المشكلات الزوجية وطرق حلها

أيها المسلمون: كم من زوج يشكو إلى الله أو إلى الناس حياته التعيسة مع زوجة لم تعرف له قدره، ولم تؤد إليه حقَّه، تجرع في حياته معها صنوف البلاء، وشرب من إيذائها كؤوس العناء، فلا تسل حينئذ عن غلبة غمومه عليه، وكثرة الشقاء لديه، وتدهور صحَّته، وبحثه عن مخرج من جحيم حياته الشقية.وكم من زوجة ذاقت من زوجها طعم الحياة الأليمة، ولقيت بصحبته المشكلات العظيمة، فلا يراها الرائي إلا متنقلة من غم إلى غم، ومن همٍّ إلى هم، فقلبها بثقل مشكلاتها الزوجية ينفطر، وصدرها بلظاها يستعر، ودموعها دائمة الجريان، وحزنها على حياتها قبل الزواج كبير، تبحث في جوانب الحياة عن حل لمعضلتها، وشفاء لعلتها.إن كل زوج يحب أن يحيا مع زوجته وأولاده حياة سعيدة، ويعيش معهم في الدنيا عيشة رغيدة، لا مشكلات تكدرها، ولا غموم زوجية تعكرها، ولا خلافات كثيرة توهي أركانها، ولا صراعات تصدع بنيانها.غير أن الواقع اليوم يعج بكثرة الشكاوى الزوجية، واحتدام المعارك الأسرية، مما أدى إلى كثرة الخلافات، وشدة النزاعات، وفي خضم تلك الحرب المستعرة يطلق الزوج كلمة الطلاق أو تطلب منه الزوجة ذلك في استعجال وغضب!. في محاكم الأحوال الشخصية رصدت حالة طلاق أو خلع أو فسخ كل تسع دقائق في ظاهرة مفزعة ومقلقة  بنات بعمر الورود يتجولن بين مكاتب القضاة ..هذه تستلم النفقة، وتلك تحمل ملف أوراق تطالب بنفقة ..وأخرى تطلب ضم صغير واُخرى تطالب بحبس طليقها لعدم دفعه النفقة .كل بنت خلفها أمها تركض معها للإيقاع بمن كان يوماً شريك حياتها .في صالة الانتظار هناك عدد كبير من النساء أضعاف عدد الرجال وجوه تحمل ملامحها الكثير من الكيد والإرهاق والتعب والأسى أطفال وأخوة سيفترقون ويُتركون لرحمة من لايرحم رجل سيتحمل فراق أولاده، والذهاب لمشاهدتهم في دور الرعاية في برود قاتل لعاطفة الأبوة .رجل يبكي ويحضر مشروحات براتبه تفيد بأن المتبقي من راتبه لا يكفيه يومين، وبلاؤه عظيم .تسمع صرخة رجل " ياشيخ احبسني السجن أرحم" لست بقادر أن أصرف عليهم وأم صارخة باكية سقطت على الأرض لأنها لا تملك إيجار المجيء إلى المحكمة تقول "والله حضرت وما كان معي إلا إيجار الطريق، لا أقدر  أن أدفع رسوم تجديد القضية "بنت تحمل صغيرها الذي لم يتجاوز عمره العام بهذا الحر يصرخ ربما جوعاً او عطشاً او اعتراضاً أن المحكمة ليست مكانه، ولا يعلم أن مستلزماته من الحليب والفوط سيتم تأمينها بعد أن يلقي التنفيذ القضائي القبض على والده الذي تخلف عن دفع نفقته لضيق ذات اليد .رجل وامرأة تجاوز عمر زواجهما ثلاثين عاماً ولديهم عشرات الأحفاد وتطالب بالطلاق والافتداء، أو الخلع لتتفرغ لنفسها حسب كلامها وتتنفس في المقاهي والمطاعم مع صديقاتها..وغير ذلك من الصور الكثيرة ….أيها الأخوة الكرام الإسلام يريد من الأسر أن تكون قلاع خير ومحبة ووئام، وحصون بر وحنان وسلام، ويطلب من ركني الأسرة: الزوج والزوجة أن يكونا مثالاً لُحسْنِ التعامل، والقيام بالحقوق والواجبات لكل منهما وفي سبيل المحافظة على هذه العلاقة الزوجية الكريمة، والحياة السعيدة بين الزوجين، نهى الإسلام عن كل ما يكون سبباً في فصم عرى العلاقة بين الزوجين، أو نشر العداوة بينهما، وأمر في مقابل ذلك بُحسن العشرة، وقيام كل منهما بحقوقه وواجباته على الوجه الأكمل، وغض الطرف عن الهفوات والزلات، وستر العيوب والخطيئات قدرالطاقة.فمن يتتبع جاهداً كل عثرةٍ يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب ورغب سبحانه وتعالى بالإبقاء على الزوجية، ونهى عن كل ما يُعرضها للزوال، فأمر بالمعاشرة بين الزوجين بالمعروف ولو مع كراهة أحدهما الآخر؛ حفظاً للأسر، ومنعاً للتفكك، قال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [النساء: 19].وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقاً رضي منها آخر، أو قال غيره".وبين المصطفى صلى الله عليه وسلم ما جلبت عليه المرأة من الصفات؛ ليكون الرجل خبيراً بها، بصيراً بحالها، فلا يطلب منها أكثر مما تطيقه، فقال –فيما رواه أبو هريرة-: "استوصوا بالنساء فإنّ المرأة خلقت من ضلع، وإنّ أعوج شيء في الضلع أعلاه؛ فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء". متفق عليه.وفي رواية لمسلم قال: "إنّ المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها،وكسرها طلاقها". نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال بيوتنا وبيوت المسلمين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية  أيها المسلمون: لكل داء دواء، ومشكلات الحياة لا يستحيل لها الشفاء، فحسن اختيار الزوج والزوجة، مطلب فعلى الرجل أن يختار الزوجة الصالحة في دينها وخلقها ونفسيتها وعلى المرأة أن لا تقبل زوجًا إلا إذا كان ذا خلق حميد ودين متين،

