النصيرية تاريخ يقطر دما

عبدالرحمن اللهيبي
1446/06/18 - 2024/12/20 05:02AM
من المنقول بتصرف
 
 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَوِيِّ الْقَهَّارِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ؛ لَا يَحْدُثُ في الكونِ شَأْنٌ إِلَّا بِقدره وأَمْرِهِ، وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ إِلَّا بتدبيره وعِلْمِهِ؛ ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ يُرِي عِبَادَهُ مِنْ دَلَائِلِ بطشه وقُوتِهِ، وَعَجَائِبِ أقداره وقدرته ، مَا يَدُلُّهُمْ بِهِ عَلَى ألوهيته وربوبيته ، وَيَدْعُوهُمْ به إِلَى تَوْحِيدِهِ وَعُبُودِيَّتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أصدق الخلق في الْيَقِينِ بِوَعْدِهِ، والثقة بنصره ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ، وَاسْتَعِينُوا بِهِ فِي شِدَّتِكُمْ وكَرْبِكُمْ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ في طرفة عين عَلَى أَنْ يَقْلِبَ الْعُسْرَ يُسْرًا، وَالشِّدَّةَ فَرَجًا، والحزن فَرَحًا؛ ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾

أَيُّهَا المسلمون: منذ أكثر من خمسين عاما والمستضعفون السنة في الشام يعانون صنوف العذاب ، وألوان الاضطهاد على أيدي الكفرة النصيرية ، وأخبث الطوائف الباطنية.. فساموا المسلمين هناك سوء العذاب وتفننوا في شتى أنواع القتل والتنكيل والإرهاب.. من نَحْرِ الأَطْفَالِ، واغتصاب النساء ، وَهَتْكِ الأَعْرَاضِ، وَتَمْزِيقِ الأَجْسَادِ ، وقتل وتشريد الملايين من المسلمين بما لا يخطر على قلوب البشر الأسوياء، ولاَ يَتَوَقَّعُهُ العُقَلاءُ، وَلاَ يَتَخَيَّلُهُ حتى الأَعْدَاءُ، وَمَا خفي أعظم مِمَّا شاهدناه ، ولا غرابة فتاريخ النصيرية يقطر دما وإجراما عبر التاريخ فاعتقادهم الكفري البَاطِنِيِّ النصيري الخبيث، قد امتلأ حقدا وكرها وبغضا للسنة ، لذا فقد تَوَالَتْ جرائمهم عَلَى أُمَّةِ الإِسْلامِ منذ القدم ، هذا رغم كونهم أَقَلِيَّةً شَاذَّةً وَقد كَانَ المُسْلِمُونَ يَسْتَطِيعُونَ إِبَادَتَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ ، ولَكِنْهم تَرَكُوهُمْ وَمَا يَدِينُونَ، فَمَا جَنُوا مِنْ إِحْسَانِهِمْ إِلَيْهِمْ إِلاَّ الحِقْدَ وَالضَّغِينَةَ، وَالتَّارِيخُ -وَمَا أَدْرَاكَ مَا التَّارِيخُ- مَلِيءٌ من شواهد الغَدْر وَالخِيَانَة من النُّصَيْرِيَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ فَتَعَالَوْا إِلَى شَيْءٍ مِنَ هذه الأحداث المؤلمة :

ذَكَرَ المُؤَرِّخُ ابْنُ كَثِيرٍ رحمه الله فِي أَحْدَاثِ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِئَةٍ أَنَّ الرافضةَ النُّصَيْرِيَّةَ انْقَلَبُوا عَلَى المُسْلِمِينَ فحَمَلُوا عَلَى مَدِينَةِ جَبَلَةَ -قُرْبَ اللَّاذِقِيَّةِ- فَدَخَلُوهَا وَقَتَلُوا خَلْقًا كثيرا مِنْ أَهْلِهَا، وقاموا بتخريب المَسَاجِدِ، وَاتِّخَاذِهَا خَمَّارَاتٍ ..

وَمن شواهد التاريخ أيضا: معاونةُ النصيريةِ للصَّلِيبِيِّينَ في احتلال بَيْتِ المَقْدِسِ ؛ ذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ مَدِينَةٍ وَطِئَهَا الصَّلِيبِيُّونَ كَانَتْ أَنْطَاكِيَة، وَكَانَتْ حُصُونُهَا شَاهِقَةً، وَقِلاعُهَا صَامِدَةً، وَأَهْلُهَا أَشِدَّاءَ، فحَاصَرَهَا الصَّلِيبِيُّونَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، حَتَّى تَسَرَّبَ اليَأْسُ إِلَى قُلُوبِ الصليبيين، وَنَفِدَتْ مَؤُونَتُهُمْ، وَجَاعَ جُنْدُهُمْ، وَبَدَأَ الفِرَارُ وَالتَّفَلُّتُ وَالعِصْيَانُ يَظْهَرُ فِي جندهم، وبينما هم كذلك إِذْ كَانَ أَحَدُ زُعَمَاءِ النُّصَيْرِيَّةِ مُوَكَّلاً بِحِمَايَةِ أَحَدِ الأَبْرَاجِ ، فَاتَّصَلَ بِالقَائِدِ الصَّلِيبِيِّ ، وَفَتَحَ لَهُ البُرْجَ الَّذِي كَانَ يَحْرُسُهُ، فَدَخَلَ الصَّلِيبِيُّونَ أَنْطَاكِيَةَ وَأَبَادُوا أَهْلَهَا، ثُمَّ سَارُوا إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ فَاحْتَلُّوهُ، وَاسْتَمَرَّ الوُجُودُ الصَّلِيبِيُّ فِي بِلادِ الشَّامِ قَرِيبًا مِنْ مِئَتَيْ سَنةٍ، وذلك بِسَبَبِ خِيَانَةِ النُّصَيْرِيِّينَ

 ومن خيانات الرافضة النصيريين التي سجلها التاريخ بمداد من دم تحالفهم مع القَائِدِ التَّتَرِيّ تَيْمُورلَنْك ضِدَّ المُسْلِمِينَ، حيث تمكن من دخول حلب بمعونتهم فأباد أهلها ، حتى شكل مِنْ رُؤُوسِهم تِلالاً، ثم اتَّجَهَ تَيْمُورُ بَعْدَ انْتِهَائِهِ مِنْ حَلَبَ إِلَى دِمَشْقُ، فاسْتَبَاحَها سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَأَبَاحَهَا لِجُنُودِهِ، فَكَانُوا يَغْتَصِبُونَ النِّسَاءَ حَتَّى فِي المَسَاجِدِ، وذلك كله بمعونة النصيريين

فَتِلْكَ بَعْضُ أَفْعَالِهِمُ الَّتِي سُجِّلَتْ فِي كُتُبِ التَّارِيخِ، وَنَقَلَهَا مُؤَرِّخٌ نُصَيْرِيٌّ مِنْهُمْ، لاَ يُمْكِنُ اتِّهَامُهُ بِالتَّحَيُّزِ ضِدَّهُمْ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ؛ كَانَ ذَاكَ شَيئًا مِنْ تَارِيخِ غَدْرِ النُّصَيْرِيِّينَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي الْقَدِيمِ، وَأَمَّا فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ فجرائمهم أكثر من أن تحصر ، ففي لبنان حِينَ كَانَتِ الْحَرْبُ الْأَهْلِيَّةُ عَلَى أَشُدِّهَا، قبل أكثر من أربعين عاما.. تَدَخَّلَ الْجَيْشُ السُّورِيُّ النُّصَيْرِيُّ لِيَسْحَقَ سُنَّةَ لُبْنَانَ ، فقَتَلَ مِنَهم أكثر من خَمْسِينَ أَلْفًا ..

وَبَعْدَهَا بِأَشْهُرٍ تعاون النصيريون مع اليهود ونصارى لبنان عَلَى الفِلَسْطِينِيِّينَ فِي مُخَيَّمِ تَلِّ الزَّعْتَرِ، فَذَبَحُوا الْأَطْفَالَ وَالشُّيُوخَ، وَبَقَرُوا بُطُونَ الْحَوَامِلِ، وَهَتَكُوا أَعْرَاضَ الْحَرَائِرِ

وَمِمَّا نَقَلَهُ الْقاَدِمُونَ مِنْ بَيْرُوت آنَذَاكَ، أَنَّ الْأَوْغَادَ كَانُوا إِذَا اعْتَدَوْا عَلَى كَرَامَةِ الْأَبْكَارِ مِنَ الْفَتَيَاتِ، تَرَكُوهُنَّ يَعُدْنَ إِلَى أَهْلِهِنَّ عَارِيَاتٍ!

وَبَعْدَ هَذِهِ المَذْابَح بسبع سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا كَانَتْ مَذْبَحَةُ حَمَاة في عام 1982 وهي أَبْشَعَ مَذْبَحَةٍ فِي التَّارِيخِ المُعَاصِرِ؛ إِذْ حُوصِرَتْ بِالمُدَرَّعَاتِ وَالدَّبَّابَاتِ، وَدُكِّتْ دَكًّا شَدِيدًا، ثُمَّ اقْتَحَمَهَا النُّصَيْرِيُّونَ، فَاغْتَصَبُوا النِّسَاءَ في المساجد وقد فتحوا مكبرات الصوت ليسمع أهل حماه صراخ النساء، ثم نَحَرُوا الأَطْفَالَ، وَأَبَادُوا الشيوخ والرِّجَالَ..

نعم معاشر المسلمين: مَذَابِحُ فِي إِثْرِ مَذَابِحَ، وَعَذَابٌ مُهِينٌ لَقِيَهُ كِرَامُ أَهْلِ الشَّامِ خِلالَ خمسين سَنَةً، على أيدي النصيرية الأرجاس، لقد بلغَ بهم الغرور والجبروت مبلغه، ووصلَ بهم الكبرياءُ والطغيان ذروته، حتى ظنوا أن مقادير الخلق بأيديهم، متناسينَ تماماً مَن بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير ، يقضي بما يشاء ويفعل ما يريد ثم وبعد أن استيأس القوم المستضعفون وقالوا : متى نصر الله!؟ فإذا بالنصر بعد الهزيمة والفرجِ بعد البلاء واليسر بعد العناء يأتيهم في صورة سريعة ما كانت تخطر لهم على بال ، حتى أن الناس كُلَّهُمْ -بخُبَرَائِهِمْ وَمُحَلِّلِيهِمْ كانوا فِي دَهْشَةٍ مِنْ سقوط هؤلاء النصيرية ومن عاونهم من الرافضة المجوس الذين احتشدوا من كل مكان بِمُخْتَلِفِ أَعْرَاقِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ قد اتحدوا عَلَى المستضعفين من أهل السنة في الشام لِاسْتِئْصَالِهِمْ وَقَطْعِ دَابِرِهِمْ؛ حَتَّى إِذَا ظَنُّوا أَنَّهُمْ بَلَغُوا الغاية في القوة والبطش؛ فإذا بهم يتساقطون بتسارع عجيب وفي وقت وجيز ؛ لَيُعْجِزَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَشَرَ كُلَّهُمْ عَنْ إِدْرَاكِ سِرِّ أَقْدَارِهِ، وألطاف تدابيره،  

(( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ))

إن الله أراد أن يجعلَ هؤلاء المستضعفين سادة بعد أن كانوا عبيدا ، يريدُ سبحانه أن يجعل المغلوب غالبا ، والمقهور قاهراً ، والذليلَ عزيزا .. (والله يحكُم لا مُعَقّب لحكمه) فالْمُلْكُ كُلُّهُ لِلَّهِ ، وَالْأَمْرُ لَهُ سُبْحَانَهُ جل في علاه؛ الْخَلْقُ خَلْقُهُ، وَالتَّدْبِيرُ تَدْبِيرُهُ، وَقُوَّتُهُ تَغْلِبُ كُلَّ قُوَّةٍ، وَقُدْرَتُهُ فَوْقَ كُلِّ قُدْرَةٍ، وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا، وَأَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ قدرا؛ ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ﴾ ، ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾

فسبحانك ربنا { تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

أقول قولي هذا ...

 

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَنْ هَالَهُ قُوَّةُ أَهْلِ الكفر والْبَاطِلِ، وَكَثْرَةُ جَمْعِهِمْ، وَشِدَّةُ مَكْرِهِمْ وَكَيْدِهِمْ، فَلْيُوقِنْ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَنْ يُغْنِيَ عَنْهُمْ مِنْ تَدْبِيرِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْئًا، وَلَنْ يَمْنَعَ جَرَيَانَ سُنَّتِهِ الْقَاضِيَةِ بِهَلَاكِ الظَّالِمِينَ وَهَزِيمَتِهِمْ؛ ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ ، وَقَدِيمًا قَالَ فرعون ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي () وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ () فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾

أيها المسلمون : وَإِنَّ فِي ثَبَاتِ الْمُعَذَّبِينَ والمشردين مِنَ أهل الشام أَعْظَمُ عِبْرَةٍ بمَا حَبَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الثَّبَاتِ والإيمان وَالْيَقِينِ، وَمَا مَلَأَ قُلُوبَهُمْ مِنَ الصَّبْرِ وَالرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ؛ حتى رأينا من يُدفن منهم حيا ، وهو يُقال له قل: لا إله إلا بشار ، فيقول: لا إله إلا الله ، فما زالوا يهيلون عليه التراب ، وهو ثابت على كلمة التوحيد لا يتزعزع حتى مات بعد أن دُفن بالكامل

أيها المسلمون : لقد طويتُ صفحةُ النصيرية وأعوانهم من المجوس في الشام، وأصبحوا اليوم عبرةً تتناقلها الناس في المجالس ووسائل الإعلام .. في دروس ربانية واضحةِ المعالم، تؤكد للناس : أن التدبير كله لله، وأن البلاء مهما طال أمده فإن عاقبته فرجا ، وأنَّ اليهود ، والرافضة الصفويين ، والوثنيين البوذيين الَّذِينَ أَنْزَلُوا بِالمُسْلِمِينَ الْخُطُوبَ، وأراقوا دماءهم ، وَاسْتَبَاحُوا ْحُرُمَاتِهم .. سيحل بهم يومٌ قريب يكْتَبُ الله فِيه ذُلّهمْ، وسينتقم الله للمستضعفين منهم ، ولن ينفعهم حينها قُوَّتُهُمْ وَجَمْعُهُمْ..

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...

المشاهدات 468 | التعليقات 0