المستظلون بظل العرش(2) شاب نشأ في طاعة الله
د. منصور الصقعوب
1434/01/14 - 2012/11/28 20:38PM
[font="]
[/font]
[font="]الخطبة الأولى 2/1/1434هـ[/font]
[font="]الحَمْدُ للهِ الحَمِيدِ المَجِيدِ؛ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ، وَهُوَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَمُعَافَاتِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى حُكْمِهِ وَمُجَازَاتِهِ، يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ سَيِّئَةً مِثْلَهَا، وَيُضَاعِفُ الحَسَنَةَ إِلَى عَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ هَدَى قُلُوبَ أُنَاسٍ فَشَرَوُا الآخِرَةِ بِالدُّنْيَا، وَضَلَّ عَنِ هِدَايَتِهِ أَقْوَامٌ فَخَلَدُوا إِلَى الفَانِيَةِ وَضَيَّعُوا البَاقِيَةَ؛ [مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا[/font][font="]]{[/font][font="]الكهف:17[/font][font="]}[/font][font="]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ دَعَا إِلَى الهُدَى وحذر من الردى اللهم صل وسلم عليه وعلى آله الأتقياء، وصحابته الأوفياء[/font][font="].[/font][font="][/font]
[font="]أما بعد:[/font]
[font="]أيها المسلمون: الشباب قوة ونشاط, وحركة وتوثب, إنها مرحلة من أهم مراحل العمر, لأنها حقبة الآمال, ووقت الجد في الأعمال, وما من أمة عزت وعلت إلا ولشبابها الدور الكبير, وإذا أردت أن تقّيم قوة أمة فانظر إلى سواعد شبابها, وإذا أردت أن تعرف همتها وتطلعها فأنظر إلى همم شبابها, وإذا أردت أن تتعرف على مستقبل أمة فانظر تعداد أبنائها[/font][font="] [/font]
[font="]والشباب في الإسلام لهم الأثر البالغ في نشر الدين والرقي بالأمة في القديم والحديث, لكن مرحلة الشباب ينقصها في غالب الأمر نضوج الفكر واكتمال العقل, ولذا فلربما كانت مرحلةُ الشباب مرحلةَ صبوة وطيش وغلبة هفوه [/font]
[font="]ولأن مرحلة الشباب عليها تعقد الآمال وبها يتغنى الشعراء ولعودها يرجّى الشيوخ, ولأنها فيها تتفجر الطاقات كان الثبات فيها والاستقامةُ على طاعة الله مطلبٌ من أهم المطالب وهنا يحسن بنا الحديث عن ثاني السبعة الذين يظلهم الله في ظلة شاب نشأ في طاعة الله [/font]
[font="]عباد الله : والحديث عن الشباب يذكّرنا بأسماءٍ كان لها في تاريخ الأمة أبلغُ الأثر, فإن جاء الحديث عن الجهاد وجدت منهم أقواماً,أو جاء ذكر العلم وجدت منهم فئاماً, وأنى اتجهت في أبواب الخير وجدت من الشباب من يصدق عليه أنه شاب نشأ في عبادة الله[/font]
[font="]ويحار المتحدث عن الشباب فيمن يذكر ومن يدع [/font]
[font="]هل أحدثكم عن الصحابي الشاب علي بن ابي طالب, أم عن مقدام العلماء العالم الشاب معاذ بن جبل الذي قال عنه النبي [/font][font="]<[/font][font="] [/font][font="]"[/font][font="]إن معاذاً أمام العلماء برتوة " [/font]
[font="]ولن أحدثكم عن تضحية الشاب مصعب بن عمير ببلده وأهله ونعيمه مخلفاً كل ذلك وراءه مهاجراً لأجل الله داعية إلى الله سفيراً لرسول الله .[/font]