ومن علاج المشكلات الزوجية: تعلم الحقوق والواجبات الزوجية قبل الإقدام على الزواج.وما أجمل أن تكون هناك دورات شرعية وأسرية للمقدمين على الزواج؛ حتى يعرف كل من الرجل والمرأة ما له وما عليه، فإن لم تكن هناك دورات فليقرأ كل من الزوج والزوجة عن الحياة الزوجية من منظور شرعي ونفسي وأخلاقي.ومن علاج المشكلات الزوجية: أداء كل من الزوج والزوجة ما عليه من الواجبات من غير تقصير في حدود الاستطاعة، فالحياة الزوجية عطاء مشترك، وحقوق وواجبات.ومن علاج المشكلات الزوجية:   الصبر، فالحياة الزوجية إذا لم يكن فيها صبر من الزوج والزوجة فمآلها إلى الضيق أو الانتهاء.فالمطلوب صبر على الفقر، وصبر على المرض، وصبر على الأخطاء المحتملة، وصبر على بعض الكلمات الجارحة، وصبر على بعض التصرفات الخاطئة التي يمكن احتمالها، وصبر على بعض الأخلاق الضيقة.ومن علاج المشكلات الزوجية أيضًا: القناعة، فالزوج يقنع بزوجته فلا تلتفت عينه إلى غرائب النساء، والزوجة تقنع بزوجها فلا تتشوف نفسها إلى رجل سواه.ومن علاج المشكلات الزوجية كذلك: ترك الاستعجال في القرارات الأسرية، والبعد عن شدة الغضب وإصدار الأحكام المستعجلة أثناءه، فالتريث يعين على حل المشكلات والصواب في الحسم. وأما العجل والغضب فيعقدان القضايا ويؤديان إلى ما لا تحمد عقباه.فيا عباد الله:احرصوا على سلامة الحياة الزوجية من المشكلات، واعرفوا ما فيها من الحقوق والواجبات، واعلموا أن الحياة الزوجية إذا عمرت بما ذكرنا من العلاج فهي جنة من جنات الدنيا، التي تحل فيها السعادة والراحة، والاطمئنان والبهجة.

المرفقات

1668094774_المشكلات الزوجية وطرق حلها.docx

المشاهدات 480 | التعليقات 0