النعم بين الشكروالكفر
صالح العويد
1434/06/21 - 2013/05/01 18:57PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه خطبة قدتكون مناسبة لهذه الأيام
التي نتقلب فيهابنعم الله جعلني الله وإياكم
من الشاكرين جزى الله من جمعهاوكتبهاوقرأهاوخطب بها
خيرالجزاء وفقني الله وإياكم لكل خير
هذه خطبة قدتكون مناسبة لهذه الأيام
التي نتقلب فيهابنعم الله جعلني الله وإياكم
من الشاكرين جزى الله من جمعهاوكتبهاوقرأهاوخطب بها
خيرالجزاء وفقني الله وإياكم لكل خير
المشاهدات 2222 | التعليقات 3
بوركت اسأل الله ان نكون من الشاكرين
ابو عبدالله التميمي;16024 wrote:
بوركت اسأل الله ان نكون من الشاكرين
وبوركت أخي أبي عبدالله وشكرالله لك مشاركتك
صالح العويد
أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون، وراقبوه في السر والنجوى والخلوة والجلوة، فـإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَىْء فِي ٱلأرْضِ وَلاَ فِى ٱلسَّمَاء هُوَ ٱلَّذِي يُصَوّرُكُمْ فِي ٱلأرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
وهاهو ذا، يقدم من بعيد، يحث المسير بخطىً ثابتة، يُحدّث هذا، ويخاطب ذاك، يرفل في ثوب الصحة والعافية، سليم الأعضاء، حاضر العقل، ثاقب البصر، صحيح السمع، قائم اللسان. جلس مرة مع نفسه ليعود بالذاكرة إلى الوراء، يقلب صفحات الحياة صفحة صفحة يتخطى من عمر الزمن عمرَه: عشرين عاماً، أو ثلاثين أو أربعين أو تزيد. عادت به ذاكرته إلى الأيام التي كان فيها حبيساً في بطن أمه، يتقلب في جوفها، يأتيه رزقه ولا يسعى إليه، يتنفس الهواء النقي في أمن وأمان.
من رزقه؟ من أرسل النسمات إلى صدره الصغير؛ لتردد نفساً يبث الحياة فيه؟ من حفظه ورعاه، واحتواه وحماه؟ صدفة أم طبيعة؟ خابوا وخسروا وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ [النحل:53].وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةٍ مّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَـٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَـٰماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَـٰمَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَـٰهُ خَلْقاً ءاخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ
ثم يتذكر ذلك اليوم الذي استهل فيه صارخاً، يستقبل أول أيامه في هذه الدنيا، قد مُنَّ عليه بالحياة من بين أعداد ليست باليسيرة، استقبلتهم الأرض في باطنها لم يكتب لهم البقاء، ومن ثمّ هُيِّئ لك طعامك، عُصارة من جسد أمك الحنون.
من يسره؟ من كونه وخلقه في جوف أمك؟ من ألهمك أن تلتقم ثديها وأنت لا تعلم شيئاً، ولا تملك لنفسك ضراً ولا نفعاً؟
أهي الطبيعة البشرية أم الإحساس المجرد؟ خابوا وخسروا.
إنها العناية الإلهية وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ، وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلاْبْصَـٰرَ وَٱلافْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل:78].
ثم كبرت وترعرعت شيئاً فشيئاً، يوم يسلمك إلى يوم، وشهر إلى شهر، وسنة إلى أخرى، كل هذا وأنت على أتم صحة، وأطيب حال، من سوّاك؟ من خلقك وصورك؟ من كساك من عري و من جوع أطعمك ؟ من آواك؟ من كفاك؟ من يسر أمورك؟ من أغناك ومن كل شيء رزقك ؟
أعقلك البشري أم اكتساب الخبرات وتناقل المعرفة؟
خابوا وخسروا. وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ.
أخرج مسلم وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا ابن آدم حملتك على الخيل والإبل، وزوجتك النساء وجعلتك ترْبَع وترأس، فأين شكر ذلك؟)).
