النصيريون.. تاريخ يقطر دما وخيانة
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
الحَمْدُ للهِ العَلِيمِ القَدِيرِ؛ خَلَقَ الخَلْقَ، وَدَبَّرَهُمْ بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَقَضَى فِيهِمْ بِأَمْرِهِ، وَسَلَّطَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِحِكْمَتِهِ، وَأَمَدَّ لِلظَّالِمِ يَسْتَدْرِجُهُ، نَحْمَدُهُ عَلَى قَضَائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى عَافِيَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ مَنْ تَفَكَّرَ فِي خَلْقِهِ وَأَفْعَالِهِ أَقَرَّ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَأَذْعَنَ لِأُلُوهِيَّتِهِ، وَعَظَّمَهُ تَعْظِيمًا، وَكَبَّرَهُ تَكْبِيرًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ اصْطَفَاهُ اللهُ تَعَالَى وَاجْتَبَاهُ، وَلِلْهُدَى هَدَاهُ، وَمِنَ الخَيْرِ أَعْطَاهُ؛ [أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى] {الضُّحى:6-8}، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتُوبُوا إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَدْهَمَكُمُ العَذَابُ، وَأَنْكِرُوا مَا يَقَعُ مِنْ ظُلْمِ العِبَادِ، فَلَقَدْ عَجَّتِ الأَرْضُ بِالفَسَادِ، وَبَرَزَ فِيهَا أَهْلُ النِّفَاقِ وَالعِنَادِ، فَمَا أَقْرَبَ العُقُوبَةَ إِنْ لَمْ نُراجِعْ دِينَنَا، وَنَأْخُذْ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاءِ مِنَّا، شَتَمُوا اللهَ تَعَالَى فِي عَلْيَائِهِ، وَطَعَنُوا فِي عَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، وَأَزْرَوْا بِرُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ، فَمَاذَا بَقِيَ مِنْ كُفْرِهِمْ؛ [وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ] {الرعد:30}.
أَيُّهَا النَّاسُ: يُعانِي المُنَافِقُونَ أَزَمَاتٍ نَفْسِيَّةً تَفْتِكُ بِقُلُوبِهِمْ، وَتُنَغِّصُ عَلَيْهِمْ عَيْشَهُمْ، وَتُزِيلُ عَنْهُمُ السَّكِينَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ، فَيَفْقِدُونَ أَمْنَ القُلُوبِ وَأُنْسَهَا بِاللهِ تَعَالَى، وَلَذَّتَهَا بِعُبُودِيَّتِهِ، وَيَعِيشُونَ حَيَاةً مُمَزَّقَةً مُشَتَّتَةً، بِقُلُوبٍ أَنْهَكَهَا الشَّكُّ وَالجُحُودُ، وَأَثْقَلَتْهَا الأَوْزَارُ وَالذُّنُوبُ، وَكُلُّ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا وَمَلَذَّاتِهَا لاَ تُحَقِّقُ أَمْنَ القُلُوبِ وَسَعَادَتِهَا؛ فَذَاكَ بِيَدِ مَنْ يَمْلِكُ القُلُوبَ [وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ] {الأنفال:24}.
يَعِيشُ المُنَافِقُ فِي أَوْسَاطِ المُسْلِمِينَ بِقَلْبَيْنِ مُزْدَوَجَيْنِ، وَنَفْسَيْنِ مُضْطَرِبَتَيْنِ؛ فَقَلْبٌ يَنْتَمِي إِلَيْهِمْ بِالنَّسَبِ وَالجُغْرَافْيَا وَاللُّغَةِ، وَقَلْبٌ آخَرُ يُبَايِنُهُمْ فِي المُعْتَقَدِ وَالفِكْرِ وَالعِبَادَةِ، وَازْدِوَاجُ الشَّخْصِيَّةِ يُوَرِّثُ انْفِصَامَهَا، وَيُصِيبُهَا بِعِلَلٍ لاَ خَلاصَ لَهَا مِنْهَا، وَالأَحْقَادُ الَّتِي يَنْفُثُهَا المُنَافِقُونَ عَلَى الإِسْلامِ وَالمُسْلِمِينَ هِيَ آثَارٌ لِأَمْرَاضِ ازْدِوَاجِيَّتِهِمْ، وَتَدُثُّرِهِمْ بِبَاطِنِيَّتِهِمْ، [فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا] {البقرة:10}.
وَمَا تُشَاهِدُونَهُ وَمَا تَسْمَعُونَهُ مِنْ مَذَابِحِ النُّصَيْرِيِّينَ فِي الشَّامِ، وَنَحْرِ الأَطْفَالِ، وَهَتْكِ الأَعْرَاضِ، وَتَمْزِيقِ الأَجْسَادِ هِيَ مِنْ آثَارِ أَمْرَاضِ النِّفَاقِ البَاطِنِيِّ السَّبَئِيِّ، وَلَمْ يَكُنِ البَاطِنِيُّونَ عَامَّةً، وَالنُّصَيْرِيُّونَ خَاصَّةً أَهْلَ نُصْحٍ أَوْ مَوَدَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، بَلْ كَانُوا يَحْتَمُونَ بِالتَّقِيَّةِ إِنْ عَجِزُوا، وَيَطْعَنُونَ فِي الظَّهْرِ إِنْ قَدرُوا، تَوَالَتْ عَلَى أُمَّةِ الإِسْلامِ دُوَلٌ شَتَّى، وَكَانَ النُّصَيْرِيَّةُ فِيهَا أَقَلِيَّةً شَاذَّةً فِي عَقِيدَتِهَا وَعِبَادَتِهَا وَسُلُوكِهَا، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يَسْتَطِيعُونَ إِبَادَتَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ لَكِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا يَدِينُونَ، وَعَامَلُوهُمْ بِظَاهِرِ حَالِهِمْ، فَمَا جَنُوا مِنْ إِحْسَانِهِمْ إِلَيْهِمْ بِتَرْكِهِمْ وَحِمَايَتِهِمْ إِلاَّ الحِقْدَ وَالضَّغِينَةَ، وَالغَدْرَ وَالخِيَانَةَ، وَالتَّارِيخُ -وَمَا أَدْرَاكَ مَا التَّارِيخُ- مَلِيءٌ بِمَا لاَ يَتَوَقَّعُهُ العُقَلاءُ، وَلاَ يَتَخَيَّلُهُ الأَعْدَاءُ، وَرُبَّمَا أَنَّ مَا طُوِيَ وَلَمْ يُدَوَّنْ أَكْثَرُ مِمَّا دُوِّنَ، فَتَعَالَوْا إِلَى شَيْءٍ مِنَ الخِيَانَةِ وَالمَذَابِحِ النُّصَيْرِيَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ.
ذَكَرَ المُؤَرِّخُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي أَحْدَاثِ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ أَنَّ النُّصَيْرِيَّةَ انْقَلَبُوا عَلَى المُسْلِمِينَ بِسَبَبِ طَاعَتِهِمْ لِضَالٍّ مِنْهُمُ ادَّعَى أَنَّهُ المَهْدِيُّ، وَحَمَلُوا عَلَى مَدِينَةِ جَبَلَةَ -قُرْبَ اللَّاذِقِيَّةِ- فَدَخَلُوهَا وَقَتَلُوا خَلْقًا مِنْ أَهْلِهَا، وَخَرَجُوا مِنْهَا يَقُولُونَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ عَلِيٌّ، وَسَبُّوا الشَّيْخَيْنِ، وَصَاحَ أَهْلُ البَلَدِ: وَا إِسْلامَاهُ، وَاسُلْطَانَاهُ، وَا أَمِيرَاهُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ نَاصِرٌ وَلاَ مُنْجِدٌ، وَجَعَلُوا يَبْكُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِخَرَابِ المَسَاجِدِ، وَاتِّخَاذِهَا خَمَّارَاتٍ، وَكَانُوا يَقُولُونَ لِمَنْ أَسَرُوهُ مِنَ المُسْلِمِينَ: قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ عَلِيٌّ، وَاسْجُدْ لِإِلَهِكَ المَهْدِيِّ، الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ حَتَّى يَحْقِنَ دَمَكَ. ا. هـ.
وَمَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَةِ، هَا هُمْ يَفْعَلُونَ بِأَهْلِ الشَّامِ مَا فَعَلَهُ أَجْدَادُهُمْ قَبْلَ سَبْعَةِ قُرُونٍ!!
وَبَرَزَتْ خِيَانَتُهُم فِي مَسِيرِ الصَّلِيبِيِّينَ إِلَى الشَّرْقِ الإِسْلامِيِّ لانْتِزَاعِ بَيْتِ المَقْدِسِ فِيمَا عُرِفَ بِالحَمَلَاتِ الصَّلِيبِيَّةِ؛ ذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ مَدِينَةٍ وَطِئَهَا الصَّلِيبِيُّونَ كَانَتْ أَنْطَاكِيَة، وَكَانَتْ حُصُونُهَا شَاهِقَةً، وَقِلاعُهَا صَامِدَةً، وَأَهْلُهَا أَشِدَّاءَ، وَحَاصَرَهَا الصَّلِيبِيُّونَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، عَجَزُوا عَنْهَا، حَتَّى تَسَرَّبَ اليَأْسُ إِلَى قُلُوبِهِمْ، وَنَفِدَتْ مَؤُونَتُهُمْ، وَجَاعَ جُنْدُهُمْ، وَبَدَأَ الفِرَارُ وَالتَّفَلُّتُ وَالعِصْيَانُ يَظْهَرُ فِيهِمْ، حَتَّى كَانَ المُنْقِذَ لَهُمْ النُّصَيْرِيُّونَ فِي دَاخِلِ أَنْطَاكِيَة؛ إِذْ كَانَ فَيْرُوزُ أَحَدُ زُعَمَاءِ النُّصَيْرِيَّةِ مُوَكَّلاً بِحِمَايَةِ أَحَدِ الأَبْرَاجِ، فَاتَّصَلَ بِالقَائِدِ الصَّلِيبِيِّ بُوهِيمُونْد، وَفَتَحَ لَهُ البُرْجَ الَّذِي كَانَ يَحْرُسُهُ، فَدَخَلَ الصَّلِيبِيُّونَ أَنْطَاكِيَةَ وَأَبَادُوا أَهْلَهَا، ثُمَّ سَارُوا إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ فَاحْتَلُّوهُ، وَاسْتَمَرَّ الوُجُودُ الصَّلِيبِيُّ فِي بِلادِ الشَّامِ قَرِيبًا مِنْ مِئَتَيْ سَنةٍ، بِسَبَبِ خِيَانَةِ النُّصَيْرِيِّينَ فِي أَنْطَاكِيَة، وَخِيَانَةِ العُبَيْدِيِّينَ فِي القُدْسِ.
وَفِي تَارِيخِ العَلَوِيِّينَ الَّذِي كَتَبَهُ أَحَدُ النُّصَيْرِيِّينَ، اسْتَعْرَضَ فِيهِ جُمْلَةً مِنْ أَفْعَالِهِمْ بِالمُسْلِمِينَ، وَخِيَانَتِهِمْ لَهُمْ وَسَوَّغَ خِيَانَتَهُمْ بِأَنَّهُمْ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَذَكَرَ فِي تَارِيخِهِ أَنَّ القَائِدَ التَّتَرِيَّ تَيْمُورلَنْك كَانَ نُصَيْرِيًّا؛ وَلِذَا تَحَالَفَ مَعَهُ النُّصَيْرِيُّونَ ضِدَّ المُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُ أَتَى بِجُيُوشٍ جَرَّارَةٍ فِي الثُّلُثِ الأَوَّلِ مِنَ القَرْنِ التَّاسِعِ بَعْدَ أَكْثَرِ مِنْ مِئَتَيْ سَنَةٍ عَلَى الغَزْوِ التَّتَرِيِّ الأَوَّلِ المَشْهُورِ، فَاسْتَوْلِى تَيْمُورلَنْك عَلَى بَغْدَادَ وَحَلَبَ وَالشَّامِ، وَكَانَ مَشَايِخُ النُّصَيْرِيَّةِ يُبَشِّرُونَهُ بِالفُتُوحِ وَإبِاَدَةِ المُسْلِمِينَ، وَيُحَرِّضُونَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ أَمِيرُ حَلَبَ نُصَيْرِيًّا قَدْ رَاسَلَ تَيْمُورلْنَك خُفْيِةً، وَاتَّفَقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَدْهَمَ حَلَبَ، وَيُبِيدَ أَهْلَهَا وَهُوَ أَمِيرُهَا، وَذَكَرَ المُؤَرِّخُ النُّصَيْرِيُّ أَنَّ أُلُوفًا مِنْ أَهْلِ حَلَبَ أُبِيدُوا، وَهَرَبَ بَقِيَّتُهُمْ مِنْ بَطْشِ التَّتَارِ، وَلَمْ يَسْلَمْ إِلاَّ النُّصَيْرِيُّونَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عُيُونًا لِلتَّتَرِ وَعَوْنًا لَهُمْ عَلَى المُسْلِمِينَ، حَتَّى ذَكَرَ أَنَّهُمْ شَكَّلُوا مِنْ رُؤُوسِ أَهْلِ حَلَبَ تِلالاً، وَأَنَّ القَتْلَ وَهَتْكَ الأَعْرَاضِ وَتَعْذِيبَ النَّاسِ كَانَ مُنْحَصِرًا فِي السُّنِّيِّينَ فَقَطْ، وَاتَّجَهَ تَيْمُورُ بَعْدَ انْتِهَائِهِ مِنْ حَلَبَ إِلَى الشَّامِ وَهِيَ دِمَشْقُ، فَجَهَّزَ النُّصَيْرِيُّونَ أَرْبَعِينَ فَتَاةً مِنْهُمْ فَاسْتَقَبْلَنْهُ وَهُنَّ يَبْكِينَ وَيَنُحْنَ وَيَلْطِمْنَ وُجُوهَهُنَّ وَيَطْلُبْنَ الثَّأْرَ، وَيَنْشُدْنَ الأَنَاشِيدَ المُهَيِّجَةَ عَلَى الانْتِقَامِ لآلِ البَيْتِ، زَاعِمَاتٍ أَنَّهُنَّ مِنْ آلِ البَيْتِ جِيءِ بِهِنَّ سَبَايَا!
يَقُولُ المُؤَرِّخُ النُّصَيْرِيُّ تَعْلِيقًا عَلَى هَذِهِ الحَادِثَةِ: فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا فِي نُزُولِ أَفْدَحِ المَصَائِبِ الَّتِي لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا بِأَهْلِ الشَّامِ.
وَيَذْكُرُ المُؤَرِّخُ النُّصَيْرِيُّ أَنَّ الشَّامَ أَفْلَتْ حَضَارَتُهَا بَعْدَ اسْتِيلاءِ تَيْمُور عَلَيْهَا، وَانْدَثَرَتْ ثَرْوَتُهَا، وَعُدِمَتْ صِنَاعَتُهَا، وَأَنَّهُ قُضِيَ عَلَى أَكْثَرِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيهَا، حَتَّى جَاءَ النُّصَيْرِيُّونَ مِنْ حَلَبَ فَاشْتَرَوْا دِمَاءَ البَقِيَّةِ مِنَ الشَّامِيِّينَ بِأَحْذِيَةٍ عَتِيقَةٍ عَلَى مَا طَلَبَ تَيْمُورُ، وَكَأَنَّهُ اتِّفَاقٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ؛ لِإِذْلالِ البَقِيَّةِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ قَالَ المُؤَرِّخُ النُّصَيْرِيُّ: وَلَمْ يَنْجُ مِنْ قَتْلِ تَيْمُور فِي الشَّامِ إِلاَّ القَلِيلُ، وَأَمَرَ تَيْمُور بِقَتْلِ السُّنِّيِّينَ وَاسْتِثْنَاءِ النُّصَيْرِيِّينَ، حَتَّى قُتِلَ بِالخَطَأَ أَحَدَ شُيُوخِ النُّصَيْرِيِّينَ، فَأَمَرَ تَيْمُور جُنُودَهُ بِالكَفِّ عَنْ قَتْلِ أَهْلِ الشَّامِ.
وَاسْتَبَاحَ تَيْمُورُ دِمَشْقَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَأَبَاحَهَا لِجُنُودِهِ، فَكَانُوا يَغْتَصِبُونَ النِّسَاءَ حَتَّى فِي المَسَاجِدِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ فِي كُلِّ دِمَشْقَ لَمْ يَبْقَ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ بَعْدَ الأَيَّامِ السَّبْعَةِ، فَتِلْكَ بَعْضُ أَفْعَالِهِمُ الَّتِي سُجِّلَتْ فِي كُتُبِ التَّارِيخِ، وَنَقَلَهَا مُؤَرِّخٌ نُصَيْرِيٌّ مِنْهُمْ، لاَ يُمْكِنُ اتِّهَامُهُ بِالتَّحَيُّزِ ضِدَّهُمْ.
تَارِيخٌ يَحْكِي آلَامَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْبَاطِنِيِّينَ، وَيُفْصِحُ عَنْ عَذَابِ أَهْلِ الشَّامِ بَأَيْدِي النُّصَيْرِيِّينَ، تَارِيخٌ يَنْضَحُ بِاللُّؤْمِ وَالْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ، وَيَقْطُرُ بِالدَّمِ، وَيُبَيِّنُ مَخْزُونَ الْغِلِّ وَالْحِقْدِ فِي قُلُوبِ الْبَاطِنِيَّةِ، فَمَنْ يَقْرَأُ التَّارِيخَ؟ وَمَنْ يَعْتَبِرُ بِأَحْدَاثِهِ؟ وَمَنْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَحْذَرُ أَعْدَاءَهُ وَيُحَذِّرُ مِنْهُمْ؟!
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَكْشِفَ الْغُمَّةَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي الشَّامِ، وَأَنْ يُزِيلَ كُرْبَتَهُمْ، وَأَنْ يَنْصُرَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَأَنْ يَكْفِيَ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا شَرَّ الْبَاطِنِيِّينَ أَجْمَعِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأسْتَغْفِرُ اللهَ...
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى،وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ [وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ] {البقرة:281}.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ؛ كَانَ ذَاكَ شَيئًا مِنْ تَارِيخِ غَدْرِ النُّصَيْرِيِّينَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي الْقَدِيمِ، وَأَمَّا فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ فَبَعْدَ سُقُوطِ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ، وَاحْتِلَالِ فَرَنْسَا للشَّامِ، انْضَمَّ النُّصَيْرِيُّونَ إِلَيْهِمْ، وَكَانُوا عُيُونًا لَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَرَفَعُوا عَرِيضَةً لِلْمُحْتَلِّ الْفَرَنْسِيِّ جَاءَ فِيهَا: هَلْ يَجْهَلُ فَرَنْسِييّ الْيَوْمَ أَنَّ حَمَلَاتِ الصَّلِيبِيِّينَ مَا كَانَ لَهَا أَنْ تَنْجَحَ، وَمَا كَانَ لِحُصُونِهَا أَنْ تَبْقَى إِلَّا فِي الْقِسْمِ الشَّمَالِيِّ الشَّرْقِيِّ مِنْ سُورِيَا؛ أَيْ: فِي بِلَادِ النُّصَيْرِيَّةِ، إِنَّنَا أَكْثَرُ الشُّعُوبِ إِخْلَاصًا لِفَرَنْسَا.
وَكَافَأَهُمُ الْفَرَنْسِيُّونَ بِدَوْلَةٍ أُقِيمَتْ لَهُمْ فِي عِشْرِينِيَّاتِ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ، سُمِّيَتِ الدَّوْلَةَ الْعَلَوِيَّةَ، دَامَتْ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَلَمَّا انْتَصَرَ الْمُسْلِمُونَ فِي الشَّامِ عَلَى الاسْتِعْمَارِ، وَأَثْخَنُوهُ بِالْجِرَاحِ، وَهَمَّ بِالْخُرُوجِ؛ اسْتَمَاتَ النُّصَيْرِيُّونَ أَنْ تَبْقَى لَهُمْ دَوْلَتُهُمْ، لَكِنَّ الاسْتِعْمَارَ الْغَرْبِيَّ لَمَّا رَأَى كَفَاءَتَهُمْ فِي الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ وَإِلْحَاقِ الْأَذَى بِالْمُسْلِمِينَ، أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَهُمُ الشَّامَ كُلَّهَا، وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ بِحُسْبَانِهِمْ، فَهَيَّأَ الاسْتِعْمَارُ ذَلِكَ، وَتَسَّلَقَ النُّصَيْرِيُّونَ إِلَى حُكْمِ سُورِيَا عَبْرَ سُلَّمِ حِزْبِ الْبَعْثِ الاشْتِرَاكِيِّ الْعَلْمَانِيِّ، فَلَمَّا تَمَكَّنُوا ذَاقَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ فِي دَاخِلِ سُورِيَا أَشَدَّ الْعَذَابِ، وَفِي خَارِجِهَا الْغَدْرَ وَالْخِدَاعَ.
وَقَبْلَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً مِنَ الْآَنَ، حِينَ كَانَتِ الْحَرْبُ الْأَهْلِيَّةُ فِي لُبْنَانَ عَلَى أَشُدِّهَا، وَدَحَرَ الْفِلَسْطِينِيُّونَ وَسُنَّةُ لُبْنَانَ الكَتَائِبِيِّينَ وَأَعْوَانَهُمْ مِنَ الْمَوَارِنَةِ، تَدَخَّلَ الْجَيْشُ السُّورِيُّ النُّصَيْرِيُّ لِيَسْحَقَ سُنَّةَ لُبْنَانَ مَعَ الْفِلَسْطِينِيِّينَ، وَقَتَلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَمْسِينَ أَلْفًا، وَبَعْدَهَا بِأَشْهُرٍ تَآزَرَ الْيَهُودُ مَعَ النُّصَيْرِيِّينَ وَالْمَوَارِنَةِ عَلَى الفِلَسْطِينِيِّينَ فِي مُخَيَّمِ تَلِّ الزَّعْتَرِ، وَدَخَلَهُ المَوَارِنَةُ بَعْدَ دَكِّهِ بِالْمَدَافِعِ النُّصَيْرِيَّةِ، فَذَبَحُوا الْأَطْفَالَ وَالشُّيُوخَ، وَبَقَرُوا بُطُونَ الْحَوَامِلِ، وَهَتَكُوا أَعْرَاضَ الْحَرَائِرِ، فَكَانَتْ حَصِيلَةُ الْمَذْبَحَةِ سِتَّةَ آلَافٍ، وَدُمِّرَ الْمُخَيَّمُ بِأَكْمَلِهِ.
وَكَانَ تَدَخُّلُ النُّصَيْرِيِّينَ فِي لُبْنَانَ انْتِهَاكًا لِسِيَادَتِهِ، لِكِنْ لِأَنَّ الْمُهِمَّةَ كَانَتْ ذَبْحَ الفِلَسْطِينِيِّينَ وَأَهْلِ السُّنَّةِ فِي لُبْنَانِ، سَكَتَ عَنْهَا الْعَالَمُ الْحُرُّ، وَرَحَّبَ بِهَا الْيَهُودُ، مَعَ أَنَّهُمْ يُظْهِرُونَ عَدَاوَتَهُمْ لِمَا يُسَمَّى بِدُوَلِ التَّصَدِّي، وَوَقْتَهَا قَالَ زَعِيمُ الْيَهُودِ رَابِين: إِنَّ إِسْرَائِيلَ لَا تَجِدُ سَبَبًا يَدْعُوهَا لِمَنْعِ الْبَعْثِ السُّورِيِّ مِنَ الْتَّوَغُّلِ فِي لُبْنَانَ، فَهَذَاالْجَيْشُ يُهَاجِمُ الفِلَسْطِينِيِّينَ، وَتَدَخُّلُنَا عِنْدَئِذٍ سَيَكُونُ بِمَثَابَةِ تَقْدِيمِ الْمُسَاعَدَةِ لِلْفِلَسْطِينِيِّينَ، وَيَجِبُ عَلَيْنَا أَلَّا نُزْعِجُ الْقُوَّاتِ السُّورِيَّةَ أَثْنَاءَ قَتْلِهَالِلْفِلَسْطِينِيِّينَ؛ فَهِيَ تَقُومُ بِمُهِمَّةٍ لَاتَخْفَى نَتَائِجُهَا الْحَقَّةُ بِالنِّسْبَةِ لَنَا.
وَمِمَّا نَقَلَهُ الْقاَدِمُونَ مِنْ بَيْرُوت آنَذَاكَ، أَنَّ الْأَوْغَادَ كَانُوا إِذَا اعْتَدَوْا عَلَى كَرَامَةِ الْأَبْكَارِ مِنَ الْفَتَيَاتِ، تَرَكُوهُنَّيَعُدْنَ إِلَى أَهْلِهِنَّ عَارِيَاتٍ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُنَّأُمَّهَاتُهُنَّ!
وَوَقْتَهَا طَلَبَ الفِلَسْطِينِيُّونَ الْمُحَاصَرُونَ فِي لُبْنَانَ فَتْوَى مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، تُبِيحُ لَهُمْأَكْلَ جُثَثِالْمَوْتَىبَعْدَ أَنْ أَكَلُوا الْقِطَطَ وَالْكِلَابَ، وَأَطْعَمُوهَا أُسَرَهُمْ.
وَبَعْدَ هَذِهِ المَذْبَحَةِ بِخَمْسِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا نَفَّذَ النُّصَيْرِيُّونَ مَذْبَحَةً فِي سِجْنِ تَدْمُر بِخِيرَةِ شَبَابِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِمَّنْ يَحْمِلُونَ الشَّهَادَاتِ العُلْيَا، فَأَبَادُوهُمْ جَمِيعًا فِي نِصْفِ سَاعَةٍ، وَكَانَ عَدَدُهُمْ زُهَاءَ سَبْعِ مِئَةِ شَابٍ، وَفِي صَيْفِ ذَلِكَ العَامِ كَانَ النُّصَيْرِيُّونَ يَجُوبُونَ الشَّوَارِعَ، فَيَنْزِعُونَ حِجَابَ العَفِيفَاتِ بِالقُوَّةِ حَتَّى كَتَبَتْ صَحِفَيةٌ سِويسْرِيَّةٌ رَأَتْ ذَلِكَ: إِنَّ عَمَلِيَّةَ الاعْتِدَاءِ عَلَى المُحَجَّبَاتِ فِي سُورْيَا هِيَ إِحْدَى الطُّرُقِ الَّتِي يُحَارِبُ بِهَا الأَسَدُ الإِسْلامَ.
ثُمَّ بَعْدَ عَامَيْنِ فَقَطْ كَانَتْ مَذْبَحَةُ حَمَاة أَبْشَعَ مَذْبَحَةٍ فِي التَّارِيخِ المُعَاصِرِ؛ إِذْ حُوصِرَتْ بِالمُدَرَّعَاتِ وَالدَّبَّابَاتِ، وَقُطِعَتْ عَنْهَا الكَهْرُبَاءُ وَالمِيَاهِ، وَدُكِّتْ دَكًّا شَدِيدًا، حَتَّى أُبِيدَتْ عَشَائِرُ كَامِلَةٌ بِالمِئَاتِ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا فَرْدٌ يَحْمِلُ اسْمَهَا، ثُمَّ اقْتَحَمَهَا النُّصَيْرِيُّونَ، فَاغْتَصَبُوا النِّسَاءَ، وَنَحَرُوا الأَطْفَالَ، وَأَبَادُوا الرِّجَالَ، فَكَانَ القَتْلَى زُهَاءَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ نَفْسٍ، وَاعْتُقِلَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا مِنْ خِيرَةِ الشَّبَابِ أُعْدِمَ جُلُّهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ.
مَذَابِحُ فِي إِثْرِ مَذَابِحَ، وَعَذَابٌ مُهِينٌ لَقِيَهُ كِرَامُ أَهْلِ الشَّامِ خِلالَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَيَا للهِ العَظِيمِ مَا أَعْظَمَ نَكْبَتَهُمْ! وَمَا أَفْدَحَ مُصِيبَتَهُمْ، وَمَا أَشَدَّ خِذْلانَ المُسْلِمِينَ لَهُمْ!
وَمُنْذُ أَشْهُرٍ ثَمَانِيَةٍ وَأَهْلُ الشَّامِ يُبَادُونَ، وَيُسَاقُ شَبَابُهُمْ إِلَى مُعْتَقَلاتِ التَّعْذِيبِ وَالإِبَادَةِ، وَتُغْتَصَبُ نِسَاؤُهُمْ، وَمِنْهُنَّ كَثِيرَاتٌ حُبْلَيَاتٌ، وَصَرَخَتْ إِحْدَاهُنَّ فِي المُسْلِمِينَ تَقُولُ: لاَ نُرِيدُ أَيَّ مَعُونَةٍ سِوَى حُبُوبِ مَنْعِ الحَمْلِ، فَأَيُّ عَارٍ لَحِقَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ- سَيُدَوَّنُ فِي هَذِهِ الحِقْبَةِ مِنَ التَّارِيخِ بِمِدَادِ العَجْزِ وَالخِذْلانِ، بِمِدَادِ الذُّلِّ وَالعَارِ، بِمِدَادِ الخِزْيِ وَالهَوَانِ، وَلَنُسْأَلَنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ عَنْهُمْ، فَاللَّهُمَّ خَفِّفْ عَنَّا الحَسَابَ، وَارْفَعْ عَنْ إِخْوَانِنَا العَذَابَ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ ضَعْفَ قُوَّةِ المُسْلِمِينَ، وَقِلَّةَ حِيلَةِ المُسْتَضْعَفِينَ، وَهَوَانَهُمْ عَلَى النَّاسِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَنْتَ رَبُّ المُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبُّنَا إِلَى مَنْ تَكِلُ إخْوَانَنَا، إِلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُهُمْ أَمْ إِلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرَهُمْ، اللَّهُمَّ لاَ نَصِيرَ لَهُمْ إِلاَّ أَنْتَ، فَقَدْ خَذَلَهُمُ العَالَمُ كُلُّهُ، وَأَسْلَمُوهُمْ إِلَى عَدُوِّهِمْ.
