بداية العام الدراسي

علي القرني
1434/10/20 - 2013/08/27 08:19AM
أما بعد هاهي أيام الإجازة الصيفية قد انقضت، وصحائفها قد انطوت، وها نحن نودع مناسبة الإجازة التي دامت قرابة ثلاثة أشهر بحلوها ومرها، وكسلها وجدها، وهاهي الساحة الآن لقادم جديد ولمناسبة جديدة أخرى هي أسمى وأغلى، وفي ذهاب الأيام وتسارعها عبرة للمعتبرين، وعظة للغافلين، بأن الحياة فانية زائلة، وأن عجلة الحياة في دوران مستمر، وحركة دائمة، ونحن ندور معها فسنودع هذه الحياة ونرحل عنها يومًا، تاركين الساحة للقادمين الجدد، ونسلم القيادة والزمام للجيل الجديد، وهكذا سنة الله،{وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}.والعاقل من استثمر عمره وأبقى ذكراً وعملاً صالحاً خالداً لا ينقطع، والكل منا يؤمل بطول العمر، ويتسلى بالأماني، فإذا بحبل الأمل قد انصرم، وببناء الأماني قد انهدم. عباد الله! بعد غداً بداية العام الدراسي الجديد، وهي مناسبة لها تأثير كبير في حياتنا اليومية، وفي برامجنا، وأوقات راحتنا وعملنا، بل هي مناسبة تحسب لها الدول والمؤسسات التربوية ألف حساب وحساب، وذلك في ظل تزايد إدراك العالم بأهمية العملية التعليمية حتى أضحى التعليم من أبرز سماته البارزة، وعلاماته المتميزة؛ فالكل يُدرك اليوم أن التعليم أس التطوير والتنمية، ، أليس استثمارًا في العقول والأفكار، فغدًا نحو أربعة ملايين ونصف المليون من أبنائنا وبناتنا يتوجهون إلى مقاعد الدراسة، وإلى المحاضن التعليمية والتربوية؛ للنهل من معين العلم والمعرفة، والتأهل لمستقبل قريب يمسكون فيه بزمام الأمور والمسئولية، وهاهم يقبلون على أيام الدراسة بعد أن ودعوا أيام الإجازة، فغداً يستقبلون أيام العلم والتعليم، أيام التربية والتوجيه؟! أيام القراءة والمذاكرة، أيام التسلح بسلاح المعرفة والمهارات،. عباد الله! الأصل أن أيام الدراسة والتعليم لها أثر كبير في حياتنا تنظيماً واستقراراً، وثمرة وبناءً، ولو بدون قصد من البعض منا؟ ولو كره البعض الرجوع وبداية العام الدراسي؟! لكنها مؤشرات تنبه وتؤكد على أن للعلم وطلبه أثرًا كبيرًا في حياتنا اليومية ولو كرهناه، فكيف لو أحببناه، وأخلصنا النية والقصد في طلبه؟ كيف لو عرفنا أهميته لبناء النفس، وسعة الوعي والثقافة، وبناء الوطن والحضارة؟ فماذا أعددنا للغد كآباء وأمهات وكمعلمين ومعلمات للمسئولية الملقاة على عواتقنا في تنمية عقول الملايين وتعليمهم وتربيتهم، وما برامجنا وخططنا لتأهيلهم ومساعدتهم لكشف الذات والمواهب والقدرات، وكسب المزيد من المعارف والعلوم، إننا نتساءل دوماً خاصة في مثل هذه المناسبات: ماذا لو تعاون الجميع بصدق وإخلاص لتربية هذه الأعداد الكبيرة على التخطيط والتنظيم في حياتنا؟! وكيف يكون حالهم لو علمناهم المزيد من الجد والمثابرة في التعلم وكسب المعارف؟ كيف لو أقنعناهم أن حاجتهم للعلم والمعرفة والقراءة أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب؟! أليس لنا أن نتساءل ماذا أعددنا لاستقبال الأربع والنصف مليون من الطلاب والطالبات غداً؟! في الصين (220) مليون تلميذ صيني في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة فقط بدأوا عامهم بمشاهدة جماعية موحدة لبرنامج تلفزيوني بعنوان:( حلمي: الحلم الصيني)، من خلال بث مباشر من الساعة التاسعة مساءاً إلى العاشرة وأربعين دقيقة، هدفه: تحفيز الطلاب على الإبداع، وإفادة الجيل الصاعد لحثه على العمل واستنهاض أماله، فكيف لو استقبلنا تلاميذنا غداً ببرامج تكسبهم قناعات داخلية أنه لا تَقدُّم للأفراد فضلاً عن الأمم والحضارات بدون العلم والقراءة؛ وأنه لا يمكن أن يستقيم الفكر إلا بالعلم والصبر عليه، وأنه بالعلم والقراءة والتقوى لا يقع في حبائل الشهوات والشبهات والفتن، ما ظهر منها وما بطن. أيها المسلمون..أيها المعلمون: إن لم تكن هذه المدارس ودور العلم في كافة مستوياتها محاضن تربوية جادة للأجيال، فمن إذاً لأجيالنا فهي تحوي أثمن ما تملكه الأمة، الثروة البشرية، رجال الغد وجيل المستقبل، والله لن ينفع التعليم إن لم يُربِّ الشباب على السلوك الجاد والعمل المنظم الصحيح تطبيقاً واقعيًّا وعملياً يمارسونه ويعيشونه بأنفسهم، أما مجرد التلقين والتنظير والحفظ فلن تصلح المناهج مهما عُدلت أو بدلت، فهل يتنبه لهذا رجال العلم والتربية؟! ويكونوا قدوة لطلابهم يسعون لأكساب المعرفة يتميزون ويبدعون من أجل جيل المستقبل . أيها الآباء والأمهات! ما أحسن الاستعداد للعام الدراسي الجديد بشراء الكراريس والملابس والأقلام وغيرها من الأدوات! لكن الأكثر حسنًا وأحسن عاقبة أن نردف الاستعداد المادي بالاستعداد المعنوي والنفسي للمدرسة، المتمثل في غرس حب المدرسة وحب التعليم والمعرفة، وتوضيح الأهداف من التعليم للأبناء والطلاب، وأنه ليس للنجاح في الاختبارات، والحصول على الشهادات، والتربع على كرسي الوظائف والمسئوليات فقط، نعم هذه من الأهداف، ولكن هناك أهداف قبلها أشرف وأغلى وأعلى وأكبر منها، ألا وهي تربية الذات وكسب العلم والمعرفة لإرضاء خالق الأرض والسموات، فعلى الآباء والأمهات غرس الأهداف الكبرى في نفوس الأبناء، فالأولاد من البنين والبنات يقضون في المدرسة في اليوم خمس ساعات، وفي الأسبوع25 ساعة، وفي الشهر100 ساعة، وفي العام وهي الأشهر الدراسية العشرة1000 ساعة، ولكي يتخرج من الثانوية يكون قد قضى الواحد منهم14 ألف ساعة دراسية خالصة، فهل وضحنا لهم الهدف من قضاء هذه الساعات في المدرسة حتى يسعوا لتحقيقها؟ هل علمناهم ثمرة الصبر واحتساب الأجر عند الله في الدراسة؟ هل غرسنا في نفوسهم الغضة الرغبة في النهوض بالدين والأمة والبلد والوطن إلى الأحسن؟ وأنت أيها الطالب هل خططت أن تتخرج طبيبًا، أو مهندسًا أو معلمًا أو غير ذلك من الوظائف لأجل بناء شخصيتك ومكانتك، وخدمة لدينك وأمتك وبلدك على ضوء العلم والمعرفة التي تلقيتها؟ ولكي تحصل على أهدافك يجب أن تكون واضحة لك تمامًا، بل يفضل أن تكون مكتوبة ومرسومة ومعلنة، بل يجب أن تكون كذلك لدى الآباء والأمهات أيضًا حتى يساعدوا الأولاد فيها ويذكروهم بها على الدوام، وهذا هو الفرق بين المجتمع المنتج الحي الذي يربي أبناءه على الوضوح في الأهداف والرؤى، وبين المجتمع الميت المستهلك الذي لا هدف له ولا وضوح عنده، فيتحول مع الزمن من مجتمع عطاء ونماء إلى مجتمع استهلاكي وسوق للمستثمرين. إن وسائل الإعلام :كذلك تتحمل الكثير، فعلى القائمين عليها مسئولية كبيرة بخصوص هذه المناسبة، عليهم مهمة التوعية والتثقيف للأجيال وللمجتمع، نسأل الله أن يوفق الجميع والمعلمين والمعلمات في القيام بمسؤولياتهم وأداء واجباتهم، وكذلك القائمين عليهم وعلى شؤون التعليم عمومًا، وأن يرزقهم الإخلاص والصواب في العمل، والنصح في التوجيه، والعمل بروح الفريق الواحد كخلية النحل،. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
****
الخطبة الثانية: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد: عباد الله! التعاون مع المدرسة، ومتابعة الأبناء وزيارة المدارس والتواصل معها بين الفينة والأخرى، مهم جدا فأكثر الناس مقصرون غافلون عن هذا كثيراً ففيه تشجيع للقائمين على التعليم ومساعدتهم في تطوير التعليم، وتحسين الأداء. ولنكن تجار نوايا حسنة كما كان يفعل الصحابة فهم كانوا اذا هم احدهم بفعل اى شىء كان يعدد النوايا ويستحضرها فى نفسه حتى يأخذ اكثر من اجر على العمل الواحد حيث كما ورد في الحديث إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرء مانوى. وعندما تتعدد النيات على العمل الواحد يتضاعف الأجر فتكسب أجراً على كل نيه تنويها على نفس العمل الذي تؤديه فالمعلم يحتسب الأجر في نشر العلم والتربية والأخلاق الحسنة والدعوة إلى الله والنهضة بالجيل إلى المعالي والطالب يسأل نفسه
لماذا أ درس وما هي نيتي في الدراسة؟
لأتميز وأتفوق ثم أحصل على وظيفة محترمة مثلا
لا..هكذا لن تؤجر ..ولكن لو كانت نيتك
1.أدرس وأتعلم طاعة لله لأن طلب العلم فريضة
2. استخدام هذا العلم في عمل يفيد الإسلام والمسلمين
3.آن الأوان لنمتلك زمام الأمور وكفانا تأخرا وذلك لن يكون الا بالعلم ومنها أكسب الرزق وأصرف على من أعول 4. نشر هذا العلم لمن لا يملكه..وبذلك تحصيل ثواب صدقة جارية بعد مماتي
5. الحصول على مركز متميز في المجتمع أدعو فيه الى الله..وبذلك سأكون أكثر تأثيرا
نسأل الله أن يرزق الجميع العلم النافع، والعمل الصالح، ثم صلوا على خير من وطئ الثرى اللهم صل على محمد وعلى آل
المشاهدات 4424 | التعليقات 2

إطلالة ماتعة لمناسبة قادمة ومحفزات طيبة لخلق همة عالية زادك الله من فضله ورزقنا وإياك وجميع المشاركين والمعلقين العلم النافع وأن يجعلنا ممن ألهمهم الله العلم ورزقهم العمل.

كما نود تغيير كنيتك والافصاح عن اسمك لتنقل إلى خطيب بدلا من صديق الخطباء وأظن أني قد طلبت ذلك منك ولا أظن أن ثمة مانع


لا أمانع فقد عرفني الجميع ولله الحمد بأبي عبد الملك كنية أرسلها الله لتصدح في كل مكان ولله الحمد لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة كنية سارت مع الشباب في همومهم وأفراحهم وأعطت الأطفال حقوقهم كنية أصل قصتها حب قديم لاسم الله الملك فسميت الولد الأول عبد الملك نعم الملك الذي كل ملوك الارض تنحني له وتخافه مأعظمه كلما قرأت أو سمعت الملك يخفق قلبي ويهتز وجداني وتدمع عيني .
معكم أخيك في الله والمحب في الله : أبو عبد الملك علي ظافر القرني.