الموقف العام من التطورات الأخيرة باليمن

احمد ابوبكر
1436/04/02 - 2015/01/22 15:13PM
[align=justify]لم يكن ما تبجح بها زعيم المليشيات الشيعية باليمن عبد الملك الحوثي من افتراءات لتبرير الخطوات الأخيرة على طريق الانقلاب الكامل والسيطرة التامة على زمام الأمور في اليمن غريب أو عجيب , فجميع أزلام وعملاء طهران في الدول السنية يكررون نفس الأكاذيب والافتراءات لتبرير جرائمهم الوحشية بحق أهل السنة , وتحقيق أطماعهم التوسعية في الدول العربية السنية . لقد حاول زعيم الحوثيين باليمن "عبد الملك الحوثي" تبرير تحرك جماعته في صنعاء , وسيطرة مليشياته على دار الرئاسة وتطويق منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي بما سماه محاولة الأخير الانقلاب على ما تم التوافق عليه في اتفاق السلم والشراكة . وكانت نبرة كلام زعيم الحوثيين فيها الكثير من الاستعلاء والتعجرف , حيث صرح أنه لن يتردد في فرض أي إجراءات ضرورية لتنفيذ اتفاق السلم والشراكة , بل يملي بشروطه التي تمحورت حول أربع نقاط لحل الأزمة الحالية التي افتعلها في البلاد، مشيرا إلى أنه لا يستبعد أي خيار بشأن الرئيس اليمني هادي متهما إياه بالفساد والاستبداد . إنها في الحقيقة نفس التبريرات التي تعاكس الواقع تماما , بل وترد الاتهامات التي تكال ضدهم من نقض للعهود والمواثيق لخصمهم , ففي الوقت الذي يخرق الحوثيون فيه جميع بنود اتفاق وقف إطلاق النار والسلم والشراكة , يبررون انقلابهم بنقض هادي لبنود اتفاق السلم والشراكة , بل ويتهمون الأخير بالفساد وجر الوضع العام في اليمن نحو الاضطراب , وهم في الحقيقة أصل الفساد ورأس الفتنة في البلاد . وإزاء هذه التطورات الأخيرة والخطيرة في اليمن , كان الموقف العام المحلي والإقليمي والدولي إزاءها ضعيفا , ولا يرقى إلى مستوى الحدث الذي من شأنه إحداث تغيير استراتيجي سياسي وعسكري وديمغرافي واجتماعي واقتصادي ليس على مستوى اليمن فحسب , بل على مستوى المنطقة والعالم بأسره .

1- فعلى المستوى المحلي تزداد مكاسب الحوثيين يوما بعد يوم , وتزداد فرص سيطرتهم الكاملة على الإقليم الشمالي لليمن – إن لم نقل اليمن كله - , مستفيدين من تحالفهم مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح , الذي ما تزال كثير من قيادات الجيش تخضع لأوامره , وهو ما يفسر تهاوي الكثير من المقرات العسكرية والأمنية بيد الحوثيين دون مقاومة تذكر , وكان آخرها دار الرئاسة بالأمس . ولا يمكن تبرئة ساحة هادي من مسؤولية تهاوي هيبة الدولة وأركانها لصالح مليشيات الحوثي , حيث تفيد بعض الأنباء عن تحالف هادي أيضا مع الحوثيين لإبقائه على السلطة في اليمن الجنوبي , بينمنا يكون القسم الشمالي للحوثيين . وإذا أخذنا بعين الاعتبار الأنباء الأخيرة – غير المؤكدة - التي تفيد باحتمال استبعاد هادي من الرئاسة , وتشكيل مجلس رئاسي مدته عام , واقتراح الحوثيين أن يكون وزير الدفاع الحالي اللواء محمود صبيحي رئيساً له , وأن يكون نجل الرئيس المخلوع العميد أحمد علي عبد الله صالح أحد أعضائه , ناهيك عن إجراء تعديلات جوهرية في الدستور تنهي فكرة الأقاليم الستة , وأخرى تتعلق بالمواد التي تعيق عودة الرئيس المخلوع ونجله إلى السلطة، مقابل إفراج الحوثيين عن مدير مكتب الرئيس , فإن الرابح الأكبر من صراع مكونات أهل السنة في اليمن سيكون الحوثيون وأسيادهم في طهران .

2- وأما على المستوى الإقليمي فما تزال مواقف الدول السنية المجاورة لليمن - وعلى رأسها دول الخليج – لا ترقى إلى مستوى الخطر الرافضي الذي بات يحيط بهم إحاطة السوار بالمعصم . فإذا ما استكمل الحوثيون – لا قدر الله – سيطرتهم على شمال اليمن , فإن دول الخليج العربي ستكون محاصرة بالرافضة من كل الجهات , شرقا وغربا من خلال الممرات المائية في الخليج العربي والبحر الأحمر , وشمالا من خلال سيطرتها شبه التامة على العراق وسورية , وجنوبا بالخطر الحوثي القادم , وهو ما يشكل تهديدا كبيرا لأمن دول الخليج والمنطقة بأسرها . ويرجوا المترقبون لاجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية الاستثنائي المقرر اليوم في الساعات القادمة في العاصمة الرياض ، والذي من المرجح أن يناقش تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في اليمن , أن يتمخض عن قرارات وإجراءات ترقى لمستوى الحدث الجلل .

3- أما على المستوى الدولي فإن صفقة التوافق الإيراني الأمريكي الغربي تبدو آثارها واضحة المعالم في اليمن وغيرها من الدول السنية التي يتوغل فيها الرافضة , فما زال الصمت على جرائم الحوثيين بحق أهل السنة , وتوسعهم وتمددهم في البلاد , وتنصلهم من جميع التعهدات والتوافقات التي يرعاها المبعوث الدولي هناك , هو سيد موقف الدول الغربية , ولا يخرق ذلك الصمت إلا بعض الإدانات والتصريحات الفارغة بتأييد الرئيس هادي , تماما كتنديدها بما يفعله طاغية الشام والمليشيات الشيعية المساندة له بأهل السنة في سورية والعراق . لقد اكتفى مجلس الأمن في جلسته المغلقة بالأمس بخصوص التطورات الأخيرة باليمن بالتنديد بهجوم جماعة الحوثي على القصر الرئاسي ومقر إقامة الرئيس هادي , وهو ما يشير إلى أن الموقف الدولي إزاء تغول الحوثيين وزيادة نفوذهم باليمن يلقى قبولا ضمنيا وضوء أخضر من الدول الكبرى . إن أهم الأسباب التي تكمن وراء تغول المشروع الصفوي في الدول العربية السنية وتمدده في المنطقة هو الخلافات الفئوية والحزبية بين أطياف المكون السني , والذي تستفيد منه مليشيات طهران كما هو حاصل باليمن وغيرها من الدول الإسلامية السنية . فإلى متى سيبقى الرافضة يستفيدون من خلافاتنا وتفرقنا ؟؟
[/align]
المشاهدات 1082 | التعليقات 0