النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ

محمد البدر
1433/11/04 - 2012/09/20 22:45PM
[align=justify]الخطبة الأولى :
قال تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
عباد الله:هممٌ فوق السحاب لنماذج فريدة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم،نذكر ونذكر ببعض منها فعن أبي فِراسٍ ربيعةَ بنِ كعبٍ الأسلميِّ خادِمِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن أهلِ الصُّفَّةِ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أبِيتُ مَعَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فآتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ: «سَلْنِي» فقُلْتُ: اسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. فَقَالَ:«أَوَ غَيرَ ذلِكَ؟»قُلْتُ:هُوَ ذَاكَ، قَالَ:«فأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ»رواه مسلم.
عباد الله :أمنية وهمة فوق السحاب لأحد الأبطال، نعم همة تناطح الجبال وأمنية تريد أن تصل إلى المنال.
لم يرد ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه الجنة فحسب، بل أراد أعلى منزلة فيها، لقد أراد مرافقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ«عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِىُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِىُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ ، وَالنَّبِىُّ مَعَهُ الرَّهْطُ ، وَالنَّبِىُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ أُمَّتِى ، فَقِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ . ثُمَّ قِيلَ لِى انْظُرْ . فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ لِى انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا . فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ ، وَمَعَ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ».فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ ، فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِى الشِّرْكِ ، وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَلَكِنْ هَؤُلاَءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ ، وَلاَ يَكْتَوُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « نَعَمْ » فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا فَقَالَ «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ»متفقٌ عليه. الله أكبر!إن الهمم لتصغر أمام هذه الهمة الرفيعة، والأماني تتلاشى عند هذه الأمنية.
فوالله -يا عباد الله- لو استشعرنا تلك المعاني في حياتنا ومعاملاتنا أوجدنا مجتمعا مثاليا متماسكا متعاونا.
عباد الله :تحتاج الأمة دائمًا إلى تدبر سير العظام منها، وهل أعظم قدرًا وأعلى مكانًا من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
نعم عباد الله:لقد حوت كتب السنة و التاريخ صفحات خالدة لأولئك الرجال رضي الله عنهم وأرضاهم فقال تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
ولقد أثنى الله عليهم في كتابه وعدلهم ووثقهم وبين شرفهم وسابقتهم ، وأخبر تعالى عن رضاه عنهم ورضاهم عنه، أثنى عليهم ثناء عظيما ليس في القرآن فقط؛بل أثنى عليهم في القرآن والإنجيل والتوراة ؛ فقال الله تعالى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
عباد الله :محبة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ملأت قلوب الصحابة كلهم ومن تبعهم بإحسان؛ فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لا يُؤمِنُ أَحَدَكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) أخرجه مسلم.
فمن لوازم الإيمان محبته صلى الله عليه وسلم والذود عن حياضه وسنته، والدفاع عنه ونصرته .
عباد الله:سمعتم وسمع العالم ما أثاره الفلم المسيء لرسولنا وحبيبنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والذي أنتجه من لا خلاق له،على مرأى ومسمع من العالم كله مما نتج عنه غضبُ كثير من المسلمين وتعددت أفعال ردودهم وتنوعت ،والكل يدعي وصل بليلى وليلى لا تقر لهم بذلك فالبعض عبر عن غضبه بالمظاهرات والتكسير والتدمير ، والبعض عبر عن رأيه عبر المنتديات والقنوات والشبكات العنكبوتية ، والبعض عبر عن رأيه بل ودعا لمقاطعة المنتجات ومقاطعة أفلام تلك الدولة ويدعي أنه هو المحق وغيره العملاء لأنهم سكتوا ولم يفعلوا قال الله تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} .
عباد الله :الصياح والمظاهرات والاعتصامات ليست إلاّ من أفعال الردود، ردة فعل ليست من وراءها إلا تفريغ العواطف؛ ونحن بحاجة أن نكون عقلاء؛ وان نُحسن التعامل مع العاطفة؛ وأن نجنب أنفسنا العاطفة؛وأن نفهم ما هو الواجب الشرعي الذي علينا ؟
وأن نتعامل مع هذه المشاكل على أنها مسائل وأن نعلم حكم الله المطلوب منّا وأن نلجأ إلى أهل العلم الراسخين في حل هذه المعضلة .
عبادالله :يجب علينا لمواجهة هذه الأحداث والتحديات أن نزداد تمسكّاً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم و نزداد تمسكّاً بأن نتعلّم الصحيحين ؛ وأن ننشر أحاديث الصحيحين في الأمّة ،ونزداد تمسكّا في أن نُنشّىء أهالينا على حب نبينا ،وأن نتعلم سنّة وسيرة نبينا، وأن نتعلم هديه وأن نقتدي به في الظاهر والباطن؛فلا يكفي أن تقول أنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وظاهرك كظواهر الكفار؛فينبغي عليك أن تغيظ الكفار بشكلك بذكرك لربك بتمسكك بالتوحيد والسنة ظاهرا وباطناً بتردادك لأحاديث نبيك بأن تعلم{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}فكن مع خير البرية ؛فإنه لا صلاح لنا إلاّ أن نقتدي بنبينا صلى الله عليه وسلم .
ولقد أثلج صدورنا وصدور كل المؤمنين، وأرغم أنوف الكافرين، استنكار وشجب قيادة هذه البلاد بل وكما علمتم أن ولاة أمر هذه البلاد وفقهم الله وسدد على الحق خطاهم طلبوا من شركة قوقل حذف الفلم المسيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حال عدم الاستجابة لهذا الطلب فستقوم هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إنفاذا لأمر خادم الحرمين الشريفين بحجب موقع اليوتيوب بالكامل، فأجزل الله مثوبتهم، ورفع قدرهم، وأعلى شأنهم .

ألا وصلوا عبادالله .....
[/align]
المرفقات

النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ .doc

النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ .doc

المشاهدات 2398 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا