اليهود والمنافقون-9-10-1442هـ-مستفادة من خطبة أحد الشيوخ
محمد بن سامر
اليهود والمنافقون-9-10-1442هـ-مستفادة من خطبة أحد الشيوخ
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عليه وآلهِ صلاتُه وسلامُه وبركاتُه.
"يا أيها الذينَ آمنوا اتقوا اللهَ حقَ تقاتِه ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون".
أما بعد: فيا إخواني الكرام:
قال أبو هريرة-رضي الله عنه-: "لما حضرت وقعةُ الخندق، وتجمعَ الأحزابُ حولَ المدينة، وبلغتِ القلوبُ الحناجرَ، وزُلزِلَ المؤمنون زلزالا شديدًا، أراد النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-أن يعطيَ الأحزابَ ثلثَ ثمار المدينة على أن يرجعوا، فبعث إلى السعدين-سعدِ بنِ معاذٍ وسعدِ بنِ عُبادةَ-يستشيرهما، فقالا: يا رسول الله هذا أمرٌ تحبه، أم تصنعه لنا-تخفف عنا ضغط الأعداء وكيدهم-، قال: بل شيء أصنعه لكم، رأيتُ العربَ قد رمتْكم عن قوسٍ واحدةٍ، فأردت أن أكسرَ عنكم من شوكتِهم، فقام سعدُ ابنُ معاذٍ وقال: يا رسول الله، قد كنا نحن وإياهم على الشرك ولا يطمعون أن يأكلوا منا تمرة إلا قِرًى-ضيافةً-أو بيعا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وأعزنا بك نعطيهم أموالنا! فأخذ سعدٌ الصحيفةَ فمحاها".
إيمانٌ راسخٌ كالجبالِ الراسياتِ، وثباتٌ وعزةٌ في أدهى الملمات.
من ذا يناسقهم من ذا يطابقهم*من ذا يسابقهم في العزِ في الكرمِ
أما المنافقون فلا ينجمُ نفاقُهم إلا في أزماتِ المسلمينَ، ولا يظهر تخذيلُهم ولومُهم إلا على الصادقين، صامتون في اعتداءات اليهود، وتعاون النصارى، وألسنتُهم حِدادٌ على المقاومين عن أرضِهم ودينِهم ومقدساتِهم، أخرج البيهقي-رحمه الله-عن أسلافهم، قال: "لَمَّا اشْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَى النَّبِيِّ-عليه وآله الصلاة والسلام-وَأَصْحَابِهِ نَافَقَ نَاسٌ كَثِيرٌ وَتَكَلَّمُوا بِكَلَامٍ قَبِيحٍ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ-عليه وآله الصلاة والسلام-مَا فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْكَرْبِ جَعَلَ يُبَشِّرُهُمْ وَيَقُولُ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُفَرَّجَنَّ عَنْكُمْ مَا تَرَوْنَ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْبَلَاءِ، فَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ آمِنًا، وَلَيُهْلِكَنَّ اللهُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَلَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ مُحَمَّدٍ يَعِدُنَا أَنْ نَطُوفَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَأَنْ نَغْنَمَ كُنُوزَ فَارِسَ وَالرُّومِ، وَنَحْنُ هَا هُنَا لَا يَأْمَنُ أَحَدُنَا أَنْ يَذْهَبَ إِلَى حاجته، وَاللهِ ما يَعِدُنَا إِلَّا غُرُورًا، وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ مَعَهُ: ائْذَنْ لَنَا فَإِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مَقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا".
"هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ"، "يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ"، ولقد ابتلى الله ما في قلوبهم، فظهرت على فلتات مقالاتهم، وشذرات تغريداتهم، وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ.
نفاقٌ على كلِّ الوجوهِ مخيمٌ*وبُغْضُ على كل الجِباهِ مُسَطَّرُ
أما اليهود فلا تخفى عداوتُهم، وبيانُ ربِ العالمينَ يُتلى فيهم "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا"
وبيانٌ آخرُ من المصطفى بأنَّ اليهودَ أبعدُ الناسِ عن الهدى، وأقلُ الشعوبِ دخولًا في الإسلامِ، قال-عليه وآله الصلاة والسلام-: "لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُودِ، لآمَنَ بِي اليَهُودُ".
قائدُهم الدجالُ، قال-عليه وآله الصلاة والسلام-: "يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ، سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ".
اليهودُ ملعونون-مطرودون من رحمة الله-، "فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً"، فلا هوادةَ عندهم في قتل النساء والصبيان، "لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً "، فأي خيرٍ أو سِلْمٍ يُرجى منهم، وهم من تطاولوا على الله، وامتدت أيديهم إلى أنبياءِ الله.
الغدرُ من شيمِهم، والخيانةُ من أخلاقِهم، عاهدهم وصالحهم النبيُّ-عليه وآله الصلاة والسلام-، فدعوه للمفاوضة، فلما جاءهم تآمروا على قتلِه، وإلقاءِ الحجرِ عليه، فأجلاهم-طردهم-من المدينة وخرَّبَ بيوتَهم.
ما يَهودُ الغَدرِ إلا أَنفسٌ*غُمِسَت في حقدها المُستَعِرِ
كيف ترجو من سرابٍ كاذبٍ*شَربَةً للظامئ المُحتضِرِ
يا قوم، هل ترجون من قاتلِ*الأطفالِ حُسنَ المَعشَرِ؟!
عداؤُهم للإسلامِ لا يمكن أن يغسلَه معاملتُنا لهم بالإحسانِ، ولا يمكن أن ينهيَه شعورُنا نحوَهم بالمودةِ والسلامِ، "أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ".
لكن البشرى أنهم أذلةٌ صاغرون، "لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى".
والبشرى أن الرعبَ والخوفَ تغلغلَ في قلوبهم، "إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ، وترجون من اللهِ ما لا يرجون"، والعاقبةُ في النهايةِ للمسلمينِ، قال-عليه وآله الصلاة والسلام-: "لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ، فيقتلُهم المسلمون، حتى يختبئَ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ والشجرِ، فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ: يا مسلمُ يا عبدَ اللهِ هذا يهوديٌّ خلفي، فتعالَ فاقْتلْه".
أستغفر اللهَ لي ولكم وللمسلمين...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
فقد قَالَ رَسُولُ اللهِ-عليه وآله الصلاة والسلام-: "إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا".
قضى اللهُ أنه متى ما حادتِ الأمةُ عن دينِها، وتعلقت بهذا أو بذاك؛ تقلبتْ في ثنايا الإهاناتِ والنكباتِ والنكساتِ حتى ترجع إلى دينِها.
من يتق الله وينصر دينه*لابد في ساحِ المعاركِ يُنصَرُ
"وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا"
كلُّ العِدَا قَدْ جَنَّدوا طَاقَاتِهِــم*ضِدَّ الهُدَى والنُّورِ ضِدَّ الرِّفْعَةِ
إِسلامُنا هُو دِرْعُنَا وَسِلاحُنَــا*ومنارُنا عَبْرَ الدجى فِي الظُّلْمَةِ
هُو بِالعَقِيدةِ رَافِعٌ أَعْلامَــــــهُ*فَامْشِي بِظِلِّ لِوَائِهَا يَا أُمَّتِي
لا الغَربُ يَقصِد عِزَّنَا كَلا ولا*شَرْقُ التَحَلُّلِ إنَّهُ كَالحَيَّــةِ
الكُلُّ يَقْصدُ ذُلَّنَا وهَوَانَنَــــا*أَفَغَيْرُ رَبِّي مُنْقِذٌ مِنْ شِدَّةِ
لا أمانَ ولا استقرارَ، ولا فلاحَ ولا نجاحَ إلا بالتمسك بهذا الدين القويم، وتحكيم شريعة رب العالمين "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ".
لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا اللهُ ربُ العرشِ العظيمِ، لا إلهَ إلا اللهُ ربُ السماواتِ وربُ الأرضِ وربُ العرشِ الكريمِ، لا إلهَ إلا أنتَ سبحانَك إنَّا كنا من الظالمينَ، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ، وأصلحْ بطانتَهم، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اهدنا والمسلمين لأحسن الأخلاق والأعمال، واصرف عنا وعنهم سيئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمهم واجعلهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمين، اللهم إنَّا نسألُك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهم عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ، اللهمَ اسقنا وأغثنا(ثلاثًا).
اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ وأنبياءِ ورسلِه وآلِهِ وصحبِهِ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.
المرفقات
1621539541_اليهود والمنافقون-9-10-1442هـ-مستفادة من خطبة أحد الشيوخ.docx
1621539542_اليهود والمنافقون-9-10-1442هـ-مستفادة من خطبة أحد الشيوخ.pdf