الْمُظَاهَرَةُ الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ فِي الْاِختبَارَاتِ.
سعود المغيص
الخُطْبَةُ الأُولَى :
إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.
أمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ :
أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عز وجَلَّ ، وَأَنْ نُقَدِّمَ لِأَنْفُسِنَا أَعْمَالاً تُبَيِّضُ وَجُوهَنَا يَوْمَ نَلْقَى اللهَ ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )
عِبَادَ اللهِ : بعد غد أول أيام الامْتِحَانَاتِ لابنائنا وبناتنا , أسأل اللهُ أَنْ يُوَفِّقَهُمْ لِلنَّجَاحِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ وَتحَصَلُ فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ كَغَيْرِهَا مَظَاهِرُ حَسَنَةٌ وَأُخْرَى سَيِّئَةٌ , فَيَحْسُنُ بِنَا تَشْجِيعُ الْحَسَنِ وَالْحَثُّ عَلَيْهِ , وَمُحَارَبَةُ السِّيِّئِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْه .
فَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْحَسَنَةِ : ذَلِكَ الإِقْبَالُ الْوَاضِحُ مِنْ أَوْلادِنَا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَى طَاعَتِهِ , مِنَ الْحِفَاظِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَارْتِيَادِ الْمَسَاجِدِ وَالحِرْصِ عَلَى الجَمَاعَات , وَكَثْرَةِ التَّضَرُّعِ لِرِبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ , وَالْوُضُوءِ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَيْتِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَوْلادِنَا , وَهَذَا أَمْرٌ طَيِّبٌ , فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلاةِ , وَقَالَ ( لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ ) .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْحَسَنَةِ : بِرُّ الأَوْلادِ لِوَالِدِيهِمْ وَالتَّلَطُّفُ مَعَهُمْ , وَسُؤَالُهُم الدُّعَاءَ لَهُم بِالنَّجَاحِ فِي الامْتِحَان .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْحَسَنَةِ : الْجِدُّ الْوَاضِحُ وَالاجْتِهَادُ فِي الْمُذَاكَرَةِ وَحِفْظُ الْوَقْتِ فَلَيْتَ ذَلِكَ يَكُونُ طُوَالَ الْعَامِ لَكَانَ الْعِلْمُ مُحَصَّلاً وَالْمَعْرِفَةُ مُدَرَكَةً. عِبَادَ اللهِ :
وَأَمَّا الْمَظَاهِرُ السَّيِّئَةُ : فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ , وَمَعَ الأَسَفِ أَنَّهَا بِكَثْرَة فَمِنْهَا : ظَاهِرَةُ السَّهَرِ , فَقَدِ اعْتَادَ بَعْضُ الطُّلَّابِ عَلَى السَّهَرِ لَيَالِيَ الاخْتِبَارَاتِ ، بِحُجَّةِ إِنْهَاءِ الْمُقَرَّرِ وَحِفْظِهِ ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ خَطَأٌ كَبِيرٌ لا يُسَاعِدُ عَلَى الْحِفْظِ وَلا التَّذَكُّرِ ،بَلْ قَدْ يَكُونُ سَبَبَاً فِي ضَيَاعِ الْمَعْلُومَاتِ وَقْتَ الاخْتِبَارِ ، لِذَلِكَ َيَنْبَغِي نُصْحُ الأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ مِنَ السَّهَرِ فَهُوَ مُرْهِقٌ لهم .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةُ : تَعَاطِي الْمُخَدِّرَاتِ , فَفِي أَيَّامِ الامْتِحَانَاتِ وَلِلأَسَفِ الشَّدِيدِ ، يَنْشُطُ مُرَوِّجُو الْمُخَدِّرَاتِ فِي بَيْعِ الْحُبُوبِ الْمُسَهِّرَةِ ، وَالْمُسَمَّاةِ ( بِالكِبْتَاجُون ) وَهَذَا شَبَحٌ مُخِيفٌ يَتَسَلَّلُ بَيْنَ الطُّلَّابِ ، وَهُمْ غَيْرُ مُبَالِينَ بِالنَّتَائِجِ الْمُتَرَتِّبَةِ مِنْ جَرَّاءِ اسْتِخْدَامِهَا .
فَعَلَى الطُّلابِ أَنْ يَحْذَرُوا مِنْ هَذِهِ السُّمُومِ ، حَتَّى لا يَنْدَمُوا فِي وَقْتٍ لا يَنْفَعُ فِيهِ النَّدَمُ ، وَلْيُحَذِّرُوا زُمَلاءَهُمْ عَنْهَا وَيُبَيِّنُوا خَطَرَهَا .
