الْوِقَايَةِ مِنْ الْأَوْبِئَةِ وَالْأَمْرَاضِ الْمُعْدِيَةِ
محمد البدر
1436/08/04 - 2015/05/22 02:46AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } .
عباد الله :لقدخاضت البشرية غمار الصراع مع الأمراض المعدية منذ أزمنة بعيدة وسجلت أسماء الأوبئة في صفحات التاريخ، واليوم الحديث عن الأوبئة المعدية والتي ظهرت وذاع صيتها في بلادنا المملكة العربية السعودية والتي ابتدأت بحمى الوادي المتصدع وبحمى الضنك مرورا بأنفلونزا الطيور وأنفلونزا الخنازير ثم فايروس "كورونا" وقد أصابت الناس بالرعب والخوف من العدوى .
عباد الله :ومن المعلوم أن الوقاية من هذه الأوبئة والأمراض تكون بالعودة إلى الدين الصحيح والتمسك بالكتاب والسنة والحرص على النظافة والطهارة ،يسهم بشكل مباشر في الحد من مشكلة انتشار هذه الأمراض بل والتخلص منها فنحن كمسلمين ينبغي أن نتمسك بهذه التعاليم لأنها جزء من الدين ولثبوت فائدتها لصحة الإنسان والحفاظ على البيئة والحماية من الأمراض بإذن الله.
عباد الله : إن مِنَ الْمَعْرُوفِ عَقْلًا وَتَجْرِبَةً أَنَّ الْوَسَخَ وَالْقَذَارَةَ مَجْلَبَةُ الْأَمْرَاضِ وَالْأَدْوَاءِ الْكَثِيرَةِ ، كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الطِّبِّ ; وَلِذَلِكَ نَرَى الْأَطِبَّاءَ ، يُشَدِّدُونَ فِي أَيَّامِ الْأَوْبِئَةِ وَالْأَمْرَاضِ الْمُعْدِيَةِ - بِحَسَبَ سُنَّةِ اللهِ تَعَالَى فِي الْأَسْبَابِ - فِي الْأَمْرِ بِالْمُبَالَغَةِ فِي النَّظَافَةِ ، وَجَدِيرٌ بِالْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا أَصْلَحَ النَّاسِ أَجْسَادًا ،وَأَقَلَّهُمْ أَدْوَاءً وَأَمْرَاضًا ; لِأَنَّ دِينَهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي نَظَافَةِ الْأَبْدَانِ وَالثِّيَابِ وَالْأَمْكِنَةِ ; فَإِزَالَةُ النَّجَاسَاتِ وَالْأَقْذَارِ الَّتِي تُوَلِّدُ الْأَمْرَاضَ مِنْ فُرُوضِ دِينِهِمْ ، وَزَادَ عَلَيْهَا إِيجَابَ تَعَهُّدِ أَطْرَافِهِمْ بِالْغَسْلِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا ; إِذْ نَاطَهُ الشَّارِعُ بِأَسْبَابٍ تَقَعُ كُلَّ يَوْمٍ ، وَتَعَاهَدَ أَبْدَانَهُمْ كُلَّهَا بِالْغُسْلِ كُلَّ عِدَّةِ أَيَّامٍ مَرَّةً ، فَإِذَا هُمْ أَدَّوْا مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ ، تَنْتَفِي أَسْبَابُ تَوَلُّدِ جَرَاثِيمِ الْأَمْرَاضِ عِنْدَهُمْ ، وَمَنْ تَأَمَّلَ تَأْكِيدَ سُنَّةِ السِّوَاكِ ، وَعَرَفَ مَا يُقَاسِيهِ الْأُلُوفُ وَالْمَلَايِينُ مِنَ النَّاسِ مِنْ أَمْرَاضِ الْأَسْنَانِ ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَكْبَرُ عِبْرَةٍ ، وَمِنْ دَقَائِقِ مُوَافَقَةِ السُّنَّةِ فِي الْوُضُوءِ لِقَوَانِينِ الصِّحَّةِ - غَيْرُ تَقْدِيمِ السِّوَاكِ عَلَيْهِ - تَأْكِيدُ الْبَدْءِ بِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَهَذَا ثَابِتٌ فِي كُلِّ وُضُوءٍ ، فَهُوَ غَيْرُ الْأَمْرِ بِغَسْلِهِمَا لِمَنْ قَامَ مِنَ النَّوْمِ ؛ ذَلِكَ بِأَنَّ الْكَفَّيْنِ اللَّتَيْنِ تُزَاوَلُ بِهِمَا الْأَعْمَالُ يَعْلُقُ بِهِمَا مِنَ الْأَوْسَاخِ الضَّارَّةِ وَغَيْرِ الضَّارَّةِ مَا لَا يَعْلُقُ بِسِوَاهُمَا ، فَإِذَا لَمْ يَبْدَأْ بِغَسْلِهِمَا يَتَحَلَّلُ مَا يَعْلُقُ بِهِمَا فَيَقَعُ فِي الْمَاءِ الَّذِي بِهِ يَتَمَضْمَضُ الْمُتَوَضِّئُ وَيَسْتَنْشِقُ ، وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ وَعَيْنَيْهِ ، فَلَا يَأْمَنُ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ مَعَ كَوْنِهِ يُنَافِي النَّظَافَةَ الْمَطْلُوبَةَ .وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي الطَّهَارَةِ : أَنَّهَا هِيَ الْمُبَالَغَةُ فِي النَّظَافَةِ مِنْ غَيْرِ تَنَطُّعٍ ، وَلَا وَسْوَسَةٍ ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ الْمَعْقُولَةِ الْمَعْنَى .
