انْتَهَتْ الْإِجَازَةُ - الْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ

محمد البدر
1445/02/02 - 2023/08/18 13:30PM

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1)خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ(2)اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ(3)الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4)عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾وَقَالَﷺ«مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ«الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ، وَمَا وَالَاهُ، أَوْ عَالِمًا، أَوْ مُتَعَلِّمًا»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ«مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ«إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ»حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَﷺ:«مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .وَفِي فَضْلِ الْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ أن الله عَزَّ وَجَلَّ رفع شأَن العلم وأهلِه، فالعلم شرف عظيم لا يجهل قدرَه وفضله إلا الجاهلون والعلم نور ينير دروب أهله فاطلبوا الْعِلْمَ لترفعوا عن أنفسكم الجَهْلِ، واطلبوا الْعِلْمَ لتنفعوا غيركم وأمتكم ، لا تطلبوا الْعِلْمَ لأجل المناصب والوظائف والممارات، فكلها متاع قليل زائل واعملوا وجدّوا فكلٌ ميسر لما خلق له.قَالَﷺ:«مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»يَعْنِى رِيحَهَا.رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«لاَ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ وَلاَ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ وَلاَ تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارُ النَّارُ »رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.اطلُبُوا العِلْمَ  قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ لتنالوا رضا الله أولاً ثم  الفلاح والسعادة والرفعة في الدنيا والآخرة وذلك منوط بالعلم النافع الصحيح المتلقى من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه قَالَﷺ:«سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.ويتعلم العلم اقتداءً بإمام العلماء وقدوة الخلقﷺولابد أن يصحب ذلك النية الصادقة والإخلاص في طلب العلم قَالَﷺ:«إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى...»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.فالعلم مسؤولية عظيمة.

عِبَادَ اللَّهِ:رسالة ونصيحة إلى المُعَلِّمِينَ وَالمُعَلِّمَاتِ، عليكم بالرفق بالأبناء فهم أمانة كبيرة وحمل عظيم أعانكم الله عليها، واجعلوا أعمالكم خالصة لله ، وقدوتكم في التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ هو رَسُولُ اللَّهِ قَالَﷺ:« إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِى جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. ولا تسرفوا في العقاب أو الهجوم اللفظي على الطفل المخطئ،بل ينبغي تناسب العقاب مع حجم الخطأ المُرتَكَب، كذلك يجب على المعلمين تكثيف التوعية والارشاد والتوجيه لمكارم الأخلاق وبث روح المحبة والألفة والإخاء والتعاوون بين الطلاب. 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ.


 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:انْتَهَتْ الْإِجَازَةُ وستستأنف الدراسة بإذن الله بعد أيام ، وستبدأ رحلة العلم، وتبدأ مسيرة الفكر، وتفتح حصون العلم، وتهيأ قلاع المعرفة، وسيبزغ فجر جديد ،فيا أيها الطلاب والطالبات:اوصيكم بتقوى والله والاخلاص في القول والعمل وطلب العلم النافع،والمحافظة على الصلواة في المساجد،والتجمل بالدين والتحلي بالحلم والأناة والتخلق بالأخلاق الفاضلة والتطلع إلى الهمم العالية،والعزيمة الصادقة وعليكم بخفض جناح الذل من الرحمة للوالدين وكونوا رحماء ورفقاء بإخوانكم وعليكم بالاحترام والتوقير والتقدير للمعلمين قَالَﷺ:«وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً،سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

عِبَادَ اللَّهِ:نوجه رسالة ونصيحة إلى الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ: أنتم الأساس والقدوة الحسنة لهم ،فعلموهم العقيدة الصحيحة وعلموهم التوحيد والسنة وما عليه سلف الأمة ،علموهم كل خصال الخير ،عودوهم المحافظة على الصلاة في المساجد واحترامها قَالَ تَعَالَى :﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ﴾‏وربوا بناتكم على الحشمة والعفاف وحسن الأخلاق،اجعلوا من الأبناء مواطنين صالحين نافعين لأمتهم ومجتمعاتهم وأوطانهم ،مطيعين لولاة الأمر محبين للعلماء قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ﴾‏واحموهم من خطر الجماعات المنحرفة المخالفة للكتاب والسنة ،مثل الخوارج والاخوان والتبليغ وغيرهم.                                            عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ- مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ-وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ،وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1692354613_انْتَهَتْ الْإِجَازَةُ - الْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ.pdf

المشاهدات 262 | التعليقات 0