الموقف الإيماني
مازن النجاشي-عضو الفريق العلمي
1431/08/10 - 2010/07/22 07:30AM
الموقف الإيماني
محمد بن شاكر الشريف
يتميز الموقف الإيماني عن غيره بالثبات وعدم التذبذب في الأفكار والتصورات، وبالصمود أمام الهجوم فلا يتراجع ولا يضعف أمام الخصوم، لكن كثيرا من الناس في تعاملهم مع مخالفيهم يخالفون هذا المسلك ويظنون أن من علامات التسامح أو التحضر أن يتنازل المرء عن أمور من المفترض أن تكون من خصائصه وثوابته التي لا يجوز التنازل عنها أو التهاون بشأنها، وفي المقابل تجد أن النفوس المرذولة لا تقابل هذا السلوك إلا بالكبر والتعالي والضغط المتتالي لتحقيق أكبر قدر من التنازل ومن ثم المكاسب، ويزداد هذا التعنت كلما رأى الخصم ضعف الطرف المقابل وقابليته للانضغاط بسبب أطماعه التي يرجو تحقيقها من وراء هذا التخاذل.
وفي عالمنا المعاصر كثير من النماذج التي تترجم هذه الحقائق، حيث يظن كثير من الساسة أن بيد الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا مفاتيح السلطان والمال وكل ما تطمح إليه نفوسهم، حيث لا يترأس إلا من ارتضوه للرئاسة، ولا يتملك إلا من يوافقون على تملكه، ومن نقطة الضعف هذه يلج الضاغطون على أنظمتهم ويتقوون بأعداء الأمة والملة، ويطلبون أكثر مما يستحقون بل أكثر مما يحتاجون، وليس أمام الأنظمة غير الاستجابة وهم صاغرون، حتى إنهم ليخالفوا الأحكام الشرعية الثابتة بل وأحكام القانون الوضعي الذي جعلوه بديلا للأحكام الشرعية، ولعل هذا يفسر التصاغر الذي لا مسوغ له أمام بعض الأقليات التي تعيش في بلاد المسلمين ، ويقبلون منهم الاحتجاجات والاعتراضات التي لو فعل بعضها أناس من الأكثرية لتعرضوا لأنواع من المشقة والعنت التي لا تحتمل، ومن ثم تحصل الأقلية على كثير من الامتيازات التي لا تحصل الأكثرية على بعضها.
لو كان هؤلاء المتصاغرون من الساسة أمام بعض الأقليات يعظمون أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم لما وقعوا في هذه الهوة السحيقة التي تجعلهم في نهاية الأمر ممن ينفذون أجندة عدو الله ورسوله والمؤمنين، ولما ظهروا أمام شعوبهم بهذا التقزم الشديد الذي يجعلهم في صورة المحكوم وليس الحاكم وفي صورة العبد وليس السيد، وفي صورة من ليس له سيادة حقيقية إلا على الأكثرية، ولعل هذا المسلك يذكرنا بموقف المشركين من تسلط الجن عليهم، فقد كان المشركون إذا نزلوا واديا يستعيذون بالجن فلما رأى الجن احتياج الإنس إليهم واستعاذتهم بهم زاد ذلك الجن طغيانا وتخويفا للإنس وقد سجل القرآن ذلك في قوله تعالى: "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا".
المصدر: المصريون
محمد بن شاكر الشريف
يتميز الموقف الإيماني عن غيره بالثبات وعدم التذبذب في الأفكار والتصورات، وبالصمود أمام الهجوم فلا يتراجع ولا يضعف أمام الخصوم، لكن كثيرا من الناس في تعاملهم مع مخالفيهم يخالفون هذا المسلك ويظنون أن من علامات التسامح أو التحضر أن يتنازل المرء عن أمور من المفترض أن تكون من خصائصه وثوابته التي لا يجوز التنازل عنها أو التهاون بشأنها، وفي المقابل تجد أن النفوس المرذولة لا تقابل هذا السلوك إلا بالكبر والتعالي والضغط المتتالي لتحقيق أكبر قدر من التنازل ومن ثم المكاسب، ويزداد هذا التعنت كلما رأى الخصم ضعف الطرف المقابل وقابليته للانضغاط بسبب أطماعه التي يرجو تحقيقها من وراء هذا التخاذل.
وفي عالمنا المعاصر كثير من النماذج التي تترجم هذه الحقائق، حيث يظن كثير من الساسة أن بيد الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا مفاتيح السلطان والمال وكل ما تطمح إليه نفوسهم، حيث لا يترأس إلا من ارتضوه للرئاسة، ولا يتملك إلا من يوافقون على تملكه، ومن نقطة الضعف هذه يلج الضاغطون على أنظمتهم ويتقوون بأعداء الأمة والملة، ويطلبون أكثر مما يستحقون بل أكثر مما يحتاجون، وليس أمام الأنظمة غير الاستجابة وهم صاغرون، حتى إنهم ليخالفوا الأحكام الشرعية الثابتة بل وأحكام القانون الوضعي الذي جعلوه بديلا للأحكام الشرعية، ولعل هذا يفسر التصاغر الذي لا مسوغ له أمام بعض الأقليات التي تعيش في بلاد المسلمين ، ويقبلون منهم الاحتجاجات والاعتراضات التي لو فعل بعضها أناس من الأكثرية لتعرضوا لأنواع من المشقة والعنت التي لا تحتمل، ومن ثم تحصل الأقلية على كثير من الامتيازات التي لا تحصل الأكثرية على بعضها.
لو كان هؤلاء المتصاغرون من الساسة أمام بعض الأقليات يعظمون أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم لما وقعوا في هذه الهوة السحيقة التي تجعلهم في نهاية الأمر ممن ينفذون أجندة عدو الله ورسوله والمؤمنين، ولما ظهروا أمام شعوبهم بهذا التقزم الشديد الذي يجعلهم في صورة المحكوم وليس الحاكم وفي صورة العبد وليس السيد، وفي صورة من ليس له سيادة حقيقية إلا على الأكثرية، ولعل هذا المسلك يذكرنا بموقف المشركين من تسلط الجن عليهم، فقد كان المشركون إذا نزلوا واديا يستعيذون بالجن فلما رأى الجن احتياج الإنس إليهم واستعاذتهم بهم زاد ذلك الجن طغيانا وتخويفا للإنس وقد سجل القرآن ذلك في قوله تعالى: "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا".
المصدر: المصريون