بداية العام الدراسي
طلال شنيف الصبحي
1436/11/05 - 2015/08/20 23:44PM
الحمد لله الذي شيد منار الدين وأعلامه، وأظهر للخلق شرائعَه وأحكامَه، وشرح صدور من أراد هدايتهم للإسلام, ونوّر بالعلوم والمعارف بصائر ذوي العقول والأفهام, أحمده تعالى وأشكره, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهد بذلك لنفسه في كتابه, واستشهد على ذلك بالملائكة الأبرار, وأولي العلم الراسخين الأخيار, فقال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ . والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين, يتلو عليكم آياته, ويزكيكم, ويعلمكم الكتاب والحكمة, ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون, فصلى الله عليه, وعلى آله وأصحابه الطيبين, وعلى سائر عباد الله الصالحين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله, واعلموا أن أفضل ما اكتسبته النفوس وحصلته القلوب وعمرت به الأوقات ونال به العبد الرفعة في الدارين هو العلم الذي يورث الإيمان, ولذا قرن الله سبحانه وتعالى بينهما فقال: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ . فالعلم حياة القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور, وهو الميزان الذي توزن به الأقوال والأعمال. به يتمكن العبد من تحقيق العبودية لله الواحد الديان, فهو الكاشف عن الشبهات, والمزيل للشهوات. مذاكرته تسبيح, والبحث عنه جهاد, وطلبه قربة, وبذله صدقة, ومدارسته تعدل الصيام والقيام. فالحاجة إلى العلم فوق كل حاجة, فلا غنى للعبد عنه طرفة عين, قال الإمام أحمد رحمه الله: "الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب"
وكيف لا تكون هذه منزلة العلم؟! وهو الذي به يعرف العبد ربه وأسماءه وصفاته وأفعاله وأمره ونهيه, وبهذه المعارف يحصّل العبدُ أكملَ السعادات وأشرفَ الغايات, به يُخرج الله العباد من الظلمات إلى النور, قال الله تعالى: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا وهو سبَب السعادة في الحياة الدنيا وفي الآخرة؛ لأنه كما قال معاذُ بن جبل رضي الله عنه: (العلم معالم الحلال والحرام ومنارُ سبُلِ أهل الجنّة، وهو الأنيسُ في الوحشة والصاحِب في الغربَة والمحدِّث في الخَلوة والدّليلُ على السّرّاء والضراء والسّلاحُ على الأعداء والزَّين عند الأخلاّء، يرفَع الله به أقوامًا فيَجعلهم في الخيرِ قادَةً، تقتَصُّ آثارُهم ويُقتدَى بفِعالهم وينتَهَى إلى رأيهم؛ لأن العِلمَ حياةُ القلوبِ من الجهلِ ومصابيح الأبصارِ من الظّلَم، يبلغ العبدُ بالعلم منازلَ الأخيار والدرجاتِ العُلى في الدنيا والآخرة، به توصَلُ الأرحام، وبه يعرف الحلالُ من الحرام، وهو إمام العمَل، والعمَل تابِعُه، يُلهَمُه السّعداء، ويُحرَمُه الأشقياء) انتهى كلامه رضي الله عنه , ولما كانت هذه منزلة العلم ومكانته جاءت نصوص الوحيين متضافرةً في الحث عليه, وبيان فضله, وفضل أهله, وشحذ الهمم إليه.
فمما ورد في ذلك قوله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، وقال الله تعالى: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَاب . وقال تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ وقال سبحانه: قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا [الإسراء:107]، وقال جل وعلا: وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)
وأما ما ورد عن النبي في بيان فضل العلم والحث عليه ما أخرجه الشيخان عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله : من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين 1وهذا يدل على أن من لم يفقهه الله في الدين فإنه لم يرد به خيرًا, وما رواه أصحاب السنن عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة, وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم, وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض, حتى الحيتان في الماء, وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب, إن العلماء هم ورثة الأنبياء, إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا, إنما ورثوا العلم, فمن أخذه أخذ بحظ وافر 2 وقال : إنَّ الله وملائكتَه وأهل السموات والأرضِ حتى النّملَة في جحرِها وحتى الحوتَ ليصلّون على معلّمِ الناس الخير
عباد الله: وأمتنا اليوم هي أشد ما تكون حاجةً إلى العلم النافع الصحيح, وإلى العلماء الذين يذبون عن أركان الشريعة, وهم أمناء الله من خلقه، المجتهدون في حفظ دينه وملته, الذين هم بالشرع مستمسكون, ولآثار الصحابة والتابعين مقتفون, لا يعرجون على الأهواء, ولا يلتفتون إلى الآراء, يبلغون رسالات الله ويخشونه, ولا يخشون أحدًا إلا الله.