اللَّهُمَّ الْطُفْ بِهِمْ وَارْحَمْهُمْ وَأَنْزِلِ السَّكِينَةَ وَالأَمْنَ وَالثَّبَاتَ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَزَلْزِلْ بِالرُّعْبِ قُلُوبَ أَعْدَائِهِمْ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ ضَعُفَ النَّاصِرُ إِلاَّ بِكَ، وَقَلَّتِ الحِيلَةُ إِلاَّ بِكَ، وَانْقَطَعَتْ حِبَالَ الرَّجَاءِ إِلاَّ حَبْلَ الرَّجَاءِ فِيكَ، اللَّهُمَّ فَلا تَخْذُلْنَا فِي دُعَائِنَا كَمَا خَذَلَنَا إِخْوَانُنَا، فَأَنْتَ الرَّبُّ الكَرِيمُ، وَنَحْنُ العُصَاةُ العَبِيدُ، فَعَامِلْنَا بِكَرَمِكَ وَجُودِكَ، وَاسْتَجِبْ دُعَاءَنَا فِي إِخْوَانِنَا، وَأَغِثْهُمْ بِنَصْرِكَ فَلا مُغِيثَ لَهُمْ سِوَاكَ، وَلا نَاصِرَ لَهُمْ إِلاَّ إِيَاكَ، يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ ارْفَعِ البَلاءَ عَنْ إِخْوَانِنَا، وَأَنْزِلْ رَحْمَتَكَ عَلَيْهِمْ، ارْحَمْ رَبَّنَا أَطْفَالاً تُذْبَحُ لاَ حَوْلَ لَهُمْ وَلاَ قُوَّةَ، وَارْحَمْ نِسَاءً تُغْتَصَبُ لاَ حَافِظَ لَهُنَّ إِلاَّ أَنْتَ، وَاحْفَظْ رِجَالاً ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ بِلادُ الشَّامِ بِمَا رَحُبَتْ.
اللَّهُمَّ صُنْ أَعْرَاضَ العَفِيفَاتِ، وَاحْفَظْهُنَّ مِنْ لِئَامِ الرِّجَالِ، وَصُنْ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ، وَفَرِّجْ كَرْبَهُمْ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ.
اللَّهُمَّ أَرِنَا فِي النُّصَيْرِيِّينَ وَسَائِرِ البَاطِنِيِّينَ حِيَلَكَ وَقُوَّتَكَ، وَأَنْزِلْ بِهِمْ بَأْسَكَ، اللَّهُمَّ اخْضِدْ شَوْكَتَهُمْ، وَنَكِّسْ رَايَتَهُمْ، وَأَعِدْهُمْ إِلَى الذُّلِّ وَالهَوَانِ كَمَا كَانُوا، وَانْصُرْ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمْ، اللَّهُمَّ اشْفِ صُدُورَ المُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ، يَا حِيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ، يَا سَمِيعُ يَا قَرِيبُ يَا مُجِيبُ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
المرفقات
النصيريون.._تاريخ_يقطر_دما_وخيانة.doc
النصيريون.._تاريخ_يقطر_دما_وخيانة.doc
النصيريون..تاريخ يقطر دما وخيانة.doc
النصيريون..تاريخ يقطر دما وخيانة.doc
المشاهدات 4751 | التعليقات 6
ما شاء الله خطبه دسمه بالعار للنصيريين وفي نفس الوقت دليل واضح لذل اهل ..., خطبه تجرح القلوب بكل معنى الكلمه , كنت عندما اقرا كتاب نور اليقين ابكي اتعرفون لماذا لانني كنت اقارن بين عزه الرسول ومن معه وذلنا في الوقت الحالي
أخي أبو مها حفظك الله أفصل بين الكلمات لكي يتضح المعنى
شبيب القحطاني
عضو نشط
جزاك الله خيرا
خطبة عظيمة تدمي اقلب إن كان فيه إسلام وإيمان
نسأل الله أن ينصر إخواننا المستضعفين في سوريا ولبنان والعراق وإيران
جزاك الله خير على الخطبة الجليلة00
جزاكم الله تعالى خيرا أيها الإخوة الأكارم على مروركم وتعليقكم وأسأل المولى سبحانه أن يثيبكم وأن ينفع بكم
ابومها ابومها
جزاك الله خير هناك كلمات في الخطبة الثانية غير مفهومة فَهِيَتَقُومُبِمُهِمَّةٍلَاتَخْفَىنَتَائِجُهَاالْحَقَّةُبِالنِّسْبَةِلَنَا.
تعديل التعليق