انْتِصَارُ العَقِيدَةِ 9/1/1442هـ
خالد محمد القرعاوي
انْتِصَارُ العَقِيدَةِ 9/1/1442هـ
الحمدُ للهِ تعبَّدنا بالسَّمعِ والطَّاعة، وَأَمَرَنَا بَالسُّنةِ والجَمَاعَةِ، أَشهدً أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، مْن يُطعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد رَشَدْ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَد غَوَى, وَأَشهدُ أنَّ مُحمَّدَا عبدُ اللهِ ورسولُهُ تَرَكَنا على المَحَجَّةِ البَيضَاءِ لا يَزِيغُ عَنْها إلَّا أَهْلُ الضَّلالِ والأَهوَاءِ. الَّلهمَّ صلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ على مُحمَّدٍ, وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ, وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحسانٍ وإيمَانٍ إلى يِومِ القِيَامَةِ.
أمَّا بَعدُ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ .
عِبَادَ اللهِ: غَدَا بِإذنِ اللهِ أهلُ السُّنَّةِ والجَمَاعةِ في كُلِّ البِلادِ الإسلامِيَّةِ يَحتَفُونَ بِصِيامِ اليومِ العَاشِرِ من شهرِ اللهِ الْمُحرَّم اقتداءً بسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ ,وَرَجَاءً لِتَكْفِيرِ ذُنُوبِ سَنَةٍ كامِلَةٍ, فَقَدْ قَالَ نَبِيُّنا لَمَّا سُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَومِ عَاشُورَاءَ: (إنِّي أحتسبُ على اللهِ أنْ يكفِّرَ السَّنةَ الماضية). نَعَم نَصُومُ غَدَاً شُكْراً للهِ تَعَالَى عَلى مَا تَفَضَّلَ بِهِ مِنْ نَجَاةِ كَلِيمِ اللهِ مُوسَى بنِ عمرانَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ! وإغراقِ وَخُذلانِ عدوِّ اللهِ المُتَعَالي رَأسِ الطُّغَاةِ وَقَائِدِ المُتَكَبِّرِينَ!؟
أيُّها المؤمنونَ: يومُ عَاشُورَاءَ يُعطينَا دَرْسَاً عَظِيمَاً بالعِزِّ والنَّصْرِ! وَأَنَّ البَاطِلَ مَهمَا عَلا زَبَدُهُ, فَإنَّهُ وَاهٍ وَمَهزُومٍ، فَفِرعَونُ أَطغَى الطُّغَاةِ,أَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولى إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبرَةً لمَن يَخشَى. عِبادَ اللهِ: تأمَّلواَ قَولَ النَّبيِّ : (نحنُ أَحَقُّ بِمَوسَى مِنكُم).فإنَّهُ يُشعِركَ بِأَنَّ رَابِطَةَ الإِسلامِ أَعظَمُ صِّلَةٍ، وأَقْوى نَسَبٍ، وَنَحْنُ بِتَمَسُّكِنَا بِدِينِنَا وَثَبَاتِنَا عَلَيهِ أَقرَبُ لِمُوسَى عَليهِ السَّلامُ مِنَ اليَهُودِ المُحَرِّفِينَ لِشَرِيعَتِهِ النَّاكِبِينَ عَن طَرِيقَتِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالى: آمَنَ الرَّسُولُ بما أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبِّهِ وَالمُؤمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائكتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِن رُّسُلِه .
يَا مُؤمِنُونَ: يومُ عَاشُورَاءَ تَحْقِيقٌ لِحُسْنِ التَّأسِّيْ والإتِّباعِ لِنَبِيِّنَا فَفِي الإِسلامِ انْتِصَارَاتٌ وَفُتُوحَاتٌ لَمْ نُتَعبَّدْ للهِ بِصِيَامِهَا ! فَدِينُنَا مَبنيٌّ عَلَى الإتِّباعِ لا الابتِدَاعِ، فَلَنَا في رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ . وَرَسُولُنَا قَالَ: (مَن عَمِلَ عَمَلاً لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَدٌّ).
