الوعظ في رمضان ... وكيف يكون

احمد ابوبكر
1434/09/14 - 2013/07/22 08:38AM
بسم الله الرحمن الرحيم

ينبغي للواعظ أن يتبع منهجية في تذكير الناس(#)، ويبني دعوته على أساس القران والسنة حتى تثمر دعوته في هداية المدعوين ،وانتشالهم مما هم في غفلة وضياع ،وان لا يكون الوعظ لديه كأنه هم يريد إزالته أو وظيفة يريد أدائها باي طريقة، وعليه أن تتوفر فيه صفات الداعية الحريص على هداية الناس ومن تلك الصفات :
1-المتابعة لرسول الله في كل شؤونه وخاصة قيما يتعلق بجانب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولاشك انه ما من حالة يمر بها الداعية إلا وفي سيرة المصطفى ما يوافقها أو قريب منها أو يشبهها .
2-أن يكون سباقا إلى فعل الخير عاملا بما يقول مطبقا لما يأمر، منكفا لما ينهى عنه وإلا فشل في دعوته ولم تؤثر كلمته فيمن حوله ،بل تصل ميتة الى قلوب السامعين .

ومما لفت انتباهي في أيام رمضان المبارك أن بعض الوعاظ هداهم الله يفتقد ابسط مقومات الدعوة من العلم النافع، والصبر الجميل والحلم على الأذى، فتراه في وعظه وتذكيره يخبط خبط عشواء فلا يراعي أحوال المستمعين ولا يهتم لعامل الوقت و يرى تململ الناس من وعظه دون مراعاة مشاعرهم وما يصلح معاشهم، وهذا وأمثاله ربما يفسد أكثر مما يصلح ،وينفر أكثر مما يجمع ويؤلف ،وفوق ذلك كله يتعالى ويفتخر بصنيعه وصدق الشاعر :

أن كنت تدري فتلك مصيبة وان كنت لا تدري فالمصيبة أعظم

وهذه خطوط عامة تنفع الواعظ في شهر البركة والمغفرة ،وقد طبقتها في مسجدي فوجدت لها فائدة عظيمة .
أولا :الاختيار الأمثل :ان تكون مواعظه وخطبه مناسبة لمقتضى لحال واليك المثال :
-في بداية رمضان وقبل دخوله يناسب الكلام عن الاستعداد للشهر الفضيل ،والفرح بقدومه والدعاء بان يبلغنا إياه، والتحدث عن نعمة الله على خلقه ،وان الله خص الأمة المحمدية بخصائص فضلها به عن بقية الأمم منها هذا الشهر الفضيل فعلينا استغلاله وحسن استقباله .
-في أول خطبة من رمضان يناسب الكلام عن فضائل الشهر الكريم، وما فيه من ميزات تحث المسلم على التزود من العمل الصالح،| وان رمضان فيه تغفر السيئات وتضاعف الحسنات، وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين، وانه شهر المغفرة والغرض هو حث المسلمين على فضيلة شهر رمضان ليصوموه بنفس زكية مطمئنة ،وليرغبوا بما فيه من الخيرات والمسرات .

-في الأسبوع الثاني يناسب الكلام عن فضل تلاوة القران والإنفاق والجود في رمضان، وان على المسلمين الاهتمام بتلاوة كتاب الله الذي به سعادة القلوب وانشراح الصدور، وان الإنفاق والجود خاصة في إفطار الصائمين من أفضل الأعمال ،وقد كان رسول الله أجود ما يكون في رمضان، وبيان العلاقة بين الجود وتلاوة القران .

-في الأسبوع الثالث يناسب الكلام عن الحفاظ على الصوم من المبطلات التي تذهب باجر الصائم – كله أو بعضه -وان على السلم أن يكون اشد حفاظا للسانه وعينه من أنواع المحرمات، وان رمضان مجالا للمسابقة إلى إعانة المحتاجين وزيارة المرضى لا إيذائهم، وليحذر الداعية من توجيه النصوص الشرعية التوجيه الخاطئ وعليه الرجوع إلى تفسير الآية وشرح الحديث وليقتصر على ذلك .
-في الأسبوع الرابع – أي ما قبل حلول عيد الفطر –يناسب الكلام عن فضائل الأيام العشر وليلة القدر وفضيلة الاعتكاف ،وان المسلم عليه أن يختم كما بداء بالجد والاجتهاد |،وان لا يكون أخر عهده برمضان الكسل والفتور، ويذكر الأحاديث الوارد في فضائل الإعمال من قيام ودعاء وذكر وتلاوة قران .

خطبة العيد :ينبغي أن تكون خطبة العيد شاملة لمعاني الإسلام من صلة الرحم والوصية بالنساء، والأمر بالتوحيد ولزوم السنة، والمحافظة على الصلوات وإدخال السرور على الفقراء والمحتاجين بالتصدق عليهم ،ونصرة قضايا الأمة الإسلامية ،والحث على جهاد الأعداء، ولزوم الوسطية والاعتدال في جميع الأمور، والنهي عن الغلو والتشدد ،والتذكير ببعض السنن الواردة في صلاة العيد كمخالفة الطريق والإفطار على تمرات ونحو ذلك .

-ما بعد رمضان يناسب الكلام على الاستقامة ،ولزوم طريق السنة والمحافظة على العمل وان قل ،وان لا يكون السلم شبيها بالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ،والوسائل المعينة على الاستقامة والثبات على الحق ولزوم الجماعة ونحو ذلك .

ثانيا : مراعاة عامل الوقت وخاصة في أيام رمضان المبارك فلس كلُّ وقت يصلُح لوعْظ الناس وإرشادهم، فليس مِن الحِكمة - مثلاً - موعظةُ الناس بعْد صلاة الظهر، وهو وقتُ انشغال الناس بأعمالهم وأمور معاشِهم، أو وقت انصرافِ الناس إلى نومِهم وراحتهم في اللَّيْل، وهو مِن أخطاء بعض الوعَّاظ، يُريد أن يُلْقي مواعظَه دون إعطاء أهميَّة لحالِ مَن يدعوهم، وكأنَّه لا يخاطِب بشَرًا، لهم مشاعِرُ وأحاسيس .ومراعاة عامل الوقت يتضمن :
- لا بدَّ من تحيُّنِ فرصة مناسبة؛ ليُنتفعَ منها، وتقعَ موقعها في النفوس، فتدعوهم للعمل الصالح، وترْك ما أَلِفوه من المنكرات، ويحصُل ذلك عندما يتهيَّأ الداعي إلى إلْقاء موعظته، فيحدُث أمرٌ مفاجئ؛ لذا عليه أن يدَّخِر الموعظة لوقتٍ مناسب آخر ،ومن المناسب في أيام رمضان أن تكون المواعظ بعد صلاة العصر أو بعد صلاة التراويح حسب حال المصلين .

-عدم الإطالة في الموعظة خشية الملل ،وخير الكلام ما قل ودل ،فلو اقتصر الواعظ على جملة من الآيات والأحاديث، مع بيان لبعض المفردات وشرح لبعض غوامض الألفاظ لكان ذلك كافيا ومفيدا ونافعا ،وقد دل على ذلك مواعظه صلى الله عليه وسلم في الجملة ،فقد كان يحرِص عليه الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد قال ابنُ مسعود - رضي الله عنه -: "إَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏- صلَّى الله عليه وسلَّم - ‏كانَ ‏يَتخَوَّلُنا بالموْعِظَةِ في الأيَّامِ؛ كراهِيَةَ السَّآمةِ عليْنا .

أخطاء يقع فيها بعض الوعاظ :

-ومن ذلك أن يلقي درسا في بداية رمضان عن حفظ اللسان ،والحذر من الغيبة ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ونحو ذلك من الأحاديث الشريفة،أو حديث ( أتدرون من المفلس ) وقصده من ذلك تنبيه المصلين إلى حفظ الصيام، ولكن ذلك لا يناسب الحال، بل المطلوب هو الترغيب في صيام رمضان وبيان فضائله وخصائصه لان النداء موجه إلى شريحة واسعة من المجتمع ،ولفتح باب الأمل والتوبة إمامهم وحتى لا يكون الواعظ منفرا منذ البداية .

- ومثله أو قريب منه الكلام عن عذاب القبر وما اعد الله للعصاة في من العذاب الأليم في خطبة عيد الفطر ،والمناسب أن يتكلم الواعظ عن صلة الرحم ،وأثرها على المجتمع، وبيان فضل من صام وقام ايمانا واحتسابا، ومِن الحكمة استغلالُ تلك المناسبة في موعِظة عن الشُّكر، وبيان هَدْي الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في والمناسبات والأفراح .كما تقد ذكره .

-من الأخطاء بيان دقائق مسائل الفقهاء المتأخرين في مسائل الصوم في الوعظ حتى يوقع الناس في الحرج والوسواس فيضيق ما وسع الله به على الأمة، فالغبار او الدقيق إذا دخل الفم يفطر الصائم، والصائم عليه عدم بلع ريقه ،والحجامة لا تجوز- وكذا التبرع بالدم - والقيء بغير تعمد يفطر ،وشم الروائح يجب الابتعاد عنه ،وبخاخ الربو يفطر ،والاستحمام ينبغي التحرج منه ،ونحو ذلك من الفتاوى والواجب أن يذكر لهم الدليل الشرعي من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم من ائمة السلف والحديث رضوان الله عليهم أجمعين في مسائل الدين .
وكتبه مرشد الحيالي
_____________
#تكلمنا باستفاضة في بحثنا (إمام المسجد ودوره التربوي في رمضان) نشر على الالوكة ،وقد اشرنا في هذا المقال ما يتعلق بالجانب الوعظي مثل الدرس والخطبة .

أ/مرشد الحيالي
المشاهدات 2280 | التعليقات 1

مشكلتنا تكمنُ في افتقاد كثيرٍ من الخطباء للتفكير الناقد الحسّاس الذي يمكّن صاحبه من دراسة قبليّة و ميدانيّة و بعديّة للفعل الخطابي ، هذه الدراسي هي ( النهج الخطابي ) الذي يصيرُ بموجبه المتكلّم في الناس | خطيبًا " يستحق تلك الرتبة ! . أم مجرّد الحديث في الناس بدون بوصلة هادية فليس ذلك هو الخطابة .. ولا صاحب هذا الفعل هو : الخطيب !
تصوّر يأ أستاذ أحمد - ووالله حصل هذا عندنا - :
تمالك نفسَك قبل سماع هذه الحقيقة !! :
خطيب . . ( !! ) في خطبة عيد الأضحى المبارك : كان موضوعها " عذاب القبر .. !! مع بكاءٍ شديدٍ .. و خطابٍ طويل . . ومؤسف !!!
ألا يدعو هذا إلى البكاء على هذا الخطيب . . و على هذه الأمّة . . التي هي القبر الحقيقي الذي يعذّب فيه الناس أسبوعيًّا ؟!!