[font="]أأحدثكم عن مالك بن انس الذي أفتى ودرس وهو في العشرين,أم عن الشافعي الذي حاز العلم وهو في شبابه, أم عن البخاري الذي بدأ في التأليف قبل العشرين وأضراب هؤلاء ممن لهم نماذج كثيرة في الأمة كانوا قدوات عالية لجيل الشباب في الإسلام في الماضي[/font]
[font="]والخير في الأمة باقٍ, وفي كل زمان أهل وفي كل حقبة نماذج من شبابٍ يصدق عليهم أنهم شاب نشأوا في الطاعة وأمضوا شبابهم في العبادة [/font]
[font="]فكم يُسرّ المرء وهو يأتي المساجد فيرى حلقات القرآن كخلية النحل حركةً ونشاطاً, وترى فيها شباباً تركو اللهو وضياع الأوقات وأتو بيوت الله ليتلوا كلام الله, فهذا يرتل القرآن وهذا يحفظ بعضه أو كله, وهذا مدرس اقتطع من وقته زبدته ومن عمره زهرته وجلس ليربي شباب المسلمين طامعاً في الخيرية " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " [/font]
[font="]وإن شئت فأجل البصر إلى جهات أخرى ترى شباباً هممهم المعالى ففي دروس العلم ترى من انقطع له وصبر على شدائده وجد في تحصيله, همّه أن يقرأ ويتعلم وينفع نفسه ويزيل الجهل عن أمته, نومه غفوة وصمته فكره, ووقته كله صفوة. [/font]
[font="]وفي الجمعيات والمراكز الاجتماعية وغيرها ترى شباباً طموحاً ينفع نفسه ويخدم المحتاج في المجتمع إذا سمع بمجال خير سارع اليه وإن سمع بمنكر سارع إليه منكراً ومغيراً ترى شباباً أينما توجه يبحث عن رضا الله, ترى منهم الشاب الذي يقوم على عوائل الفقراء, والشاب الذي حمل هم الأمر بالمعروف, وآخر همه مساعدة الغرقى من الشباب الناكبين عن طريق الاستقامة, وآخر همه تحصيل العلم, فبمثل هؤلاء تصحوا الأمة من رقدتها وتستعيد مجدها.[/font]
[font="]إنهم قوم سمت بهم الهمم فارتقوا, وعلت العزائم فتفوقوا, وبينهم وبين غيرهم من أقرانهم تفاوت, فلا سواء بين من سهرهم على القرآن ومن سهرهم على مزمار الشيطان, لا سواء بين من يفكر بأمته ويقلق بالُه حال إخوانه المستضعفين, ومن لا يفكر إلا في نفسه وشهواته, لا سواء بين من تجمهروا وتزاحموا لاستقبال علج نصراني, وبين من تجمهروا لحضور درس علم أو لقاء عالم أو للاحتساب على منكر.[/font]
[font="]حينما تعلو همم الشباب يتنافسون على خوض المعركة ويتصارع رافع وسمرة[/font][font="] ب [/font][font="]عند محمد [/font][font="]<[/font][font="] ليدخلهم لا في مسابقة ولا نزهة بل في معركة تحصد الأرواح, وهما في سن الخامسة عشرة, وكان لهما مندوحة لصغرهما أن يستبقيا أرواحهما[/font][font="][/font]
[font="]حينما تعلو همم الشباب يكون طلبة الواحد منهم للنبي [/font][font="]<[/font][font="] أسألك مرافقتك في الجنة, وحينما تعلو الهمم تكون الأمنية لقاء محدث يقرأ عليه, وعالم ينهل منه, وحينما تعلو الهمم تنزل دمعة الشاب خوفاً من رب العباد, أو حزناً أن لم يجد ما يركبه للجهاد, وحينما تسفُل الهمم يكون الهم نيل متعة, والأمنيةُ لقاء لاعب, والدمعة تنزل عند هزيمة فريق أو موت بطل مسلسل, فهل يستويان, من همته الثرى ومن بلغت الثريا, وبعلاة الهمم من الشباب انتشر الدين وهاب الأعداءُ المسلمين[/font]