فَالمَؤُمِنُ يَفعَلُ مَا يَفْعَلُهُ رَسُولُ اللهِ, وَيَتْرُكُ مَا يَتْرُكُهُ, وَيُحِبُّ مَا يُحِبُّهُ, وَيُبْغِضُ مَاَ يُبْغِضُهُ وَمَنْ يُبْغِضُهُم! عِبَادَ اللهِ: نَصُومُ غَدَاً بِإذنِ اللهِ رَجَاءَ تَكفِيرِ ذُنُوبِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ، أنَّ هَذِهِ الذُّنُوبَ هِيَ الصَّغَائِرُ فَقَط، عِبَادَ اللهِ: مِنْ حَقِّنَا نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ والجماعةِ أَنْ نَحْتَفي بِيَومٍ ارتَفِعَ فِيهِ عَلَمُ الإِسلامِ وَعلَت فِيهِ رَايَةُ العَقِيدَةِ. وَيَومَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ . فَاللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمُسلِمينَ في كُلِّ مَكَانٍ وانصُر مَنْ نَصَرَ الدِّينَ واخذُل مَن خَذَلَ الدِّينَ. وَارْزُقْنَا الاقْتَدَاءَ بِنَبِيِّنا وإتباعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً يَارَبَّ العَالَمين, وأستغفر اللهَ لي ولَكُم ولِسَائِرِ المُسلِمِينَ فَاستَغْفِرُوهُ إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ,
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ أكْمَلَ لَنَا الدِّينَ وأَتَمَّ علينا النِّعمةَ، أَشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَه، أَنْعَمَ عَلينَا بِالقُرَآنِ والسُنَّةِ, وَأَشْهَد أنَّ نبيَّنَا مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، حَذَّرَ مِن الابْتِدَاعِ وَأَنَّهُ سَبِيلُ الضَّيَاع! صَلوَاتُ ربِّي وَسَلامُهُ عليه وعلى آلِهِ الطَّيِّبينَ وَأصحَابِهِ الْمَيامِينِ, وَمَنْ تَبِعَهم بِإحسانٍ وإيمَانٍ إلى يومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ يا مُؤمِنُونَ.
يا أَهْلَ السُّنةِ والجَمَاعَةِ: هذهِ عَقِيدَتُنَا في يومِ عَاشُورَاءَ! فَهَلْ تَظُنُّونَ أنْ يَحِيدَ عن هَذا الْهَدِيِّ النَّبويِّ أُنَاسٌ لَهُم عُقُولٌ وَدِينٌ؟ لقد تَنَكَّبَ أُنَاسٌ عن الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ فَعَاثُوا في دِينِ اللهِ وَحَرَّفُوا شَرِيعَتَهُ وَكَذَّبُوا على أَتْبَاعِهم وَقَلَّبُوا عَليهِمُ الحَقَائِقَ! كلُّ ذَلِكَ باسمِ مَحَبَّةِ آل بَيتِ خَيرِ الأنَامِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ! وَدِينُ اللهِ بَرَآءٌ مِن عَقِيدتِهم وخُرافَاتِهم وَحُسَينِيَّاتِهِمْ!