اليهود في القرآن

اليهود في كتاب الله

الخطبة الأولى:

الحمد لله الوليِّ الحميد، فلا وليَّ من دونه ولا واق، الغنيِّ الوهابُ، فلا تنفدُ خزائنهُ على كثرة الإنفاق، القويِّ الغلاب، فلا يُعجزهُ شيءٌ على الإطلاق وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسولُه، ومصطفاهُ وخلِيلُهُ، صلى اللـهُ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابتِه الموفونَ بالعهدِ والميثاقِ، والتابعينَ ومن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ التلاقِّ، وسلَّم تسليماً كثيراً .       أما بعد :فأوصيكم ...

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r:  لَوْ تابَعَنِي عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُودِ، لَمْ يَبْقَ علَى ظَهْرِها يَهُودِيٌّ إلَّا أسْلَمَ.خ.م .

أيها المؤمنون: عندما هاجرَ النَّبيُّ r إلى المدينةِ، أبرمَ وثيقةَ صُلحٍ مع قبائلِ اليهودِ وجعلَ لهم الأمانَ على أنفسِهم وأعراضِهم وأموالِهم، ولكنَّ يَأبى طبعُ اليهودِ إلا الغدرَ، فكانَ أوَّلَ من غَدرَ منهم بنو قَينُقاعٍ عندما اعتدوا على حِجابِ امرأةٍ مُسلمةٍ في سُوقِهم وكَشفوا عن عَورتِها، فحاصرَهم رَسولُ اللـهِ r حتى أَجلاهُم عن المدينةِ إلى بلادِ الشامِ جَزاءَ غدرِهم وخيانتِهم للعهدِ، ثم تَلاهم في الغَدرِ بَنو النَّضيرِ، عَندما دَبَّرُوا مؤامرةً لاغتيالِ رسولِ اللـهِ r وهو جَالسٌ في دُورِهم،

بإلقاءِ صَخرةٍ عليه من أعلى السَّطحِ، فكشفَ اللـهُ لهُ أَمرَهُم، فحاصرَهم وأجلاهُم إلى بلادِ الشامِ كذلك.

ثم كانَ الغدرُ الأكبرُ من بني قُريظةَ يَومَ الأحزابِ، حيثُ تَجمعَ على المسلمينَ سَائرُ طَوائفِ الشركِ من القبائلِ العَربيةِ، فلما رأى اليهودُ الضِيقَ والحرجَ قد استبدَّ بالمسلمينَ اغتنموا الفرصةَ، وأعلنوا نَقضَ العهدِ والالتحامَ مع المشركينَ، وكَشفَ اللـهُ مَكرَهم، ثم بعد أن انهزمَ الأحزابُ، تَفرغَ لهم رَسولُ اللـهِ r وكانت نِهايتُهُم أن قُتلَ مُقاتِلَتُهُم، وسُبيتْ ذَراريِهم وأموالُـهم، جَزاءً لِلخَائنينَ، وعِبرةً للمُعتَبِرينَ.

أيها المؤمنون: المتتبعُ لصفاتِ اليهودِ في القرآنِ العظيمِ، وما ذا قالَ عنهم يرى أموراً لا ينقضي منها العجبُ .

فاليهودُ في كتابِ اللـهِ هم أشدُّ الناسِ عداوةً للمؤمنين (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)

واليهودُ في كتابِ اللـهِ هم الأَشرُّ مثوبةً عند اللـهِ ، فقد اجتمعَ فيهم من السوءِ والشرِّ ما لم يجتمع في غيرِهم من الأممِ (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّـهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّـهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْـخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) .

اليهودُ في كتابِ اللـهِ قومٌ حُسَّادٌ، قد مُلئت قُلوبُهم غِلاً وحِقداً فلا يرونَ لغيرِهم حقّاً في أيِّ شيءٍ، فهم شعبُ اللـهِ المختارِ، وهم أبناءُ اللـهِ وأحباؤُه، وكُلُ من سِواهُم فمخلوقٌ لخدمتِهم (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) وقال تعالى عنهم ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ)

اليهودُ في كتابِ اللـهِ: قومٌ بُهتٌ (سَمَّـٰعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّـٰلُونَ لِلسُّحْتِ)، يكتمونَ الحقَّ ويُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، مَردُوا على الكذبِ والبهتانِ،

ويتبجحونَ بِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَـٰنًا عَظِيمًا، (وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّـهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) و(قَالُوا إِنَّ اللَّـهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ) (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّـهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا )

وفي الحديثِ الطويل عن عبدِ اللهِ بن ِ سَلامٍ t: قَالَ يا رَسولَ اللَّـهِ: إنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ فَاسْأَلْـهُمْ عَنِّي، قَبْلَ أنْ يَعْلَمُوا بإسْلَامِي، فَجَاءَتِ اليَهُودُ ودَخَلَ عبدُ اللَّـهِ البَيْتَ، فَقَالَ النبيُّ t أيُّ رَجُلٍ عبدُ اللَّـهِ بنُ سَلَامٍ فِيكُمْ؟ قالوا: خَيْرُنَا وابنُ خَيْرِنَا، وأَفْضَلُنَا وابنُ أفْضَلِنَا، فَقَالَ النبيُّ r أرَأَيْتُمْ إنْ أسْلَمَ عبدُ اللَّـهِ بنُ سَلَامٍ قالوا: أعَاذَهُ اللَّـهُ مِن ذلكَ، فأعَادَ عليهم، فَقالوا: مِثْلَ ذلكَ،

فَخَرَجَ إليهِم عبدُ اللَّـهِ فَقَالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّـهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّـهِ، قالوا: شَرُّنَا وابنُ شَرِّنَا، وتَنَقَّصُوهُ، قَالَ: هذا كُنْتُ أخَافُ يا رَسولَ اللَّـهِ. خ

اليهودُ في كتابِ اللـهِ قومٌ عُصاةٌ كفَّارٌ، قساةُ القلوب (وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ) . عُرضت عليهم التوراةُ فلم يقبلوها، وعبدوا العِجلَ، قال لهم الله(خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّـهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا)، فأمر اللـُه جبريلَ عليه السلامُ، فقلعَ جبلاً هائلاً من أصلِه، ثم رفعَهُ فوقَ رؤوسِهم، وقيل لهم: إن لم تقبلُوها ألقيناهُ عليكم، فقبلوها كُرهاً (وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا ءاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فهذا طبعٌ متجذرٌ فيهم، لايقبلونَ إلا مُكْرَهِينَ مُرْغَمِينَ، وفي قصةِ ذبحِ البقرةٍ شاهدٌ آخرَ:(فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ).

اليهودُ في كتابِ اللـهِ: قومٌ مجرمونَ سفاحون (يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ)،

روى ابنُ كثيرٍ أنهم قتلوا في يومٍ واحدٍ أكثرَ من ثلاثينَ نبياً، وممن قتلوا زكريا ويحيى ودانيالَ، وحاولوا قتلَ عيسى عليه السلامُ فرفعه اللـهُ، وتآمروا على قتلِ النبيِّ ﷺ مراراً، فسعَوْا لإلقاءِ حجرٍ كبيرٍ عليه، وأهدوا إليه شاةً مسمومةً ماتَ متأثرا بأثرِ سُمِّها ، فكان r يقول: يا عائِشَةُ، ما أزالُ أجِدُ ألَمَ الطَّعامِ الذي أكَلْتُ بخَيْبَرَ، فَهذا أوانُ وجَدْتُ انْقِطاعَ أبْهَرِي مِن ذلكَ السُّمِّ. خ.م.

وصنعوا للنبيِّ أسحاراً فنجاه اللـهُ منهم، هم قتلةٌ للأنبياءِ والمصلحينَ، وأهلُ هوىً فاسدين

(كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ)

أمةٌ (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّـه) تلك بعضُ أوصافِها ومهما قُلنا فلن نُحصيَ قبائِحَهم، فقد نزلتْ في حقِهم مئاتُ الآياتِ، ولا عجبَ أن يأَمُرَنا اللـهِ بالاستعاذةِ من طريقِهم في أعظمِ سورِ القرآنِ وأكثرِها قرآءًة  (غيرِ المغضوب عليهم والضالين)  بارك الله ..

 

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ للـهِ...معاشر المؤمنين: لا نزالُ مع كتابِ اللهِ ، وما قالَه عن صفاتِ اليهودِ وجرائِمِهم .

فاليهودُ في كتابِ اللـهِ قومُ غَدْرٍ ومَكرٍ، ونقضٍ للعهودِ والمواثيقِ (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ )

اليهودُ في كتابِ اللـهِ قومٌ يُسارعونَ في الإثمِ والعُدوانِ، يستمرؤونَ الربا، ويأكلونَ أموالَ الناسِ بالباطلِ (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)

اليهودُ في كتابِ اللـهِ قومٌ فاسدونَ مفسدونَ، يُشعلون الفتنَ، ويوقدونَ الحروبَ، ويثيرونَ الأحقادَ والعدواتِ (كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّـهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّـهُ لاَ يُحِبُّ الْـمُفْسِدِينَ)

اليهودُ في كتاب اللـِه قومٌ ملعونون لعَنهم اللـهُ في كتابهِ العظيمِ مراتٍ عِدة (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)، وملعونونَ حتى على ألسنةِ أنبيائِهم (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ)

اليهود في كتاب اللـه كانوا وما زالوا أَذلةً صاغرين ( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّـهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ..)

اليهودُ في كتاب اللـهِ قومٌ خوَّارونَ، سُرعان ما ينهارونَ وينهزمونَ (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ)

عباد الله: إن عاقبةَ الصراعِ بيننا وبينَ يهودٍ نصرٌ حاسمٌ للمسلمينَ في يومٍ ما، قال r:" لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللـهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ. خ. م.

إنَّ النصرَ مع الصبرِ، وإنَّ الفرجَ مع الكربِ، ومهما تفاقَمت المحنُ، واشتدت الفِتنُ، فإن في طيِّ كلِّ محنةٍ مِنحةٍ، ومع كلِّ بليةٍ عطيةٍ، ولا تخلو رزيةٌ من مزيةٍ (مَا كَانَ اللَّـهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّـهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)  ثم صلوا ...

 

 

المرفقات

1698928233_اليهود في القرآن.pdf

1698928234_اليهود في القرآن.docx

المشاهدات 583 | التعليقات 0