ولا يزال الطب وأربابه، وعلماء النفس يفتشون وينقبون، والمتخصصون في الأجنة والبحث في عالمها، والمعنيون بالكواكب وأفلاكها، لا تزال العلوم ولن تزال في كل يوم، بل في كل لحظة، تكتشف الجديد من بديع صنع الله في مخلوقاته، وما خفي أعظم
عجبالسماء مرفوعة بلا عمد، فيها من الأفلاك والنجوم ما لا يحصيه إلا الله من العدد، تسير وفق نظام معين، لا يختل ولا يتغير، كل يجري في محيطه لا يخرق قِيْدَ أنملة.
الشمس في موقعها بدقة، لو اقتربتْ قليلاً، لاكتوى الخلق بنار محرقة وحر لا يطاق، ولو تباعدت يسيراً لكسى الكون الجليد.
من الذي جعل لها مكاناً لا تحيد عنه، وفلكاً لا تخرج منه، يناسب الكائنات على هذه المعمورةأقوة جاذبية الكواكب بعضها لبعض؟ عجباً للعقول والأفهام، إنه التقدير الإلهي، الصنعة الربانية صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء [النمل:88]، وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ.وَٱلشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَـٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
بينما الأرض جدباء قاحلة، والسماء صافية تربعت في كبدها شمس الهاجرة، إذا بالغيم يتسابق من كل مكان لتبرق السماء وترعد، فتنثر ما فيها من خير على وجه الأرض القاحلة، فما هي إلا أيام قلائل، والخضرة تكسو الأرض بأنواع شتى من الزروع والثمار.
من أمطر السماء؟ ومن فجر الماء؟ من أنبت الزرع ورعاه، فنمّاه ورباه؟ جهد البشر أم أن الطبيعة أوجدت نفسها؟ خابوا وخسروا، إنه الله القدير وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ.
أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزْجِى سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزّلُ مِنَ ٱلسَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِٱلاْبْصَـٰرِ [النور:43].
وَتَرَى ٱلأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَاء ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج:5].
جبال راسيات، وبحور زاخرات، نبات وشجر، هواء وماء، كلها وغيرها قد سخرت لك، نعم سخرت لك أنت ـ أيها الإنسان ـ: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مّنْهُ [الجاثية:13].
فهل نحمد ونشكر، أم نجحد ونكفر؟!
وقبل هذه كلها وبعدها تلتفت يمنة ويسرة إذا بالأعداد ليست باليسيرة من الناس، وإذا بأكوام من البشر، يعبدون الحجر والشجر، ويسجدون للشمس والقمر، يؤلهون صنماً أو يتمسحون بقبر، ويخضعون لبشر، في حين أنك أنت اختارك الله واصطفاك وطهرك واجتباك، فكنت وما زلت عبداً لله، مّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرٰهِيمَ هُوَ سَمَّـٰكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هَـٰذَا [الحج:78]. وزادك الله شرفاً وعزاً يوم جعلك من خير أمة أخرجت للناس، أمة الخير والعطاء، نبيها أفضل الأنبياء صلى الله عليه وسلم تسليما، وكتابها خير الكتب، وشرعها خاتم الشرائع وناسخها.
إن دعوت فإلى الله تمد يديك، وتهمس بشفتيك، ، إن ضاقت بك السبل وعظمت عليك البلايا فإليه ترفع حاجتك، وبه تنزل شكايتك، إن توكلت فعليه، وإن فررت فإليه، إن أحببت فله، وإن أبغضت ففيه، وإن استعنت فبه وحده حياتك له، أقوالك وأفعالك، بل حتى همس لسانك، وخفقان قلبك، ونبض الحياة في عروقك، كلها لله، لله وحده دون سواه،
فهل بعد هذا العز من عز؟ وهل بعد هذه النعمة من نعمة؟ لا والله وألف لا، فحمداً لك ربنا وشكراً.
لله فـي الآفــاق آيــات لعلــْ ـلَ أقلهـا هـو مـا إليـه هداكــا
ولعل ما فـي النفـس مـن آياتـه عجب عجـاب لـو تـرى عينـاكـا
والكــون مشـحون بأسـرار إذا حـاولــت تفسـيراً لهـا أعيـاكـا
قل للجنـين يعيـش معزولاً بــلا راع ومرعـى مـا الـذي يرعاكــا
قل للوليد بكى وأجهش بالبكـــاء لـدى الـولادة مـا الـذي أبكـاكـا
واسأل بطون النحل حين تقاطـرت شـهـداً وقـل للشـهد مـن حلاكـا
بل سائل اللبن المصفــى كان بيـ ــن دم وفـرث مـا الـذي صفاكا
قل للهواء تحسـه الأيـدي ويخـ ـفى عن عيون النـاس مـن أخفاكـا
وإذا رأيت النبـت في الصحراء يَرْ بــو وحـده فاسـأله مـن أرباكـا
وإذا رأيت البـدر يسـري ناشـراً أنــواره فاسـأله مـن أسـراكــا
واسأل شعاع الشمس يدنو وهي أَبْـ ـعَدُ كـل شـيء مـا الـذي أدناكـا
وإذا رأيت النخل مشقـوق النـوى فاسـأله مـن ـ يا نخل ـ شق نواكا
وإذا ترى الجبل الأشـم منـاطحـاً قمم السحـاب فسـله مـن أرساكـا
وإذا رأيت النهر بالعـذب الـزلال جـرى فسـله مـن الـذي أجراكـا
وإذا رأيت البحر بالملـح الأجـاج طغـى فسـله مـن الـذي أطغاكـا
وإذا رأيت الليـل يغشـى داجيـاً فاسأله من ـ يا ليل ـ حـاك دجاكـا
وإذا رأيت الصبح يسـفر ضاحيـاً فاسأله من ـ يا صبح ـ صاغ ضحاكا
ستجيب ما فـي الكـون مـن آياته عجـب عجـاب لـو تـرى عيناكـا
ربي لك الـحمـد العظـيم لذاتـكَ حمــداً وليــس لواحــد إلاّكــا
يا مدرك الأبصـار والأبصـار لا تــدري لـه ولِكـُنْهِـهِ إداركـــا
يا منبت الأزهار عاطـرة الشـذى ما خـاب يومـا مـن دعـا ورجاكـا
يا أيها الإنســان مهـلاً ما الـذي باللـه جــل جلالـه أغـراكـــا؟
هل هي مسألة سهلة أن تمشي على قدميك، وقد بترت أقدام، وأن تعتمد على ساقيك، وقد قطعت سوق؟ أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير وأن تملأ معدتك من الطعام الشهي، وتكرع من الماء البارد وفي الناس من عُكّر عليه الطعام، ونغص عليه الشراب بأمراض وأسقام؟ تفكر في سمعك وقد عوفيت من الصمم، وتأمل في نظرك وقد سلمت من العمى، وانظر إلى جلدك وقد نجوت من البرص والجذام، والمح في عقلك وقد أُنعم عليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول.
أتريد في بصرك وحده كجبل أحد ذهباً؟ أتحب بيع سمعك بوزن ثَهْلاَن فضة، هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون أبكم؟ هل تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع؟
إنك في نعم عميمة، وأفضال جسيمة، ولكنك لا تدري. فكر في نفسك، وأهلك وبيتك وعملك وعافيتك وأصدقائك، والدنيا من حولك (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها.
قال يونس بن عبيد لرجل يشكو ضيق حاله: (أيسرك ببصرك هذا مائة ألف درهم، قال الرجل: لا، قال: فبيديك مائة ألف؟ قال: لا، قال: فبرجلك مائة ألف؟ قال: لا، فذكّره نعم الله عليه، فقال يونس: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة).
وفي الحياة مصائب وكروب، وأوجاع وآلام، هم وغم، أمراض وأسقام، ضيق الرزق، وكدر في المعيشة.
وفي لحظة اجتمعت عليك الهموم والغموم، وحلت بساحتك الأتراح والأحزان، مرض عضال، موت حبيب أو قريب، ضائقة في المال والعيش، من حينها تذكرت أنك طرقت كل الأبواب إلا باباً واحداً، وخضت كل السبل إلا سبيلاً واحدة، ذكرت كل أحد، ونسيت الواحد الأحد
عندها رفعت يديك خاشعاً متذللاً خاضعاً مفتقراً، وعرضت حاجتك على مولاك وخالقك، فإذا بالفرج يطل على ربوعك، والحبور ينزل بساحتك، بعد أن شعرت أن قد فارقك وفارقته، بلا عودة ولا رجعة.
من فرج همك وآ نس وحشتك وأزاح كربتك؟
إنه الله، فسبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
روى مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجباً لأمر المؤمن، أن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله إنه كان غفارًا.
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.
أمابعد أيها المؤمنون، تلك رحلة قصيرة عشناها في ربوع النعم والأفضال التي يسبغها الله على عباده في كل يوم وليلة، ومع تقلب الليل والنهار، وتعاقب الأزمان والأحوال ولكن ثمة قضية لابد أن نعيشها ملء الأسماع والأبصار ونتفكر فيها قدر العقول والأفهام.
أيها الأحبة في الله، نعم عظيمة، وآلاء جسيمة، يكفي في بيانها قول ربنا: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]، هل أدينا شكرها وقمنا بواجب الحمد فيها؟
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إن النعمة موصولة بالشكر، والشكر يتعلق بالمزيد، وهما مقرونان في قرن، فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد).
وقالت عائشة رضي الله عنها: (ما من عبد يشرب الماء القراح فيدخل بغير أذى ويُخرج الأذى إلا وجب عليه الشكر).
وإن فئاماً من الناس ظن أن الشكر أحرف وكلمات، عبارات وهمسات، ينطق بها لسانه وقلبه غافل ساهٍ جوارحه غارقة في المعاصي والآثام، العين تبصر ما تشاء ومن تشاء، والأذن تسمع ما تشتهي، واللسان ينطق بما يحلو له، والأقدام تسير، واليدان تبطشان دون مراعاة حلال أو حرام.
هل شكر نعمة الله، من ترعرع جسده، ونمت أحشاؤه مِنَ الربا والحرام؟هل شكر نعمة الله من فرط في عمود دينه، فترك الصلاة أو تهاون في أدائها وأخرها عن أوقاتها؟
هل شكر نعمة الله من عق والديه وقطع رحمه؟هل شكر نعمة الله من هجر كتاب ربه؟هل شكر نعمة الله من أصغى بأذنيه إلى الغناء والطرب والملهيات؟
هل.. وهل.. أسئلة يطول المقام في سردها الجميع أعلم بها
يا أهل التوحيد، إن الشكر ليس مجرد ألفاظ تقال.
الشكر أن تسير حياتك كلها وفق مراد الله ورسوله،
و الشكر ـ يا عباد الله ـ قول وعمل، ألم تسمعوا قول ربكم ومولاكم: ٱعْمَلُواْ ءالَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِىَ ٱلشَّكُورُ
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تنفطر قدماه، فقلت لم تصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال : أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً" رواه البخاري ومسلم وقال أبو عبد الرحمن السلمي: (الصلاة شكر، والصيام شكر، وكل عمل تعمله لله شكر وأفضل الشكر الحمد).روى أبو داود والنسائي في اليوم والليلة من حديث عبد الله بن غنام البياضي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه. ومن قال ذلك حين يمسي، فقد أدى شكر ليلته)). واسمع إلى الحسن البصري رحمه الله ينذر ويحذر قال: (إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء الله، فإذا لم يُشكر عليها قلبها عذاباً)، ولهذا كانوا يسمون الشكر الحافظ؛ لأنه يحفظ النعم الموجودة؛ والجالب لأنه يجلب النعم المفقودة
فاتقواالله عبادالله وكونواله من الشاكرين ثم صلوا وسلموا على سيدالمرسلين وإمام المتقين كماأمركم رب العالمين فقال في محكم التنزيل إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وارضَ اللّهمَّ عن خلفائه الأربعة ، وعن سائر الآلِ والصحابة والتابعين، ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنّا معهم بعفوِك وكرمك وإحسانك يا أكرمَ الأكرمين.
تعديل التعليق