[font="]عباد الله[/font][font="]: وإعداد شاب قد نشأ على العبادة مَهمةٌ للآباء والأسرة دور كبير فيها, إعداداً وعناية, وتربية ورعاية, وكما أن للأبوين دور في استصلاح الأبناء, فلهم دور في حرفهم عن الخير, ولذا فكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه...[/font]
[font="]وثمة خطوات يجمل بالأب الراجي صلاحَ أبناءه أن يضعها في اعتباره وهي مما أرشد له الاسلام من رَغِبَ في تخريج شاب قد نشأ على الطاعة, فالنية الطيبة في النسل والتكاثر, وإطعام الأولاد الحلال, والبعد عن الحرام, وسائل معينة على الصلاح, وكل جسم نبت من سحت فالنار أولى به . [/font]
[font="]وصلاح الأب بأن يكون قدوة حسنة لأولاده, فإن جاء أمر خير كان مقدّمُهم فيه, فالقدوة من الوالدين أبلغ من كثير من الكلام, وكن أيها الأب عونا لأبنائك مرغباً لهم في مجالات الخير ومشجعاً, صاداً عنهم طرق الشر ومنبهاً[/font]
[font="]وفي كل وقت ترجو فيه إجابة دعوة فسل الله التوفيق والصلاح والخير لأبنائك وأن يكونوا قرة أعين لأمتهم وأن يعصمهم من دروب الشر ومهاوي الفساد [/font]
[font="]معاشر المسلمين:[/font][font="] وفئة من شبابنا اعترتهم سِنةُ الغفلة وداعي الهوى, وتبدلوا بطرق الفلاح والصلاح طرقَ المعاصي والتفريط, وهؤلاء وإن وقع منهم ما وقع فلا نشك أن عندهم من الخير في قلوبهم الكثير, فهم أبناء العقيدة وشباب ملة الإسلام, والأمة تحتاج لجهد كل واحد منهم, ولهؤلاء الشباب نقول: إن أعداء أمتكم يسعون جاهدين لوضع العقبات والأشواك حول صلاحكم, وإشغالكمِ بتوافه الأمور لأنهم يعلمون ماذا يعني توجُهَكم للخير, فأنتم من أمةٍ شبابها لهم تاريخ فلا تنسوا تاريخكم ولا تغفلوا عن عدوكم [/font]
[font="]يا أيها الشاب الذي تنكب عن طريق الاستقامة : إن المرء لا يعيش إلا مرة, واليوم إذا مضى فلن يعود, وأيامكم تطوى وإلى القبر تدنيكم فهل يليق بكم أن تظلوا في درب الغفلة والمعاصي والتفريط في الطاعات .[/font]
[font="]يامن انحرف عن طريق الاستقامة: إن اللذاتِ ينقضي أثرها, والذنوبَ تبقى حسراتها, والشهواتِ المحرمة تزول ويبقى شقائها فعليكم باللذة الباقية والزموا طريق السعادة الحقة ولن تجدوا ذلك إلا في العبادة . [/font]
[font="]كم من واحد منكم أيها الشباب يلهو ويعبث وفي حق ربه قصّر, وقد كتب في عداد الأموات قبل نهاية الشهر أو أقرب, فهل لك أعمال تسعدك وتبيض وجهك يوم أن توضع في قبرك وتلقى ربك ؟[/font]
[font="]أيها الشاب[/font][font="] : أما والله ما خلقنا في الدنيا للبقاء بل خلقنا فيها للعمل ومن ثم الرحيلَ عنها, فلا يكن حظنا من الدنيا أن نهتم بكل شيء إلا عبادةَ الله فهذا هو الحرمان [/font]
[font="]يا أيها الشباب: إن فيكم خيراً كثيراً لكن الشيطان وضع بينكم وبين الخير وأهله فجوة, بحجة أنكم أصحاب تقصير, وفي الإسلام الكل يعمل ولو كان مقصراً, ولتعلموا أنكم شباب اليوم ورجال الغد إن بقيتم فقدموا من العمل ما يؤمن مستقبلكم الدنيوي والأخروي وما ينفع أمتكم ويحقق مغنمكم, ولا تنسوا أن أبا محجنٍ الثقفي جلد في شرب الخمر مرات ولما دعي داعي الجهاد كان أول من لبى وأخرج من حبسه وكانت شجاعته من أكبر أسباب نصر المسلمين في اليرموك [/font]
[font="]وفقنا جميعاً لخدمة الدين ورزقنا الصلاح والفلاح في الدارين[/font]
[font="] [/font]
[font="]الخطبة الثانية:[/font]
[font="]الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده [/font]
[font="]أما بعد: أيها الشاب : إذا سمت همتك لأن تكون من شباب قد نشأوا على عبادة الله لتدخل في زمرة المستظلين بظل عرش الله فلتعلم أن الاستقامة مظهر ومخبر, وقول وعمل, واعتقاد وأخلاق .[/font]
[font="]وكم نخطئ يوم أن نظن أن استقامتنا على الطاعة والعبادة تنتهي عند الصورة الظاهرة والمظهر الخارجي, ولكن استقامتنا أكبرُ من ذلك وأشمل, فالشاب الذي نشأ على عبادة الله : هو من حفظ لسانه وغض بصره وصان فرجه, وأحسن تعامله وأخلاقه, إنه الشاب الذي أصلح داخله وصحح نيته وأصلح مع الله علاقته, فهو يراقب الله وإن خلا عن اعين الخلق, ويعبد الله لأجل الله, لا لأجل خلق الله لطلب مدح وثناء أو سمعة ورياء [/font]
[font="]ياأيها الشاب المستقيم: إن الشاب الذي نشأ على الطاعة مكانه في مقدم المسجد وأول الصفوف لا في اطرافه, إنه إذا ما سهر أترابه على القنوات سهر هو تالياً للآيات متهجداً يناجي رب الارض والسماوات, ويوم أن يخوض أقرانه باللهو واللعب, يقضي هو وقته بين العلم والقران, أو خدمة المسلمين أو إعانة المحتاجين أو بر الوالدين [/font]
[font="]يا أيها الشاب كم يسئ البعض لأهل الصلاح يوم أن ينسب إليهم ولم يفعل فعالهم, ومع هذا فكن خير ناقل لصورة الشباب الناشئ على الطاعة والاستقامة, كن ورعاً في تعاملاتك صدوقاً في كلامك أميناً في تعاملك قائماً بعملك محافظاً على حق ربك [/font]
[font="]يا أيها الشاب الذي يرجو ان يكون من سبعة يظلهم الله في ظله إذا أردت الثبات في زمن المتغيرات فالزم صحبة الخير وابتعد عن أماكن الفتنة وأهلها وأشغل النفس بالطاعة لئلا تشغلك بالمعصية .[/font]
[font="]وأشغِل زمن الشباب بالعمل لله ولدين الله, وقد قالت حفصة بنت سيرين [/font][font="]"[/font][font="]يا معشر الشباب اعملوا فاني رأيت العمل في الشباب هو القوة[/font][font="]"[/font][font="] نعم فالشمس لا تملأ النهار في آخره كما تملؤه في أوله. [/font]
[font="]يا أيها الشاب المستقيم : لقد رأينا في الأمة شباباً في سنك عاملاً للدعوة وقد أسلم على يديه الأعداد, ورأينا في سنك من حفظ القرآن والسنة وفاق في العلم, فماذا قدمت أنت وماذا عملت ؟ كن جاداً في استقامتك عالياً في همتك سامياً بأخلاقك متميزاً بأفعالك .[/font]
[font="]ولَساعة تقضيها في الطاعة في درس أو مسجد أو عبادةٍ خيٌر لك من الدنيا وما فيها وستجد أثرها يوم أن تلقى الله ويُجازى كلٌ بما فعل [/font]
[font="]إن الأمة اليوم أيها الشاب تمر بمرحلة من أصعب مراحلها, وأعداء المسلمين كشروا عن أنيابهم, وديننا وعقيدتنا هم المستهدفان, وهذا زمن الجدّ, فلقد ولى زمن اللهو والغفلة [/font]
[font="]وأخيراً أيها الشباب جميعاً : فإن من وراءكم يوماً تقفون فيه بين يدي الله ليسألَكم سؤالاً عن هذا الشباب وماذا فعلتم فيه وفيما قضيتموه فهنيئاً لمن كانت فترة شبابه مقربة له إلى الله ليس له فيها صبوه قد نشأ فيها على عبادة الله فأولئك هم الفائزون والذين هم في ظل العرش مستظلون[/font][font="][/font]
[/font]
