النَّظافَةُ وَالبِيئَةُ 23/6/1445هـ

خالد محمد القرعاوي
1445/06/21 - 2024/01/03 13:17PM
النَّظافَةُ وَالبِيئَةُ 23/6/1445هـ
الحمدُ لله أَتَمَّ عَلَينَا النِّعْمَةَ وَأَكْمَلَ لَنَا الدِّينَ, أَشْهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ لَهُ , أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ, وَأَشْهَد أَنَّ مُحمَّدَاً عبدُالله وَرَسُولُهُ الْمَبعُوثُ رَحمَةً لِلعالَمِينَ. صَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ وَعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ وَمَن تَبعهمْ بِإحْسَانٍ إلى يومِ الدِّينِ أمَّا بعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ وَامْتَثِلُوا مَا أَمَرَكُمِ بِه اللهُ وَرَسُولُهُ تَسعَدُوا وَتَنْعَمُوا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.
أَيُّها الْمُؤمِنُونَ: دِينُنَا دِينُ الفِطْرَةِ السَّليمةِ وَالصِّبْغَةِ الحَسَنَةِ: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ). فَقَدْ شرَّفَنَا بالدِّينِ القيِّم, وَالعَقِيدَةِ السَّلِيمَةِ, وَالشَّريعَةِ الكَامِلَةِ, دِينٌ يُعَالِجُ شُؤونَ حَيَاتِنَا كُلِّهَا!
تَأَمَّلُوا يَا رَعَاكُمُ اللهُ: مَا أَقَرَّهُ لَنا دِينُنَا مِن السُّرُورِ وَالفَرَحِ, وَالِّلبَاسِ وَالزِّينَةِ, والطُّهْرِ والنَّظَافَةِ, سَتَجِدُ أنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُحَاطٌ بِسِياجٍ مِن الأَدَبِ الرَّفِيعِ مَعَ الْمُتْعَةِ بِمَا أَبَاحَهُ اللهُ تَعالى, بَعِيدا عَن الْفَسَادِ وَالعُرِيِّ, والإسْرَافِ وَالحَرَامِ! فَالْمُسْلِمُ بِحَمْدِ اللهِ يَجْمَعُ بَينَ نَظَافَتَينِ وَطَهَارَتَينِ, كَمَا قَالَ رَبُّنَا تَعَالى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:(وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ). فَمَعَ تَطْهِيرِ الْمُعْتَقَدِ أَمَرَنَا اللهُ تَعَالَى بِتَطْهِيرِ، وَتَنْظِيفِ الظَّاهِرِ، والْمَكَانِ، وَالجَسَدِ.
عِبَادَ اللهِ: وَحِينَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لأصْحَابِهِ:(لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ). خَشِيَ أَحَدُ الصَّحابَةِ أنْ يُفْهَمَ أنَّ الجَمَالَ وَحُسنَ الْمَنْظَرِ والاهْتِمَامَ بِنَظَافَةِ الْمَكَانِ والْمَنْزِلِ مِنَ الكِبْرِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، ونَعْلُهُ حَسَنَةً؟ فقَالَ: صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ، الكِبْرُ: بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ) رواه مسلم.
أَيُّهَا الْمُؤمِنُونَ: لَقَدْ اهْتَمَّ دِينُنَا بِالنَّظَافَـةِ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ فَأمَرَ بِتَنْظِيفِ وَتَطْيِيبِ البُيُوتِ وَالْمَسَاجِدِ, وَقَدْ رُويَ أنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (نَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ، وَلا تَشَبَّهوا بِاليَهُودِ). فَكَيفَ يَقْبَلُ أَحَدٌ أنْ يَكُونَ مَنْزِلُهُ مَصْدَرًا للأذَى والقَذَرِ لِلجِيرَانِ إمَّا بِرَوائِحِ طُيُورٍ أو بَهَائِمَ أو أنْ يَرْضى بِتَرْبِيَةِ الكِلابِ فِي مَنْزِلِهِ؟!
