المقاطعة الاقتصادية.. سلاح خليجي جديد في الصراع المحتدم مع إيران / سامية عبدالله

احمد ابوبكر
1437/03/26 - 2016/01/06 04:48AM
[align=justify]المقاطعة الاقتصادية" لإيران أصبحت من أهم أدوات إدارة الصراع الخليجي مع طهران، للحد من نفوذها وتدخلاتها السافرة بالمنطقة، عقب تهديداتها المتصاعدة ضد السعودية، فهل تنجح دول الخليج “حكومات وشعوب" في تفعيلها؟. وهل يمكن أن تشكل ضربة موجعة ضد طهران، مع تضررها من “سلاح النفط الخليجي" وهبوط الأسعار؟

السؤال الأهم: هل تستجيب جماعات الضغط ورجال الأعمال لقرارات المقاطعة، أم ستطغى لغة المال على اعتبارات الأمن القومي الخليجي والعربي وضرورات الردع والاصطفاف؟

وكانت المملكة السعودية قد أعلنت أنها ستوقف حركة الطيران والعلاقات التجارية مع طهران، وقطعت السعودية، أكبر بلد منتج للنفط في منظمة الدول المصدر للنفط (أوبك)، العلاقات الدبلوماسية مع إيران، الأحد الماضي، وذلك رداً على اقتحام سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد من قبل متظاهرين إيرانيين، اعتراضاً على إعدام 47 مداناً بتهمة الإرهاب، بينهم رجل الدين الشيعي “نمر النمر".

هل تنهك المقاطعة إيران؟

أما عن مدى تأثير المقاطعة.. فمبدئيًا طهران ستتضرر لا محالة، فهي تنتظر مع رفع العقوبات الاقتصادية بموجب الاتفاق النووي استثمارات أوروبية وأمريكية وآسيوية، يمكن أن تعوضها جزئيا عن بعض الخسائر المحتملة، ولكن التوتر سيقلق المستثمر الأجنبي ويؤدي لإحجام البعض، أما زيادة الحصص من النفط الإيراني فقد تقلل مرحليًا من خطر انهيار الأسعار، لكن المثير للقلق أن تتخذ إيران خطوات تصعيدية انتقامية ذات بعد اقتصادي، منها التحرش بحقوق النفط والغاز الخليجية محل الصراع، تحت ستار استعراض القوة بالصواريخ البالستية الإيرانية، والاستقواء بالدب الروسي المتضرر أيضاً من السياسات الاقتصادية السعودية والخليجية المتعلقة بأسعار النفط، فالملف الاقتصادي سيكون انعكاساً للصراعات والتحالفات القائمة.

في جميع الأحوال تشكل المقاطعة الاقتصادية والسياسية عزلة سياسية واقتصادية جديدة، يمكن أن تضعف طهران إن تم تفعيلها.

وتُعد إيران شريكًا تجاريًّا مهمًّا- وفي بعض الأحيان الشريك التجاري الأول- لبعض دول الخليج، وفي مقدمتها دولة الإمارات، وتشير الإحصاءات الإيرانية إلى وجود نحو 8 آلاف شركة إيرانية تمارس أنشطة تجارية في دولة الإمارات، وشكَّلت الصادرات الإماراتية نحو 31% من إجمالي الواردات الإيرانية لعام 2011؛ حيث أصبحت إيران ثالث أكبر سوق تصديرية للإمارات، مستحوذةً على ما يقارب 11% من إجمالي صادراتها.

ترقب في الأسواق الخليجية

يرى مراقبون أن التصعيد بين السعودية وإيران، أدى إلى ارتفاع أسعار النفط والذهب في الأسواق العالمية خلال جلسة التداول الأولى من عام 2016، في الوقت الذي يشوب فيه الحذر تعاملات أسواق المال الخليجية، ولا سيما التي لها تعاملات تجارية قوية مع إيران، بعد إعلان عدة دول في مجلس التعاون الخليجي قطع العلاقات مع طهران وتقليص التمثيل الدبلوماسي.

كما تخفض الأزمة توقعات تحسن الوضع الاقتصادي لإيران، مع إلغاء الحظر الدولي عليها خلال العام الحالي، حيث يبدد التوتر الحالي المساعي الرامية لجذب استثمارات أجنبية في قطاعات عدة تراهن عليها طهران لإزالة آثار العقوبات، التي أضرت باقتصادها بشكل كبير على مدى سنوات.

تراجعت أسواق المال الخليجية بشكل جماعي في نهاية تداولات أمس، لينخفض المؤشر العام للسوق السعودية بنسبة 2.3%، وفي الإمارات تراجع سوق دبي المالي بنسبة 1.6% وأبوظبي 1.3%، كما هبط مؤشر سوق قطر بنسبة 2.64%، والبحرين 0.23% والكويت بنسبة 0.83%.

يرى خبراء أن تأثير قطع العلاقات سيكون محدودًا بين الرياض وطهران، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما 500 مليون دولار.

