الناس أربعة أصناف
abu_ibrahem abu_ibrahem
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ، الْكَرِيمِ الْمَجِيدِ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ فَابْتَلَاهُمْ بِدِينِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ هُدُوا إِلَيْهِ فَفَازُوا، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَلُّوا عَنْهُ فَخَابُوا، (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا) [النِّسَاءِ: 143]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَنَارَ الطَّرِيقَ لِلسَّالِكِينَ، وَأَوْضَحَ الْحَقَّ لِلْمُمْتَثِلِينَ، وَفَصَّلَ الدِّينَ لِلْمُتَّبَعِينَ، وَأَقَامَ الْحُجَّةَ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا) [الْإِسْرَاءِ: 15]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ اصْطَفَاهُ اللَّهُ -تَعَالَى- وَهَدَاهُ وَاجْتَبَاهُ، وَأَرْسَلَهُ لِلْعِبَادِ هَادِيًا وَبَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ -عِبَادَ اللَّهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ -تَعَالَى-، وَالِاعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ، وَالتَّمَسُّكِ بِكِتَابِهِ، وَالْتِزَامِ دِينِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا سَعَادَةَ لِلْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا نَجَاةَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا بِذَلِكَ (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [آلِ عِمْرَانَ:
أَيُّهَا النَّاسُ:
خلق الله الثقلين لغاية واحدة ، خلقهم لعبادته وتكفل بالرزق لهم { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}.
عباد الله:
إن المتأمل في كتاب ربنا ، يجد أن الناس أربعة أصناف:
الأول: طائع لله سعيد.
الثاني: طائع لله تعيس.
الثالث: عاص لله سعيد.
الرابع: عاص لله تعيس.
فما الفرق بينهم ، وفي أي صنف تكون:
فإن كنت من الصنف الأول ، طائع لله سعيد ، فلا غرابة في ذلك ، فالله سبحانه يقول: { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فالنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}.
وأما إن كنت من الصنف الرابع ، عاص لله تعيس ، فلا غرابة أيضا في ذلك ، فالله سبحانه يقول: { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ، ونحشرة يوم القيامة أعمى}.
ولكن تكمن الغرابة عباد الله في الصنفين الآخرين:
فإن كنت ممن صنف بأنه طائع لله تعيس ، فهذا يحتمل أمرين:
- إما أن الله يحبك ويريد امتحان صبرك ورفع درجاتك ، لقوله سبحانه: {و لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}.
- وإما أن في طاعتك خللا وذنوبا غفلت عنها ، ومازلت تسوف في التوبة منها ، فلذا يبتليك الله لتعود إليه {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعله يرجعون}.
عبد الله: بقي الصنف الأخير ، عاص لله سعيد
إذا وقع تصنيفك فيه ، فحذر كل الحذر ، لأن هذا قد يكون هو الاستدراج ، وهذا أسوء موضع يكون فيه الإنسان ، والعاقبة وخيمة جدا ، والعقوبة من الله آتية لا محالة ، إن لم تتغير قبل فوات الآوان.
قال سبحانه: {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون}.
اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا والشيطان وردنا إليك ردا جميلا.
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول قولي هذا واستغفر الله لي وكم من كل ذنب وخطيئة إنه هو الغفور الرحيم
المرفقات
أربعة-أصناف
أربعة-أصناف