لا أظنُّكم تَجْهَلُونَهُمْ إنَّهُم غُلاةُ الرَّوافضِ فَلَمْ تعُد أعمالُهُمْ حَبِيسَةَ الْحُسَينِيَّاتِ إنَّما تُبثُّ عبرَ الفَضَائِياتِ. فَقَدْ بَدَّلُوا يَومَ النَّصرِ إلى مَآتِمَ وأَحْزَانٍ ولَطْمٍ لِلخُدُودِ وَضَرْبٍ بِالسَّلاسِلِ, بِاسمِ الحُزنِ عَلَى مَقتَلِ الحُسَينِ بن عليِّ رضي اللهُ عنهما، وَادِّعَاءً لِحُبِّ آلِ بَيتِ المُصطَفَى رِضوَانُ اللهِ عَلَيهِم أجمعين، وَاللهُ يَعلَمُ أَنَّهُم أَكذَبُ النَّاسِ فِيمَا يَدَّعُونَ، ولو عُدنا إلى فِتْنَةِ مَقْتلِ الحُسَينِ رَضي اللهُ عنه، لأَدْرَكْنَا أنَّهم هُمُ الذِينَ أَغْرَوهُ بِالخُرُوجِ إلى العِرَاقِ وَكاتَبُوهُ على البَيعَةِ والخِلافَةِ, فَلمَّا جَدَّ الجِدُّ تَولَّوا وَلَهم ضُراطٌ! حتى وَقَعَتْ فِتنَةٌ عَمْياءَ قُتلَ فيها سيِّدُ شبابِ أهلِ الجنةِ في اليومِ العاشرِ من شهرِ الله الْمُحَرَّمِ! فيأهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ: هل يُقبلُ عَقْلاً أنْ يعملَ شيعةُ الحُسينِ رضي اللهُ عنهُ عليه المآتمَ وهم الذين خَذَلُوهُ وَأَسْلَمُوهُ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ! ثُمَّ لِماذا على مَقْتَلِ الْحُسينِ رَضِي اللهُ عنهُ فقط؟ السَّببُ أَنَّ فِعْلَهُم فِتنَةٌ فَارِسِيَّةُ يَهُودِيَةٌ! فَهُمْ بهذهِ المآتمِ يُحرِّضونَ على أهلِ السُّنَّةِ عُموماً وعلى العَرَبِ خُصُوصَاً ويُثِيرونَ فيهم العَداوةَ والبَغضَاءَ.
أيُّها المُؤمِنُونَ: الرَّوافِضُ شَوكةٌ في خَاصِرَةِ الأُمَّةِ الإسلامِيَّةِ مُنذُ مَقْتَلِ عُثمَانَ رَضِي اللهُ عنه. إلى يَومِنا هذا فَجَرَائِمُهُم البَاطِنِيَّةُ والصَّفَويَّةُ والحَوْثِيَّةُ لَم تَسلَمْ مِنها بِلادُ الحَرَمَينِ, حتى صَاروا يُهَدِّدُونَ أمنَ بِلادِنا, وَلَم تَسْلَمْ مِنهم أَرْضُ الحِكمَةِ والإِيمَانِ فَأشَاعُوا فِيها الدَّمارَ والفَسَادَ والإفسَادَ! وإنَّ اللهَ تَعالى لَهُم بِالْمِرْصَاد, وَقَدْ هَيَّئَ اللهُ لَهُم يَداً حازِمَةً وَعَاصِفةً عازِمَةً: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ .
فاللَّهُمَّ إِنَّا نَسألُكَ أَن تُرِيَنَا الحَقَّ حَقَّاَ وأنْ تَرزُقَنا اتِّباعَهُ, اللَّهُمَّ أرِنا في غُلاةِ الرَّافِضَةِ يَومًا أَسوَدَاً، اللَّهُمَّ أَحصِهِم عَدَدًا وَاقتُلهُم بَدَدًا، وَلا تُغَادِرْ مِنهُم أَحَدًا، اللَّهُمَّ وَعَليكَ بِجَمِيعِ أَعدَاءِ دِينِكَ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى والرَّافِضَةِ والحَوثِيِّينَ، وَأَبرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمرًا رَشَيدًا، يُعَزُّ فِيهِ أَهلُ طَاعَتِكَ، وَيُذَلُّ فِيهِ أَهلُ معصيتكَ، وَيُؤمَرُ فِيهِ بِالمَعرُوفِ وَيُنهَى عَنِ المُنكَرِ يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ والله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.