المــــلائــــكــة
عبدالإله بن سعود الجدوع
1444/02/05 - 2022/09/01 14:56PM
الحمد لله المتوحد بالعظمة والجلال، المتعالي عن الأشباه والأمثال، أوسع علينا بواسع الفضل وجزيل النوال ، وكتب الفلاح لمن اتبعه وفاز في الحال والمآل . وأشهد ألا إله إلاالله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه خير صحب وآل{ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ماأمرهم ويفعلون ما يؤمرون } أما بعدُ أيها الكرام:حديثنا اليوم عن أمر لايصح الإيمان بدونه ، ألا وهو الإيمان بالملائكة ، فهو أحد أركان الإيمان الستة،ومن جحدها فقد كفر ، قال تعالى ( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقدضل ضلالاً بعيداً ) ونحن حينما نؤمن بهم ،نؤمن بهم ونحبهم فهم أنصح الخلق لبني آدم، لأنها تأمرهم بالخير وتستغفر لهم ، ولأنهم أبر الخلق إلى الله كما قال الله{ كِرَامٍ بَرَرَةٍ } ولأنهم يدعون لنا في مواضع سيأتي ذكرها بإذن الله ، والملائكةمجبولون على طاعة الله( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) ، وهم خلقوا من نور كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُور ٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نار ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ " . رواه مسلم
وهم خَلق عظيم فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّ مَابَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ " رواه أبو داود ، وهم خلق لايأكلون ولا يشربون وإنما طعامهم التسبيح والتهليل كما أخبر الله عنهم في سورةالأنبياء { يسبحون الليل والنهار لا يَفْتُرون } وكماجرى بين خليل الرحمن إبراهيم وأضيافه من الملائكة لما زاروه ، وأعظم سرعة يعرفها البشر اليوم سرعة الضوء ، وسرعة الملائكة فوق هذه السرعة بكثير إذ أن السائل مايكاد يفرغ من سؤال النبي إلا وقد جاء جبريل بالجواب من رب العزة والجلال ، فقد جاءرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيلالله صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر أيكفّر الله عني خطاياي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فلما ولى الرجل ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له:إلا الدين كذلك قال لي جبريل عليه السلام . صححه الألباني في الإرواء
- وقد ثبت من أسمائهم جبريل وميكائيل وإسرافيل كما ورد عننَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان يَفْتَتِحُ صَلاتَهُمِنَ اللَّيْلِ بقوله : اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَوَإِسْرَافِيلَ .. إلخ ) وثبت أيضا مالك ومنكر ونكير وهاروت وماروت ، ولاصحة لمن يقول عن ملك الموت أن اسمه :عزرائيل لأنهلم يثبت في الأحاديث الصحيحة. وأعطى الله الملائكة القدرة على التشكل بغير أشكالهم فإبراهيم جاءته الملائكة في صورة بشر ولم يعرف أنهم ملائكة حتى أعلموه بذلك ، وكذا لوط أتوه في صورة شباب حسان الوجوه ، وقد كان جبريل يأتي النبي في صور متعددةفتارة يأتي في صورة دحية الكلبي وكان صحابيا جميل الصورة ، وتارة في صورة أعرابي ورآه الصحابة على صورته البشرية كما في الصحيحين من حديث عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لايُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّاأَحَدٌ .. إلخ والملائكة خَلق عظيم ولهم أعمال متعددة وهم طوائف كثيرة لايعلمهم عددهم إلا الله سبحانه. كما في الحديث: أطت السماء وحق لها أن تئط , فمافيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو قائم , والبيت المعمور : يدخله في اليوم سبعونألف ملك , لا يعودون إليه مرة أخرى . ومنهم الملائكة السياحون في الأرض يتبعون مجالس الذكر فإذا وجدوا أقواما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى بغيتكم فيجيئون فيَحفّونبهم إلى السماء الدنيا ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن للمساجد أوتادا الملائكة جلساؤهم إن غابوا يفتقدونهم وإن مرضوا عادوهموإن كانوا في حاجة أعانوهم ) رواه أحمد وقال الألباني حسن صحيح ، ومنهم من يَصحبون بني آدم من يوم تكوينهم فيبطون أمهاتهم ، حتى نزع أرواحهم من أجسادهم يوم موتهم ، وهم أيضاً يصحبونهم فيقبورهم ، وفي الآخرة كذلك ـ أماصحبتهم له في الدنيا فتكون كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال : وكَّل الله بالرحم ملَكاً ، فيقول : أي رب نطفة ؟ أي رب علقة ؟ أي رب مضغة ؟ فإذا أراد الله أن يقضي خلقها قال : أي رب ذكرأم أنثى ؟ أشقي أم سعيد ؟ فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيكتب كذلك في بطن أمه . رواه البخاري ومسلم ، وهم أيضاً يصحبون ابن آدم بعد ولادته ، فواحد عن اليمين يكتب الحسنات،وآخر عن الشمال يكتب السيئات . كمايقول الله(وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) والذين يكتبون الطاعات أكثرُ من الذي عن اليمين فقط ،فعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ( كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيصلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ : سَمِعَاللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ . قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ،حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ . فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ عليها الصلاة والسلام: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ؟ قَالَ : أَنَا . قَالَ : رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُُا )والبضع ما بين الثلاثة إلى التسعة .وأيضاً هناك ملكان يحفظان ويَحرُسَان بأمر الله في النهاروآخران في الليل ، ويكون واحد من ورائه وآخر من أمامه .قال تعالى : { سوآءٌ منكممَن أسرَّ القول ومَن جهر به ومَن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار . له معقِّباتمِن بين يديه ومِن خلفه يحفظونه من أمر الله } وقد بين ترجمان القرآن ابن عباس أنالمعقبات مِن الله ، هم الملائكة جعلهم الله ليحفظوا الإنسان من أمامه ومن ورائه ،فإذا جاء قدر الله تخلوا عنه (انتهى كلامه رضي الله عنه) – يعني الذي قدّر عليه أنيقع به من حادث ومصاب ونحوه - والمعقبات يعضدها قول الله تعالى{ وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون } . فأنت أيها المؤمن مُحاط بالملائكة ليلا ونهارا ، فهل استشعرت ذلك واستحييت من الله ومنالملائكة حينما تعصي اللهَ العليمَ الخبيرَ
أيها الأحبة الكرام: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ) رواه البخاري ومسلَم ، فأي عقل وأي تصرف من أن يأتي أحدهم لبيته بكلب – أجلّكم الله – ويطرد الملائكة من بيته ، إضافة على مافي إقتناءالكلب من نقصان للأجر بمقدار جبل أحد يوميا ، وأيضا لاتدخل الملائكة بيتا في صور ،وقد يكون هناك إشكال ، يطرأ على الإنسان حينما يسمع حديث النَّبِيَّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآنف الذكر . فيُجاب على هذا بأنه تدخل البيوت الملائكة الحفظة التي تكتب أعمال بني آدم التي بها صور ، أما المراد بالملائكة الذين لا يدخلون بيتاً فيه صورة هي ملائكة الرحمة ، قالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَاد بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ بِالرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَة لَاالْحَفَظَة" ا . هـ والصور التي تمنع الملائكة من دخول البيت هي صور ذوات الأرواح غيرالممتهنة أو المعلقة ، أمَّا الصور المباحة كصور المناظر الطبيعية وغير ذواتالأرواح ، والصور الممتهنة ، لا تمنع الملائكة من دخول المكان الموجودة فيه . قال الشيخ ابن عثيمين : "الصورة إذا كانت ممتهنة في فراش أو وسادة ، فأكثرالعلماء على أنها جائزة ، وعلى هذا فلا تمتنع الملائكة من دخول المكان ، وقال فيموضع آخر في حديثه عن الصور الممتهنة : ولا شكَّ أن تجنُّبَ هذا أورع وأحوط ، فلاتستعمل الصُّور، ولو على سبيل الامتهان كالفرش والمخدَّة، والسَّلامة أسلم. انتهى كلامه رحمه الله ، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم التصاوير في البطانيات ،وعلب الحليب ، وغيرها من الأغراض اللازمة للبيت. فأجاب :" هذه يعفى عنهالأنها ممتهنة ، فالفراش ممتهن ، والوسادة ممتهنة ، والعلب تلقى في القمامة ، فلايضر ما فيها من الصور إن شاء الله ; لأنها كلها ممتهنة" انتهى كلامه رحمهالله قلت ماقلت لنفسي ولكم وحتى يزدادإيماننا بالملائكة ، فمن ثمرته أنّ الإنسان يربأ بنفسه من الأقوال والأعمال السيئةالتي تُكتَب عليه، ويُحاسَب عنها يوم القيامة ، ولي ولكم أستغفر الله فاستغفروهإنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية : قال الله تعالى عن