[font="]الخطبة الأولى 2/1/1434هـ[/font]
[font="]الحَمْدُ للهِ الحَمِيدِ المَجِيدِ؛ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ، وَهُوَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَمُعَافَاتِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى حُكْمِهِ وَمُجَازَاتِهِ، يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ سَيِّئَةً مِثْلَهَا، وَيُضَاعِفُ الحَسَنَةَ إِلَى عَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ هَدَى قُلُوبَ أُنَاسٍ فَشَرَوُا الآخِرَةِ بِالدُّنْيَا، وَضَلَّ عَنِ هِدَايَتِهِ أَقْوَامٌ فَخَلَدُوا إِلَى الفَانِيَةِ وَضَيَّعُوا البَاقِيَةَ؛ [مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا[/font][font="]]{[/font][font="]الكهف:17[/font][font="]}[/font][font="]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ دَعَا إِلَى الهُدَى وحذر من الردى اللهم صل وسلم عليه وعلى آله الأتقياء، وصحابته الأوفياء[/font][font="].[/font][font="][/font]
[font="]أما بعد:[/font]
[font="]أيها المسلمون: الشباب قوة ونشاط, وحركة وتوثب, إنها مرحلة من أهم مراحل العمر, لأنها حقبة الآمال, ووقت الجد في الأعمال, وما من أمة عزت وعلت إلا ولشبابها الدور الكبير, وإذا أردت أن تقّيم قوة أمة فانظر إلى سواعد شبابها, وإذا أردت أن تعرف همتها وتطلعها فأنظر إلى همم شبابها, وإذا أردت أن تتعرف على مستقبل أمة فانظر تعداد أبنائها[/font][font="] [/font]
[font="]والشباب في الإسلام لهم الأثر البالغ في نشر الدين والرقي بالأمة في القديم والحديث, لكن مرحلة الشباب ينقصها في غالب الأمر نضوج الفكر واكتمال العقل, ولذا فلربما كانت مرحلةُ الشباب مرحلةَ صبوة وطيش وغلبة هفوه [/font]
[font="]ولأن مرحلة الشباب عليها تعقد الآمال وبها يتغنى الشعراء ولعودها يرجّى الشيوخ, ولأنها فيها تتفجر الطاقات كان الثبات فيها والاستقامةُ على طاعة الله مطلبٌ من أهم المطالب وهنا يحسن بنا الحديث عن ثاني السبعة الذين يظلهم الله في ظلة شاب نشأ في طاعة الله [/font]
[font="]عباد الله : والحديث عن الشباب يذكّرنا بأسماءٍ كان لها في تاريخ الأمة أبلغُ الأثر, فإن جاء الحديث عن الجهاد وجدت منهم أقواماً,أو جاء ذكر العلم وجدت منهم فئاماً, وأنى اتجهت في أبواب الخير وجدت من الشباب من يصدق عليه أنه شاب نشأ في عبادة الله[/font]
[font="]ويحار المتحدث عن الشباب فيمن يذكر ومن يدع [/font]
[font="]هل أحدثكم عن الصحابي الشاب علي بن ابي طالب, أم عن مقدام العلماء العالم الشاب معاذ بن جبل الذي قال عنه النبي [/font][font="]<[/font][font="] [/font][font="]"[/font][font="]إن معاذاً أمام العلماء برتوة " [/font]
[font="]ولن أحدثكم عن تضحية الشاب مصعب بن عمير ببلده وأهله ونعيمه مخلفاً كل ذلك وراءه مهاجراً لأجل الله داعية إلى الله سفيراً لرسول الله .[/font]
[font="]أأحدثكم عن مالك بن انس الذي أفتى ودرس وهو في العشرين,أم عن الشافعي الذي حاز العلم وهو في شبابه, أم عن البخاري الذي بدأ في التأليف قبل العشرين وأضراب هؤلاء ممن لهم نماذج كثيرة في الأمة كانوا قدوات عالية لجيل الشباب في الإسلام في الماضي[/font]
[font="]والخير في الأمة باقٍ, وفي كل زمان أهل وفي كل حقبة نماذج من شبابٍ يصدق عليهم أنهم شاب نشأوا في الطاعة وأمضوا شبابهم في العبادة [/font]
[font="]فكم يُسرّ المرء وهو يأتي المساجد فيرى حلقات القرآن كخلية النحل حركةً ونشاطاً, وترى فيها شباباً تركو اللهو وضياع الأوقات وأتو بيوت الله ليتلوا كلام الله, فهذا يرتل القرآن وهذا يحفظ بعضه أو كله, وهذا مدرس اقتطع من وقته زبدته ومن عمره زهرته وجلس ليربي شباب المسلمين طامعاً في الخيرية " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " [/font]
[font="]وإن شئت فأجل البصر إلى جهات أخرى ترى شباباً هممهم المعالى ففي دروس العلم ترى من انقطع له وصبر على شدائده وجد في تحصيله, همّه أن يقرأ ويتعلم وينفع نفسه ويزيل الجهل عن أمته, نومه غفوة وصمته فكره, ووقته كله صفوة. [/font]
[font="]وفي الجمعيات والمراكز الاجتماعية وغيرها ترى شباباً طموحاً ينفع نفسه ويخدم المحتاج في المجتمع إذا سمع بمجال خير سارع اليه وإن سمع بمنكر سارع إليه منكراً ومغيراً ترى شباباً أينما توجه يبحث عن رضا الله, ترى منهم الشاب الذي يقوم على عوائل الفقراء, والشاب الذي حمل هم الأمر بالمعروف, وآخر همه مساعدة الغرقى من الشباب الناكبين عن طريق الاستقامة, وآخر همه تحصيل العلم, فبمثل هؤلاء تصحوا الأمة من رقدتها وتستعيد مجدها.[/font]
[font="]إنهم قوم سمت بهم الهمم فارتقوا, وعلت العزائم فتفوقوا, وبينهم وبين غيرهم من أقرانهم تفاوت, فلا سواء بين من سهرهم على القرآن ومن سهرهم على مزمار الشيطان, لا سواء بين من يفكر بأمته ويقلق بالُه حال إخوانه المستضعفين, ومن لا يفكر إلا في نفسه وشهواته, لا سواء بين من تجمهروا وتزاحموا لاستقبال علج نصراني, وبين من تجمهروا لحضور درس علم أو لقاء عالم أو للاحتساب على منكر.[/font]
[font="]حينما تعلو همم الشباب يتنافسون على خوض المعركة ويتصارع رافع وسمرة[/font][font="] ب [/font][font="]عند محمد [/font][font="]<[/font][font="] ليدخلهم لا في مسابقة ولا نزهة بل في معركة تحصد الأرواح, وهما في سن الخامسة عشرة, وكان لهما مندوحة لصغرهما أن يستبقيا أرواحهما[/font][font="][/font]
[font="]حينما تعلو همم الشباب يكون طلبة الواحد منهم للنبي [/font][font="]<[/font][font="] أسألك مرافقتك في الجنة, وحينما تعلو الهمم تكون الأمنية لقاء محدث يقرأ عليه, وعالم ينهل منه, وحينما تعلو الهمم تنزل دمعة الشاب خوفاً من رب العباد, أو حزناً أن لم يجد ما يركبه للجهاد, وحينما تسفُل الهمم يكون الهم نيل متعة, والأمنيةُ لقاء لاعب, والدمعة تنزل عند هزيمة فريق أو موت بطل مسلسل, فهل يستويان, من همته الثرى ومن بلغت الثريا, وبعلاة الهمم من الشباب انتشر الدين وهاب الأعداءُ المسلمين[/font]
[font="]عباد الله[/font][font="]: وإعداد شاب قد نشأ على العبادة مَهمةٌ للآباء والأسرة دور كبير فيها, إعداداً وعناية, وتربية ورعاية, وكما أن للأبوين دور في استصلاح الأبناء, فلهم دور في حرفهم عن الخير, ولذا فكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه...[/font]