وَلَقدْ أُمِرْنَا بِنَظَافَةِ الطُّرُوقَاتِ وَإزَالَةِ الأَقْذَارِ وَالأَشْوَاكِ عَنْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ نَرى بِشَكْلٍ يَومِيٍّ أُنَاسًا قَلَّ حَيَاؤُهُمْ وَضَعُفَ انْتِمَاؤهُمْ, يَرْمُونَ مُخَلَّفَاتِهْم عِندَ الإشارَاتِ وَفي الطُّرَقَاتِ! وَإنَّكَ لَتُحْبَطُ إذَا رَأَيتَ الحَدَائِقَ وَالْمُتَنَزَّهَاتِ والْبَرَارِي بَعْدَ مُغَادَرَةِ النَّاسِ! وَمَا عَمَّها مِن فَوضَى! أيُعْقَلُ كُلُّ هَذِهِ الْمُخَلَّفَاتِ والنِّفَايَاتِ مِنْ أُنَاسٍ عُقَلاءَ؟ مَا يَضِيرُهُم لَو أَنَّ كُلَّ أُسْرَةٍ تَولَّتْ مَكَانَهَا؟ ألا تَعْلَمُونَ أَنَّ مِنْ شُعَبِ الإيمَانِ إِمَاطَةُ الأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ؟ وَأنَّ الَّلعْنَةَ تَحِلُّ على مَنْ آذَى النَّاسَ فِي طُرُوقَاتِهِمْ، وَأمَاكِنِ ظِلِّهمْ، وَمُتَنَزَّهَاتِهِمْ، وَشُرْبِهِمْ؟
فَإسْلامُنَا يَدْعُونَا لِلمُحَافَظَةِ عَلى بِيئَتِنَا، وَيَنْهَانَا عَنْ تَلْويثِهَا, وَجَعَل مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُسْتَحِقًّا لِلَعْنَةِ اللهِ والْعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالى! فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ: الْبِرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ» صححه الألباني. وَقَالَ ﷺ: «مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ» حسنه الألباني. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ» قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ». عِبَادَ اللهِ: دِينُنَا الْعَظِيمُ جَعَلَ جُزْءًا مِنَ الإيمَانِ وَسَبَبًا لِدُخُولِ الْجِنَانِ أَنْ تُمِيطَ أَيَّ أَذىً عَنِ الْطَّرِيقِ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» رواه مسلم. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا يُؤْذِيهِمْ، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهِ حَسَنَةً، وَمَنْ كُتِبَ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةٌ، أَدْخَلَهُ بِهَا الْجَنَّةَ» رواهُ الإمَامُ أحمد وصححه الألباني. وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَخَذَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ» رواه البخاري ومسلم. أَيُّها الأَخُ الْمُسْلِمُ: هَلْ بَعْدَ هَذَا الحَثِّ وَالْوَعْدِ وَالوَعيد يَتَجَرَّاُ مُسْلِمٌ عَلى أَذِيَّةِ النَّاسِ فِي طُرُقَاتِهِمْ وَأَمَاكِنِ ظِلِّهِمْ وَمُتَنَزَّهَاتِهِمْ! فَيَا عِبَادَ اللهِ: نَظِّفُوا البَاطِنَ والظَّاهِرَ والْمَكَانَ والْمَنْزِلَ والْمَسَاجِدَ, وَطَبِّقُوا شَرَائِعَ اللهِ وَأوَامِرَ رَسُولِهِ تَسْعَدُوا وَتَفُزُوا. حَقَّاً: (إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ) فَالَّلهُمَّ طَهِّر بَواطِنَنَا من الإثْمِ وَالغِلَّ والْحِقْدِ والْحَسَدِ, وَأَجَسَامَنَا من الأذَى والقَذَرِ, وَارْزُقْنا حُسْنَ القَولِ وَالعَمَلِ, أَقُولَ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَللمُسلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍّ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ عَظُمَ حِلمُه فَستَرَ، وَبَسطَ يَدَهُ بِالعطَاءِ فَأكثَرَ، أَشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، واللهُ أَكْبَرُ, وَأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليه، وعلى آلِهِ وأصحابِهِ ومَن سَارَ على نَهْجِهِ إلى يَومِ الْمَحْشَرِ. أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ: واحْمَدُوا اللهَ على هَذِهِ الأمْطَارِ, وَاسْأَلُوهُ خَيْرَهَا وَبَرَكَتَهَا فَالْمَطرُ هُوَ الحَيَاةُ! يَقولُ جلَّ وَعَلا: وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ .
أَيُّهَا الْمُؤمِنُ: عِنْدَ نُزُولِ الأَمطَارِ هُناكَ تَهَوُّرَاتٌ وأَخطارٌ تَقعُ مِن شَبَابِنا, دَافِعُها التَّفَاخُرُ وحُبُّ الْمُغَامَرَةِ, كالسُّرعَةِ الْمُفرَطَةِ, وتَجَاوزاتٍ مُتَهوِرَةٍ, وبعضُهُمْ يُغامِرُ بِدُخُولِ سَيَارِاتِهم إلى الشـِّعابِ والأَودِيَةِ ممَّا يَنتُجُ عنه خُطورة ٌبَالِغَةٌ, فَكيفَ بِمن يُهملُ الأَطفالَ والنِّساءَ ويَسمَحُ لهم بِذَلِكَ؟! فَخُذوا حِذركم: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ . فَشَرِيعَتُنَا جَاءَتْ شَامِلَةً لِمَا فِيهِ صَلاحُ العِبَادِ والبِلادِ, فَيَعِيشُ العَبْدُ حَيَاةً كَرِيمةً عَامِرَةً بِالأَمْنِ وَالإيمانِ، كَمَا قَالَ رَبُّنَا: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا). وَقَدْ نَهَانَا عَنْ أَذَى الآخَرِينَ فَقَالَ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلا: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا).
عَبَادَ اللهِ: وَمِنْ جُمْلَةِ الآدَابِ الإسْلامِيِّةِ التي تَدُلُّ عَلى عِنَايَةِ الإسْلامِ بِنَا وَخَوفِهِ عَلينَا مِن كُلِّ الْمَخاطِرِ, مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ حَقِّ الطَّرِيقِ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى». وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ, وَمَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ بَعْدَمَا يَرْتَجُّ فَمَاتَ, فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ". وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً، وَلَا يَفْتَحُ بَابًا، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ».
عَبَادَ اللهِ: وَفي مَوسِمِ الشَّتَاءِ يَتَسَاهَلُ أُنَاسٌ بِإيَقادِ النَّارِ في بُيُوتِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ وَمَلاحِقِهِمْ وَلا يَأْخُذُونَ الاحْتِيَاطَاتِ اللازِمَةِ مِن التَّهْوِيَةِ الكَافِيَةِ مِمَّا سَبَّب اخْتِنَاقَاتٍ نَسْمَعُ عَنْهَا كَثِيرًا. وَقَدْ حَذَّرَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: (لا تَتْرُكُوا النَّار فِي بُيُوتِكُمْ حِين تَنامُونَ) متفق عليه. وَلَمَّا حُدِّثَ عَنْ بيْتٌ بِالْمدينةِ احْتَرَقَ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذِهِ النَّارَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ» متفق عليه. كَمَا يَنْبَغِي أَنَّ نَهْتَمَّ فِي بِيئَتِنَا بِعَدَمِ إيقَادِ النَّارِ إلَّا بِمَكَانٍ مَسْمُوحٍ بها.
عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ الأَخْطَار الْمَبِيتُ في بُطُونِ الأَودِيَةِ, خَشْيَةَ جَرَيَانِ الأَمْطَارِ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ خَاصَّةً في الْمَنَاطِقِ الْجَبَلِيَّةِ, وَكَذَا الذَّهَابُ إلى مَنَاطِقَ مَهْجُورَةٍ غَيرَ مَحُوطَةٍ ولا مَصُونَةٍ فلا يَنْبِغي لأحَدِنَا أَن يُعَرِّضَ نَفْسَهُ وَمَنْ مَعَهُ لِلأَخْطَارِ.
عِبَادَ اللهِ: هَذِهِ الأَيَّامُ بِحَمْدِ اللهِ مَعَ الْنِعَمْ والأَمْطَارِ فُرصَةٌ للتَّنَزُّهَاتِ وَالْمُخيَّماتِ العَائِلِيَّةِ والشَّبابِيَّةِ، وهذهِ الاجْتِمَاعَاتُ أُنسٌ وصِلَةٌ، إذا خَلَت من الْمَحَاذِير الشَّرعيَّةِ، وَتَمَشَّتْ مع الآدابِ الْمَرعِيَّةِ. فَرِسَالَتي لكَ أيُّها الوَلِيُّ الكَريمُ: أَنْ تَحْفَظَ بَناتِكَ عن كلِّ ما يَخدِشُ الحياءَ والفضيلَةَ فَأَنْتُمُ الْمَسئولُونَ والْمُحاسبونَ عندَ اللهِ تَعَالى! (فكلُّكمْ راعٍ ومَسْئولٌ عن رَعِيَّتِهِ). فلا تَرضَوا بتَهَوِّرهِنَّ بالسَّيَّاراتِ أو الدَّراجاتِ النَّاريَّةِ فإنَّ هذا واللهِ سَفَهٌ وَعَبَثٌ وَفَسَادٌ. وَالأَمَرُّ أنْ يوجدَ فَتياتٌ يَعبَثنَ وَهُنَّ كَاشِفَاتٌ بِحُجَّةِ التَّمْشِيَةِ حولَ الْمُخيَّماتِ وهذا مالا يُقبلُ عَقْلاً ولا شَرْعًا! وفي الحديثِ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:(مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ). حَمانا اللهُ وإيَّاكم وذَرَارِينا والْمسلمينَ أجمعينَ. فاللهمَّ اجعلنا لِنِعَمِكَ من الشَّاكِرينَ وَلَكَ من الذَّاكِرينَ, اللهمَّ واجعل مَا أَنزلْتَهُ عَلينا رَحمَةً لَنا وبَلاغَاً إلى حِينٍ, اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بك من زَوالِ نِعمَتِكَ وَتَحوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقمَتِكَ وَجَميعِ سَخَطِكَ، اللهمَّ لا تَجعلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنَا ولا تَجعلْ الدُّنيا أكبَرَ هَمِّنَا، واغفر لَنا وارحَمنَا واعفُ عنَّا, لا إلهَ إلاَّ أنتَ سُبحانَكَ إنَّا كُنَّا مِنَ الظَّالِمينَ لئن لمْ يَرْحمْنَا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِن الخَاسِرِينَ. الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَستَمِعُ القَولَ فَيتَّبِعُ أَحْسَنَهُ, اللهمَّ اغْفِرْ لَنَا ولِوالدِينَا وَلِجَميعِ الْمُسلِمينَ, الَّلهُمَّ آمنَّا في أَوطَانِنَا وَوَفِّقْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُورِنَا, وَانْصُرْ جُنُودَنَا وَاحْفَظْ حُدُودَنا, واغْفِرْ ذُنُوبَنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ والله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
 
المشاهدات 1503 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا