النعم المتجددة
mo ab
النعم المتجددة
بعضنا إذا سئل كيف أصبحت؟ قال: لاجديد. الأيام مثل بعضها، اليوم كأمس، وأمس كالذي قبله، وهكذا دواليك. يقول ذلك متذمرا متململا غير راضٍ وغير آبهٍ لنعم الله المتجددة عليه كل يوم.
عندما تصبح حالك اليوم مثل الأمس في أمن وعافية وصحة وسعة رزق وغيرها من النعم التي لا تعد ولا تحصى. فاعلم أنك في نعم عظيمة جدا تستحق الشكر، يقول ‘: (من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا) الله أكبر نعم الله تتجدد كل يوم فتصبح حامدا شاكرا قائلا: اللهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، إِلَّا أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْم.
فتصبح على الإيمان ولم تفتن في دينك وفي إيمانك، تصبح يا عبد الله في أمن وأمان ولم تفتن في أهلك وبلدك، تصبح في صحة وعافية ولم تفتن في صحتك وجسدك، تصبح في رزق ونعمة وخير ولم تفتن في عطائك ومالك، وغيرها الكثير من النعم التي تتجدد عليك في كل يوم وليلة ولا تستطيع عدا لها ولا إحصاء (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها).
فينبغي عليك أيها المؤمن أن تستشعر وتتأمل أن هذه النعم قد حُرم منها كثير، فغيرك نام غنيا وأصبح فقيرا، وغيرك نام معافى وأصبح مريضا شاكيا عن العلاج باحثا، غيرك نام آمنا وأصبح طريدا شريدا، غيرك نام مع أهله وأبنائه ثم أصبح وحيدا فريدا.
وأنت أصبحت في خير وصحة وعافية ورزق وأمن وأمان وسلامة وإسلام فاحمد الله ولا تقل لا جديد اليوم ولا مفيد.
إذا أصبحت يا عبد الله فاذكر الله واشكره واحمده على نعمه المتجددة علينا، وكن ممن قال الله: (وقليل من عبادي الشكور) فكن أنت من هذا القليل واملأ يومك شكرا وتحميدا، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
الخطبة الثانية
من الأسباب المعينة على شكر النعم:
أولًا: التأمل في نعم الله، واستحضارها في كل لحظة وحين، وعدم الغفلة عنها. فإن كثيرًا من الناس يتنعمون بشتى أنواع النعم من مآكل، ومشارب، ومراكب، ومساكن، ومع ذلك لا يستشعرون هذه النعم، لأنهم لم يفقدوها يومًا من الأيام، واعتادوا عليها، لذلك فإن الله يريد منا التأمل في هذه النعم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾.
ثانيا: أن يعلم الإنسان أن الله تعالى يسأله يوم القيامة عن شكر هذه النعم، هل قام بذلك أو قصر؟ قال تعالى: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾. وقال‘: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال له: ألم أصح لك جسمك، وأروك من الماء البارد؟".