وَعَلَى الآبَاءِ أَنْ يَنْتَبِهُوا لِأَوْلادِهِمْ بَعْدَ تَحْذِيرِهِمْ مِنْهَا .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ : النَّوْمُ عَنِ الصَّلَوَاتِ , فَبَعْضُ الطُّلابِ- نَتِيجَةً لِلسَّهَرِ وَالإِجْهَادِ- يَأْتِي وَيَنَامُ قَبْلَ صَلاةِ الظُّهْرِ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ فِي النَّوْمِ حَتَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَبَعْضُهُمْ إِلَى بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ، فَيَفُوتُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ صَلاةٍ ، كَانَ يَجِبُ أَنْ تُؤَدَّى فِي وَقْتِهَا , وَهَذَا خَطَأٌ وَتَضْيِيعٌ لِأَهَمِّ الأَعْمَالِ فِي الإِسْلامِ , فَالْوَاجِبُ عَلَى الطُّلابِ وَأَوْلِيَاءِ الأُمُورِ التَّعَاوُنُ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ فِي وَقْتِهَا وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ : الْغِشُّ فِي الاخْتِبَارِ ، وَهَذَا أَمْرٌ مُحْزِن فَالذِي يَغِشُّ قَدْ خَانَ رَبَّهُ وَخَانَ دِينَهُ وَخَانَ أُمَّتَهُ , بَلْ وَخَانَ نَفْسَهُ ، فَهُوَ قَدْ وَقَعَ فِي مَعْصِيَةٍ بَلْ فِي كَبِيرَةٍ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ ( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي )
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَأَنِهِ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً
أما بعد عِبَادَ اللهِ :
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ التِي يَجِبُ أَنْ نَتَعَاوَنَ فِي الابْتِعَادِ عَنْهَا : رَمْيُ الْكُتُبِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الاخْتِبَارِ ،وَهَذَا التَّصَرُّفُ خَطَأٌ . فَالْكِتَابُ قَدْ كَلَّفَ عَشَرَاتِ الرِّيَالاتِ ، وَهُوَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَالْعَبَثُ بِهِ عَبَثٌ بِمَالِ الأُمَّةِ ثُمَّ إِنَّ غَالِبَ الْكُتُبِ الدِّرَاسِيَّةِ تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا آيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ وَأَحَادِيثَ نَبَوِيَّةً ، فَرَمْيُهَا فِي الشَّارِعِ لِتُدَاسَ بِالأَقْدَامِ أَوْ رَمْيُهَا فِي صَنَادِيقِ الْقِمَامَةِ إِهَانَةٌ لِدِينِ اللهِ تَعَالَى .
فَعَلَى جَمِيعِ الطُّلَّابِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ تَعَالَى فِي الْكُتُبِ الْدْراَسِيَّةِ وَلا يُهِينُوهَا حِفَاظَاً عَلَى أَمْوَالِ وطننا ، وَتَكْرِيمَاً لِكَلامِ اللهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَفِي حَالَةِ الرَّغْبَةِ فِي التَّخَلُّصِ مِنْهَا ، فَإِنَّهَا تُسَلَّمُ إِلَى الْمَدْرَسَةِ ، أَوْ تُحْرَقُ أَوَ تُدْفَنُ إِنْ كَانَ يَصْعُبُ جَمْعُهَا وَالاسْتَفَادَةُ مِنْهَا .
اللَّهُمَّ يَسِّرْ أُمُورَنَا وَاشْرَحْ صُدُورَنَا وَوَفِّقْ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا
اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَاكْلَأْنَا واياهم بِرِعَايَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
عِبَادَ اللَّهِ : صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ وَقَالَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا»
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَ الدِّينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى ،اللَّهُمَّ وَفِّقْ جَمِيعَ وُلاَةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَمَلِ بِكِتَابِكَ، وَتَحْكِيمِ شَرْعِكَ، وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- اللَّهُمَّ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيِنَ .
اللَّهمَّ وَفِّقْ أَبْنَاءَنَا الطُّلاَّبِ والطَّالِبَاتِ لِلنَّجَاحِ والْفَلاَحِ فِيِ الُّدْنْيَا وَالْآخِرَةِ يَا رَبَّ الْعَالَمِيِنَ .
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.. اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدراراً ، برحمتك يا أرحم الراحمين.
(ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسَنةً وفي الآخِرَةِ حَسَنةً وقِنَا عذابَ النار)
عباد الله : اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ) وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