بر الأم

الشيخ محمد بن حسن القاضي
1446/04/03 - 2024/10/06 21:11PM

بِر الأم 1 ربيع الآخر 1446هـ


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} [سورة آل عمران:102].
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء:1]. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) } [سورة الأحزاب:70-71].
أما بعد:
اعلموا أنَّ خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أما بعد معاشر المسلمين! تعلمون أن الله عز وجل أوصى في كتابه الكريم بالإحسان إلى الوالدين والقيام ببرهما، والآيات في هذا الباب كثيرة أذكر منها ما تيسر ثم ندخل إلى موضوعنا الذي نقصد وإلى موضوعنا الذي نريد أن نتكلم حوله، يقول ربنا في كتابه الكريم: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [سورة النساء:36] ويقول الله في كتابه الكريم {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) } [سورة الإسراء:23-24] ويقول الله في كتابه الكريم: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير} [سورة لقمان:14] وقال الله {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} [سورة الأحقاف:15] الآيات إلى آخرها، والآيات في الوصية بالوالدين والأمر بالبر والإحسان إلى الوالدين كثيرة، وهكذا الأحاديث من السنة النبوية المطهرة بالغة مبلغ التواتر ولله الحمد والمنة.

ألا وإن كِلا الوالدين لهما حقوق عظيمة ويجب البر والإحسان إلى الوالدين الأب والأم ولكن الأم أعظم وهذا الموضوع الذي سنتحدث عنه ألا وهو بر الأم فالأم لها النصيب الأكبر والحظ الأوفر من البر والإحسان ويدل على هذا أن الله عز وجل عندما وصى بالوالدين بعد ذلك ذكر ما تمتاز به الأم قال ربنا: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ} [سورة لقمان:14] فذكر الله الحمل، وذكر الله الوضع، وذكر الله الإرضاع، وهذه ثلاث خصال تختص بها الأم لا يشاركها فيها الأب، فللأم ثلاثة أرباع البر، قال الحارث المحاسبي رحمه الله تعالى: للأم ثلاثة أرباع البر بلا خلاف نعلمه بين أهل العلم، فنقل رحمه الله الإجماع على أن للأم ثلاثة أرباع البر وعند التحقيق في هذه المسألة يتبين أن القول بأن للأم ثلاثة أرباع البر هو قول جمهور أهل العلم، فهو قول الحنفية والحنابلة والشافعية رحمهم الله تعالى، أجمع أصحاب المذاهب الثلاثة على أن الأم تفضل الأب في البر وأن لها ثلاثة أرباع البر، وهذا القول هو القول الراجح الذي لا ينبغي أن يعدل عنه، وذهبت المالكية إلى التساوي بين الوالدين، وعلى كلٍ لا شك أن قول جمهور أهل العلم هو القول الراجح، ومما يدلل على ذلك ما جاء في البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال:« من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك، قال ثم من قال أمك، قال ثم من قال أمك، قال ثم من قال أبوك» فهذا الحديث يدل على ما سمعتم، وكذلك أيضا جاء عند الإمام أحمد وغيره من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله تعالى عنه، أنه قال: قلت يا رسول الله من أبر «قال: أمك، قال: ثم من، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أباك، قال: ثم من، قال: الأقرب فالأقرب» وجاء عند البخاري في الأدب المفرد وعند الترمذي وعند البيهقي وغيرهم، من حديث المقداد بن معدي كرب رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إن الله يوصيكم بأمهاتكم إن الله يوصيكم بأمهاتكم إن الله يوصيكم بأمهاتكم –ثلاثا-إن الله يوصيكم بآبائكم إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب» فبدأ بالأم وجعل لها ثلاثة أرباع البر.

إذا يا أيها الناس! ينبغي أن ندرك هذه المسألة وهي أن الأم مقدمة ومفضلة على الأب في البر، ولماذا فضلت الأم وقدمت الأم على الأب في البر، ذكر أهل العلم رحمهم الله أوجهاً لتقديم الأم على الأب في البر من ذلك ما ذكره الإمام النووي رحمه الله تعالى قال: وفضلت الأم على الأب في البر لخمسة أوجه للحمل، والوضع، والإرضاع، والخدمة، والسهر، والتربية، أو كما قال رحمه الله تعالى، فهذه الخمسة الأوجه مما كانت سبباً في تفضيل الأم في البر، ألا وإن الثلاثة الأولى أخص فقد قال بعض العلماء قدمت الأم على الأب في البر لاختصاصها بثلاثة أشياء لا يشاركها فيها الأب الأول الحمل، الثاني الوضع، الثالث الإرضاع، هذه الثلاثة الأشياء هي أخص وهي التي من أجلها فضلت الأم في البر وقدمت في البر لهذه الخصال فينبغي أن يعلم هذا.

