بدعة المولد النبوي
إبراهيم الحدادي
1436/03/09 - 2014/12/31 21:03PM
[font="]بدعة المـولد النبوي[/font]
[font="]الجمعة 11/3/1436هـ[/font]
[font="]إن الحمد، لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأِشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.[/font]
[font="]أما بعد: أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله ، فاتقوا الله تعالى -عباد الله - حق التقوى. وراقبوه في السر والنجوى ، واعلموا أنكم ملاقوه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].[/font]
[font="]أيها المسلمون : روى الإمام مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ.. وَيَقُولُ: "أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ".[/font]
[font="]وإن من جملة هذه البدع ما ابتدعه بعض الناس في شهر ربيع الأول من بدعة عيد المولد النبوي؛ يجتمعون في الليلة الثانية عشرة منه فيصلُّون على النبي -صلى الله عليه وسلم- بصلوات مبتدعة، ويقرؤون مدائح للنبي -صلى الله عليه وسلم- تخرج بهم إلى حد الغلو الذي نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وربما صنعوا مع ذلك طعاماً يسهرون عليه، فأضاعوا المال والزمن، وأتعبوا الأبدان فيما لم يشرعه الله ورسوله ولا عمله الخلفاء الراشدون ولا الصحابة ولا المسلمون في القرون المفضلة ولا التابعون لهم بإحسان. ولو كان خيراً لسبقونا إليه.[/font]
[font="] إن بدعة المولد النبوي بدعة منكرة، يضلل فاعلها؛ لأن دين الله -تعالى- قد كمل -ولله الحمد-، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً)[المائدة: 3].[/font]
[font="]قال الإمام مالك: "فما كان في ذلك اليوم دين، فهو دينًا، وما لم يكن في ذلك اليوم دينًا فليس من الدين"[/font]
[font="]وإن أول من أحدث هذه البدعة العُبَيْدِيُّون؛ وهم من الرافضة الباطنية الذين قال فيهم الباقلاني: "هم قوم يظهرون الرفض ويبطنون الكفر المحض".[/font]
[font="]عباد الله: إنَّ كثيراً ممن يقيمون هذه الموالد يرون أن ذلك من تمام محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتعظيمه وتوقيره؛ وهذا ليس بصحيح، إذ إن محبته -صلى الله عليه وسلم- وتعظيمه وتوقيره لا تكون بمخالفة هديه -صلى الله عليه وسلم- والابتداع في الدين الذي قد أكمله الله له ولأمته، وإنما تكون محبته وتوقيره وتعظيمه بلزوم طاعته، واتباع أمره، والأخذ بهديه، والعض على سنته بالنواجذ، وإحيائها بالقول والفعل، واجتناب سائر المحدثات التي حذَّر منها وأخبر أنها شر وضلالة وأنها في النار، يقول عليه الصلاة والسلام: " عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ" رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.[/font]
[font="]لقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- أشد الناس محبةً للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأشدهم تعظيماً له وكانوا أحرص على الخير ممن جاء بعدهم؛ ومع هذا لم يكونوا يحتفلون بالمولد ويتخذونه عيدًا، ولو كان في إقامة المولد أدنى محبة للرسول -صلى الله عليه وسلم- لكانوا أحرص الناس عليه وأسبقهم إليه.[/font]
[font="]فاتقوا الله عباد الله: واعلموا أن محبته -صلى الله عليه وسلم- إنما تكون باتباعه والسير على نهجه، قال الله -عز وجل: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) [آل عمران:31].[/font] [font="]فاتبعوا هدي نبيكم ففيه الفلاح في الدنيا والنجاة في الأخرى ، ولا تتبعوا سبل الغواية فتهلكوا . [/font]
[font="]أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153].[/font]
[font="]
[/font] [font="]الخطبة الثانية:[/font]
[font="]الحمد لله حمداً كثيرا طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين وسلَّم تسليماً كثيرًا.[/font]
[font="]أما بعد: فإن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد رسول الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.[/font]
[font="]أيها المسلمون : اتقوا الله وأطيعوه، واحمدوه على أن جعلكم من أتباع هذا الرسول الكريم، واحذروا من الوقوع فيما نهى عنه من البدع والمحدثات ، لتنالوا بذلك محبته ولتكونوا حقيقةً من أهل طاعته. يقول جل وعلا : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63].[/font]
[font="]وتذكروا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ" رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية لمسلم : "مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ". [/font]
[font="]فهذا الحديث العظيم قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه -صلى الله عليه وسلم- فإنه صريح في رد كل البدع والضلالات المحدثة .[/font]
[font="]وصلوا عباد الله على من أمركم ربكم بالصلاة والسلام عليه فقال : هذا؛ وصلوا على خير خلق الله نبينا محمد بن عبد الله كما أمركم الله تعالى بذلك فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، [/font]