بداية عام هجري جديد

سعود المغيص
1439/01/02 - 2017/09/22 06:26AM

الخطبة الأولى :

أما بعد عباد الله :

اتقوا الله تعالى واعلموا أننا في هذه الأيام نعيش بداية عام هجري جديد ولا شك أنه من نعم الله عز وجل على عباده معرفة أعوامهم وشهورهم وأيامهم

تأملوا أيها الأخوة لو جهل المسلمون ذلك كيف تكون حالهم ؟

فمعرفة الأعوام وتجددها على الأمة الإسلامية له فوائد عظيمة بل تُبنى عليه عبادات كريمة وفيه موعظة وعبرة لكل مسلم .

عباد الله : المسلم ليس كغيره من الناس وخاصة كلما انطوى عام وحل آخر لأنه من خلال ذلك يحاسب نفسه ويتدارك تقصيره  ويجتهد فيما تبقى من أعوامه ولعل ذلك من أبرز الحكم في تجدد الأعوام وانقضاء الشهور والأيام .

إن العاقل أيها الأخوة لا ينغر ولا ينخدع بإمهال الله له ولا بما أعطاه الله يقول عز وجل : } أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ، نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ { .

فيا عبدالله يا من أمضيت عدداً من السنين اعلم بأن هذا العمر الذي أمضيت سوف ُتسأل عنه وُتحاسب عليه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: (( اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك )).  

عباد الله : لنا مع هذا الحديث وقفات :

الوقفة الأولى : اغتنام وقت الشباب قبل الهرم لأن المسلم يستطيع من فعل الطاعات في شبابه مالا يستطيع عند الهرم.

وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : وشاب نشأ في طاعة الله "  وفيه همسة في ُأذن كل شاب أن يغتنم شبابه بالطاعة .

الوقفة الثانية : اغتنام الصحة قبل السقم فكم من معاق يود لو يصلي على قدميه ؟ أو يأت إلى المسجد على رجليه ؟ ولكن لا يستطيع وكم من مريض نائم على سريره لا يذكر الله إلا بأصبعه ؟ وكم ؟ وكم ؟ فاغتنموا زمن الصحة قبل السقم.

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".

الوقفة الثالثة : اغتنام زمن الغِنَى قبل الفقر لأن الغَني يؤدي الزكاة ويتصدق ويعين على نوائب الحق ويصل الرحم بماله ويجاهد بماله فإذا افتقر عدم هذه الأجور.

الوقفة الرابعة : اغتنام الفراغ قبل الشغل قال تعالى: { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ  ‏} .

الوقفة الخامسة : اغتنام الحياة بالطاعة قبل الموت لأن الإنسان  إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو ولد صالح  يدعوا له أو علم ينتفع به, فالحياة يُتزود منها الطاعات.

قال عليه الصلاة والسلام:" طوبى لمن طال عمره وحسن عمله".

عباد الله : اغتنموا ساعات أعماركم بما يقربكم إلى ربكم وإياكم والغفلة فإنها مراحل تقطعونها إلى الدار الآخرة أودعوا أيامكم ولياليكم عملاً صالحاً تجدوه في يوم تشخص فيه الأبصار ولا تغرنكم الحياة الدنيا فإنما هي متاع قال تعالى : { وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ * يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ }

أسأل الله لي ولكم علماً نافعاً وعملاً خالصاً إنه سميع مجيب

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

الخطبة الثانية : 

أما بعد عباد الله : من أعظم أعمال هذا الشهر المحرم والتي جاءت الأحاديث بالحث عليها: الإكثار من صيام النافلة فيه, فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ).

ويتأكد الصيام في يوم عاشوراء, وهو اليوم العاشر من شهر محرم, أخرج مسلم في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء، فقال: ( إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله )   .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ما رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يتحرّى صيام يوم فَضَّلَه على غيره إلا هذا اليوم ــ يعني يوم عاشوراء ــ، وهذا الشهر ــ يعني شهر رمضان ــ).

ويستحب صيام يوم قبله لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ).

فأكثروا رحمكم الله من صيام أيام هذا الشهر المحرم, خصوصًا وقد بدأت الأجواء تتحسن عما مضى, وانكسر قدر كبير من حدة الحر السابقة, وبدأ النهار يقصر, ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )

فاللهم إنا نسألك أن تعيننا على أنفسنا والشيطان, وأن تجعل هذا العام عام سعادة وعز ونصر وتمكين لبلادنا وللإسلام والمسلمين في كل مكان يارب العالمين .  

المشاهدات 752 | التعليقات 0