الملائكة ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ) فالملائكةيدعون للبشر ، وحتى تنال دعوة الملائكة لك ، إليك بعضاً من الأعمال التي ثبتت في الأحاديث أن الملائكة تدعو لهم . فمن ذلك حديث أبي هريرة " أن الملائكة تُصَلِّي على أحدِكم ما دام في مُصَلاه الذي صلَّى فيه- مالم يحدث؛ أو يقومَ-:اللهم اغفر له، اللهم ارحمه "رواه مسلم *ومن ذلك:أن اللهوملائكته يصلون على الصف الأول كما في الحديث والصلاة هنا أي الدعاء. *ومن ذلك:أن اللهوملائكته يصلون على من يصل الصفوف كما في الحديث الصحيح *ومن ذلك أنه كمافي الحديث:(إذا قال أحدُكم آمين ، وقال الملائكة في السماء آمينفوافقت إحداهماالأخرى ، غُفر له ماتقدم من ذنبه) متفق عليه *ومن ذلك: (من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكلبه : آمين و لك بمثله.*ومن ذلك: الحديثالمتفق عليه(ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان ؛ فيقول أحدهما : اللهمأعط منفقا خلفا . ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا)
*ومن ذلك:من يصلي الفجر والعصر في جماعة لحديث: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهارويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر... وفي آخر الحديث: قالت الملائكة عن من يصلون(فاغفر لهم يوم الدين) صححه الألباني
*ومن ذلك الحديث الصحيح: من بات طاهرا بات في شعاره ملك لا يستيقظ ساعة من الليل إلا قال الملك:اللهم اغفر لعبدك فلانا ، فإنه بات طاهرا " *ومن ذلك الحديث:إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين ، حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ،ليصلون على معلم الناس الخير) *ومن ذلك الحديث:من صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ،ما صلى علي ،فليقل عبدٌ من ذلك أوليكثر . فاللهم ! صلِّ على محمدٍ ، وعلى آل محمدٍ ؛ كما صليتَ على آلِ إبراهيمَ ،إنك حميدٌ مجيدٌ ،اللهم بارك على محمدٍ ،وعلى آلِ محمدٍ ؛ كما باركتَ علىآلِ إبراهيمَ ،إنك حميدٌ مجيدٌ اللهم أعزالإسلام والمسلمين ، اللهم واجعلنا جميعا من المحفوظين ، إنك خير حافظا وأنت أرحم الراحمين ، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا ووفقه لماتحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى ، اللهم اجعل هذا البلد آمنا رخاء وسائر بلدان المسلمين ، اللهم إنا نسألك من كل خير ونعوذ بك من كل شر ، اللهم اجعلنا ممن تدعو له الملائكة ، واجعل الملائكة تدعو كما في كتابك العزيز (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ، ربناوأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ، إنك أنت العزيزالحكيم ، وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوزالعظيم)وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
وهم خَلق عظيم فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّ مَابَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ " رواه أبو داود ، وهم خلق لايأكلون ولا يشربون وإنما طعامهم التسبيح والتهليل كما أخبر الله عنهم في سورةالأنبياء { يسبحون الليل والنهار لا يَفْتُرون } وكماجرى بين خليل الرحمن إبراهيم وأضيافه من الملائكة لما زاروه ، وأعظم سرعة يعرفها البشر اليوم سرعة الضوء ، وسرعة الملائكة فوق هذه السرعة بكثير إذ أن السائل مايكاد يفرغ من سؤال النبي إلا وقد جاء جبريل بالجواب من رب العزة والجلال ، فقد جاءرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيلالله صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر أيكفّر الله عني خطاياي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فلما ولى الرجل ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له:إلا الدين كذلك قال لي جبريل عليه السلام . صححه الألباني في الإرواء
- وقد ثبت من أسمائهم جبريل وميكائيل وإسرافيل كما ورد عننَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان يَفْتَتِحُ صَلاتَهُمِنَ اللَّيْلِ بقوله : اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَوَإِسْرَافِيلَ .. إلخ ) وثبت أيضا مالك ومنكر ونكير وهاروت وماروت ، ولاصحة لمن يقول عن ملك الموت أن اسمه :عزرائيل لأنهلم يثبت في الأحاديث الصحيحة. وأعطى الله الملائكة القدرة على التشكل بغير أشكالهم فإبراهيم جاءته الملائكة في صورة بشر ولم يعرف أنهم ملائكة حتى أعلموه بذلك ، وكذا لوط أتوه في صورة شباب حسان الوجوه ، وقد كان جبريل يأتي النبي في صور متعددةفتارة يأتي في صورة دحية الكلبي وكان صحابيا جميل الصورة ، وتارة في صورة أعرابي ورآه الصحابة على صورته البشرية كما في الصحيحين من حديث عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لايُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّاأَحَدٌ .. إلخ والملائكة خَلق عظيم ولهم أعمال متعددة وهم طوائف كثيرة لايعلمهم عددهم إلا الله سبحانه. كما في الحديث: أطت السماء وحق لها أن تئط , فمافيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو قائم , والبيت المعمور : يدخله في اليوم سبعونألف ملك , لا يعودون إليه مرة أخرى . ومنهم الملائكة السياحون في الأرض يتبعون مجالس الذكر فإذا وجدوا أقواما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى بغيتكم فيجيئون فيَحفّونبهم إلى السماء الدنيا ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن للمساجد أوتادا الملائكة جلساؤهم إن غابوا يفتقدونهم وإن مرضوا عادوهموإن كانوا في حاجة أعانوهم ) رواه أحمد وقال الألباني حسن صحيح ، ومنهم من يَصحبون بني آدم من يوم تكوينهم فيبطون أمهاتهم ، حتى نزع أرواحهم من أجسادهم يوم موتهم ، وهم أيضاً يصحبونهم فيقبورهم ، وفي الآخرة كذلك ـ أماصحبتهم له في الدنيا فتكون كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال : وكَّل الله بالرحم ملَكاً ، فيقول : أي رب نطفة ؟ أي رب علقة ؟ أي رب مضغة ؟ فإذا أراد الله أن يقضي خلقها قال : أي رب ذكرأم أنثى ؟ أشقي أم سعيد ؟ فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيكتب كذلك في بطن أمه . رواه البخاري ومسلم ، وهم أيضاً يصحبون ابن آدم بعد ولادته ، فواحد عن اليمين يكتب الحسنات،وآخر عن الشمال يكتب السيئات . كمايقول الله(وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) والذين يكتبون الطاعات أكثرُ من الذي عن اليمين فقط ،فعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ( كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيصلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ : سَمِعَاللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ . قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ،حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ . فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ عليها الصلاة والسلام: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ؟ قَالَ : أَنَا . قَالَ : رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُُا )والبضع ما بين الثلاثة إلى التسعة .وأيضاً هناك ملكان يحفظان ويَحرُسَان بأمر الله في النهاروآخران في الليل ، ويكون واحد من ورائه وآخر من أمامه .قال تعالى : { سوآءٌ منكممَن أسرَّ القول ومَن جهر به ومَن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار . له معقِّباتمِن بين يديه ومِن خلفه يحفظونه من أمر الله } وقد بين ترجمان القرآن ابن عباس أنالمعقبات مِن الله ، هم الملائكة جعلهم الله ليحفظوا الإنسان من أمامه ومن ورائه ،فإذا جاء قدر الله تخلوا عنه (انتهى كلامه رضي الله عنه) – يعني الذي قدّر عليه أنيقع به من حادث ومصاب ونحوه - والمعقبات يعضدها قول الله تعالى{ وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون } . فأنت أيها المؤمن مُحاط بالملائكة ليلا ونهارا ، فهل استشعرت ذلك واستحييت من الله ومنالملائكة حينما تعصي اللهَ العليمَ الخبيرَ
أيها الأحبة الكرام: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ) رواه البخاري ومسلَم ، فأي عقل وأي تصرف من أن يأتي أحدهم لبيته بكلب – أجلّكم الله – ويطرد الملائكة من بيته ، إضافة على مافي إقتناءالكلب من نقصان للأجر بمقدار جبل أحد يوميا ، وأيضا لاتدخل الملائكة بيتا في صور ،وقد يكون هناك إشكال ، يطرأ على الإنسان حينما يسمع حديث النَّبِيَّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآنف الذكر . فيُجاب على هذا بأنه تدخل البيوت الملائكة الحفظة التي تكتب أعمال بني آدم التي بها صور ، أما المراد بالملائكة الذين لا يدخلون بيتاً فيه صورة هي ملائكة الرحمة ، قالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَاد بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ بِالرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَة لَاالْحَفَظَة" ا . هـ والصور التي تمنع الملائكة من دخول البيت هي صور ذوات الأرواح غيرالممتهنة أو المعلقة ، أمَّا الصور المباحة كصور المناظر الطبيعية وغير ذواتالأرواح ، والصور الممتهنة ، لا تمنع الملائكة من دخول المكان الموجودة فيه . قال الشيخ ابن عثيمين : "الصورة إذا كانت ممتهنة في فراش أو وسادة ، فأكثرالعلماء على أنها جائزة ، وعلى هذا فلا تمتنع الملائكة من دخول المكان ، وقال فيموضع آخر في حديثه عن الصور الممتهنة : ولا شكَّ أن تجنُّبَ هذا أورع وأحوط ، فلاتستعمل الصُّور، ولو على سبيل الامتهان كالفرش والمخدَّة، والسَّلامة أسلم. انتهى كلامه رحمه الله ، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم التصاوير في البطانيات ،وعلب الحليب ، وغيرها من الأغراض اللازمة للبيت. فأجاب :" هذه يعفى عنهالأنها ممتهنة ، فالفراش ممتهن ، والوسادة ممتهنة ، والعلب تلقى في القمامة ، فلايضر ما فيها من الصور إن شاء الله ; لأنها كلها ممتهنة" انتهى كلامه رحمهالله قلت ماقلت لنفسي ولكم وحتى يزدادإيماننا بالملائكة ، فمن ثمرته أنّ الإنسان يربأ بنفسه من الأقوال والأعمال السيئةالتي تُكتَب عليه، ويُحاسَب عنها يوم القيامة ، ولي ولكم أستغفر الله فاستغفروهإنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية : قال الله تعالى عن الملائكة ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ) فالملائكةيدعون للبشر ، وحتى تنال دعوة الملائكة لك ، إليك بعضاً من الأعمال التي ثبتت في الأحاديث أن الملائكة تدعو لهم . فمن ذلك حديث أبي هريرة " أن الملائكة تُصَلِّي على أحدِكم ما دام في مُصَلاه الذي صلَّى فيه- مالم يحدث؛ أو يقومَ-:اللهم اغفر له، اللهم ارحمه "رواه مسلم *ومن ذلك:أن اللهوملائكته يصلون على الصف الأول كما في الحديث والصلاة هنا أي الدعاء. *ومن ذلك:أن اللهوملائكته يصلون على من يصل الصفوف كما في الحديث الصحيح *ومن ذلك أنه كمافي الحديث:(إذا قال أحدُكم آمين ، وقال الملائكة في السماء آمينفوافقت إحداهماالأخرى ، غُفر له ماتقدم من ذنبه) متفق عليه *ومن ذلك: (من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكلبه : آمين و لك بمثله.*ومن ذلك: الحديثالمتفق عليه(ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان ؛ فيقول أحدهما : اللهمأعط منفقا خلفا . ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا)
*ومن ذلك:من يصلي الفجر والعصر في جماعة لحديث: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهارويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر... وفي آخر الحديث: قالت الملائكة عن من يصلون(فاغفر لهم يوم الدين) صححه الألباني
*ومن ذلك الحديث الصحيح: من بات طاهرا بات في شعاره ملك لا يستيقظ ساعة من الليل إلا قال الملك:اللهم اغفر لعبدك فلانا ، فإنه بات طاهرا " *ومن ذلك الحديث:إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين ، حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ،ليصلون على معلم الناس الخير) *ومن ذلك الحديث:من صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ،ما صلى علي ،فليقل عبدٌ من ذلك أوليكثر . فاللهم ! صلِّ على محمدٍ ، وعلى آل محمدٍ ؛ كما صليتَ على آلِ إبراهيمَ ،إنك حميدٌ مجيدٌ ،اللهم بارك على محمدٍ ،وعلى آلِ محمدٍ ؛ كما باركتَ علىآلِ إبراهيمَ ،إنك حميدٌ مجيدٌ اللهم أعزالإسلام والمسلمين ، اللهم واجعلنا جميعا من المحفوظين ، إنك خير حافظا وأنت أرحم الراحمين ، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا ووفقه لماتحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى ، اللهم اجعل هذا البلد آمنا رخاء وسائر بلدان المسلمين ، اللهم إنا نسألك من كل خير ونعوذ بك من كل شر ، اللهم اجعلنا ممن تدعو له الملائكة ، واجعل الملائكة تدعو كما في كتابك العزيز (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ، ربناوأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ، إنك أنت العزيزالحكيم ، وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوزالعظيم)وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
المرفقات
1662032987_الملائكة 44.doc