بداية النذير وحق الوالدين 7 / 4 / 1446 هـ - مستفادة بتصرف

مبارك آل بخيتان
1446/04/07 - 2024/10/10 22:04PM

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ على إمدادِ الآجالِ، وتَعاقُبِ الأجيالِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ وهو شديدُ المحالِ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ الذاكرُ ربَّهُ في كلِ حالٍ، فصلى اللهُ عليهِ وسلمَ تسليمًا كثيرًا في الغُدوِّ والآصالِ، أما بعدُ:

فاتقُوا اللهَ؛ فتقوَى اللهِ   ما جاورَتْ قلبَ امرئٍ إلا وَصَلْ

 إذا طَلَـــــعَ الشَّيـبُ المُلِـــــمُّ، فحيّــــــهِ

                                 ولا تَرضَ للعَينِ الشّبابَ المزَوَّرَا

  لقد غابَ عن فَوديك خمسينَ حجّةً 

                                فأهْـــلاً بهِ لمّـــا دَنــــــا، وتســـوّرا

الشيبٌ نورٌ وبهاءُ طوى مراحل الشباب ، وأنفق من عمره بغير حساب.. وفي الحديث «مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ» أخرجه الترمذي والنسائي.

 

في الشيب استحكام الوقار وتناهى الجلال .. رَأَى إِبْرَاهِيمُ عليه السلام الشَّيْبَ بعارضيه ، فَقَالَ: يَا رَبِّ مَا هَذَا؟ فَقَالَ اللَّهُ :        وَقَارٌ يَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: رَبِّ زِدْنِي وَقَارًا ".

وكأن حاله يقول :

   أهلا وسهلا بالمشيب فإنّه  ...  سمة العفيف وهيئة المتحرجِ

   وكأنّ شيبي نظم در زاهر   ...  في تاج ذي ملك أغرّ متوّجِ

 

الشيبُ نور يورثه تعاقب الليالي والأيام، وحلمٌ يفيده مرّ الشهور والأعوام .. للكبارِ وقارٌ إذا جلسوا ، وبهاءُ إذا نطقوا ، وسكينةُ إذا سكتوا .. وهذا أدبٌ يعرفه الشبابُ إذا عقلوا.. في صحيح البخاري قال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ: " أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ المُسْلِمِ لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا " قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا.

الله اكبر .. هنا تجلا أدب الشاب فكره ان يتكلم في حضرت من هو اكبر منه سنا وهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهم اجمعين

عباد الله .. جاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيخ وشاب، فتكلم الشاب قبل أن يتكلم الشيخ، فقال عليه الصلاة والسلام: «كبّر كبّر» .

كبرُ السنِ ليس نقصاً ، بل يزيدُ الإنسانَ  كرامةً وإكراماً ومهابة ، قال رجلٌ يفتخر بشيخوخته..

 أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهـــــةٌ    **    يدعونني الناسُ عمَّا تارة وأبا

  وتلك دعوة إجلالٍ وتكــرمــــــةٍ    **    ودَدْتُ أنِّيَ معتاض بها لقبا

 قد كنتُ أُدْعَى ابنَ عمٍ مرةً وأخاً  **   حتَّى تقلَّب دهرٌ يعقِبُ العُقَبَا

 عجبت للمرء لا يحمي حقيقتَهُ   **   مسلوبةً كيف يحمي بعدها سلبا

 قالوا المشيبُ نذير قلت لا وأبي **    لكنْ بشيرٌ يجلِّي وجهُه الكُرَبا

 

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يا فوز المستغفرين

الخطبة الثانية :

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، الرَّحمنِ الرحيمِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه ومن اهتدى بهديه إلى يومِ الدِّينِ وسَلمَ تسليماً كثيراً، أما بعد:

إليكم أيها الشباب  .. إن أحق من يجلُّ ويُقدّر ، ويُكْرم ويوقر ، هو ذاك الشيخ الذي شابت لحيته في تربيتك وتغذيتك ، ورق عظمه نصباً في الحياة من اجلك ..

تَحَمَّلْ عن أبيكَ الثقلَ يوماً ... فإن الشيخَ قد ضَعُفَتْ قواهُ.

أتى بكَ عن قضاءٍ لم تُرِدُه ... وآثَرَ أن تفوزَ بما حَوَاهُ.

وكذلك تلك الأم التي وهن جسمها من حملك وخدمتك، وضعفت قواها في رعايتك وسهرها عليك ..

لعيشُ ماضٍ، فأكرمْ والديكَ به  ... والأُمُّ أولى بإِكرامٍ وإِحسانِ

 وحسبُها الحملُ والإِرضاع تُدمِنه ...  أمران بالفضلِ نالا كلَّ إِنسانِ

 

الأبوانِ عينانِ في رأس الأبناء والبنات ، والوالدان العظيمان هما أولى من في هذه الحياة في التوقير والاحسانِ ، والوفاء والإكرام {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}

ثم يليهم بالتقدير والاجلال عباد الله .. الأقارب والأرحام ثم عامة المسلمين ..

·      اللهم لكَ الحمدُ كالذي تقولُ وخيرًا مما نقولُ.

·       ربنا أوزعنا شكرَ نعمِك الظاهرةِ والباطنةِ.

·      ربَّنا أوزعنا أن نشكرَ نعمتَك التي أنعمتَ علينا وعلى والدَينا وأن نعملَ صالحًا ترضاهُ وأدخلْنا برحمتِك في عبادِك الصالحينَ.

·       اللهم ارزقْنا برَّهما أحياءً وأمواتًا.

·      اللهم اجعلنا من البارين بهم في حياتهم وبعد مماتهم

·      اللهم اطل أعمارهم على طاعتك واجعلهم بعافية وصحة يا رب العالمين ..

·       اللهم وفقْ مليكَنا ووليَ عهدِه، وسددْهم في أقوالِهم وأعمالِهم، واجعلهُم وجنودَنا في ضمانِك وأمانِك.

 

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، لا إله إلا انت ..

أنت الغني ونحن الفقراء، أنت الغني ونحن الفقراء

 أنزِل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين

 اللهم أغثنا غيثًا مغيثًا صيبًا نافعًا هنيئًا مريئًا نافعًا غير ضار،

 اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وبلادنا بالأمطار والخيرات،

واجعل ما تنزله علينا قوةً لنا على طاعتك ومتاعًا إلى حين

ربنا اتنا في الدنيا حسنه وفي الاخرة حسنه وقنا ووالدينا عذاب القبر والنار .

·      اللهم صلِ وسلمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

المشاهدات 1060 | التعليقات 0