وَقَدْ أَوْجَبَ الْإِسْلَامُ طَهَارَةَ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ ، كَمَا أَوْجَبَ غَسْلَ الْأَطْرَافِ الَّتِي يَعْرِضُ لَهَا الْوَسَخُ كُلَّ يَوْمٍ بِأَسْبَابٍ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَتَكَرَّرَ كُلَّ يَوْمٍ ، وَغَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِأَسْبَابٍ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَتَكَرَّرَ كُلَّ عِدَّةِ أَيَّامٍ ، وَأَكَّدَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ ، وَحَثَّ عَلَى السِّوَاكِ وَالطِّيبِ .
عباد الله :إنّ شريعة الإسلام جاءت ببذْل الأسباب والدّعوة إلى التّداوي، وأنّ التَّداوي والاستشفاء لا يتنافى مع التّوكّل على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .
والتّداوي الذي جاءت به شريعة الإسلام يتناول نوعي الطّب : الطّبّ الوِقَائي الذي يكون قبل نزول المرض ، والطّبّ العِلاجي الذي يكون بعد نزوله ؛ وبكلِّ ذلكم جاءت الشَّريعة. وجاء فيها أصول العلاج والشِّفاء وأصول التّداوي مما يحقِّق للمسلم سلامةً وعافيةً في دنياه وأخراه .
ففي مجال الطِّبّ الوقائي يقول نبيُّنا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ : « مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ » متفقٌ عليه .
وجاء عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديث عثمان بن عفَّان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ : بِسْمِ اللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرْضِ وَلاَ في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، إِلاَّ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ ) رواه أَبُو داود والترمذي وصححه الالباني.
وجاء عنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ كما في حديث عبد الله بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنّه كان لا يدع هـؤلاء الدّعوات حين يصبح وحين يمسي: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِى دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي ، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» رواه أَبُو دَاوُدَ وصححه الألباني.
وفي هـذه الدّعوة تحصينٌ تامّ وحِفْظٌ كامل للعبد من جميع جهاته . أقول قولي ...
الخطبة الثانية :
قال تعالى : (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ) .
عبادالله : تمشياً مع توجيهات الدولة رعاه الله بالتعاون مع الأوقاف والمساجد بحث الناس على رفع الوعي الصحي عن إنتشار الأوبئة والأمراض في هذه الأيام ونظراً لخطورة هذا الأمر فقد كلفت وزارة الصحة فرق ميدانية لنشر الوعي الصحي بين الناس وسبل الوقاية والعلاج لهذه الأمراض التي انتشرت والله المستعان فنأمل من الجميع التعاون مع هذه الفرق وتسهيل عملهم لما فيه المصلحة العامة ونشر الوعي الصحي وطرق الوقاية منها وكيفية التعامل معها .
الا وصلوا ...
[/align]
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } .
عباد الله :لقدخاضت البشرية غمار الصراع مع الأمراض المعدية منذ أزمنة بعيدة وسجلت أسماء الأوبئة في صفحات التاريخ، واليوم الحديث عن الأوبئة المعدية والتي ظهرت وذاع صيتها في بلادنا المملكة العربية السعودية والتي ابتدأت بحمى الوادي المتصدع وبحمى الضنك مرورا بأنفلونزا الطيور وأنفلونزا الخنازير ثم فايروس "كورونا" وقد أصابت الناس بالرعب والخوف من العدوى .
عباد الله :ومن المعلوم أن الوقاية من هذه الأوبئة والأمراض تكون بالعودة إلى الدين الصحيح والتمسك بالكتاب والسنة والحرص على النظافة والطهارة ،يسهم بشكل مباشر في الحد من مشكلة انتشار هذه الأمراض بل والتخلص منها فنحن كمسلمين ينبغي أن نتمسك بهذه التعاليم لأنها جزء من الدين ولثبوت فائدتها لصحة الإنسان والحفاظ على البيئة والحماية من الأمراض بإذن الله.
عباد الله : إن مِنَ الْمَعْرُوفِ عَقْلًا وَتَجْرِبَةً أَنَّ الْوَسَخَ وَالْقَذَارَةَ مَجْلَبَةُ الْأَمْرَاضِ وَالْأَدْوَاءِ الْكَثِيرَةِ ، كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الطِّبِّ ; وَلِذَلِكَ نَرَى الْأَطِبَّاءَ ، يُشَدِّدُونَ فِي أَيَّامِ الْأَوْبِئَةِ وَالْأَمْرَاضِ الْمُعْدِيَةِ - بِحَسَبَ سُنَّةِ اللهِ تَعَالَى فِي الْأَسْبَابِ - فِي الْأَمْرِ بِالْمُبَالَغَةِ فِي النَّظَافَةِ ، وَجَدِيرٌ بِالْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا أَصْلَحَ النَّاسِ أَجْسَادًا ،وَأَقَلَّهُمْ أَدْوَاءً وَأَمْرَاضًا ; لِأَنَّ دِينَهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي نَظَافَةِ الْأَبْدَانِ وَالثِّيَابِ وَالْأَمْكِنَةِ ; فَإِزَالَةُ النَّجَاسَاتِ وَالْأَقْذَارِ الَّتِي تُوَلِّدُ الْأَمْرَاضَ مِنْ فُرُوضِ دِينِهِمْ ، وَزَادَ عَلَيْهَا إِيجَابَ تَعَهُّدِ أَطْرَافِهِمْ بِالْغَسْلِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا ; إِذْ نَاطَهُ الشَّارِعُ بِأَسْبَابٍ تَقَعُ كُلَّ يَوْمٍ ، وَتَعَاهَدَ أَبْدَانَهُمْ كُلَّهَا بِالْغُسْلِ كُلَّ عِدَّةِ أَيَّامٍ مَرَّةً ، فَإِذَا هُمْ أَدَّوْا مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ ، تَنْتَفِي أَسْبَابُ تَوَلُّدِ جَرَاثِيمِ الْأَمْرَاضِ عِنْدَهُمْ ، وَمَنْ تَأَمَّلَ تَأْكِيدَ سُنَّةِ السِّوَاكِ ، وَعَرَفَ مَا يُقَاسِيهِ الْأُلُوفُ وَالْمَلَايِينُ مِنَ النَّاسِ مِنْ أَمْرَاضِ الْأَسْنَانِ ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَكْبَرُ عِبْرَةٍ ، وَمِنْ دَقَائِقِ مُوَافَقَةِ السُّنَّةِ فِي الْوُضُوءِ لِقَوَانِينِ الصِّحَّةِ - غَيْرُ تَقْدِيمِ السِّوَاكِ عَلَيْهِ - تَأْكِيدُ الْبَدْءِ بِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَهَذَا ثَابِتٌ فِي كُلِّ وُضُوءٍ ، فَهُوَ غَيْرُ الْأَمْرِ بِغَسْلِهِمَا لِمَنْ قَامَ مِنَ النَّوْمِ ؛ ذَلِكَ بِأَنَّ الْكَفَّيْنِ اللَّتَيْنِ تُزَاوَلُ بِهِمَا الْأَعْمَالُ يَعْلُقُ بِهِمَا مِنَ الْأَوْسَاخِ الضَّارَّةِ وَغَيْرِ الضَّارَّةِ مَا لَا يَعْلُقُ بِسِوَاهُمَا ، فَإِذَا لَمْ يَبْدَأْ بِغَسْلِهِمَا يَتَحَلَّلُ مَا يَعْلُقُ بِهِمَا فَيَقَعُ فِي الْمَاءِ الَّذِي بِهِ يَتَمَضْمَضُ الْمُتَوَضِّئُ وَيَسْتَنْشِقُ ، وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ وَعَيْنَيْهِ ، فَلَا يَأْمَنُ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ مَعَ كَوْنِهِ يُنَافِي النَّظَافَةَ الْمَطْلُوبَةَ .وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي الطَّهَارَةِ : أَنَّهَا هِيَ الْمُبَالَغَةُ فِي النَّظَافَةِ مِنْ غَيْرِ تَنَطُّعٍ ، وَلَا وَسْوَسَةٍ ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ الْمَعْقُولَةِ الْمَعْنَى .
وَقَدْ أَوْجَبَ الْإِسْلَامُ طَهَارَةَ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ ، كَمَا أَوْجَبَ غَسْلَ الْأَطْرَافِ الَّتِي يَعْرِضُ لَهَا الْوَسَخُ كُلَّ يَوْمٍ بِأَسْبَابٍ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَتَكَرَّرَ كُلَّ يَوْمٍ ، وَغَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِأَسْبَابٍ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَتَكَرَّرَ كُلَّ عِدَّةِ أَيَّامٍ ، وَأَكَّدَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ ، وَحَثَّ عَلَى السِّوَاكِ وَالطِّيبِ .
عباد الله :إنّ شريعة الإسلام جاءت ببذْل الأسباب والدّعوة إلى التّداوي، وأنّ التَّداوي والاستشفاء لا يتنافى مع التّوكّل على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .
والتّداوي الذي جاءت به شريعة الإسلام يتناول نوعي الطّب : الطّبّ الوِقَائي الذي يكون قبل نزول المرض ، والطّبّ العِلاجي الذي يكون بعد نزوله ؛ وبكلِّ ذلكم جاءت الشَّريعة. وجاء فيها أصول العلاج والشِّفاء وأصول التّداوي مما يحقِّق للمسلم سلامةً وعافيةً في دنياه وأخراه .
ففي مجال الطِّبّ الوقائي يقول نبيُّنا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ : « مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ » متفقٌ عليه .
وجاء عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديث عثمان بن عفَّان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ : بِسْمِ اللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرْضِ وَلاَ في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، إِلاَّ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ ) رواه أَبُو داود والترمذي وصححه الالباني.
وجاء عنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ كما في حديث عبد الله بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنّه كان لا يدع هـؤلاء الدّعوات حين يصبح وحين يمسي: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِى دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي ، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» رواه أَبُو دَاوُدَ وصححه الألباني.
وفي هـذه الدّعوة تحصينٌ تامّ وحِفْظٌ كامل للعبد من جميع جهاته . أقول قولي ...
الخطبة الثانية :
قال تعالى : (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ) .
عبادالله : تمشياً مع توجيهات الدولة رعاه الله بالتعاون مع الأوقاف والمساجد بحث الناس على رفع الوعي الصحي عن إنتشار الأوبئة والأمراض في هذه الأيام ونظراً لخطورة هذا الأمر فقد كلفت وزارة الصحة فرق ميدانية لنشر الوعي الصحي بين الناس وسبل الوقاية والعلاج لهذه الأمراض التي انتشرت والله المستعان فنأمل من الجميع التعاون مع هذه الفرق وتسهيل عملهم لما فيه المصلحة العامة ونشر الوعي الصحي وطرق الوقاية منها وكيفية التعامل معها .
الا وصلوا ...
[/align]
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق