النزال الأخير 1445/3/9ه

يوسف العوض
1445/02/07 - 2023/08/23 15:09PM

اَلْخُطْبَةَ اَلْأُولَى

أيُّها المُسلمونَ :فِي زَمَانٍ غَيْرِ زَمَانِنَا وَفِي مَكَانٍ غَيْرِ مَكَانِنَا وَفِي أَحْوَالٍ غَيْرِ أَحْوَالِنَا، ففِي اَلسَّنَةِ اَلتَّاسِعَةِ مِنْ اَلْهِجْرَةِ تحَدِيدَاً بَلَغَ اَلْمُسْلِمِينَ وَهُمْ فِي اَلْمَدِينَةِ اَلنَّبَوِيَّةِ أَنَّ هِرَقْلَ عَظِيمَ اَلرُّومِ قَدْ جَهَّزَ جَيْشًا قِوَامَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ ، يُرِيدُ غَزْوَ اَلْمُسْلِمِينَ فِي دِيَارِهِمْ ، فَرَأَى اَلنَّبِيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اَلْقِيَامِ بِغَزْوَةٍ , فَاصِلَةٍ يَقُومُ بِهَا اَلْمُسْلِمُونَ ضِدَّ اَلرُّومَانِ فِي حُدُودِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا دِيَارَ اَلْمُسْلِمِينَ ، فَخَطَبَ اَلنَّبِيُّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - اَلنَّاسَ ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَجَهَّزُوا لِلْقِتَالِ ، وَبَيَّنَ لَهُمْ خُطُورَةَ اَلْمَوْقِفِ وَشِدَّتَهُ لِيَتَأَهَّبُوا لَهُ أُهْبَتَهُ ، ثُمَّ حَثَّهُمْ عَلَى اَلْجِهَادِ وَرَغَّبَهُمْ فِي بَذْلِ اَلصَّدَقَاتِ وَقَالَ : "مِنْ يُجْهِزُ جَيْشَ اَلْعَسِرَةِ وَلَهُ اَلْجَنَّةُ ؟ " فَقَامَ عُثْمَانُ وَطَرَحَ تِجَارَتَهُ كُلَّهَا اَلَّتِي جَمَعَهَا مِنْ صِبَاهُ بَيْنَ يَدَيْ اَلنَّبِيِّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ : أَنَا أُجْهَزُ جَيْشَ اَلْعُسْرَةِ يَا رَسُولَ اَللَّهِ ، فَدَمَعَتْ عَيْنَا اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : "اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِعُثْمَانَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ "، فَقَالَ اَلنَّاسُ : آمِينَ ، ثُمَّ أَخَذَ اَلنَّاسُ يَتَصَدَّقُونَ : أَبُو بَكْرْ اَلصِّدِّيقْ وَعُمَرُ بِنُ اَلْخَطَّابِ وَعَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ وَطَلْحَةُ وَسَعْدُ بنُ عِبَادَةَ وَمُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمَةَ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ غَيْرُهُمْ .

أيُّها المُسلمونَ : وَكَانَ أَوَانُ هَذِهِ اَلْغَزْوَةِ فِي حَرٍّ , شَدِيدٍ شَدِيدٍ يَشْوِي اَلظَّلِيمَ - ذِكْرُ اَلنَّعَامِ - وَتْتَلَمْظُ مِنْهُ اَلْحَيَّةُ ، فَعُرِفْت هَذِهِ اَلْغَزْوَةُ بِغَزْوَةِ اَلْعُسْرَةِ لِأَنَّهَا جَاءَتْ فِي فَصْلِ اَلْحَرِّ وَقَدْ نَضِجَتْ اَلثِّمَارُ وَامْتَدَّتْ اَلظِّلَالُ وَعُذِّبَ اَلْمَاءُ ، ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ كَانَتْ اَلْمَسَافَةُ إِلَى تَبُوكَ بَعِيدَةً وَالْمَشَقَّةُ فِي اَلسَّفَرِ إِلَيْهَا مُتَحَقِّقَةً  ثُمَّ تَحَرَّكَ اَلْجَيْشُ يُرِيدُ تَبُوكَ ، وَقَدْ بَلَغَ تَعْدَادُهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا فِي جَمْعٍ كَبِيرٍ , مَا شَهِدَ مَثَلُهُ فِي جُيُوشِ اَلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ، حَتَّى إِنَّ اَلْمُسْلِمِينَ لَمْ يَسْتَطِيعُوا تَجْهِيزَهُ تَجْهِيزًا كَامِلاً رَغْمَ كُلِّ مَا بَذَلُوهُ ، فَأَكَلُوا فِي طَرِيقِهِمْ أَوْرَاقَ اَلشَّجَرِ حَتَّى تَوَرَّمَتْ شِفَاهُهُمْ ، وَكَانَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلاً يعَتَقَبُونْ بَعِيرًا وَاحِدًا ، حَتَّى إِنَّ جَمَلَ أَبِي ذَر قَدْ تَثَاقَلَ عَنْ حِمْلهِ ، فَنَزَلَ عَنْهُ أَبُو ذَرٍّ وَحَمَلَ مَتَاعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَأَخَذَ يَمْشِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَالْأَرْضُ قَدْ اِلْتَهَبَتْ حَرًّا يُرِيدُ أَنْ يُدْرِكَ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا عَجَبَ فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ نَابِعًا مِنْ قُوَّةِ إِيمَانِهِمْ وَتَحَقُّقِ يَقِينِهِمْ بِمَا وَعَدَ اَللَّهُ - تَعَالَى - اَلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ مِنْ اَلْفَضْلِ اَلْكَبِيرِ وَالْأَجْرِ اَلْعَظِيمِ . أيُّها المُسلمونَ : وَفِي اَلطَّرِيقِ عَسّكَرَ اَلْجَيْشُ اَلْإِسْلَامِيُّ ، فَافْتَقَدَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَكَانَ مِنْ خِيرَةِ اَلرِّجَالِ فَقَالَ : "أَيْنَ كَعْبُ بْنْ مَالِكٍ ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ يُحْسَبُ مِنْ اَلْمُنَافِقِينَ : أَلْهَاهُ اَلنَّظَرُ فِي بَرَدِيهِ أَي : ثَوْبَيْهِ ، فَقَامَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَرَدَّ عَنْهُ وَقَالَ : مَا عَلِمَنَا عَنْهُ - يَا رَسُولَ اَللَّهِ - إِلَّا خَيْرًا ، إِنَّهُ لِمُؤْمِنٌ صَادِقٌ مُجَاهِدٌ ، ثُمَّ وَاصَلَ اَلْجَيْشُ مَسِيرَهُ فَلَمَّا بَلَغَ أَرْضَ تَبُوكٍ عَسّكَرَ هُنَاكَ ، وَقَامَ اَلنَّبِيُّ فِيهِمْ خَطِيبًا ، فَخَطَبَ خُطْبَةً بَلِيغَةً حَضَّ فِيهَا عَلَى خَيْرِي اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَحَذَّرَ وَأَنْذَرَ ، وَبَشَّرَ وَأُبشَر ، فَجَبَرَ نَقَصَهُمْ وَرَفَعَ مَعْنَوِيَّاتِهِمْ ، فَلَمَّا سَمِعَ اَلرُّومَانُ وَحُلَفَاؤُهُمْ بِزَحْفِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَخْذَهُمْ اَلرُّعْبُ ، فَلَمْ يَجْتَرِئُوا عَلَى اَلتَّقَدُّمِ وَاللِّقَاءِ ، بَلْ تَفَرَّقُوا فِي اَلْبِلَادِ خَائِبِينَ خَاسِرِينَ ، وَأَعَزَّ اَللَّهُ جَنَّدَهُ ، فَقَفَلُواَ رَاجِعِينَ مُظَفَّرَيْنِ مَنْصُورِينَ لَمْ يَنَالُوا كِيدَا ، وَكَفَى اَللَّهُ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلْقِتَالَ .

أيُّها المُسلمونَ : وَفِي طَرِيقِ اَلْعَوْدَةِ حَاوَلَ اِثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مِنْ اَلْمُنَافِقِينَ اَلْفَتْكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، فَأَحَاطُوا بِهِ عِنْدَ عَقَبَةِ وَهَمَّ مُتَلَثِّمُونَ ، فَرْدُ اَللَّهُ كَيْدَهُمْ ، وَأَحْبَطَ تَدْبِيرَهُمْ ، فَفَرُّوا هَارِبِينَ مَرْعُوبِينَ وَقَدْ هَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا كَمَا قَالَ اَللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -  وَبَلَغَ اَلْجَيْشُ اَلْمَدِينَةَ اَلنَّبَوِيَّةَ ، فَخَرَجَ اَلنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْوِلْدَانُ يُقَابِلُونَ اَلْجَيْشَ وَيُرَحِّبُونَ بِهِ ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ هَذِهِ اَلْغَزْوَةِ إِلَّا بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ اَلْمُنَافِقِينَ وَجَمْعٍ مِنْ أَهْلِ اَلْأَعْذَارِ وَثَلَاثَةِ نَفَرٍ , مِنْ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلصَّادِقِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُذْرٌ ، فَجَاءَ اَلْمُنَافِقُونَ يَعْتَذِرُونَ بِأَعْذَارٍ شَتَّى وَاَللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَكَاذَبُونْ ، فَقَبِلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عَلَانِيَتَهِمْ وَوَكَّلَ سَرِيرَتَهُمْ إِلَى اَللَّهِ ، أَمَّا اَلنَّفَرُ اَلثَّلَاثَةُ فَقَدْ اِعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ ، فَأَمَرَ اَلنَّبِيُّ بِهَجْرِهِمْ حَتَّى تَنَكَّرَتْ لَهُمْ اَلْأَرْضُ ، وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ بِمَا رَحُبَتْ ، وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهِمْ ، ثُمَّ تَابَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَأَمَّا أَصْحَابُ اَلْأَعْذَارِ مِنْ اَلضُّعَفَاءِ وَالْمَرْضَى فَقَدَ رَفَعَ اَللَّهُ عَنْهُمْ اَلْحَرَجَ حَتَّى قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَنَا مِنْ اَلْمَدِينَةِ : " إِنَّ بِالْمَدِينَةِ رِجَالاً مَا سِرْتُمْ مَسِيِّرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ ، حَبْسُهُمْ اَلْعُذْرُ ".

 

اَلْخُطْبَةُ اَلثَّانِيَةُ :

أَيُّهَا اَلنَّاسُ : هَذَا حَالُ اَلْجِيلِ اَلْأَوَّلِ مِنْ أَصْحَابِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، فَمَا حَالُنَا ؟ هَذِهِ شَمَائِلُهُمْ وَأَفْضَالُهُمْ فَمًا شَمَائِلُنَا وَأَفْضَالُنَا ؟ عُثْمَانُ يَعِدُ بِتَجْهِيزِ اَلْجَيْشِ مِنْ مَالِهِ ، وَأَبُو بَكْرْ يَأْتِي بِمَالِهِ كُلِّهِ ، وَعُمَرُ يَأْتِي بِنِصْفِ مَالِهِ ، وَمِنْ اَلْمُسْلِمِينَ اَلْيَوْمَ مِنْ يَجْمَعُونَ وَيَمْنَعُونَ وَفِي سَبِيلِ اَللَّهِ لَا يَتَصَدَّقُونَ ، بَلْ فِي اَللَّهْوِ وَالْبَاطِلِ هُمْ يُنْفِقُونَ ، وَفِي اَلصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اَللَّهِ أَمْوَالُهُمْ يَبْذُلُونَ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ !!  صَحَابَةُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ حَرٍّ اَلشَّمْسِ يَمْشُونَ ، وَعَلَى اَلرِّمَالِ اَلْمُلْتَهِبَةِ بِأَقْدَامِهِمْ يَطَؤُونَ ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ اَلْمُسْلِمِينَ عَلَى رِمَالِ اَلشَّوَاطِئِ يَسْتَرْخُونَ ، وَهُمْ لِلْعَوْرَاتِ كَاشِفُونَ ، وَلِلْمَفَاتِنِ مُظْهِرُونَ ، وَلَرُبَّ اَلسَّمَوَات وَالْأَرْضِ بِالْمَعَاصِي مُبَارِزُونَ !!  أَبُو ذَرٍّ يَتْرُكُ بَعِيرَهُ ، وَيَحْمِلُ مَتَاعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ ، وَيَمْشِي عَلَى قَدَمَيْهِ حَتَّى يُدْرِكَ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، فَلَا يَفُوتُهُ اَلْمَوْقِفُ اَلْجَلِيلُ ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ اَلْمُسْلِمِينَ اَلْيَوْمَ قَدْ شَغَلَ عَنْ إِدْرَاكِ اَلْجَمَاعَاتِ وَحُضُورِ اَلصَّلَوَاتِ بِتَتَبُّعِ اَلْمُسَلْسَلَاتِ وَمُشَاهَدَةِ اَلْمُبَارَيَاتِ !! اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ وَيَسْأَلُ عَنْ إِخْوَانِهِ ، وَمِنْ اَلْمُسْلِمِينَ اَلْيَوْمَ مِنْ يَبَيتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ جَوْعَانَ وَهُوَ لَا يَدْرِي !! رَجُلٌ مِنْ اَلْمُنَافِقِينَ يَقَعُ فِي عَرْضِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، فَيَرُدُّ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَنْ عَرْضِ أَخِيهِ ، وَمَنْ رَدَّ عَنْ عَرْضِ أَخِيهِ بِالْغِيبَةِ رَدَّ اَللَّهُ عَنْ وَجْهَهِ اَلنَّارَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ ، وَمِنْ اَلْمُسْلِمِينَ اَلْيَوْمَ مِنْ يَقَعُ حَتَّى فِي أَعْرَاضِ اَلْعُلَمَاءِ وَالْفُضَلَاءِ وَقَلَّمَا يَرُدُّ عَنْهُمْ أَحَدٌ !! نَفَرٌ مِنَ اَلْمُنَافِقِينَ يُرِيدُونَ اَلْفَتْكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، فَيَرُدُّ اَللَّهُ كَيْدَهُمْ وَيَعْصِمُ نَبِيَّهُ ، وَخَلْقٌ لَا يُحْصَوْنَ اَلْيَوْمَ يُرِيدُونَ اَلْكَيْدَ بِسَنَةِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، فَهْمُ لَهَا تَارِكُونَ وَعَنْهَا مُعْرِضُونَ ، بَلْ هُمْ لَهَا مُحَارِبُونَ وَإِنْ كَانُوا لَا يُظْهِرُونَ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ يَتَمَلَّقُونَ ، رَدُّ اَللَّهِ كَيْدَهُمْ وَخَيَّبَ سَعْيَهُمْ !! فِي تَبُوكَ يَخْطُبُ اَلنَّبِيُّ خُطْبَةً بَلِيغَةً فَيَتَأَثَّرُ اَلْجَيْشُ ، وَتُشْحَذُ اَلْهِمَمُ ، وَتَقْوَى اَلْعَزَائِمُ ، وَتَرْتَفِعُ اَلْمَعْنَوِيَّاتُ ، وَالْمُسْلِمُونَ اَلْيَوْمَ يَسْمَعُونَ اَلْعِظَاتِ وَيَحْضُرُونَ اَلْمُحَاضَرَاتِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي اَلْجُمُعَاتِ ، فَخُطَبٌ تُلْقَى وَكَلِمَاتٌ تُتْلَى ، وَلَكِن تَدَخلُ مِنَ اَلْيُمْنَى وَتَخَرجُ مِنَ اَلْيُسْرَى إِلَّا مِنْ رَحِمَ اَللَّهُ !! اَلْمُخَلِّفُونَ بِلَا عُذْرِ مِنْ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلصَّادِقِينَ يَعْتَرِفُونَ بِذَنْبِهِمْ وَيَتُوبُونَ إِلَى رَبِّهِمْ وَيَرْضَوْنَ بِحُكْمِهِ وَيُسَلِّمُونَ لِأَمْرِهِ ، وَمِنْ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلْيَوْمَ مَنْ يُصِرُّ عَلَى اَلْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ وَيُجَاهِرُ بِهَا عَلَامَ اَلْغُيُوبِ وَآيَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ تُتْلَى وَعِظَاتُهُ إِلَيْهِ تَتْرَى ، ثُمَّ هُوَ إِلَى اَللَّهِ لَا يَتُوبُ وَلَا يَؤُوبُ !!

اَللَّهُمَّ اِشْرَحْ صُدُورَنَا وَيَسْرْ أُمُورَنَا وَأَصْلَحْ أَحْوَالَنَا وَأَحْسَنْ خِتَامَنَا.

المشاهدات 777 | التعليقات 0