بينما تستحوذ الإمارات على 80% من التبادلات التجارية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي الست، وتعد طهران رابع شريك تجاري للإمارات، ويتجاوز التبادل التجاري بين البلدين 17 مليار دولار، وفق البيانات الرسمية في عام 2014، أما بالكويت لدى رجال الأعمال الشيعة الموالين لإيران مؤسسات مصرفية ومالية وتجارية ضخمة؛ منها البنك الدولي، وبنك الخليج، وشركات نفطية، والكثير من محطات الوقود. فهل يستجيب اللوبي الشيعي ورجال الأعمال لقرار المقاطعة الاقتصادية؟

حجم تضرر الاقتصاد الإيراني

قال المحلل الاقتصادي الدكتور فضل بن سعد البوعينين، في تصريحات صحفية، الثلاثاء: إن “قطع دول الخليج علاقاتها التجارية مع إيران سيؤثر سلبًا في الاقتصاد الإيراني، الذي تشكِّل دول الخليج سوقًا رائجة لمنتجاته؛ في الوقت الذي تعتبر فيه موانئ الخليج جسرًا لتموين السوق الإيرانية بالسلع والمنتجات".

وأضاف: “يعتقد أنَّ حجم التبادلات التجارية بين دول الخليج وإيران في حدود 20 مليار دولار؛ حيث تستأثر الإمارات بـ80% من حجم التبادلات التجارية الصادرة؛ في الوقت الذي تتوزع فيه النسبة الباقية بين دول الخليج الأخرى"، مشيرًا إلى أن “السوق الإيرانية تعتمد بشكل كبير على السلع والمنتجات المصدرة لها من الأسواق الخليجية؛ وبخاصة المصدرة لها من دبي؛ في الوقت الذي يستفيد فيه التجار الإيرانيون من حركة التجارة الدائمة بين البلدين؛ وهي الداعم الأكثر للأنشطة الصغيرة والمتوسطة في إيران؛ وبخاصة في قطاع الزراعة؛ والصناعات الخفيفة؛ والمنتجات الغذائية. ومن جانب آخر؛ فهناك استثمارات خليجية مؤثرة تنشط في إيران، وهي مهددة أيضًا بإجراءات قطع العلاقات السعودية الإيرانية التي ستطال الأنشطة التجارية".

وأوضح “البوعينين" أن “السياحة قد تكون أحد القطاعات المتضررة من المقاطعة، حيث إن وقف الرحلات الجوية بين السعودية وإيران؛ ومنع سفر السعوديين لإيران سيؤثر سلبًا في القطاع السياحي الذي يعتمد (المزارات) محركًا رئيسًا له".

المقاطعة الشعبية

برأي “البوعينين": “مقاطعة المنتجات الإيرانية من الشعب الخليجي ربَّما تكون أكثر فاعلية؛ خاصة مع إمكانية استمرار بعض العلاقات التجارية الرسمية مع بعض دول الخليج، التي لم تلتزم من قبل بأية مقاطعة رسمية لإيران. فالعلاقات المالية الاستثمارية والتجارية باتت متشابكة ببعضها البعض؛ ومن الصعوبة بمكان فصلها؛ ما يجعلهم أكثر تحفظًا على إمكانية تفعيلها من قِبَل جميع الدول الخليجية، وهذا قد يسمح بإعادة تصدير بعض المنتجات الإيرانية من الدول التي تسمح بدخولها إلى الدول الخليجية الأخرى؛ ومنها السوق السعودية".

الأهم دور الغرف التجارية والصناعية الخليجية المحلية والمشتركة والتجار وأصحاب الأعمال والشركات والبنوك، في تفعيل مقاطعة المنتجات الإيرانية، ووقف التعامل مع التجار الإيرانيين، سواء بالاستيراد أو التصدير، بالإضافة إلى المقاطعة المالية والبنكية، من خلال عدم التعامل مع البنوك والشركات المالية الإيرانية.

المقاطعة العربية والإسلامية مهمة أيضًا، فأرقام وحجم التجارة البينية لإيران مع العالم الإسلامي ارتفعت من 4.6 مليار دولار في عام 2000 ،إلى 33.2 مليار دولار في عام 2010، وبالتالي فحجم هذه التجارة مؤثر.

أوراق التصعيد الإيرانية

تعد إيران دولة جوار مباشر لدول الخليج، إذ تمتلك سواحل مترامية على طول الضفة الشرقية للخليج العربي، يعد ذلك مثار تهديد فيما يتعلق بالحدود البحرية وما تحتويه من ثروات طبيعية، ولاسيما النفط والغاز.

تعد النزاعات المرتبطة بحقل “الدرة" النفطي الواقع في المنطقة البحرية المشتركة بين كل من السعودية، والكويت، وإيران، مثالًا أحد أوراق الضغط الإيراني في حال تضررها من المقاطعة الخليجية.
المصدر: رودكسو[/align]
المشاهدات 720 | التعليقات 0