اهتمام الإسلام بالأسرة

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1446/03/24 - 2024/09/27 01:24AM

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلِيهِ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ))(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيْنَا أَنْ خَلَقَ لَنَا مِنْ أَنْفُسِنَا أَزْوَاجًا لِنَسْكُنَ إِلَيْهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )) فَالزَّوَاجِ فِي الْإِسْلاَمِ لَيْسَ عَقْدَ قَضَاءٍ لِلْوَطَرِ بَلْ هُوَ أَسْمَى مِنْ ذَلِكَ وَأَكْبَرُ إِنَّهُ عَهْدٌ ومِيثَاقٌ وَسَكَنٌ وَمَوَدَّةٌ وَرَحْمَةٌ إِنَّهُ بِنَاءٌ لِلْأُسْرَةِ بَلْ بِنَاءٌ لِلْمُجْتَمَعِ بِأَسْرِهِ إِنَّهُ مَقْصِدٌ وَهَدَفٌ نَبِيلٌ فَالأسرة هي النواة واللبنة الأساس لبناء المجتمع والْأُسْرَةُ الصَّالِحَةُ تُبْنَى عَلَى الْمَحَبَّةِ والمَوَدَّةِ وَالرَحْمَةِ (( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ))
عِبَادَ اللهِ لَقَدْ اهْتَمَّت شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ بِبِنَاءِ الْأُسْرَةِ اِهْتِمَاماً بَالِغاً بَدْءً باخْتِيَارِ الزَّوْجَيْنِ قَالَ ﷺ ( إذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ ﷺ ( فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّيْنِ تَرِبَتْ يَدَاك ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ والْأَمْرُ بِحُسْنِ العِشْرَةِ قَالَ تَعَالَى (( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )) وَقَالَ سُبْحَانَهُ (( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )) وما أجمل أن يتحلى الزوجان بمكارم الأخلاق والتسامح والعفو كما أنَّ على الزوجين الاعتراف بالفضل والجميل لكل منهما فإنهما شريكان في تربية الأولاد والخدمة والتضحية قال ﷺ ( لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً إن كَرِهَ منها خُلُقًا رضي منها آخر ) ومن حُسْن العِشْرة بَينَ الزَّوْجَيْنِ الرفق في التعامُل فالرفق ما كان في شيء إلا زَانَهُ وما نُزِعَ من شيء إلا شَانَهُ فِي صَحِيحِ الجَامِعِ قَالَ ﷺ ( إنَّ اللهَ إذا أحبَّ أهلَ بيتٍ أدخلَ عليهِمُ الرِّفقَ ) ألا فاتقوا الله رحمكم الله واعلموا أنَّه لا شيء ينفذ إلى القلوب كلُطف العبارة وبذل الابتسامة ولِين الكلام وسلامة المقصد ونقاء القلب وغضّ الطرف وسيِّدُ المروءاتِ فِي ذَلِكَ التغافلُ يقول الحسن رحمه الله ما زال التغافل من فعل الكِرام ويقول أحمد رحمه الله تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَأسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّ رَبِي غَفُورٌ رَّحِيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا أَمَّا بَعْد فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَلَا تَطْلُبِ الْكَمَالَ فِي الْمَرْأَةِ أَوْ تَتَوَقَعْ بَيْتًا خَالِيًا مِنَ الْمَشَاكِلِ ثُمَّ إِيَّاكَ أَيُّهَا الزَّوْجُ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ عِنْدَكَ هُوَ الْحَلَّ لِأَنَّهُ كَسْرٌ لِزَوْجَتِكَ وَكَسْرٌ لِأَهْلِهَا وَكَسْرٌ لِأَطْفَالِكَ بَلْ خَسَارَةٌ لَكَ وَهُنَا وَصِيَّةٌ مُهِمَّةٌ لِكُلِّ زَوْجٍ وَلا سِيَّمَا حَدِيثِي الزَّوَاجِ أَبْعِدْ كَلِمَةَ الطَّلَاقِ مِنْ لِسَانِكَ وَتَجَنب الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ فَإِنَّكَ قَدْ تَهْدِمُ بَيْتَكَ بِالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ فَعَوِّدْ نَفْسَكَ عَلَى حَلِّ مَشَاكِلِ الْبَيْتِ بِالْهُدُوءِ وَالتَأَنِّي وَلا تَجْعَلْ عَاطِفَتَكَ تَغْلِبُ عَقْلَكَ لا تَتَصَرَّفْ وَأَنْتَ غَضْبَان فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يَنْدَمُ حِينَ تَخْرُجُ مِنْهُ كَلِمَةُ الطَّلَاقِ وَهُوَ فِي حَالَةٍ غَضَبٍ فَانْتَظِرْ وَفَكِّرْ فِي الْعَوَاقِبِ وَمِنَ الْحُلُولِ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْبَيْتِ حَتَّى تَهْدَأَ وَيَذْهَبَ عَنْكَ الْغَضَبُ وليُعْلَمْ أيها الإخوة أن حُسْن العِشْرة بالرفق واللين والتحمل والصبر والبُعْد عن الظنون والحرصِ على جَمْع الكلمة وكسب القلوب فبذلك تستقر البيوت وتتحقق السعادة أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَيطَانِ الرَّجِيمِ (( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُم اللهُ عَلَى نَبِيّكُمْ ﷺ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ ﷺ وَآلِه الطيبين الطاهرين وَارْضَ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلدَنَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ اللهمَّ احْفَظْ جُنُودَنَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى الحُدُودِ وثبِّتْ أَقْدَامَهُمْ اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِلَادَنَا بِسُوءٍ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِيْنَ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِيْنَ وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِيْنَ وَاشْفِ مَرْضَانَا وَمَرضَى الْمُسْلِمِيْنَ وارْحمْ مَوتَانَا وَمَوتَى الْمُسْلِمِيْنَ وَخُصَّ مِنْهُم الآبَاءَ والأُمَّهَاتِ اللَّهُمَّ الْطُفْ بِحَالِ إِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِيْنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي فِلِسْطِينَ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ( عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))

المرفقات

1727389486_خطبة الجمعة الموافق 24 من ربيع أول 1446هـ.pdf

المشاهدات 1044 | التعليقات 0