فيا أمة العلم والقرآن,شمروا عن ساعد الجد والاجتهاد, في سبيل تحصيل العلم الذي به تسمو الأقدار, وتشرئب إلى أهله القلوب والأبصار, وتحصل به الدرجات الكبار, فهو هيبةٌ بلا سلطان, وغنى بلا مال, ومنعةٌ بلا أعوان.
فعليكم ـ أيها الإخوة الكرام ـ بميراث الأنبياء فاطلبوه واسألوا الله سبحانه التوفيق إلى التمام والكمال, واستعينوا على ذلك بالدعاء والإخلاص. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ بارك الله
الخطبة الثانية :
عباد الله: ها نحن نودع الإجازة في آخر أيامها ونخلع ردائها في منتهى ساعاتها فلقد أخذت النفس حظها من الراحة والاسترواح والغدو والرواح وتماهت مع لذيذ الأسفار وجديد الزيارات في البلدان والبقاع والتقى الأحباب وانتقلت الأبدان إلى ما يمتع ناظريها ويسلو فوائدها ويزيل أثقال الكدر والكدح عنها, وها نحن ننتفض من الدعة والخمول حامدين شاكرين لنستقبل عاماً دراسياً جديداً بنفوس متفائلة , أخذت من الإجازة قدراً كافياً وفسحة ضافية لتعود أكثر صفاء ونقاء فالعقول متعطشة والنفوس متلهفة والمدارك متحفزة لاستقبال عام دراسي جديد بكل عطاءاته وأبعاده واشراقته وابداعته . وإنه ليهولك منظر الطلاب بكافة المراحل والمستويات وهو يتأبطون حقائبهم في خروج مبكر يداعب أصوات الطيور ويناغم نسيم الصباح آمين المدارس لينهلوا علماً ويحفظوا أدبا ويزدادوا تربية , ومن روائهم الآباء والأمهات بدعائهم وبذلهم وإعدادهم وتوجيهم وما أعظمه من مسلك وأنبله من مقصد يجعل الأمة في مظهر القوة والبناء والعزة والنماء لأن العلم سلاح الأمم ونصير الشعوب ومفتاح الحضارات والاختراعات وهو رسالة الإسلام ومبتدأه ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ .
فاتقوا الله عباد الله وتعلموا من أمور دينكم ما تعبدون به ربكم على بصيرة، واعلموا أن أهل العلم معلمين ومتعلمين قد حازوا قصب السبق في ثناء النبي عليهم في الحديث: ((إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع))، وفي الحديث ((إن العالم ليستغفر له كل شيء))، فاحتسبوا خطاكم إلى المدارس أنها لطلب العلم، لتكون طريقًا لكم يوم القيامة إلى الجنة. هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد، فقد أمركم الله بذلك فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ...
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله, واعلموا أن أفضل ما اكتسبته النفوس وحصلته القلوب وعمرت به الأوقات ونال به العبد الرفعة في الدارين هو العلم الذي يورث الإيمان, ولذا قرن الله سبحانه وتعالى بينهما فقال: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ . فالعلم حياة القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور, وهو الميزان الذي توزن به الأقوال والأعمال. به يتمكن العبد من تحقيق العبودية لله الواحد الديان, فهو الكاشف عن الشبهات, والمزيل للشهوات. مذاكرته تسبيح, والبحث عنه جهاد, وطلبه قربة, وبذله صدقة, ومدارسته تعدل الصيام والقيام. فالحاجة إلى العلم فوق كل حاجة, فلا غنى للعبد عنه طرفة عين, قال الإمام أحمد رحمه الله: "الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب"
وكيف لا تكون هذه منزلة العلم؟! وهو الذي به يعرف العبد ربه وأسماءه وصفاته وأفعاله وأمره ونهيه, وبهذه المعارف يحصّل العبدُ أكملَ السعادات وأشرفَ الغايات, به يُخرج الله العباد من الظلمات إلى النور, قال الله تعالى: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا وهو سبَب السعادة في الحياة الدنيا وفي الآخرة؛ لأنه كما قال معاذُ بن جبل رضي الله عنه: (العلم معالم الحلال والحرام ومنارُ سبُلِ أهل الجنّة، وهو الأنيسُ في الوحشة والصاحِب في الغربَة والمحدِّث في الخَلوة والدّليلُ على السّرّاء والضراء والسّلاحُ على الأعداء والزَّين عند الأخلاّء، يرفَع الله به أقوامًا فيَجعلهم في الخيرِ قادَةً، تقتَصُّ آثارُهم ويُقتدَى بفِعالهم وينتَهَى إلى رأيهم؛ لأن العِلمَ حياةُ القلوبِ من الجهلِ ومصابيح الأبصارِ من الظّلَم، يبلغ العبدُ بالعلم منازلَ الأخيار والدرجاتِ العُلى في الدنيا والآخرة، به توصَلُ الأرحام، وبه يعرف الحلالُ من الحرام، وهو إمام العمَل، والعمَل تابِعُه، يُلهَمُه السّعداء، ويُحرَمُه الأشقياء) انتهى كلامه رضي الله عنه , ولما كانت هذه منزلة العلم ومكانته جاءت نصوص الوحيين متضافرةً في الحث عليه, وبيان فضله, وفضل أهله, وشحذ الهمم إليه.
