بادروا بحج الفريضة

خالد الكناني
1445/11/01 - 2024/05/09 22:24PM

بادروا بحج الفريضة

الحمد لله ربّ العالمين نَحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديَ لهُ ، وأشهدُ أن إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورسُولُهُ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلَمَ تسليما كثيرا .

أمَّا بَعْدُ : أيها المسلمون : اتقوا الله تعالى حق التقوى ، قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

أيها المسلمون : الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ))

فرضه الله تعالى على عبادة مرة في العمر مع القدرة والاستطاعة

قال تعالى : { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } آل عمران(97)

فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَطَبَنَا - يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ» قَالَ: فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا، - أَوْ: لَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا - الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ "

أيها المسلمون : لقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على المبادرة بالحج وعدم التسويف فيه ، بل إن على الانسان إذا استطاع وتوفرت لديه القدرة والاستطاعة إن يبادر ويسارع بأداء هذه الفريضة

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ - يَعْنِي: الْفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ " رواه أحمد (2867 )

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ، أَوْ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ، فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ، وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ» 1834رواه أحمد

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  «قَالَ اللَّهُ: إِنَّ عَبْدًا صَحَّحْتُ لَهُ جِسْمَهُ، وَوَسَّعْتُ عَلَيْهِ فِي الْمَعِيشَةِ يَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ لَا يَفِدُ إِلَيَّ لَمَحْرُومٌ»

إن على المسلم عند سماع هذه الأحاديث والتوجيهات النبوية حول فريضة الحج أن يبادر في أدائها وأن يجعل فريضة الحج ضمن أولوياته ، لأن هناك من يسوف ومن لا يضع هذه الفريضة ضمن اهتماماته فقد يصرف أموالا ولديه القدرة الجسمية والمالية ومع ذلك يبددها في أسفاره وكمالياته ومتطلباته وحاجاته وليس في ذلك غضاضة ما دام الصرف في الحلال والمباح ولكن لا بد أن نجعل فريضة الحج ضمن أولوياتنا ، إنك لتجد من بلغ سن الثلاثين أو الاربعين أو الاكثر أو الاقل وحتى هذه اللحظة لم يؤدي هذه الفريضة وهو قادر ولديه الاستطاعة على ادائها

 

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : هل وجوب الحج على الفور أم على التراخي ، فأجاب : الصحيح أنه واجب على الفور وأنه لا يجوز للإنسان الذي استطاع أن يحج بيت الله الحرام أن يؤخره وهكذا جميع الواجبات الشرعية ، إذا لم تُقيد بزمن أو سبب فإنها واجبة على الفور )) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ، ج21 ، ص 13

 

إن على كل مسلم أن يبادر بفريضة الحج عند الاستطاعة وأن لا يسوف ويتأخر عنها بمبررات غير مجدية ، وهنا نتسأل كيف تطيب نفس المسلم وهو ينفق الكثير من المال هنا وهناك كيف تطيب نفسه أن يترك الحج ويسوف فيه ولا يجعله في الأولويات وهو قادر مستطيع وقد اكتملت لديه شروط الوجب والصحة لأدى هذا الركن العظيم من أركان الاسلام وهذه الفريضة التي فرضها الله تعالى على المسلم المستطيع ، فكم من إنسان فرط وأتته المنية ولم يؤدي فريضة الحج ، ثم مات وهي في ذمته ، والانسان لا يدري متى تأتيه المنية لأن الأرواح بيد الله جل وعلا .

 قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } سورة لقمان 34

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم

 

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

أيها المسلمون :

قال تعالى : وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ... هكذا كان النداء الخالد {  وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ } ، حينما نادى إبراهيم عليه السلام لحج بيت الله الحرام بعد أن أتم بناء البيت هو وابنه إسماعيل عليه السلام .

قال ابن كثير في تفسيره :

وَقَوْلُهُ: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ أي ناد في الناس بالحج، دَاعِيًا لَهُمُ إِلَى الْحَجِّ إِلَى هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَمَرْنَاكَ بِبِنَائِهِ، فَذُكِرَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُبْلِغُ النَّاسَ وَصَوْتِي لَا يَنْفُذُهُمْ؟ فقال:

نَادِ وَعَلَيْنَا الْبَلَاغُ، فَقَامَ عَلَى مَقَامِهِ، وَقِيلَ عَلَى الْحَجَرِ، وَقِيلَ عَلَى الصَّفَا، وَقِيلَ عَلَى أبي قُبَيْسٍ، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ رَبَّكُمْ قَدِ اتَّخَذَ بَيْتًا فَحُجُّوهُ، فَيُقَالُ إِنَّ الْجِبَالَ تَوَاضَعَتْ حَتَّى بَلَغَ الصَّوْتُ أَرْجَاءَ الْأَرْضِ، وَأَسْمَعَ مَنْ فِي الْأَرْحَامِ وَالْأَصْلَابِ، وَأَجَابَهُ كُلُّ شَيْءٍ سَمِعَهُ مِنْ حَجَرٍ وَمَدَرٍ وَشَجَرٍ، وَمَنْ كَتَبَ اللَّهُ أَنَّهُ يَحُجُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَبَّيْكَ اللهم لبيك .

أيها المسلمون : إن الحج إلى بيت الله الحرام ، أجره كبير، وفضله عظيم

وهو من أفضل الأعمال  وأجل القربات .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ»

ومن فضائله دخول الجنة وهذا من أعظم المطالب التي يتمناها المسلم ويسعى لها

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ»،

ومن فضائله نعمة التطهر من الذنوب والمعاصي

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَجَّ هَذَا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»

ومن ذلك أن الحج والعمرة ينفيان الفقر والذوب

عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّ الْمُتَابَعَةَ بَيْنَهُمَا، تَنْفِي الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ، خَبَثَ الْحَدِيدِ»

فما أعظم هذه النعم والفضائل والمكاسب التي اعدها الله تعالى لمن حج البيت الحرام وحافظ على آداب الحج واخلص في عبادته وامتثل متابعة  النبي صلى الله عليه وسلم القائل : (( «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ ))

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله تبارك وتعالى بالصلاة والسلام عليه ، قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

 

 

المرفقات

1715282616_بادروا بحج الفريضة.pdf

المشاهدات 679 | التعليقات 0