[font="]وثمة خطوات يجمل بالأب الراجي صلاحَ أبناءه أن يضعها في اعتباره وهي مما أرشد له الاسلام من رَغِبَ في تخريج شاب قد نشأ على الطاعة, فالنية الطيبة في النسل والتكاثر, وإطعام الأولاد الحلال, والبعد عن الحرام, وسائل معينة على الصلاح, وكل جسم نبت من سحت فالنار أولى به . [/font]
[font="]وصلاح الأب بأن يكون قدوة حسنة لأولاده, فإن جاء أمر خير كان مقدّمُهم فيه, فالقدوة من الوالدين أبلغ من كثير من الكلام, وكن أيها الأب عونا لأبنائك مرغباً لهم في مجالات الخير ومشجعاً, صاداً عنهم طرق الشر ومنبهاً[/font]
[font="]وفي كل وقت ترجو فيه إجابة دعوة فسل الله التوفيق والصلاح والخير لأبنائك وأن يكونوا قرة أعين لأمتهم وأن يعصمهم من دروب الشر ومهاوي الفساد [/font]
[font="]معاشر المسلمين:[/font][font="] وفئة من شبابنا اعترتهم سِنةُ الغفلة وداعي الهوى, وتبدلوا بطرق الفلاح والصلاح طرقَ المعاصي والتفريط, وهؤلاء وإن وقع منهم ما وقع فلا نشك أن عندهم من الخير في قلوبهم الكثير, فهم أبناء العقيدة وشباب ملة الإسلام, والأمة تحتاج لجهد كل واحد منهم, ولهؤلاء الشباب نقول: إن أعداء أمتكم يسعون جاهدين لوضع العقبات والأشواك حول صلاحكم, وإشغالكمِ بتوافه الأمور لأنهم يعلمون ماذا يعني توجُهَكم للخير, فأنتم من أمةٍ شبابها لهم تاريخ فلا تنسوا تاريخكم ولا تغفلوا عن عدوكم [/font]
[font="]يا أيها الشاب الذي تنكب عن طريق الاستقامة : إن المرء لا يعيش إلا مرة, واليوم إذا مضى فلن يعود, وأيامكم تطوى وإلى القبر تدنيكم فهل يليق بكم أن تظلوا في درب الغفلة والمعاصي والتفريط في الطاعات .[/font]
[font="]يامن انحرف عن طريق الاستقامة: إن اللذاتِ ينقضي أثرها, والذنوبَ تبقى حسراتها, والشهواتِ المحرمة تزول ويبقى شقائها فعليكم باللذة الباقية والزموا طريق السعادة الحقة ولن تجدوا ذلك إلا في العبادة . [/font]
[font="]كم من واحد منكم أيها الشباب يلهو ويعبث وفي حق ربه قصّر, وقد كتب في عداد الأموات قبل نهاية الشهر أو أقرب, فهل لك أعمال تسعدك وتبيض وجهك يوم أن توضع في قبرك وتلقى ربك ؟[/font]
[font="]أيها الشاب[/font][font="] : أما والله ما خلقنا في الدنيا للبقاء بل خلقنا فيها للعمل ومن ثم الرحيلَ عنها, فلا يكن حظنا من الدنيا أن نهتم بكل شيء إلا عبادةَ الله فهذا هو الحرمان [/font]
[font="]يا أيها الشباب: إن فيكم خيراً كثيراً لكن الشيطان وضع بينكم وبين الخير وأهله فجوة, بحجة أنكم أصحاب تقصير, وفي الإسلام الكل يعمل ولو كان مقصراً, ولتعلموا أنكم شباب اليوم ورجال الغد إن بقيتم فقدموا من العمل ما يؤمن مستقبلكم الدنيوي والأخروي وما ينفع أمتكم ويحقق مغنمكم, ولا تنسوا أن أبا محجنٍ الثقفي جلد في شرب الخمر مرات ولما دعي داعي الجهاد كان أول من لبى وأخرج من حبسه وكانت شجاعته من أكبر أسباب نصر المسلمين في اليرموك [/font]
[font="]وفقنا جميعاً لخدمة الدين ورزقنا الصلاح والفلاح في الدارين[/font]
[font="] [/font]
[font="]الخطبة الثانية:[/font]
[font="]الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده [/font]