فمما ورد في ذلك قوله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، وقال الله تعالى: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَاب . وقال تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ وقال سبحانه: قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا [الإسراء:107]، وقال جل وعلا: وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)
وأما ما ورد عن النبي في بيان فضل العلم والحث عليه ما أخرجه الشيخان عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله : من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين 1وهذا يدل على أن من لم يفقهه الله في الدين فإنه لم يرد به خيرًا, وما رواه أصحاب السنن عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة, وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم, وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض, حتى الحيتان في الماء, وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب, إن العلماء هم ورثة الأنبياء, إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا, إنما ورثوا العلم, فمن أخذه أخذ بحظ وافر 2 وقال : إنَّ الله وملائكتَه وأهل السموات والأرضِ حتى النّملَة في جحرِها وحتى الحوتَ ليصلّون على معلّمِ الناس الخير
عباد الله: وأمتنا اليوم هي أشد ما تكون حاجةً إلى العلم النافع الصحيح, وإلى العلماء الذين يذبون عن أركان الشريعة, وهم أمناء الله من خلقه، المجتهدون في حفظ دينه وملته, الذين هم بالشرع مستمسكون, ولآثار الصحابة والتابعين مقتفون, لا يعرجون على الأهواء, ولا يلتفتون إلى الآراء, يبلغون رسالات الله ويخشونه, ولا يخشون أحدًا إلا الله.
فيا أمة العلم والقرآن,شمروا عن ساعد الجد والاجتهاد, في سبيل تحصيل العلم الذي به تسمو الأقدار, وتشرئب إلى أهله القلوب والأبصار, وتحصل به الدرجات الكبار, فهو هيبةٌ بلا سلطان, وغنى بلا مال, ومنعةٌ بلا أعوان.
فعليكم ـ أيها الإخوة الكرام ـ بميراث الأنبياء فاطلبوه واسألوا الله سبحانه التوفيق إلى التمام والكمال, واستعينوا على ذلك بالدعاء والإخلاص. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ بارك الله
الخطبة الثانية :
عباد الله: ها نحن نودع الإجازة في آخر أيامها ونخلع ردائها في منتهى ساعاتها فلقد أخذت النفس حظها من الراحة والاسترواح والغدو والرواح وتماهت مع لذيذ الأسفار وجديد الزيارات في البلدان والبقاع والتقى الأحباب وانتقلت الأبدان إلى ما يمتع ناظريها ويسلو فوائدها ويزيل أثقال الكدر والكدح عنها, وها نحن ننتفض من الدعة والخمول حامدين شاكرين لنستقبل عاماً دراسياً جديداً بنفوس متفائلة , أخذت من الإجازة قدراً كافياً وفسحة ضافية لتعود أكثر صفاء ونقاء فالعقول متعطشة والنفوس متلهفة والمدارك متحفزة لاستقبال عام دراسي جديد بكل عطاءاته وأبعاده واشراقته وابداعته . وإنه ليهولك منظر الطلاب بكافة المراحل والمستويات وهو يتأبطون حقائبهم في خروج مبكر يداعب أصوات الطيور ويناغم نسيم الصباح آمين المدارس لينهلوا علماً ويحفظوا أدبا ويزدادوا تربية , ومن روائهم الآباء والأمهات بدعائهم وبذلهم وإعدادهم وتوجيهم وما أعظمه من مسلك وأنبله من مقصد يجعل الأمة في مظهر القوة والبناء والعزة والنماء لأن العلم سلاح الأمم ونصير الشعوب ومفتاح الحضارات والاختراعات وهو رسالة الإسلام ومبتدأه ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ .
فاتقوا الله عباد الله وتعلموا من أمور دينكم ما تعبدون به ربكم على بصيرة، واعلموا أن أهل العلم معلمين ومتعلمين قد حازوا قصب السبق في ثناء النبي عليهم في الحديث: ((إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع))، وفي الحديث ((إن العالم ليستغفر له كل شيء))، فاحتسبوا خطاكم إلى المدارس أنها لطلب العلم، لتكون طريقًا لكم يوم القيامة إلى الجنة. هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد، فقد أمركم الله بذلك فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ...