بتصرف:خطبة(فضل عشر ذي الحجة)من مطوية مختصرة للشيخ ابن جبرين-رحمه الله-

محمد بن سامر
1435/12/02 - 2014/09/26 03:03AM
[align=justify][align=justify]إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا-أما بعد:
فقد روى البخاري-رحمه الله تعالى-عن ابن عباس-رضي الله عنهما-أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم-قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام-يعني أيام العشر- قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء"، وروى الإمام أحمد-رحمه الله تعالى-عن ابن عمر-رضي الله عنهما-عن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-قال: "ما من أيام أعظمُ ولا أحبُ إلى الله العملُ فيهنَّ من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" وروى ابن حبان-رحمه الله تعالى-في صحيحه عن جابر-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-قال: "أفضل الأيام يوم عرفة".
وقد شرع الله لنا فيها أنواعًا من العمل:
الأول: أداء الحج والعمرة، وهو أفضل ما يعمل، ويدل على فضله عدة أحاديث، منها قوله: -صلى الله عليه وآله وسلم-: "العمرةُ إلى العمرةِ كفارةٌ لما بينهما، والحجُ المبرورُ ليس له جزاء إلا الجنة".
الثاني: صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها-وخصوصًا يوم عرفة-ولاشك أن الصيام من أفضل الأعمال، وهو مما اصطفاه الله-سبحانه-لنفسه، كما في الحديث القدسي: قال الله تعالى: "الصوم لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوتَه وطعامَه وشرابَه من أجلي"، وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-: "ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا ".متفق عليه. أي: مسيرةَ سبعين عامًا، وروى مسلم-رحمه الله تعالى-عن أبي قتادة-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-قال: "صيامُ يومِ عرفةَ أحتسبُ على الله أنْ يُكَفِّرَ السنةَ التي قبله والتي بعده".
الثالث: التكبير والذكر في هذه الأيام؛ لقوله-تعالى-: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ"، وقد فسرت بأنها أيامُ العشر، واستحب العلماءُ لذلك كثرةَ الذكرِ فيها؛ لحديث ابن عمر-رضي الله عنهما-عن الإمام أحمد-رحمه الله تعالى-وفيه: "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد"، وذكر البخاري-رحمه الله تعالى-عن ابن عمر وعن أبي هريرة-رضي الله عنهم-أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر، فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهم. وروى إسحاق-رحمه الله تعالى-عن فقهاء التابعين-رحمة الله عليهم-أنهم كانوا يقولون في أيام العشر: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد".
ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وغيرها، لقوله-تعالى-: "وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ"، ولا يجوز التكبير الجماعي وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد، حيث لم ينقل ذلك عن السلف وإنما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده، وهذا في جميع الأذكار والأدعية إلا أن يكون جاهلا فله أن يُلَقَّنَ مِنْ غيرِه حتى يتعلم، ويجوز الذكر بما تيسر من أنواع التكبير والتحميد والتسبيح، وسائرِ الأدعية المشروعة.
الرابع: التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميعِ الذنوب، حتى يترتبَ على الأعمال المغفرة والرحمة، فالمعاصي سببُ البعد والطرد، والطاعاتُ أسباب القرب والود ، وفي الحديث عن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-قال: "إنَّ اللهَ يغار، وغيرةُ الله أن يأتيَ المرءُ ما حرم اللهُ عليه" متفق عليه.
الخامس: إقامة الصلوات الخمس جماعةً في المساجد، فإنها من أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله؛ لقول الله-عزوجل-في الحديث القدسي: "وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبَ إليَّ مما افترضته عليه..."، ولقول النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كلَّه".
السادس: كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والجهاد وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوِ ذلك، فإنها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام، لقول الله-عزوجل-في الحديث القدسي: "وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه"، فالعمل فيها وإن كان مفضولا فإنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها وإن كان فاضلا، حتى الجهاد الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده وأريق دمُه.
السابع: يشرع في هذه الأيام التكبير المطلق-وهو غير المحدد بوقت معين-ويكون في جميع الوقت من ليل أو نهار إلى صلاة العيد، ويشرع التكبير المقيد-وهو المحدد بوقت معين-وهو الذي بعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة، ويبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة، وللحجاج من ظهر يوم النحر، ويستمر إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق.
الثامن: تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق، وهي سنة أبينا إبراهيم-عليه الصلاة والسلام-حين فدى الله ولده بذبح عظيم، وقد ثبت "أن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما" متفق عليه .
التاسع: روى مسلم-رحمه الله تعالى-وغيره عن أم سلمة-رضي الله عنها-أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم-قال: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره"، وفي رواية "فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي" ولعل ذلك تشبهًا بمن يسوق الهدي، فقد قال الله -تعالى-: [وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ]، وهذا النهي ظاهره أنه يخص صاحب الأضحية، ولا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحيةٌ تخصه، ولا بأس بغسل الرأس ودلكه ولو سقط منه شيءٌ من الشعر.
العاشر: على المسلم الحرص على أداء صلاة العيد حيث تصلى، وحضور الخطبة والاستفادة، وعليه معرفة الحكمة من شرعية هذا العيد، وأنه يوم شكر وعمل بر، فلا يجعله يومَ أَشَرٍ وبَطَرِ، ولا يجعله موسمَ معصيةٍ، وتوسعٍ في المحرمات: كالأغاني والملاهي والمسكرات ونحوِها، مما قد يكون سببًا لحبوط الأعمال الصالحة التي عملها في أيام العشر.
تلك عشرة كاملة، أستغفر الله لي ولكم ...
الخطبة الثانية
... أما بعد: فينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يستغل هذه الأيام بطاعة الله، وذكرِه وشكرِه، والقيامِ بالواجبات، والابتعادِ عن المنهيات، واستغلالِ هذه المواسم، والتعرضِ لنفحات الله، لينال رضا مولاه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل...
[/align][/align]
المرفقات

فضل عشر ذي الحجة-2-12-1435-ابن جبرين-بتصرف.doc

فضل عشر ذي الحجة-2-12-1435-ابن جبرين-بتصرف.doc

المشاهدات 2336 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا