المسبوق في الصلاة والمسافر
سالم بن محمد الغيلي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد الا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا وقدوتنا عبده ورسوله عليه من الله ازكى صلاة وسلاماً ماتعاقبت الليالي والأيام.
- }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{ ]سورة آل عمران: 102[
- }يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{ ]سورة النساء:1[
- }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا{ ]سورة الأحزاب:70[
عباد الله:
هناك أخطاء وهناك جهل يقع فيه المسبوق في الصلاة وبعض المصلين في السفر ,وصلاة المسلم هي رأس ماله وقرة عينه ونجاتهونوره وراحة باله وصلاح أمره , يجب علينا أن نولها كل اهتمامنا وحرصنا حتى نعبد الله تعالى ونصلي له على بصيرة وفهم, فمن المسائل:
كيف يأتي المسبوق للصلاة , ينبغي أن يأتي وعليه السكينة والوقار والهدوء قال أبو قتادة الحارث بن ربعي : (بيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: ما شَأْنُكُمْ؟ قالوا: اسْتَعْجَلْنَا إلى الصَّلَاةِ؟ قَالَ: فلا تَفْعَلُوا إذَا أتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعلَيْكُم بالسَّكِينَةِ، فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وما فَاتَكُمْ فأتِمُّوا.) اخرجه البخاري في صحيحه واللفظ له, واخرجه مسلم, السكينة وليس كما يفعل البعض يريد ان يلحق الركعة يتأخر ولا يريد أن يفوته شيء فيدخل المسجد وصوته مرتفع بالتشهد و التكبير , وبعضهم يقول إن الله مع الصابرين وكل ذلك من أجل أن يسمعه الإمام فينتظره حتى يركع وهذا لا يجوز آذى الناس في صلاتهم , اشغل المصلين وقطع خشوعهم وخالف السنة , والصحيح أن يدخل فلا يسمع له صوت ويدخل في الصلاة على أي حال.
المسألة الثانية:
إذا دخل المصلي ولم يجد مكانًا في الصف واجتهد في ذلك فإن له أن يصلي منفردًا خلف الصف, أما إذا بالامكان أن يجد مكانًا في الصف ولو بتحريك بسيط لبعض المصلين في الاطراف من غير ان يسحب أحدًا يصلي معه أو ينتظر قليلاً ليلحق به أحد, فلا يجوز له أن يصلي منفردًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( استقبلْ صلاتَك؛ فلا صلاةَ لفردٍ خلفَ الصفِّ ) صححه الالباني في صحيح ابن ماجه, ولأنه صلى الله عليه وسلم كما في حديث رواه وابصة بن معبد الاسدي: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رأى رجلًا يصلِّي خلفَ الصَّفِّ وحدَهُ فأمرَهُ أن يُعيدَ الصَّلاةَ) صحيح ابي داود للالباني .
المسألة الثالثة:
بعض المصلين يدخل والجماعة في السجود فينتظر واقفًا حتى يقوموا للركعة التي تلي أو يجلسوا للتشهد ثم يدخل في الصلاة , والصحيح أن يدخل المصلي في الصلاة مباشرة وعلى أي حال تكون فيه الجماعة لقوله صلى الله عليه وسلم : (إذا جئتُم للصلاةِ و نحن سجودٌ فاسجدوا ، و لا تعدُّوها شيئًا ، و من أدرك الركعةَ ، فقد أدرك الصلاةَ ) صحيح الجامع للالباني .
المسألة الرابعة:
اتفق العلماء أن من ادرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركعة, وبعض المصلين يسعى ويهرول من أجل إدراك الركوع فيدرك الإمام وهو رافع ... وهو رافع فيدخل في الصلاة ويركع ويحسبها ركعة وهذا غير جائز لأنه ركع لوحده لا تحسب له ركعة.
المسألة الخامسة:
أن مايقضيه المسبوق هو آخر صلاته وليس أولها وذلك أول صلاته وهو ما ادركه مع الإمام وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( وما فَاتَكُمْ فأتِمُّوا) ( سبق تخريجه), ولذلك من فاتته ركعتين من المغرب فلا يأتي بها متواصلة بل لابد من الجلوس للتشهد ثم يأتي بالركعة الأخيرة.
