الفصال ويشتد الحر، ويرفع البعير رجليه عن الأرض لاشتداد الحر، فتجده يرفع ويضع، فهذه صلاة الأوابين. وصلاة الضحى تصلى ركعتان اثنتان أو أربعاً وثمان، فصلها على أي عدد وردت فيه السنة، فهو يجزئ عن ثلاثمائة وستين صدقة في اليوم. وأما في شأن الصلاة عموماً قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من عبد يسجد لله سجدة إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها سيئة، ورفع له بها درجة، فاستكثروا من السجود) فهذا فضل السجود في أي صلاة.
أما الصيام الذي له باب مخصوص وهو باب الريان، فمنه ما هو فرض معروف أجره، وهو صيام رمضان، ومنه ما هو نفل ورد ذكر أجره في الأحاديث الصحيحة، وصيام النفل مراتب: فهناك صيام عرفة، وصيام عاشوراء، والأيام البيض، والإثنين والخميس، والأيام الأخرى التي لم ينه عنها إذا صامها يكون له أجرٌ عظيم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفاً) وفي رواية: (باعد الله وجهه من جهنم سبعين عاما) وفي رواية: (باعد الله عنه جهنم مسيرة مائة عام) وكلها أحاديث صحيحة. أما يوم عرفة -ونحن مقبلون عليه- وصيامه لغير الحاج؛ لأن الحاج له شيء آخر، فأجر الحاج في عرفة شيء آخر، ويكفي أن الله يباهي بهم الملائكة، فلا يستحب له الصوم؛ لأنه يستعين بقوته في الحج وأعمال الحج وأعمال عرفة، أما المقيم فإنه يصوم، قال عليه الصلاة والسلام: (صوم يوم عرفة كفارة السنة الماضية والسنة المستقبلة) وقال صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) فصيام عرفة أعظم من صيام عاشوراء، وفي كل أجر. وبعض الناس لا يكتفي بأن يصوم، بل يريد أجراً إضافياً، وبعض الناس لا يستطيع أن يصوم لمرضٍ مثلاً ويريد أجر صائم فلم تحرمه الشريعة، ولم يحرمه الله الرحيم الرءوف من الأجر، فقال عليه الصلاة والسلام: (من فطر صائماً فله مثل أجره) من فطره فأشبعه فله مثل أجره، فلو دعا عدداً من الصائمين، ففطرهم فله مثل أجورهم، مع أنه هو واحد لكن حصل أجوراً عن صائمين، لا ينقص من أجر الصائم شيء ولا من أجر المفطر شيء فله مثل أجره.
أما الحج والعمرة فإنهما من سبيل الله، الحاج والمعتمر وفد الله دعاهم إلى البيت العتيق فأجابوه، وإذا سألوه أعطاهم، والحج والعمرة فيها عدد من الأعمال: إحرام وسفر وتلبية وطواف وسعي وحلق الشعر، وفي الحج أيضاً وقوف بـعرفة ورمي وذبح، وكلها فيها أجر. وانظر إلى التلبية مثلاً: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجرٍ أو شجر أو مدر -الطين اليابس- حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا) عن اليمين وعن الشمال. أما الطواف فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من طاف بهذا البيت أسبوعاً -يعني: سبعة أشواط- فأحصاه كان كعتق رقبة لا يضع قدماً ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة). يقول بعض الناس: نحن نذهب في رمضان إلى العمرة ونأتي بالعمرة فهل نأتي بعمرة أخرى؟ نقول: لا، المشروع لك أن تأتي بعمرة في السفرة الواحدة، يقول: فماذا نفعل إذا بقينا في مكة ؟ افعل أشياء كثيرة من الطاعات والحسنات؛ لأن مكةالمكان فاضل يضاعف لك فيه الأجر، ثم إنك تطوف في البيت سبعة وتصلي ركعتين في كل طوافٍ، وسبعة أشواط ليست عمرة، بل هو طواف نفل، فكل طواف سبعة ثم سبعة ثم سبعة، كل طواف له ركعتان، يكتب لك بها هذا الأجر (من طاف بهذا البيت أسبوعاً فأحصاه كان كعتق رقبة) كل طواف نفل مثل عتق رقبة. وأما استلام الحجر الأسود في الطواف وما أدراك ما استلامه! يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (والله ليبعثنه الله يوم القيامة -يعني: الحجر الأسود- له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحق) رواه الترمذي وهو حديث صحيح. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما -والله على كل شيء قدير- ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق) .. (وفي مسحه هو والركن اليماني ياقوتتان من يواقيت الجنة -كما في الحديث الصحيح- طمس الله نورهما، ولو أن نورهم لم يطمس لأخذ الأبصار) وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد : (إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطاً). أما أجر أعمال الحج وثواب الحج، فقد جاء عندالطبراني بسندٍ حسنٍ عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأحد الصحابة: (أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة). وأما وقوفك بعرفة فإن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: (هؤلاء عبادي جاءوني شعثاً غبراً من كل فجٍ عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عال -صحراء رملها كثير- أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوباً غسلها الله عنك) وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك، فلم يذكر أجره. وأما حلقك رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك.
