المشروع والمحظور عند زيارة القبور
عبدالرزاق بن محمد النهيان
1438/02/10 - 2016/11/10 11:37AM
الخطبة الأولى:
أيها الناس :خرّج مسلم من حديث بريدة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" وعلل صلى الله عليه وسلم ذلك أي بيّن السبب فيه – كما في مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه– قال:"زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال:"استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت".
نعم..فإن من رأى ما صار إليه غيره اتعظ بمصيره وأحسن مسيره وعلم أنه موقوف ومسئول وأن دنياه هذه إلى زوال فيحسن فيما بين يديه ويتقي الله - عز وجل - فيما يأتي ويذر،وزيارة القبور تذكر هذا كله.
لكن بعض الناس للأسف الشديد يحول هذه الزيارة من وسيلة للاتعاظ والاعتبار والادكار إلى وسيلة تفتح عليه بحراً من السيئات كالسيل المنهمر.
قال ابن القيم رحمه الله: فصلٌ في الفَرْق بين زيارة الموحدين للقبور وزيارة المشركين.
أما زيارة الموحِّدين،فمقصودها ثلاثة أشياء:أحدها:تذكُّر الآخرة،والاعتبار والاتعاظ،وقد أشار النبيُّ إلى ذلك بقوله كما عند الترمذي:"زوروا القبور؛فإنها تُذكِّرُكم الآخرة".
الثاني: الإحسان إلى الميت،وألا يطول عهده به،فيهجره ويتناساه،كما إذا تركَ زيارةَ الحيِّ مدةً طويلةً تناساه،فإذا زار الحيَّ فرِحَ بزيارته،وسُرَّ بذلك؛فالميتُ أَوْلى؛
لأنهُ قد صارَ في دارٍ قد هجر أهلُها إخوانَهم وأهلَهم ومعارفَهم،فإذا زاره وأهدى إليه هدية؛من دعاء أو صدَقة أو أهدى قربة،ازداد بذلك سرورُه وفرَحُه،كما يُسَرُّ الحيُّ بمن يزورُهُ ويهدي لَهُ؛ولهذا شرَع النبيُّ صلى الله عليه وسلم للزائرين أن يَدْعوا لأهل القبور بالمغفرة والرحمة وسؤال العافية فقط،ولم يشرَعْ أن يدعوهم،ولا أن يدعوا بهم،ولا يصلي عندهم.
وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم الاستغفارَ للميت في عدةِ مواضعَ،أحدُها:عند الصلاة على الميت بعد التكبيرة الثالثة،لما رواه مسلم عن أبي عبدِ الرحمنِ عوفِ بن مالكٍ رضي اللَّه عنه قال:صلَّى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَلى جَنَازَةٍ،فَحَفِظْتُ مِنْ دُعائِهِ وَهُو يَقُولُ:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، وارْحمْهُ وعافِهِ واعْفُ عنْهُ...الحديث"
والثانية:عند دفن الميت،فقد قال صلى الله عليه وسلم: "استغفروا لأخيكم،وسلوا له التثبيت،فإنه الآن يسأل". رواه أبو داود وغيره عن عثمان بن عفان وسنده صحيح. والثالثة: عند زيارة المقابر،فقد كان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا:"السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين،وإنا إن شاء الله بكم للاحقون،نسأل الله لنا ولكم العافية"رواه مسلم عن بريدة.
الثالث من مقصود الموحدين من زيارة القبور:إحسانُ الزائر إلى نفسه؛باتباع السنَّة،والوقوف عند ما شرَعه الرسول صلى الله عليه وسلم،فيُحسِن إلى نفسه،وإلى المزور.
قال ابن القطان في رسالته"القول بالإحسان العميم في انتفاع الميت بالقرءان العظيم" نُقل عن الإمام أحمدَ أنه يصلُ إلى الميتِ كلُّ شيءٍ من الخير من صدقةٍ وصلاةٍ وحجٍ وصومٍ واعتكافٍ وقراءةٍ وذكرٍ وغيرِ ذلك "ونُقل ذلك عن جماعةِ السلف " ا.هـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وكذلك من قرأ القرءان محتسبًا وأهداه إلى الميت نفعه ذلك" ا.هـ
قال الإمام النووي في الأذكار" باب ما ينفعُ الميتَ من قولِ غيره " فالاختيار أن يقول القارئُ بعد فراغه:اللهم أوصل ثوابَ ما قرأتُه إلى فلان"ا.هـ
وأما الزيارة الشِّركية،فمن جنس زيارة اليهود والنصارى، وأهل البدع،الذين يتخذون قبور الأنبياء والصالحين مساجد ،وقد استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب الصحاح وغيرها أنه قال عند موته:(لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا). قالت عائشة رضي الله عنها:"ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجدا".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(وأما زيارة القبور لأجل الدعاء عندها،أو التوسل بها،أو الاستشفاع بها،فهذا لم تأت به الشريعة أصلاً،وكل ما يروى في هذا الباب فهي أحاديث ضعيفة،بل موضوعة).
ومنها ما نص عليه شيخ الإسلام بقوله:"التمسحُ بالقبر-أيَّ قبر كان-وتقبيله،وتمريغُ الخد عليه منهي عنه باتفاق المسلمين،ولو كان ذلك من قبور الأنبياء،ولم يفعل هذا أحد من سلف الأمة وأئمتها،بل هذا من الشرك".
الخطبة الثانية:
عباد الله:ومن الزيارة الشركية :شد الرحال والسفر من أجل زيارة القبر،قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(فإذا كان السفر إلى غير المساجد الثلاثة ليس بمشروع باتفاق الأئمة،فكيف بقبور وأوثان تتخذ أعيادا،ويشرك بها،وتدعى من دون الله حتى فضلها الكثير على حج بيت الله كما يفعله المشركون عبدة الأوثان).
ومنها:تخصيص وقت معين وفي أيام معينة لزيارة القبور ؛بِحجة البركة في هذه الأوقات؛كوقت الفجر،قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام:(إن زيارة القبور مستحبة في كل وقت،ولكن تخصيص الزيارة بوقت محدد فيه تفصيل،فإن كان تحديد ذلك الوقت؛لكونه وقت فراغ الزائر ،فلا حرج في ذلك،وأما تخصيصه بقصد اعتقاد فضيلة فيه لم تثبت في الشرع،فهو من البدع".
ومما يجب الحذر منه:ما يفعله كثير من الناس في المقابر توزيع قوارير الماء على الْمُشيِّعين،وهذا العمل(لم يُعرف عن السلف الصالح،وزمن الدَّفن يسيرٌ لا يحتاج إلى ذلك، وفيه فتح باب لبذل الصدقات في المقابر،وعليه فالواجبُ ترك ذلك،عَمَلاً بقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:"مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ".
قال ابن تيمية رحمه الله في فتاويه:"وكذلك الصدقة عند القبر كرهها العلماء وشرط الواقف ذلك شرطٌ فاسدٌ،وأَنكَرُ مِن ذلك:أن يُوضع على القبر الطعام والشراب ليأخذه الناس،فإنَّ هذا ونحوه من عمل كفَّار الترك،لا من أفعال المسلمين". وقال في اقتضاء الصراط المستقيم:"قال أصحابنا:وفي معنى هذا - أي الذبح عند القبور - ما يفعله كثيرٌ من أهل زماننا في التصدُّق عند القبر بخبز أو نحوه".
فالصدقةُ عند القبور بدعةٌ،سواء كانت الصدقة على المشيِّعين أو الزائرين،أو العاملين.
ثم صلوا وسلموا،،،
أيها الناس :خرّج مسلم من حديث بريدة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" وعلل صلى الله عليه وسلم ذلك أي بيّن السبب فيه – كما في مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه– قال:"زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال:"استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت".
نعم..فإن من رأى ما صار إليه غيره اتعظ بمصيره وأحسن مسيره وعلم أنه موقوف ومسئول وأن دنياه هذه إلى زوال فيحسن فيما بين يديه ويتقي الله - عز وجل - فيما يأتي ويذر،وزيارة القبور تذكر هذا كله.
لكن بعض الناس للأسف الشديد يحول هذه الزيارة من وسيلة للاتعاظ والاعتبار والادكار إلى وسيلة تفتح عليه بحراً من السيئات كالسيل المنهمر.
قال ابن القيم رحمه الله: فصلٌ في الفَرْق بين زيارة الموحدين للقبور وزيارة المشركين.
أما زيارة الموحِّدين،فمقصودها ثلاثة أشياء:أحدها:تذكُّر الآخرة،والاعتبار والاتعاظ،وقد أشار النبيُّ إلى ذلك بقوله كما عند الترمذي:"زوروا القبور؛فإنها تُذكِّرُكم الآخرة".
الثاني: الإحسان إلى الميت،وألا يطول عهده به،فيهجره ويتناساه،كما إذا تركَ زيارةَ الحيِّ مدةً طويلةً تناساه،فإذا زار الحيَّ فرِحَ بزيارته،وسُرَّ بذلك؛فالميتُ أَوْلى؛
لأنهُ قد صارَ في دارٍ قد هجر أهلُها إخوانَهم وأهلَهم ومعارفَهم،فإذا زاره وأهدى إليه هدية؛من دعاء أو صدَقة أو أهدى قربة،ازداد بذلك سرورُه وفرَحُه،كما يُسَرُّ الحيُّ بمن يزورُهُ ويهدي لَهُ؛ولهذا شرَع النبيُّ صلى الله عليه وسلم للزائرين أن يَدْعوا لأهل القبور بالمغفرة والرحمة وسؤال العافية فقط،ولم يشرَعْ أن يدعوهم،ولا أن يدعوا بهم،ولا يصلي عندهم.
وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم الاستغفارَ للميت في عدةِ مواضعَ،أحدُها:عند الصلاة على الميت بعد التكبيرة الثالثة،لما رواه مسلم عن أبي عبدِ الرحمنِ عوفِ بن مالكٍ رضي اللَّه عنه قال:صلَّى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَلى جَنَازَةٍ،فَحَفِظْتُ مِنْ دُعائِهِ وَهُو يَقُولُ:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، وارْحمْهُ وعافِهِ واعْفُ عنْهُ...الحديث"
والثانية:عند دفن الميت،فقد قال صلى الله عليه وسلم: "استغفروا لأخيكم،وسلوا له التثبيت،فإنه الآن يسأل". رواه أبو داود وغيره عن عثمان بن عفان وسنده صحيح. والثالثة: عند زيارة المقابر،فقد كان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا:"السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين،وإنا إن شاء الله بكم للاحقون،نسأل الله لنا ولكم العافية"رواه مسلم عن بريدة.
الثالث من مقصود الموحدين من زيارة القبور:إحسانُ الزائر إلى نفسه؛باتباع السنَّة،والوقوف عند ما شرَعه الرسول صلى الله عليه وسلم،فيُحسِن إلى نفسه،وإلى المزور.
قال ابن القطان في رسالته"القول بالإحسان العميم في انتفاع الميت بالقرءان العظيم" نُقل عن الإمام أحمدَ أنه يصلُ إلى الميتِ كلُّ شيءٍ من الخير من صدقةٍ وصلاةٍ وحجٍ وصومٍ واعتكافٍ وقراءةٍ وذكرٍ وغيرِ ذلك "ونُقل ذلك عن جماعةِ السلف " ا.هـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وكذلك من قرأ القرءان محتسبًا وأهداه إلى الميت نفعه ذلك" ا.هـ
قال الإمام النووي في الأذكار" باب ما ينفعُ الميتَ من قولِ غيره " فالاختيار أن يقول القارئُ بعد فراغه:اللهم أوصل ثوابَ ما قرأتُه إلى فلان"ا.هـ
وأما الزيارة الشِّركية،فمن جنس زيارة اليهود والنصارى، وأهل البدع،الذين يتخذون قبور الأنبياء والصالحين مساجد ،وقد استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب الصحاح وغيرها أنه قال عند موته:(لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا). قالت عائشة رضي الله عنها:"ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجدا".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(وأما زيارة القبور لأجل الدعاء عندها،أو التوسل بها،أو الاستشفاع بها،فهذا لم تأت به الشريعة أصلاً،وكل ما يروى في هذا الباب فهي أحاديث ضعيفة،بل موضوعة).
ومنها ما نص عليه شيخ الإسلام بقوله:"التمسحُ بالقبر-أيَّ قبر كان-وتقبيله،وتمريغُ الخد عليه منهي عنه باتفاق المسلمين،ولو كان ذلك من قبور الأنبياء،ولم يفعل هذا أحد من سلف الأمة وأئمتها،بل هذا من الشرك".
الخطبة الثانية:
عباد الله:ومن الزيارة الشركية :شد الرحال والسفر من أجل زيارة القبر،قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(فإذا كان السفر إلى غير المساجد الثلاثة ليس بمشروع باتفاق الأئمة،فكيف بقبور وأوثان تتخذ أعيادا،ويشرك بها،وتدعى من دون الله حتى فضلها الكثير على حج بيت الله كما يفعله المشركون عبدة الأوثان).
ومنها:تخصيص وقت معين وفي أيام معينة لزيارة القبور ؛بِحجة البركة في هذه الأوقات؛كوقت الفجر،قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام:(إن زيارة القبور مستحبة في كل وقت،ولكن تخصيص الزيارة بوقت محدد فيه تفصيل،فإن كان تحديد ذلك الوقت؛لكونه وقت فراغ الزائر ،فلا حرج في ذلك،وأما تخصيصه بقصد اعتقاد فضيلة فيه لم تثبت في الشرع،فهو من البدع".
ومما يجب الحذر منه:ما يفعله كثير من الناس في المقابر توزيع قوارير الماء على الْمُشيِّعين،وهذا العمل(لم يُعرف عن السلف الصالح،وزمن الدَّفن يسيرٌ لا يحتاج إلى ذلك، وفيه فتح باب لبذل الصدقات في المقابر،وعليه فالواجبُ ترك ذلك،عَمَلاً بقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:"مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ".
قال ابن تيمية رحمه الله في فتاويه:"وكذلك الصدقة عند القبر كرهها العلماء وشرط الواقف ذلك شرطٌ فاسدٌ،وأَنكَرُ مِن ذلك:أن يُوضع على القبر الطعام والشراب ليأخذه الناس،فإنَّ هذا ونحوه من عمل كفَّار الترك،لا من أفعال المسلمين". وقال في اقتضاء الصراط المستقيم:"قال أصحابنا:وفي معنى هذا - أي الذبح عند القبور - ما يفعله كثيرٌ من أهل زماننا في التصدُّق عند القبر بخبز أو نحوه".
فالصدقةُ عند القبور بدعةٌ،سواء كانت الصدقة على المشيِّعين أو الزائرين،أو العاملين.
ثم صلوا وسلموا،،،
عبدالرزاق بن محمد النهيان
انتشرت في مواقع التواصل هذه الأيام صورة لرجل مسن ومعه ابنه عند قبر والدته حيث قام الرجل المسن بتقبيل القبر! فوجب علينا كخطباء بيان المشروع والممنوع عند زيارة القبور
تعديل التعليق