[font="]أما بعد: أيها الشاب : إذا سمت همتك لأن تكون من شباب قد نشأوا على عبادة الله لتدخل في زمرة المستظلين بظل عرش الله فلتعلم أن الاستقامة مظهر ومخبر, وقول وعمل, واعتقاد وأخلاق .[/font]
[font="]وكم نخطئ يوم أن نظن أن استقامتنا على الطاعة والعبادة تنتهي عند الصورة الظاهرة والمظهر الخارجي, ولكن استقامتنا أكبرُ من ذلك وأشمل, فالشاب الذي نشأ على عبادة الله : هو من حفظ لسانه وغض بصره وصان فرجه, وأحسن تعامله وأخلاقه, إنه الشاب الذي أصلح داخله وصحح نيته وأصلح مع الله علاقته, فهو يراقب الله وإن خلا عن اعين الخلق, ويعبد الله لأجل الله, لا لأجل خلق الله لطلب مدح وثناء أو سمعة ورياء [/font]
[font="]ياأيها الشاب المستقيم: إن الشاب الذي نشأ على الطاعة مكانه في مقدم المسجد وأول الصفوف لا في اطرافه, إنه إذا ما سهر أترابه على القنوات سهر هو تالياً للآيات متهجداً يناجي رب الارض والسماوات, ويوم أن يخوض أقرانه باللهو واللعب, يقضي هو وقته بين العلم والقران, أو خدمة المسلمين أو إعانة المحتاجين أو بر الوالدين [/font]
[font="]يا أيها الشاب كم يسئ البعض لأهل الصلاح يوم أن ينسب إليهم ولم يفعل فعالهم, ومع هذا فكن خير ناقل لصورة الشباب الناشئ على الطاعة والاستقامة, كن ورعاً في تعاملاتك صدوقاً في كلامك أميناً في تعاملك قائماً بعملك محافظاً على حق ربك [/font]
[font="]يا أيها الشاب الذي يرجو ان يكون من سبعة يظلهم الله في ظله إذا أردت الثبات في زمن المتغيرات فالزم صحبة الخير وابتعد عن أماكن الفتنة وأهلها وأشغل النفس بالطاعة لئلا تشغلك بالمعصية .[/font]
[font="]وأشغِل زمن الشباب بالعمل لله ولدين الله, وقد قالت حفصة بنت سيرين [/font][font="]"[/font][font="]يا معشر الشباب اعملوا فاني رأيت العمل في الشباب هو القوة[/font][font="]"[/font][font="] نعم فالشمس لا تملأ النهار في آخره كما تملؤه في أوله. [/font]
[font="]يا أيها الشاب المستقيم : لقد رأينا في الأمة شباباً في سنك عاملاً للدعوة وقد أسلم على يديه الأعداد, ورأينا في سنك من حفظ القرآن والسنة وفاق في العلم, فماذا قدمت أنت وماذا عملت ؟ كن جاداً في استقامتك عالياً في همتك سامياً بأخلاقك متميزاً بأفعالك .[/font]
[font="]ولَساعة تقضيها في الطاعة في درس أو مسجد أو عبادةٍ خيٌر لك من الدنيا وما فيها وستجد أثرها يوم أن تلقى الله ويُجازى كلٌ بما فعل [/font]
[font="]إن الأمة اليوم أيها الشاب تمر بمرحلة من أصعب مراحلها, وأعداء المسلمين كشروا عن أنيابهم, وديننا وعقيدتنا هم المستهدفان, وهذا زمن الجدّ, فلقد ولى زمن اللهو والغفلة [/font]
[font="]وأخيراً أيها الشباب جميعاً : فإن من وراءكم يوماً تقفون فيه بين يدي الله ليسألَكم سؤالاً عن هذا الشباب وماذا فعلتم فيه وفيما قضيتموه فهنيئاً لمن كانت فترة شبابه مقربة له إلى الله ليس له فيها صبوه قد نشأ فيها على عبادة الله فأولئك هم الفائزون والذين هم في ظل العرش مستظلون[/font][font="][/font]
المشاهدات 5822 | التعليقات 3
بارك الله فيك ونفع بك
جزاك الله خيرا
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق