اليوم أقلد قلمي شرف هتك الأسرار.. أسرار الضياع || مشاعل العيسى

الفريق العلمي
1438/11/21 - 2017/08/13 12:27PM

لم تكن توبتي نتيجة ظروف قاسية أو محنة عارضة بل كنت انعم بكل أشكال الترف وحرية في كل شيء، وكنت أجسد العلمنة بمعناها الصحيح، وكانت أفكار الحداثيين وخططهم نهجي ودستوري، وكتبهم مرصوصة في مكتبتي، وقلمي تتلمذ على أشعار نزار قباني، ورمي الحجاب حلم يداعب خيالي، وقيادة السيارة قضيتي الأولى أنادي بها في كل مناسبة، واستغل ظروف من هم حولي لإقناعهم بضرورتها.

 

تمنيت أن أكون أول من يترجم فكرة القيادة إلى واقع ملموس. ولطالما سهرت الليالي اخطط فيها لتحقيق الحلم.

أما تحرير المرأة السعودية من معتقدات وأفكار القرون البالية وتثقيفها وزرع مقاومة الرجل في ذاتها فلقد تشربتها وتشربتها خلايا عقلي.

 

وسعيت لتسليط الضوء على جبروت الرجل السعودي وأنانيته. وقدمت الرجل المتحرر على طبق من ذهب على أنه يفهم المرأة واستخراج كنوز أنوثتها وقدمها معه جنباً إلى جنب.

 

وشوهت صورة الرجل المتدين على انه اكتسب الخشونة والرعونة من الصحراء وتعامل مع الأنثى كما تعامل مع نوقه وهو يسوقها بين القفار، كانت الموسيقى غذاء الروح كما كنت اسميها هي نديمي من الصباح إلى الفجر، أما الرقص بكل أنواعه فقد جعلته رياضة تعالج تخمة الهموم.

 

ونظريات فرويد كنت ادعمها في كل حين بأمثلة واقعية، وانسب المشاكل الزوجية إلى الكبت، والعقد من آثار أساليب التربية القديمة التي استعملها أهلنا معنا. وكانت أفكاري تجد بين المجتمع النسائي صيتاً عالياً ومميزاً، سرت على هذا النمط سنينا عديدة.

 

وفي يوم من الأيام وفي أحد الأسواق كنت جالسة في ساحته لفت نظري شاب متدين بهيئته التي تدل على التدين، ثوب قصير وسير هادئ وعيون مغضوضة أظنه في سن ما فوق العشرين يعمل أعجبني هدوؤه وراودتني بعدها أفكار غريبة _ علي جداً.

 

علامات الرضى بادية على محياه خطواته ثابتة رغم أن قضيته في نظري خاسرة هو والقلة التي ينتمي إليها يتحدون مارداً جباراً (تقدم وحضارة)، ولا يزالون يناضلون سخرت بداخلي منه ومنهم، لكنني لم أنكر إعجابي بثباته، فقد كنت احترم من يعتنق الفكرة ويثبت عليها رغم الجهود المتواضعة وقلة العدد وصعوبة إقناع البشر بالكبت كما كنت اسميه.

 

حاولت أن أحلل الموضوع فقلت في نفسي:

(ربما هؤلاء الملتزمون تدينوا نتيجة الفشل فأخذوا الدين شعارات ليشار إليهم بالبنان، لكن منهم العلماء والدكاترة وماضي عريق قد ملكوا الدنيا حينا من أقصى الشرق إلى أقصى المغرب أو ربما هو الترفع عن الرغبات)

 

وعند هذه النقطة بالذات اختلطت علي الأمور _ الترفع عن الرغبات معناه الكبت _ والكبت لا ينتج حضارة!

 

حاولت أن أتناسى هذا الحوار مع نفسي لكن عقلي أبى علي ولم يصمت ومنذ ذلك الوقت وأنا في حيرة.

 

فقدت معها اللذة التي كنت أجدها بين كتبي ومع أنواع الموسيقى والرقص ومع الناس كافة علمت أني فقدت شيئا، لكن ما هو؟؟

لست أدري.. اختليت بنفسي لأعرف.

طرقت أبواب الطب النفسي دون جدوى.

فقدت الإحساس السابق بل لا أشعر بأي شيء كل شيء بلا طعم وبلا لون.

 

فرجعت مرة أخرى لنقطة البداية متى كان التغير؟؟

إنه بعد ذلك الحوار!! تساءلت كل ما أتمنى أستطيع أخذه.. ما الذي يحدث لي إذا؟!!

أين ضحكاتي المجلجلة؟؟ وحواراتي التي ما خسرت فيها يوما؟؟ جلسات السمر والرقص؟؟ كيف ثقل جسدي بهذا الشكل؟؟

 

وكلما حاولت أن أكتب أجدني أسير بقلمي بشكل عشوائي لأملأ الصفحة البيضاء بخطوط وأشكال لامعنى لها.. غير أن بداخلي إعصارا من حيرة!!

 

بدأت أتساءل هذه الموسيقى المنسابة إلى مسمعي؟ لم أعد أشعر بروعتها!! لو كانت غذاء الروح لكانت روحي الآن روضة خضراء.

وأين تلك الكتب التي احترمت كتابها وصدقتهم؟ لماذا تخذلني الآن كلماتهم ولا تشعل حماسي كما كانت؟!!

 

وهنا لاح سؤال صاعق هل هؤلاء الغربيون فعلا أفضل منا؟؟

هل هم فعلاً أفضل منا؟ وبماذا أفضل؟؟

 

تكنولوجيا؟؟

وبماذا خدمت التكنولوجيا المرأة عندهم؟؟

خدمت الرجل الغربي، والمرأة أين مكانها؟؟ معه في العمل!! وأخرى في المرقص تتراقص على أنغام الآلات التي اخترعها الرجل!! وأخرى ساقية للخمر الذي صنعه الرجل ونوع من أسمائه!!

 

اكتشفت حقيقة أمَـرََ من العلقم..

الرجل تقدم وضمن رفاهيته وتملص من الحقوق والواجبات، حتى في جنونه جعل المرأة صالة عرض لكل ما خطر على خياله واخترع لها رقصات بكل الأشكال:

رقصت وهي واقفة وجالسة ونائمة ومنتصبة ومقلوبة.. كما رقصت الراقصة كما اشتهاها العازف،

 

اشتهاها ممثلة، فمثلت كل الأدوار التي تحاكي رغباته من اغتصاب وشذوذ، أي دور وكل دور!! 

 

اشتهاها عارية على الشاطئ تعرت!!

 

اكتشفت الخديعة الكبرى في شعار حرية المرأة، فإذا نادى بها رجل فهو الوصول إلى المرأة،

ثم من ماذا يريدون تحرير المرأة، من الحجاب؟؟

 

لماذا الحجاب؟؟

إنه عبادة كالصلاة والصوم.

 

كنت سأحرم نفسي منه لولا أن تداركتني رحمة ربي، يريدون أن يحرروني من طاعة الأب والزوج إنهم حماتي بعد الله.

 

الأب والزوج حماتي بعد الله، يريدون أن يحرروني من الكبت، كيف سميتم العفة والطهارة كبتا؟؟ كيف؟؟

 

ما الذي جنوه من الحرية الجنسية؟؟

أمراض ضياع!!

حرروا المرأة كما يزعمون أخرجوها من بيتها تكدح كالرجل وضاع الأطفال!!

واليوم يدرسون ضياع الأطفال

 

تبا لهم وتبا لعقلي الصغير كيف صدقهم؟؟

كيف لم أر تقدمنا والمرأة متمسكة بحجابها؟؟

كيف كنت أنادي بالقيادة؟؟

فمع قيادة المرأة للسيارة يسقط الحجاب فتسقط المرأة.

 

بعده عرفت علتي وعلة الشباب جميعاً.

أولاً: مشكلتنا الأساسية: أننا لا نعرف عن الإسلام إلا اسمه وعادات ورثناها عن أهلنا كأنه واقع فرض علينا.

 

وثانياً: لم ندرك طريقة الغزو الحقيقية.. خدرونا بالرغبات.. شغلونا عن القرآن وعلوم الدين، فهي خطة محكمة تخدير ثم بتر، ونحن لا نعلم.

 

اتجهت إلى الإسلام من أول نقطة من كتب التوحيد إلى الفقه ومع كلمات ابن القيم عدت إلى الله، ومع إعجاز القرآن اللغوي والتصويري والعلمي والفلكي ووو… ندمت على كل لحظة ضيعتها أقلب فيها ناظري في كتب كتبتها عقول مسحها الله وطمس بصيرتها.

 

كانت معجزة أمامي هو القرآن الكريم، لم أحاول يوما أن أفهم ما فيه أو أحاول تفسيره، أخرجت من منزلي ومن قلبي كل آلات الضياع والغفلة، وعندما خرج حب اللحن من قلبي، وجدت حلاوة الشهد تنبع من قراءة آيات القرآن، وعرفت أعظم حب: أحببت الله تعالى لبست الحجاب الإسلامي الصحيح بخشوع وطمأنينة واقتناع بعد تسليم أشعر معه رضا الله عني، وعرفت معه قول الله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) في سكناتي وحركاتي وطعامي وشرابي استشعر معناه العظيم.

 

بت انتظر الليل بشوق إلى مناجاة الحبيب أشكو إليه أشكو إليه شدة شوقي إلى لقائه، وإلى لقاء المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وحنيناً إلى صحابته الكرام، ونساءه الطاهرات.

 

وأخيرا كلمة إلى كل من سمع قصتي:

لا ترفضوا دينكم قبل أن تتعرفوا عليه جيداً؛ لأنكم إذا عرفتموه لن تتخلوا عنه، فداه الأهل والمال والبنون والنفس.

المشاهدات 439 | التعليقات 0