معاشر المسلمين إن الأم تبذل الغالي والنفيس من أجل ولدها وتحرص على سلامة ولدها، وتبذل ما يكون بوسعها من أجل المحافظة على سلامة ولدها، ومن أعظم ما فطر الله عليه المرأة حب ولدها فهي تحبه وهي لا تبالي بأمر نفسها بل تهتم بأمر ولدها وتقدم راحة ولدها على راحة نفسها وهذا أمر معلوم ولله الحمد والمنة، ومما ذكره العلماء رحمهم الله تعالى في شدة وصية الله بالأم وأنه وصى بها وهكذا وصى بها الرسول عليه الصلاة والسلام، وقدمها في البر على الأب أنها تبذل في وقت لا يدرك فيه الطفل، فإن الحمل وإن الوضع والإرضاع كلها في حالة الصغر وفي حالة الصبا فلا يدركها الطفل ولا يميزها ولا يفهم ماذا بذلت معه بخلاف إذا صار شابا وصار رجلاً فإنه إذا أراد أمراً يجد أباه معه ويجد أباه هو الملبي لذلك الأمر فيقوم وربما يسعى ويزوجه ويعمل ويعمل فربما أنه يلتفت لحق أبيه ولا يلتفت لحق أمه لماذا? لأنه أصلاً لم يكن واعيا ولم يتنبه لما بذلته أمه في حال صغره؛ فلهذا وصى الله بالأم وهكذا وصى بها الرسول عليه الصلاة والسلام وشدد على حقها وأكد على حقها أيما تأكيد، إذا يا معشر المسلمين! ينبغي أن ندرك هذه الأشياء وأن نحرص على البر والإحسان إلى الوالدين ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، لا ينبغي للمسلم أن يجحد حق والديه، أو أن يهمل في حق والديه، أو في حق أمه، فبعض الناس يهمل في حق أمه أكثر مما يهمل حق أبيه وذلك لأمور.
الأمر الأول أن الأم ضعيفة مسكينة ما تقدر أن تفعل به شيء فهو ربما يبر والده لأنه يعلم أن الأب يقدر على أن يأخذ منه وعلى أن يطالبه وعلى أن يذهب به إلى المحاكم إذا صار عاقاً، بخلاف الأم فإنها ضعيفة.

وكذلك أيضا لعظم رحمة الأم تحصل الغفلة عن حقها والله المستعان، فيا أيها الناس! الله الله في البر والإحسان إلى الوالدين وخصوصاً الأم.

والأصل أن البر للوالدين وأنها لا تقدم الأم إلا في حالة المزاحمة، فإذا تزاحم حقان حق للأم وحق للأب فهنا يحصل التقديم وإلا فالأصل أن الشخص يبر أمه ويبر أباه ولا يقصر لا في حق أبيه ولا في حق أمه، لكن المراد أنه إذا حصل التزاحم في الحقوق فيقدم حق الأم ذكر العلماء رحمهم الله تعالى مثالاً على ذلك قالوا لو أن شخصاً قد توفي والداه الأب والأم فأراد أن يحج عنهما- لاشك أن الحج لا يكون إلا عن واحد- فهل يبدأ بالأم أم يبدأ بالأب، قال العلماء رحمهم الله يبدأ بالأم لأنها مقدمة في البر ثم إن يسر الله له فيحج عن أبيه، وإن حج عن أبيه وقدم أباه في الحج على أمه فإن ذلك مجزء لكنه ترك الأفضل والأحسن والأكمل.
أستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم
*الخطبة الثانية*

إن الأم هي الحضن الدافئ، والقلب الواسع، وأغلى ما نملك، ولا تريد منا إلا ما أقلَّ ما نملك، الأم وردة جعلها الله في حياتنا، الأم باب من أبواب الجنة جعله الله، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم« الزم قدميها فثم الجنة» وجائه رجلا يريد الجهاد في سبيل الله، قال: « أحية أمك? قال: نعم، قال الزم قدميها فثم الجنة» فالأم نعمة منَّ الله بها على الإنسان، دعاؤها مستجاب، وكلامها كالعطر الفواح في البيت، فينبغي للإنسان أن يتفقد حال أمه خصوصاً حال الكِبر، إذا دخل فإنه أول ما يبدأ بالسلام على أمه وتقبيل رأسها والتفقد لحالها.

وا أسفاه أن يوجد في أوساط المسلمين من يمر الشهر أو الأشهر ولم يدخل بيت أمه ولم يكتحل برؤية أمه ولم يقبل رأس أمه إنه العقوق عياذاً بالله، وا أسفاه أن يوجد في أبناء المسلمين من يسب أمه أو يلعن أمه أو يضرب أمه، هذا هو الشقاء وهذا هو الضلال وهذا هو البلاء وهذا هو الإنحراف، لا تأمن العواقب، من عق أباه أو أمه، ومن عق أمه على وجه الخصوص بادره الله بالعقوبة وأنزل الله عليه العقوبة عاجلاً غير آجل.

ذكر بعض العلماء أن رجلاً دخل على أمه فطلبت منه شيئا فركلها برجله حتى بالت على نفسها عياذاً بالله- وهذا لقوة الركلة التي ركلها إيِّاها- فخرج وكان هذا الرجل يشتغل في بيع وشراء الدواء فذهب إلى قرية من القرى ليشتري ثورا فلما وصل قالوا له ذاك الثور وهو ثور هادئ لا يصيب الإنسان بسوء فتقدم إليه فلما تقدم إليه وإذا بذلك الثور يهيج عليه عقوبة من الله عز وجل فنطحه فكان في تلك النطحة وفاته وحتفه عياذاً بالله، انظروا إلى خطر العقوق، وإذا وصل العقوق إلى هذه المرحلة الركل أو الضرب لاشك أن هذه مرحلة بالغة مبلغاً عظيماً في العقوق عياذاً بالله، بل بعضهم ربما إذا تزوج وصار ذا عيال وذا بيت لعبت عليه زوجته وأخذت عقله وربما قدمها على أمه وربما يسمع كلامها إذا تكلمت في أمه ويرى أن أمه مخطئة وأن أمه امرأة عجوز وأن أمه لا تفهم وأنها صارت عبئاً وثقلاً، حملتك في بطنها تسعة أشهر وهي تحملك تعبت من أجلك، سهرت من أجلك، في أيام حملها بك تغير طعمها، لم تستطع الأكل والشرب، ولم تستطع النوم والراحة، ثم تجازيها بأن تسيء إليها وأن تقبل كلام هذه المرأة في أمك، يا رجل! كن عاقلاً وكن لبيبا وأحسن إلى أمك وإن حصل الخطأ فعلاً فعالج الخطأ برفق وبلين، وقل لزوجتك يا أم فلان! هذه أمي أغلى ما أملك لا يمكن أن أمس جنابها بسوء، وحافظ على أمك إن أردت أن يحفظك الله وأن يديم الله عليك فضله وإحسانه، أنت تخرج وفي ظهرك دعوات أمك تدعو لك، أمك تسأل عنك، أمك تبحث عنك، تنظر أحوالك وأخبارك، بخلاف غيرها، فاتق الله جل وعلا وأحسن إلى أمك واحذر من العقوق صغيره وكبيره، فكل العقوق عقوق، وكل العقوق محرم، فلا تتمادى، ولا تبغي، ولا تفسد عياذاً بالله.

بعض المسلمين يضجر من أمه عند الكِبر، والله قد وصى بها في حال الكِبر، قال {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} [سورة الإسراء:23] انظر إلى هذا البيان من رب العالمين سبحانه وتعالى، ربما في حال الكِبر تصير تنسى فتسأل عن شيئ فإذا أجبتها ثم سألت فأخبرها ولا تضجر فقد كنت صغيرا وقد كنت تسألها عن الشيء الواحد ربما كذا كذا مرة وهي تجيبك وتضحك وتبتسم بل تسعد، إذا ضحكت ضحكت لها الدنيا وإذا مرضت وحزنت أظلمت الدنيا في وجهها، إن ألمت بك حمى تبيت جالسة عند رأسك لا تهنأ بنوم ولا يغمض لها جفن وهي من أجل راحتك، فالآن لا بد أن تجازيها بالإحسان، صارت تنسى، صارت ربما يتساقط الطعام على جسدها تذكر أيامك قد كنت هكذا فاصبر وتحمل وأحسن بكل راحة وسرور.

حج رجل من أهل اليمن بأمه فقال يا ابن عمر إن أمي قد صارت كذا وكذا وإني أحملها على ظهري وأديت بها مناسك الحج، أتراني جزيتها? قال: لا ولا بزفرة من زفراتها، قال: لماذا يا ابن عمر? قال: لأنها كانت تعمل بك هذا وتدعو الله لك أن يعافيك الله وأن يطيل الله عمرك وأن تعيش، وأنت الآن تعمل بها هذا وأنت تتمنى أن تموت، انظروا إلى فهم السلف، فمهما عمل الإنسان لا يمكن أن يجازي أمه.

ألا وإننا في زمن العقوق وقد عظم العقوق في هذا الزمن للآباء والأمهات ولكن في جانب الأمهات أكثر حتى إن بعض الناس في بعض الأماكن وفي بعض الدول ربما إذا كبرت الأم أخذها إلى دار العجزة ورمى بها إلى أن تموت فإذا ماتت اتصل عليه من دار العجزة بأنها توفيت فيأتي لحضور مراسم الدفن عياذاً بالله، هذا قد دفن قلبه وقد دفن الخير ولا حول ولا قوة إلا بالله، أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله بعد توحيده لله عز وجل بره بوالديه، أما قرأتم قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [سورة الإسراء:23]فبعد أن ذكر حقه ذكر حقهما.

وكذلك بعض الناس ربما إذا دبت المشاكل بينه وبين أبيه وأمه ربما يلجأ إلى المحاكم ويقف في المحاكم من أجل قضايا بينه وبين أبيه أو بينه وبين أمه، ربما من أجل إرث أو ربما من أجل مال أو ربما من أجل أشياء من لعاعات الدنيا، أهكذا يكون رد الجميل?! أهكذا يكون البر والإحسان?!.

كذلك أيضاً بعضهم ربما يصل به الأمر إلى القتل، إلى القتل لوالديه عياذاً بالله، فيقتل أباه أو يقتل أمه أو يعمل ما يعمل من هذه البوائق والجرائم، وهذي الأشياء تدل على أن الله قد مسخ هذا الشخص عياذاً بالله.
قال الشاعر:
أغرى امرؤ يوماً غلاما جاهلاً
بنقوده كي ما ينال به الوطر

وقال ائتني بفؤاد أمك يا فتى
ولك الجواهر والدراهم والدرر

فمضى وأغرز خنجراً في صدرها
والقلب أخرجه وعاد على الأثر

لكنه من فرط سرعته هوى
فتدحرج القلب المضرج إذ عثر

ناداه قلب الأم وهو معفرٌ
ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر

فكأن هذا الصوت رغم حنوه
غضب السماء به على الولد انهمر

فدرى فظيع خيانة لم يجنها
ولد سواه منذ تاريخ البشر

واستل خنجره ليطعن نفسه
ويصير عبرة لمن اعتبر

ناداه قلب الأم كف يدا
ولا تذبح فؤادي مرتين على الأثر

أسأل الله بمنه وكرمه، وفضله وإحسانه أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يأخذ بنواصينا للبر والتقوى، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم احفظ يمن الإيمان والحكمة، ونجنا من لكل ضائقة وفتنة، اللهم رحماك بأهل اليمن، اللهم ادفع الضر عن المتضررين، اللهم كن الفقراء والمشردين والنازحين والأيتام والأرامل، اللهم كن لهم عونا ونصيرا، اللهم أطعم جائعهم، واكس عاريهم، وأمن خائفهم، وأصلح أحوالهم، اللهم لطفك بالبلاد والعباد، اللهم اجعل لهذا البلد فرجا ومخرجا، اللهم يسر برجال صادقين مخلصين يسعون لما فيه نفع بلاد والعباد، اللهم سهل لعبادك أرزاقهم، ويسر بفتح الطرق والمنافذ والمطارات يا رب العالمين، وهيئ لهذا البلد أمنا وعزاً ورخاء واستقرارا يا رب العالمين، اللهم كن للمسلمين في مكان، اللهم أعز عبادك وأوليائك وجندك، اللهم عليك باليهود الغاصبين، والنصارى الماكرين، خذهم من فوقهم ومن تحتهم، واجعل الدائرة عليهم، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، الذين يجاهدون لإعلاء دينك وكلمتك يا رب العالمين، اللهم كن لإخواننا في فلسطين، اللهم كن لإخواننا في فلسطين، اللهم كن لإخواننا في فلسطين، اللهم كن لهم خير معين، أيدهم بتأييدك، وانصرهم بنصرك، وأعزهم بعزك، يا ذا الجلال الاكرام.
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، وقاعدين، وراقدين، وأقم الصلاة.

المرفقات

1728238267_بر الأم خطبة في مسجد الزهراء بمدينة معبر 1 ربيع الآخر 1446هـ.pdf

المشاهدات 299 | التعليقات 0