انتصار سوريا
محمد البدر
1434/01/23 - 2012/12/07 13:29PM
[align=justify]الخطبة الأولى :
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }وقال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }
عباد الله :اعلموا رحمكم الله أن الصبر خُلقٌ عظيم، يحتاج إليه كل مسلم في أمور دينه ودنياه ،ويبني عليه الأعمال ويعلق عليه الآمال ،توطيناً للنفس على احتمال الشدائد دون ضجر، واستعذاب المصائب دون خورٍ ،ومواجهة المسئوليات والتحديات مهما ثقلت، وانتظار الثمار والنتائج مهما بعدت ،ولا شك أن المسلم أن يصاب في دينه وعرضه وماله فلا ينبغي أن يستسلم لليأس ،ولا أن يفقد نور الأمل ، لأن تلك سنة ماضية { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} بدون الصبر يا عباد الله :لا تتحقق الآمال، ولا تنجح الأعمال ،ولا تتم المقاصد ، فقد يفقد الإنسان عزيز لديه من ولد أو والد أو والدة من قريب ،أو حبيب فتُظِلم الدنيا في عينيه،فإذا لم يتدرع بالصبر أهلكه الجزع، والمصابون الذين يتقلبون من شدة المرض والألم ويرقدون على الأسرة البيضاء إذا لم يصبروا على مرارة الدواء لم يحلموا بالشفاء ، والمقاتل في ساحات الوغى لو لم يصبر لم ينتصر ، وهكذا المزارع لو لم يصبر لما حصد ، والطالب إذا لم يروض نفسه على صعوبة التحصيل والمذاكرة لم ينجح ، وهكذا كل عصامي لا يصل إلى ما يريد إلا بالصبر والمصابرة ، والمؤمن يا عباد الله: سمته الصبر ، في الشدة والرخاء ، وفي البأساء والضراء 0
وهاهنا يَعجَبُ نبينا صلوات الله وسلامه عليه كما جاء في حديث صهيب بن سنان وهو في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ » .
أما كتاب الله فقد ورد الصبر والصابرين فيه على أكثر من اسلوب، منها:الأمر به، ومنها إيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم{ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }وإيجاب الجزاء لهم بغير حساب{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}ومنها أنه سبب لدخول الجنة قال تعالى:{وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }.
والصبر يورث صاحبه العيش الرغيد ، يقول عمر رضي الله عنه : "خير عيش أدركناه بالصبر وبه تُنال المكانة والإمامة "، يقول ابن القيم سمعت شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله يقول :"بالصبر واليقين تُنال الأمانة في الدين" ، ثم تلى قول الله تعالى :{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ }فهنيئاً لأهل الصبر بصبرهم 0
عبادالله :ومن النماذج الفريدة في كتاب الله ابتلاءات أيوب عليه السلام ضرٌ في البدن ، فقدان للأهل ، ومع ذلك يصبر ويحتسب ، فيستحق الثناء بقول الله فيه : { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } وهذا يعقوب عليه السلام أُمتحن بفراق أحب أبنائه إليه ، وذلك ليس بالأمر الهين إلا أن وصل الابتلاء إلى حد العمى من الحزن والبكاء ، ومع ذلك يقول تجملاً بالصبر أولاً وآخراً {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } وهذا يوسف عليه السلام ،قضى مراحل حياته لا يخرج من ضائقة إلا ويدخل في أخرى ، فقد تآمر عليه أخوته فأخذوه من أحضان أبيه ، ورموا به في البئر، ليؤخذ رقيقا ويباع {بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } .
وتمتد سلسلة هذه النماذج لتصل إلى سيد الصابرين محمد صلى الله عليه وسلم ، ماذا لقي في سبيل دعوة الله ، أوذي في دينه وجسده ، أدميت عقباه ، وكسرت رباعيته، ووضع سلا الجزور على ظهره ، وهو ساجد في ظل الكعبة ،أُخرج من بلده وهي أحب البقاع إليه ، فكان صابراً محتسباً ، أوذي أصحابه من بعده ،وأوذي الأئمة والعلماء ،والقادة والعظماء ، سُجن الإمام أحمد بن حنبل وجُلد أبو حنيفة ،وضرب مالك، وحبس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فلم يكن لديهم الا الصبر والثبات 0
عبادالله :وإذا كنا نعيش في هذه الآونة في وقت اشتداد المحن على أمة الإسلام، وتفاقم الفتن، وإقبال المصائب والشدائد كأمواج البحر المتلاطمة وكقطع الليل المظلم ، في هذه اللحظات الحاسمة يجب على المسلمين أن يتدرعوا بالصبر وليعلموا أن العاقبة لهم ، فقد تكون الأيام دولاً ،والحروب سجالاً ولكن العاقبة للمتقين 0
فاصبرو ياعبادالله :قال تعالى :{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
عباد الله : يأهل سوريا بشراكم فالنصر قادم بإذن الله لمن حققه وأخذ بأسبابه والعدو هالك لا محالة وستسقط النصيرية وأذنابها قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا }. فليل الظلم قصير، والحق والعدل إلى قيام الساعة باقي ، وحكم الطغاة سيزول ، ولكن هل بعد زوال حكم النصيرية وزوال الظلم كما يزعمون ستبقى سوريا دولة إسلامية تحكم بشرع الله وتنشر العدل بين الناس ؟ الجواب كما تعلمون والله لن يتحقق الأمن ولا الاستقرار ولا العدل إلا بشروط :
قال تعالى :{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ }.فهل سيتحقق ذلك أم ستكون مثلها مثل الدول التي خرجت على حكامها بالثورات والهتافات ولم تنعم بالاستقرار والأمن إلى هذه اللحظة ، والعجيب أن جميع من خرج من الشعوب في الدول المجاورة كانت مقاصدهم الدنيا إما لوظيفة أو لمال أو لظلم أو لمنصب أو لجاه ولم يكن الغرض هو الدين وإعلاء كلمة الله لذلك لم يهتدوا للحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يجعلوا كتاب الله يحكم بينهم بل كما يقول القائل كل يدعي وصل بليلا وليلا لا تقر لهم بذلك فإذا ذهب النصيريون جاء الدميقراطيون والاخوانيون والبعثيون والعلمانيون والروافض والكثير من الأحزاب والجماعات ، واجتمعوا على التقسيم وأتفقوا على دستور ونظام زادوا ونقصوا فيه وفق هواهم ،ونحوا كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم فأنا لهم النصر والفلاح ،كيف يستقر حال من ترك الكتاب والسنة واستبدله بقوانين من وضع البشر والرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول « أَمَّا بَعْدُ أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِىَ رَسُولُ رَبِّى فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ » رواه مسلم. فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ .
{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}.
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }
صلوا وسلموا على خير الصابرين وسيد المرسلين امتثالاً لأمر رب العالمين حيث أمر كم في قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } .
[/align]
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }وقال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }
عباد الله :اعلموا رحمكم الله أن الصبر خُلقٌ عظيم، يحتاج إليه كل مسلم في أمور دينه ودنياه ،ويبني عليه الأعمال ويعلق عليه الآمال ،توطيناً للنفس على احتمال الشدائد دون ضجر، واستعذاب المصائب دون خورٍ ،ومواجهة المسئوليات والتحديات مهما ثقلت، وانتظار الثمار والنتائج مهما بعدت ،ولا شك أن المسلم أن يصاب في دينه وعرضه وماله فلا ينبغي أن يستسلم لليأس ،ولا أن يفقد نور الأمل ، لأن تلك سنة ماضية { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} بدون الصبر يا عباد الله :لا تتحقق الآمال، ولا تنجح الأعمال ،ولا تتم المقاصد ، فقد يفقد الإنسان عزيز لديه من ولد أو والد أو والدة من قريب ،أو حبيب فتُظِلم الدنيا في عينيه،فإذا لم يتدرع بالصبر أهلكه الجزع، والمصابون الذين يتقلبون من شدة المرض والألم ويرقدون على الأسرة البيضاء إذا لم يصبروا على مرارة الدواء لم يحلموا بالشفاء ، والمقاتل في ساحات الوغى لو لم يصبر لم ينتصر ، وهكذا المزارع لو لم يصبر لما حصد ، والطالب إذا لم يروض نفسه على صعوبة التحصيل والمذاكرة لم ينجح ، وهكذا كل عصامي لا يصل إلى ما يريد إلا بالصبر والمصابرة ، والمؤمن يا عباد الله: سمته الصبر ، في الشدة والرخاء ، وفي البأساء والضراء 0
وهاهنا يَعجَبُ نبينا صلوات الله وسلامه عليه كما جاء في حديث صهيب بن سنان وهو في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ » .
أما كتاب الله فقد ورد الصبر والصابرين فيه على أكثر من اسلوب، منها:الأمر به، ومنها إيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم{ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }وإيجاب الجزاء لهم بغير حساب{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}ومنها أنه سبب لدخول الجنة قال تعالى:{وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }.
والصبر يورث صاحبه العيش الرغيد ، يقول عمر رضي الله عنه : "خير عيش أدركناه بالصبر وبه تُنال المكانة والإمامة "، يقول ابن القيم سمعت شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله يقول :"بالصبر واليقين تُنال الأمانة في الدين" ، ثم تلى قول الله تعالى :{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ }فهنيئاً لأهل الصبر بصبرهم 0
عبادالله :ومن النماذج الفريدة في كتاب الله ابتلاءات أيوب عليه السلام ضرٌ في البدن ، فقدان للأهل ، ومع ذلك يصبر ويحتسب ، فيستحق الثناء بقول الله فيه : { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } وهذا يعقوب عليه السلام أُمتحن بفراق أحب أبنائه إليه ، وذلك ليس بالأمر الهين إلا أن وصل الابتلاء إلى حد العمى من الحزن والبكاء ، ومع ذلك يقول تجملاً بالصبر أولاً وآخراً {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } وهذا يوسف عليه السلام ،قضى مراحل حياته لا يخرج من ضائقة إلا ويدخل في أخرى ، فقد تآمر عليه أخوته فأخذوه من أحضان أبيه ، ورموا به في البئر، ليؤخذ رقيقا ويباع {بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } .
وتمتد سلسلة هذه النماذج لتصل إلى سيد الصابرين محمد صلى الله عليه وسلم ، ماذا لقي في سبيل دعوة الله ، أوذي في دينه وجسده ، أدميت عقباه ، وكسرت رباعيته، ووضع سلا الجزور على ظهره ، وهو ساجد في ظل الكعبة ،أُخرج من بلده وهي أحب البقاع إليه ، فكان صابراً محتسباً ، أوذي أصحابه من بعده ،وأوذي الأئمة والعلماء ،والقادة والعظماء ، سُجن الإمام أحمد بن حنبل وجُلد أبو حنيفة ،وضرب مالك، وحبس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فلم يكن لديهم الا الصبر والثبات 0
عبادالله :وإذا كنا نعيش في هذه الآونة في وقت اشتداد المحن على أمة الإسلام، وتفاقم الفتن، وإقبال المصائب والشدائد كأمواج البحر المتلاطمة وكقطع الليل المظلم ، في هذه اللحظات الحاسمة يجب على المسلمين أن يتدرعوا بالصبر وليعلموا أن العاقبة لهم ، فقد تكون الأيام دولاً ،والحروب سجالاً ولكن العاقبة للمتقين 0
فاصبرو ياعبادالله :قال تعالى :{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
عباد الله : يأهل سوريا بشراكم فالنصر قادم بإذن الله لمن حققه وأخذ بأسبابه والعدو هالك لا محالة وستسقط النصيرية وأذنابها قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا }. فليل الظلم قصير، والحق والعدل إلى قيام الساعة باقي ، وحكم الطغاة سيزول ، ولكن هل بعد زوال حكم النصيرية وزوال الظلم كما يزعمون ستبقى سوريا دولة إسلامية تحكم بشرع الله وتنشر العدل بين الناس ؟ الجواب كما تعلمون والله لن يتحقق الأمن ولا الاستقرار ولا العدل إلا بشروط :
قال تعالى :{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ }.فهل سيتحقق ذلك أم ستكون مثلها مثل الدول التي خرجت على حكامها بالثورات والهتافات ولم تنعم بالاستقرار والأمن إلى هذه اللحظة ، والعجيب أن جميع من خرج من الشعوب في الدول المجاورة كانت مقاصدهم الدنيا إما لوظيفة أو لمال أو لظلم أو لمنصب أو لجاه ولم يكن الغرض هو الدين وإعلاء كلمة الله لذلك لم يهتدوا للحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يجعلوا كتاب الله يحكم بينهم بل كما يقول القائل كل يدعي وصل بليلا وليلا لا تقر لهم بذلك فإذا ذهب النصيريون جاء الدميقراطيون والاخوانيون والبعثيون والعلمانيون والروافض والكثير من الأحزاب والجماعات ، واجتمعوا على التقسيم وأتفقوا على دستور ونظام زادوا ونقصوا فيه وفق هواهم ،ونحوا كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم فأنا لهم النصر والفلاح ،كيف يستقر حال من ترك الكتاب والسنة واستبدله بقوانين من وضع البشر والرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول « أَمَّا بَعْدُ أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِىَ رَسُولُ رَبِّى فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ » رواه مسلم. فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ .
{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}.
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }
صلوا وسلموا على خير الصابرين وسيد المرسلين امتثالاً لأمر رب العالمين حيث أمر كم في قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } .
[/align]
الشيخ سليمان الادهمي
وجزاك الله خير
واسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يفرج عن امة الاسلام في كل مكان
تعديل التعليق