النظام المالي في الإسلام
عبدالرحمن عبدالعزيز القنوت
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا، وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
عِبَادَ اللَّهِ.. لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْخَلْقَ، وَأَوْجَدَ الْبَشَرَ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُهُمْ، وَمَا يَنْفَعُهُمْ، فَشَرَعَ لَهُمْ سُبْحَانَهُ مِنَ الشَّرَائِعِ مَا تَقُومُ بِهِ مَصَالِحُهُمْ، وَتَسْتَقِيمُ حَيَاتُهُمْ. فَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ.
وَالْمَالُ مَالُ اللَّهِ، جَعَلَهُ بَيْنَ النَّاسِ، يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ، فَيَكْسِبُونَ وَيُكْسِبُونَ، وَيَتَدَاوَلُونَ بَيْنَهُمْ، وَفَتَحَ لَهُمْ مِنَ التَّعَامُلَاتِ مَا يَشَاءُونَ، كما قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾، وحثّ سبحانه وتعالى على السعي في الأرض لطلب الرزق، ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾، ومع ذَلِكَ جَعَلَ لَهُمْ حُدُودًا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ تَجَاوُزَهَا، وحذر من الْقُرْبِ مِنْهَا، حَتَّى لَا تَتَسَلَّطَ الْقِلَّةُ عَلَى الْمَالِ وَتَسْتَحْوِذَ عَلَيْهِ، وَتَتَحَكَّمَ بِهِ، وتظلم به، لِيَضْمَنَ رَبُّنَا تَعَالَى الْعَدْلَ بين الناس، وَيَحْمِيَ الضَّعِيفَ، ويصلُ الخيرَ للجميع، ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾.
فإذا التزمَ الناسُ بهدي الله وشرعتِه في المالِ عُمرت الْأَرْضُ، واندثَرَ الفَساد، وانتفت الْمَصْلَحَةِ الشَّخْصِيَّةِ وَالنَّفْعِيَّةِ الْفَرْدِيَّةِ القائمة على الحرية والأنانية، وقُدمت مصلحةُ المجتمع، وعاشَ الجميعُ حياةً كريمةً.
لقَدْ عَلِمَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَسْتَطِيعُ السَّفَرَ وَالتِّجَارَةَ، كما أخبر عن فئة من الناس بقوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ﴾، وآخرون لهم من الظروف والأحوال ما استحقوا جزءا من أموالِ الموسرين، واجبُ من الله تعالى، ليس للغني في منّه، قال تعالى: ﴿إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾.
فأوجب الله تعالى من المال لهؤلاء الأصناف الثمانية مَا يَضْمَنُ لهم الْحَيَاةَ الْكَرِيمَةَ، وَبِمَا يَقْضِي عَلَى الْفَقْرِ، وَيُخَفِّفُ مِنْ وَطْأَتِهِ.
وَحَثَّ سبحانه وتعالى عَلَى الصَّدَقَاتِ وَالنَّفَقَاتِ، وَأَمَرَ بِالْوُقُوفِ بِجَانِبِ الْمُحْتَاجِ، وَحَثَّ عَلَى رِعَايَةِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَسَمَ بِنَفْسِهِ تَعَالَى الْمِيرَاثَ، وَشَرَعَ الْأَوْقَافَ وَنَدَبَ إِلَيْهَا.
وَمِنْ جَانِبٍ آخَرَ شَدَّدَ عَلَى الشَّفَافِيَّةِ فِي الْعُقُودِ، وَنَهَى ﷺ عَنْ بَيْعِ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ، وَالظُّلْمِ وَأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَالْغِشِّ والخداع، والِاحْتِكَارِ، وَالتَّعَامُلِ بِالرِّبَا.
فَكَانَ النِّظَامُ الْمَالِيُّ فِي الْإِسْلَامِيِّ أَرْقَى الْأَنْظِمَةِ، وَأَصْلَحَهَا وَأَعْدَلَهَا، فَبِهِ يُنْتَشَلُ الضَّعِيفُ وَالْفَقِيرُ، وَتُرْفَعُ كَرَامَتُهُ بِقِسْمَةٍ عَادِلَةٍ مِنْهُ تَعَالَى، ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾.
نظام المال في الإسلام لا يسمح بالوحشيةِ، ولا الْجَشَعِ وَالِاحْتِكَارِ وَالتَّسَلُّطِ وَظُلْمِ الْغَنِيِّ والاكتناز دون إنفاق، حَتَّى لَا يُنْتِجَ الْمَالُ فَوَارِقَ طَبَقِيَّةً بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ، وَيُتْرَكَ الْمَالُ "دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ"، لِيَضْمَنَ الِاسْتِقْرَارَ الْمَالِيَّ، وَالِاسْتِمْرَارَ وَالدَّيْمُومَةَ وَرَغَدَ الْعَيْشِ، وَالْحَيَاةَ الْكَرِيمَةَ لِلْجَمِيعِ، أَفْرَادًا وَأَنْظِمَةً.
وَمتى ما استبدل الناسُ بشرعِ الله شرائعَ البشر، وقدّموا المصلحةَ الفردية على المصلحة العامة، وَاتُّبَعَ الْهَوَى، وَقَامَ الْاقْتِصَادُ عَلَى حُرِّيَّةِ السُّوقِ، وَالْمُنَافَسَةِ غَيْرِ الشَّرِيفَةِ، فَإِنَّهَا بِقَدْرِ وَحْشَتِهَا وَبُعْدِهَا عَنْ شَرْعَةِ اللَّهِ وَمِنْهَاجِهِ تَحْمِلُ هَلَاكَهَا وَفَنَاءَهَا.
إِنَّ تِلْكَ الْأَنْظِمَةَ الرَّأْسِمَالِيَّةَ الْمُتَوَحِّشَةَ تَظُنُّ أَنَّهَا تَرْتَقِي وَتَزْدَهِرُ، وَهِيَ فِي حَقِيقَتِهَا تَهْوِي وَتَنْحَدِرُ، إِنْ بَدَتْ فِي ظَاهِرِهَا مُتَحَضِّرَةً، فَإِنَّهَا تَحْمِلُ فِي دَاخِلِهَا عَوَامِلَ فَنَائِهَا وهَلَاكِهَا. فَهِيَ أَنْظِمَةٌ تَحْفِرُ قَبْرَهَا بِيَدِهَا، حِينَ تُؤَسِّسُ اقْتِصَادَهَا عَلَى الرِّبَا والجَشَع، وَتُبِيحُ أَكْلَ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَتُقَدِّسُ الْفَرْدِيَّةَ وَالْأَنَانِيَّةَ، وَتُهْمِلُ الْعَدَالَةَ الِاجْتِمَاعِيَّةَ، وَتغفل التَّكَافُلَ الْإِنْسَانِيَّ.
إِنَّهَا أَنْظِمَةٌ تُرَاكِمُ الثَّرْوَةَ فِي يَدِ الْقِلَّةِ، وَتَتْرُكُ الْكَثْرَةَ فِي لُجَّةِ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ. تُنْتِجُ قُلُوبًا قَاسِيَةً، وَأَسْوَاقًا مُفْتَرِسَةً، وَأَخْلَاقًا مُنْهَارَةً، أُقْصِيَتْ فِيهَا الرَّحْمَةُ، وتركت الضعيفَ فريسةً للجوعِ والديونِ.
أَنْظِمَةٌ تَخْلُقُ الْعَدَاءَ مَعَ الْعَالَمِ، وَتَسْعَى لِإِنْقَاذِ نَفْسِهَا عَلَى حِسَابِ الْجَمِيعِ. لَكِنْ سَتَنْتَصِرُ الأنظمة الرَّبَّانِيَّةُ، فسننَ الله لا تتخلَّف، فَلْتَنْتَظِرْ مَا وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى إِذْ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾.
حكى القرآنُ الكريمُ قصةَ شعيبٍ عليه السلام مع قومِه، وكيف أن فسادَ النظامَ الماليَ سببُ هلاكِ المجتمع، فنصحَ شعيبٌ عليه السلام قومَه وحذرَهم بقوله: ﴿ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط﴾، فأصروا على فصلِ الدين عن حياتِهم وتعاملاتِهم المالية، ﴿قَالُوا۟ یَـٰشُعَیۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَاۤ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِیۤ أَمۡوَ الِنَا مَا نَشَـٰۤؤُا۟﴾، فقادهم العناد والاستكبار للهلاك، ﴿وَأَخَذَتِ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ ٱلصَّیۡحَةُ فَأَصۡبَحُوا۟ فِی دِیَـٰرِهِمۡ جَـٰثِمِین﴾.
لَقَدْ وَعَدَ الْحَقُّ تَعَالَى بِذَهَابِ كُلِّ مَالٍ قَامَ عَلَى الرِّبَا وَالظُّلْمِ، كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾، جَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ فَإِنَّ عَاقِبَتَهُ تَصِيرُ إِلَى قُلٍّ" (رَوَاهُ أَحْمَدُ)، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَةِ بِنَقِيضِ الْمَقْصُودِ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْهَيْثَمِ بْنِ رَافِعٍ، "مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ" (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ).
أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: سَمِعْنَا أَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى صَاحِبِ الرِّبَا أَرْبَعُونَ سَنَةً حَتَّى يُمْحَقَ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: «قَدْ رَأَيْتُهُ».
وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُهْلِكَ أَنْظِمَةَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ، الَّتِي بَغَتْ وَاعْتَدَتْ وَتَجَبَّرَتْ وَأَكْثَرَتْ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ، اللَّهُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا سَوْطَ عَذَابٍ. يَا قَوِيُّ يَا جَبَّارُ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، واستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، فاستغفروا، إنه هو الغفور الرحيم.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
وَبَعْدُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ..
إِنَّ الْعَالَمَ الْيَوْمَ بِحَاجَةٍ إِلَى النِّظَامِ الرَّبَّانِيِّ الْإِسْلَامِيِّ الْعَادِلِ، الَّذِي يُقِيمُ الاقتصادَ على العدلِ الرحمةِ، ويحركُ السُّوقَ عَلَى الْقِيَمِ، لَا عَلَى الشَّهْوَةِ وَالتَّمَرُّدِ وَالْحُرِّيَّةِ.
لِنَعْلَمَ أَنَّ مَا يُقَارِبُ "سَبْعَ مِئَةِ مِلْيُونِ" شَخْصٍ فِي الْعَالَمِ يَعِيشُونَ تَحْتَ خَطِّ الْفَقْرِ الْمُدْقِعِ، كما أشارت تَقَارِيرِ الْبَنْكِ الدَّوْلِيِّ.
وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْأَعْدَادُ فِي الدُّوَلِ الْفَقِيرَةِ، بَلْ حَتَّى فِي الدُّوَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَفِي أَمْرِيكَا تَصِلُ نِسْبَةُ الْفَقْرِ إِلَى "أَحَدَى عَشَرَة" بالْمِئَةِ.
لِمَاذَا الْفَقْرُ يَنْتَشِرُ رَغْمَ وَفْرَةِ الْمَوَارِدِ؟
وَلِمَاذَا الْجَشَعُ يَعْلُو رَغْمَ كَثْرَةِ الْقَوَانِينِ؟
وَلِمَاذَا تَنْهَارُ اقْتِصَادَاتٌ عُظْمَى، وَتَضْطَرِبُ الْأَسْوَاقُ بِلَا رَحْمَةٍ؟
لِأَنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْ هَدْيِ اللَّهِ فِي الْمَالِ، وَرَكَنُوا إِلَى شَرِيعَةِ الْبَشَرِ.
الْمَالُ فِي الْإِسْلَامِ نِعْمَةٌ، لَكِنْ إِذَا انْفَلَتَ مِنَ الْقِيَمِ صَارَ فِتْنَةً، ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾.
الْمَالُ فِي الْإِسْلَامِ عِبَادَةٌ إِنْ حَسُنَ اسْتِخْدَامُهُ، قَالَ ﷺ: "نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ" (رَوَاهُ أَحْمَدُ).
النِّظَامُ الْإِسْلَامِيُّ يحثُ على التجارةِ والتملك، ويحذّر من أن يكون الإنسانُ عبداً لدرهمِه ودينارِه.
النِّظَامَ الْإِسْلَامِيَّ يحرمُ الظلم والرِّبَا والجشع، لِحِمَايَةِ النَّاسِ مِنَ الِاسْتِعْبَادِ الْمَالِيِّ، ومِنَ الِاسْتِغْلَالِ.
الإسلامُ فرضَ الزكاةَ وأوجبَها، وتوعدَ مانِعَها، وَحَثَّ عَلَى الصَّدَقَاتِ وندب إليها فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، حَتَّى يَصِلَ الْمَالُ إِلَى الضعفاء والْمَحْرُومِينَ وَالْمُحْتَاجِينَ، وَيَنْتَفِعَ الْمُجْتَمَعُ، وَيَتَشَارَكَون فِي اللُّقْمَةِ وَالْكِسْوَةِ، قَالَ ﷺ: لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبَيْهِ. (رواه البيهقي وصححه الالباني)
لَقَدْ جَرَّبَ الْعَالَمُ أَنْظِمَةً بَشَرِيَّةً فِي التَّعَامُلِ الْمَالِيِّ، وَفَشِلَتْ فِي تَحْقِيقِ الْكَرَامَةِ الشَّامِلَةِ.
أَمَّا الْإِسْلَامُ، فَهُوَ النِّظَامُ الْوَحِيدُ الَّذِي يُصْلِحُ الْأَرْضَ وَيُزَكِّي النَّفْسَ، وَيَجْعَلُ الْمَالَ وَسِيلَةً لِلْخَيْرِ لَا أَدَاةً لِلِاسْتِعْلَاءِ.
اللَّهُمَّ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.
اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي أَمْوَالِنَا.
اللَّهُمَّ إِنِّي نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ، وَالْقِلَّةِ، وَالذِّلَّةِ، وَنَعُوذُ بِكَ أَنْ نَظْلِمَ أَوْ نُظْلَمَ.
اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنَا بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.
المرفقات
1744372229_النظام المالي في الإسلام.pdf
1744372556_النظام المالي في الإسلام -جوال-.pdf