الوصية بالتقوى

بسم الله الرحمن الرحيم

إخوة الإيمان والعقيدة ... أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فهي الوقايةُ من الشرّ والعذاب، الموصلة إلى الخير والثواب، ومن رحمته سُبحانه أن بيّن لنا مراتب الخير والثواب، وحثنا عليها، وسهّل لنا أسبابها وطُرُقها، حيثُ وصف عباده المُتقين بقيامهم بِحُقوقه وحُقوق عِباده، ونفى عنهم الإقامة على الذُنوب والإصرار عليها، فكونوا عباد الله من المتّقين، ومن الدُنيا حَذِرين التي لو بقيت لأحدٍ لبقيت للأنبياء، ولكنها خُلقت للفناء، فجديدها بال، ونعيمها مضمحل (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).

أيها المؤمنون ... بيّن الله تعالى لنا طُرق الخير، وأثابنا عليها بالجنة (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) فالمُتّقون هُم المُلتزمون بطاعته، البعيدين عن معصيته.

فتقوى العبد لربه تتحقّق بجعل الوقاية بينه وبين غضب الله سبحانه، بفعل الطاعات واجتناب المعاصي، بأن يُطاع الله فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، وقد قال عليٌّ رضي الله عنه: التقوى هي: الخوف من الجليل، والعملُ بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.

فمن الذي ينفعنا إذا مِتنا وصرنا إلى دار الحقّ؟ من الذي يصحبنا إلى قبورنا ويؤنس وحشتنا؟ ما الذي يمنع عنا العذاب؟ إنّها والله التقوى وأعمالنا الصالحة.

إن المُتدبّر في كتاب ربّه وسُنّة رسوله يُدركُ أن التقوى جِماعٌ وسببٌ لِكُلّ خيرٍ في الدُنيا والآخرة، وهي سببٌ لسعادة المؤمن والنجاة، وسببٌ لتفريج الكروب في الدُنيا والآخرة (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وهذه الآية أجمعُ آيةٍ في القُرآن؛ لأنها تجمعُ خيريّ الدُنيا والآخرة؛ فالمُتّقي يجد المخرج مما يُصيبهُ من مصائب الدُنيا وكُربات الآخرة.

ومن أعظم الثّمار التي يجنيها المؤمن بتقواه حُصولهِ على معيّة الله تبارك وتعالى، ومحبّته، وولايته، وما أعظمها من ثِمار! (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).

خلّ الذنوبَ صغيرها وكبيرها فهو التُّقى

واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرنّ صغيرةً إن الجبال من الحصى.

معشر الفضلاء ... التقوى وصيةٌ من الله تعالى لجميع عِباده الأولين والآخرين، كما أنها وصية جميع الأنبياء لأقوامهم، كما أنها وصيةُ الصحابة الكرام وتابعيهم، فقد كان أبو بكر وعُمر -رضي الله عنهما- يبدؤون خُطبهم بالناس بالوصية بالتقوى، فكلّنا بحاجة إلى التقوى ولو كان الواحد منّا من أعلم العلماء، ألم تقرأ وصية الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّه).

ألا فلنتَّقِ الله حقَّ تُقاتِه، في الشّدة والرخاء، وفي السّر والعلانية، وفي الجلوة والخلوة، لنكون من المهتدين بإذن الله إلى صراطه المستقيم في الدنيا والآخرة.

الحمد لله المتفرّد بعظمته وكبريائه ومجده، المدبّر للأمور بمشيئته وحكمته وحمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وربوبيته وفضله ورفده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

معاشر المؤمنين ... تقوى خيرُ لباسٍ وزاد، وأفضلُ وسيلةٍ إلى رضا رب العِباد (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً).

إن للتقوى الكثير من الفضائل، فهي سببٌ لتيسير العسير، وتفريج الكُروب والخُطوب، وسببٌ للنجاة من السوء والعذاب، وتكفير السيئات، ورفع الدرجات، والفوز بالجنات، كما أنها سببٌ لإنزال المدد من رب السماء، ونيل رحمته وإكرامه، والنجاة من عذابه، وقَبول الأعمال عنده.

اللهم إنّا نسألُك الهُدى والتُقى والعفاف والغِنى، اللهم اهدنا إلى صراطك المُستقيم؛ صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، اللهم زودنا من التقوى، واغفر لنا ذُنوبنا، اللُهم يسّر لنا الخير حيثُ كان. اللهُم أحينا ما كانت الحياةُ خيراً لنا، وتوفّنا ما علمت الوفاة خيراً لنا، اللهم زيّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هداةً مهتدين، اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا وارزقنا. اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم إنا نسألك من الخير ما سألك منه عبدك ونبيك، ونعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل. اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.

المرفقات

1692933635_الوصية بالتقوى.pdf

1692933644_الوصية بالتقوى.docx

المشاهدات 809 | التعليقات 0