وأما كتاب الله سبحانه وتعالى فإن تلاوته من أعظم أبواب الخير ومن أجلِّ الأعمال الصالحة، فإنه كلامه سبحانه، والله قد امتدح الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة، والذين يذكرون الله وأعظم الذكر قراءة القرآن، الذي يُكتب له بكل حرف عشر حسنات، والحسنة بعشر أمثالها (لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) ومع كثرة التلاوة تكثر الحسنات، فيقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الحسن الذي رواه الترمذي وغيره: (يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حله -لصاحب القرآن- فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب! ارض عنه، فيرضى عنه، فيقول: اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة) كل الآيات التي قرأها في الدنيا يرقى بها مراتب ويزاد حسنات في الآخرة. وسجود التلاوة ترغيم للشيطان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار) رواه مسلم.
وبعد قراءة القرآن يكون ذكر الله تعالى من الدعاء والاستغفار والتحميد والتهليل والتكبير والتسبيح والاسترجاع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في فضل التسبيح: (أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟! يسبح الله مائة تسبيحة فيكتب الله له بها ألف حسنة، ويحط عنه بها ألف خطيئة) رواه مسلم . وقال النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الأربعة: (إن الله اصطفى من الكلام أربعاً: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فمن قال: سبحان الله كتبت له عشرون حسنة، وحطت عنه عشرون سيئة، ومن قال: الله أكبر مثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا الله مثل ذلك، ومن قال: الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه خالصاً لله كتبت له ثلاثون حسنة، وحط عنه ثلاثون خطيئة). وأما التهليل: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، من قالها في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر -كأنما أعتق عشراً- رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا أحدٌ عمل عملاً أكثر من ذلك). وأما إذا قال في الصبح: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة كان له عتق رقبة من ولد إسماعيل، وكتبت له بها عشر حسنات، وحط بها عنه عشر سيئات ورفع له بها عشر درجات، وكان في حرزٍ من الشيطان حتى يمسي وإذا قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح). وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهي من أجل الأذكار وأعظم ما يشتغل به، حتى إن الله يكفي العبد إذا جعل دعاءه صلاة على النبي عليه الصلاة والسلام من الهم والغم، ويبلغ الله هذه الصلاة لنبيه بملكٍ مخصوص، قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الحسن: (إن الله تعالى وكل ملكاً أعطاه سمع العباد، فليس من أحدٍ يصلي علي إلا أبلغنيها، وإني سألت ربي ألا يصلي علي عبدٌ صلاة إلا صلى عليه عشر أمثالها) صلى الله عليه وسلم.
ومن أعظم العبادات وأبواب الطاعات الباقيات الصالحات: حلق الذكر. نسأل الله أن يجعلنا من أهلها، وأن يجعلنا من المكتوبين فيمن يذكرهم سبحانه وتعالى، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لأن أقعد مع قومٍ يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قومٍ يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة) رواه أبو داود. وإذا كان مجلس علم وذكر ما قام أهله إلا وقد قالت لهم الملائكة: (قوموا مغفوراً لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات). وإذا كان مجلس العلم في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام فأنعم به من أجر، قال عليه الصلاة والسلام: (من جاء مسجدي هذا ) الناس إذا راحوا المدينة يقولون: ماذا نفعل في المدينة، لنذهب إلى الحرم؟ يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو في منزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاءه لغير ذلك -ينظر إلى المنقوشات والزخارف- فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره) فالنية هي التي ترفع صاحبها. أما مسجد قباء فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان له كأجر عمرة). وتعليم العلم ممن يعلمه قربة عظيمة وفضل كبير، قال صلى الله عليه وسلم: (من علم علماً فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل) والدلالة على الخير أياً كان هذا الخير من الباقيات الصالحات، قال صلى الله عليه وسلم: (من دل على خيرٍ فله مثل أجر فاعله) والذي يدل الناس على حلق العلم ويدل الناس على العلماء، أو أعطيته رقم هاتف عالم يتصل به، والذي يدل الناس على سبيلٍ وطريقة ييسر لهم بها أمر الحج فله أجر.
ولا شك أن من أعظم القرب الجهاد في سبيل الله؛ لأن الجهاد فيه إراقة دماء وذهاب أموال وتيتم أطفال وترمل النسوة، فقد جاء فيه من الأجر العظيم ما تواردت به الآيات والأحاديث، وهي الصفقة التي عقدها الله مع المجاهدين في أعظم كتابٍ وفي أعظم كتب: التوراة والإنجيل والقرآن: يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ [التوبة:111] وجعل الثمن الجنة، وجعل ما يقدم لنيل الجنة الأنفس والأموال، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في أجر المجاهد: (من قاتل في سبيل الله فواق ناقة فقد وجبت له الجنة).. (ومن سأل الله القتل في سبيل الله من نفسه صادقاً ثم مات أو قتل فإن له أجر شهيد، ومن جرح جرحاً في سبيل الله أو نكب نكبةً فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها لون الزعفران وريحها ريح المسك، ومن خرج به خراجاً في سبيل الله كان عليه طابع الشهداء) رواه أحمد والثلاثة وابن حبانوالحديث صحيح. وقال النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً أجر الوقوف في ساحة المعركة: (موقف ساعة في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود) وقال عليه الصلاة والسلام: (مُقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل من عبادة ستين سنة) رواهالطبراني وهو حديث صحيح. وأما الرباط والسهر لحراسة المسلمين في الثغور التي هي متاخمة لبلاد العدو الذين يتربصون بالمسلمين الدوائر ويريدون الإيقاع بهم والإغارة عليهم، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من رابط يوماً وليلة في سبيل الله كان له كأجر صيام شهرٍ وقيامه، ومن مات مرابطاً جرى له مثل ذلك من الأجر في قبره -لا ينقطع العمل بل يجري عليه- وأجري عليه الرزق وأمن الفتان) الذي يكون في القبر. أما الرمي في سبيل الله فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أيما مسلم رمى بسهمٍ في سبيل الله فبلغ مخطئاً أو مصيباً فله من الأجر كرقبة أعتقها من ولد إسماعيل) هذه الرمية الواحدة؛ سهم.. رصاصة.. قذيفة.. صاروخ.
والإعداد للجهاد واحتباس الفرس استعداداً للمعركة إذا قامت، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد والبخاري: (من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً بوعده، كان شبعه وريه وروثه وبوله حسنات في ميزانه يوم القيامة). وقد يتعذر على بعض الناس الجهاد أو لا يجدون سبيلاً للجهاد وهم يتوقون للجهاد وللاستشهاد، فلهذه النفوس المتحرقة للجهاد والاستشهاد الطامعة في بلوغ منازل الشهداء لا يحرمهم الله من الأجر إذا كانوا صادقين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سأل الله الشهادة بصدقه بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه) ولذلك من المستحبات في الدعاء أن نسأل الله القتل في سبيل الله، اللهم اجعل قتلتنا في سبيلك يا رب العالمين، اللهم اجعلنا شهداء في سبيلك يا أرحم الراحمين. وأما الذين يجهزون الغزاة وينفقون على جيوش المسلمين ويتصدقون لدعم المجاهدين فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أجرهم: (من جهز غازياً في سبيل الله كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الغازي شيئاً) يحتاج إلى تذكرة سفر وإلى ملابس وإلى عتاد وسلاح، فهو يزوده بما يحتاج فيكون له مثل أجره. وعندما يخرج الغازي من بلده ويترك زوجة وأولاداً، ماذا له؟ لما شجع الإسلام على الجهاد جعل في إخلاف الغازي في أهله أجراً، فالذي يرعى له أهله وأولاده في غيبته قال النبي صلى الله عليه وسلم عنه: (أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير) يعني: حتى لو نمى له ماله، مجاهد عنده مال فهو ينميه له والمجاهد غائب، وخلفه في أهله، أي: يتفقد أحوالهم وينفق عليهم ويقضي حوائجهم: (كان له مثل نصف أجر الخارج) فما بالك لو خلف اثنين أو ثلاثة؟! رواه الإمام مسلم.
ومن أنواع الجهاد: كفالة الأيتام والسعي على الأرامل، فهذا المجتمع يموت فيه الرجال ويخلفون أيتاماً وأرامل، وهذه الشريعة تكفل وتحمس الناس على رعاية الضياع؛ والضياع هم الأيتام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم كهاتين).. (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله) يكفل اليتيم ويسعى على الأرملة (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين) من قربه من النبي عليه الصلاة والسلام.
ومن الباقيات الصالحات وأبواب الخير رعاية البنات، والله سبحانه وتعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً [الشورى:49-50] يعني: يعطيه إناثاًَ وذكوراً، هذا القسم الثالث: وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً [الشورى:50] لا إناث ولا ذكور وهو القسم الرابع، والنفوس قد تتسخط البنات، لما في البنت من النفقة عليها وهي لا تساعد؛ لأنها ضعيفة تحتاج إلى رعاية وقد يلحق به عارٌ بسببها، فقد تأنف النفوس البنات وتكره البنات، لكن لا يجوز في الشريعة تسخط البنات، فهذا عطاء الله. ورعاية البنات فيه أجر عظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته) يعني: من ماله، فكساهن مما عنده ومما أعطاه الله (كن له حجاباً من النار يوم القيامة) فهو يصبر عليهن، يعني: يربيهن على الشريعة، ويتعاهدهن في الصلوات والصيام والزكاة، ويتعاهدهن في أمور العبادات والطاعات والتخلق بالأخلاق الحسنة ويتعاهدهن بالحجاب والعفة.
أما الأخوة وهي العبادة العظيمة والوشيجة بين المؤمنين فينبغي أن نكون كما في الحديث: (كونوا عباد الله إخوانا) والأخوة لها حقوق وواجبات ومستحبات وآداب. فمما تتضمنه الأخوة الزيارة في الله، يقول النبي عليه الصلاة والسلام في فضل الزيارة في الله: (زار رجلٌ أخاً له في قرية فأرصد الله له ملكاً على مدرجته -في طريقه- فقال: أين تريد؟ قال: أخاً لي في هذه القرية، فقال: هل له عليك من نعمة تربها؟ قال: لا، إلا أني أحبه في الله، قال: فإني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته) رواه أحمدومسلم. فبمجرد الالتقاء بالإخوان والمصافحة؛ ووضع سطح اليد في سطح اليد لله، يأخذ بيده لا يأخذها إلا لله، فيه أجر عظيم، فانتبه يا من تفرط في المصافحة أو لا تصافح، بعضهم يسلم عليك برءوس أصابعه، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من مسلمين يلتقيان فيسلم أحدهما على صاحبه ويأخذ بيده لا يأخذ بيده إلا لله فلا يفترقان حتى يغفر لهما) وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفر لهما قبل أن يتحركا). وقد يمرض الأخ المسلم فزيارته فيها أجر مضاعف أكثر من أجر زيارة الأخ العادي غير المريض، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من زار أخاه المسلم ) تعرفه أو لا تعرفه، مادام مسلماً فهو أخوك (عائداً مشى في خرافة الجنة حتى يجلس) أي: ثمر الجنة وجني الجنة (فإذا جلس غمرته الرحمة، فإن كان غدوة) أي: زاره في الصباح (صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن كان مساءً صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح) وقال عليه الصلاة والسلام: (ما من مسلمٍ يعود مسلماً غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة) ثمر في الجنة. وقد يموت فيكون في غسله أجر، وتكفينه أجر، والصلاة عليه أجر، واتباع جنازته أجر؛ أما غسله فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من غسَّل ميتاً فستره ستره الله من الذنوب، ومن كفنه كساه الله من السندس) وهو حرير الجنة، رواه الطبراني وهو حديث حسن. واتباع جنازته يقول صلى الله عليه وسلم فيه: (من تبع جنازةً حتى يصلى عليها ويفرغ منها فله قيراطان، ومن تبعها حتى يصلى عليها ) فقط دون اتباعها إلى المقبرة (فله قيراط، والذي نفس محمدٍ بيده لهو أثقل في ميزانه من أحد ) وهذا القيراط من قيراطي الذي يتبعها حتى تدفن ويفرغ منها ويهال عليها التراب أثقل في ميزانه من جبل أحد، فكم وزن الجبل؟!! وقد يُغتاب أخوك المسلم في مجلس ويوقع فيه، فما هي مسئوليتك؟ يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة) وقال: (من رد عن عرض أخيه كان له حجاباً من النار) فإذا وقعوا فيه لا تسكت، يجب أن تتكلم، فيرد الله عنك النار بدفاعك عن أخيك المسلم، وذبك عن عرضه، وإسكاتك للذي يغتاب. وإلقاء السلام على المسلمين فيه أجر، قال صلى الله عليه وسلم: (السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض فأفشوه بينكم، فإن الرجل المسلم إذا مر بقومٍ فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجةٍ بتذكيره إياهم السلام) إذا مر بقومٍ فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام. والآن نحن نعلم أن الذي يقول: وعليكم السلام له عشرة، ورحمة الله له عشرون، وبركاته له ثلاثون، فما للمُسَلِّم الذي سلّم؟ بعض الناس يعرف أجر رد السلام لكن لا يعرف أجر المسلِّم، في هذا الحديث: (إذا مر بقومٍ فسلم عليهم فردوا عليه، كان له عليهم فضل درجة -زيادة- بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه -فبعض الناس تسلم عليه فلا يرد عليك، فتحزن، لكن إذا علمت الأجر الذي لك لا تحزن- رد عليه من هم خيرٌ منهم وأطيب من خلق الله من الملائكة) فلا تحزن إذا لم يردوا عليك، فقد رد عليك من هو خيرٌ منهم وأطيب. والناس في المجتمع يحتاج بعضهم إلى بعض، وقد تنزل فاقة بأحدهم ويحتاج أن يستلف، وقد يقولون: الآن لا أحد يسلفنا، فهذه بنوك الربا ليس إلا هي، فنقول: الشريعة جعلت بدل الربا حسناتٍ كثيرة لمن يسلف أخاه المسلم أو يدينه، ويقرضه، بل لمن ينظره إذا حل الأجل ولم يستطع الوفاء، قال عليه الصلاة والسلام: (من أنظر معسراً فله بكل يومٍ مثله صدقة، قبل أن يحل الدين ) يعني: سلفه المال إلى آخر السنة ففي كل يوم صدقة (فإذا حل الدين فأنظره) يعني: جاء آخر السنة فلم يوفه، فأمهله أيضاً (فله بكل يومٍ مثلاه صدقة).
وإماطة الأذى عن الطريق وهي مسألة قد يستحقرها كثير من الناس ويأنف منها أو يتركها، قال عليه الصلاة والسلام في أجر ذلك: (مر رجل على غصن شجرة في الطريق فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا ي