المسألة السادسة:
لا حرج في ان يصير المسبوق إمامًا فإذا دخل رجل المسجد بعد تسليم الإمام ووجد مسبوقًا يتم صلاته فلا حرج في أن يدخل معه في الصلاة فيجعله إمامًا له , قال الأمام ابن باز –رحمه الله تعالى- : "لا حرج في ذلك إن شاءالله على الصحيح"
المسألة السابعة:
تدرك صلاة الجمعة بركعة كاملة , أما من دخل والإمام رافع من الركوع الثاني فلا يتمها صلاة جمعة بل يتمها ظهرًا فيصلي أربعًا, لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن أدركَ ركعتَهُ من الجمعةِ فقد أدركَ الصلاةَ فليُضِفْ إليها أُخرَى ) صححه الالباني في إرواء الغليل , والمسبوقون والمتأخرون في دخول المسجد يوم الجمعة إذا دخلوا والإمام يخطب فليصلوا تحية المسجد مباشرة لا ينتظرون حتى ينتهي المؤذن.
المسألة الثامنة:
استخلاف المسبوق جائز, فإذا فسد وضوء الإمام أو حدث له عارض في الصلاة فخرج منها فالأولى أن يستخلف ممن ادرك معه أول الصلاة, لكن لو استخلف مسبوقًا قد فاتته ركعة أو أكثر فذلك غير جائز , فيأتي المسبوق ويتم صلاة الجماعة ويقوم يأتي بما فاته وفي هذه الحالة يجلس المصلون حتى يكمل صلاته ويسلموا بعده.
المسألة التاسعة:
من دخل في صلاة العيد وقد فاتته بعض التكبيرات التي في أول الصلاة , التكبيرات السبع أو الخمس فاته شيء منها فهل يقضيها ثم يتابع الإمام؟
قال ابن عثيمين –رحمه الله- "إذا دخلت مع الإمام فكبر تكبيرة الإحرام ثم تابع الإمام فيما بقي ويسقط عنك مامضى".
المسألة العاشرة:
المسبوق في صلاة الجنازة , من فاتته بعض التكبيرات في صلاة الجنازة فيتابع الإمام في التكبيرات التي بقيت ويأتي بما فاته.
المسألة الحادية عشرة:
المسبوق في صلاة الكسوف, فإنه من فاته الركوع الأول فقد فاتته ركعة وعليه أن يأتي بركعة آخرى بقراءتين وركوعين وسجودين.
المسألة الثانية عشرة:
من دخل والإمام راكع فعليه أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف وهو قائم , لا يصح أن تنحني للركوع ثم تكبر تكبيرة الإحرام, ثم يكبر تكبيرة أخرى عند الركوع, فالاولى ركن والثانية واجب.
المسألة الثالثة عشرة:
من كان مسافرًا ثم وجد الإمام في التشهد الأخير ولا يدري هل أتم صلاته أم قصرها أو هل الغمام مسافر أم مقيم قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- وغيره من أهل العلم: "إذا وجد بعض ما يدل على أن الإمام مسافر مثل وجود حقائب سفر أو إحرام أو أخبره أحد فإنه يقصر صلاته , أما إذا لم يجد تلك الدلائل فإنه يحتاط لصلاته ويصليها كاملة دون قصر , ومن صلى قصرًا ثم تبين أن إمامه صلى تامة فعليه أن يعيد صلاته تامة".
فنسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا وأن يتقبل صلاتنا.
أقول ماتسمعون...
الخطبة الثانية
الحمدلله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يُحب ربنا ويرضى.
عباد الله:
من فاتته ركعة جهرية مثلاً في صلاة المغرب أو العشاء أو الفجر أو الجمعة أو غيرها فإنه يتمها المسبوق جهرية يجهر فيها بالفاتحة وبالقرآن.
ومسألة آخرى:
من صلى وهو مسافر صلاة العشاء مع جماعة يصلون المغرب فلا يجوز له أن يقصر الصلاة فيصلي العشاء ركعتين لأنه مسافر بل يتم صلاته أربعاً لأنه صلى خلف إمام يتم.
ومسألة آخرى:
من صلى المغرب وهو مسافر خلف أناس يصلون العشاء تامة فعليه أن يصلي ثلاثاً ثم يجلس حتى يكمل الإمام الرابعة لصلاة العشاء ثم يسلم مع المصلين.
مسألة آخرى:
لا يصح ايذاء المصلين بالجهر بالقراءة في الصلاة أو بالاصح رفع الصوت, على المصلي أن يخفظ حتى لا يؤذي من حوله.
ومسألة آخرى:
حول من يأكل ثوماً أو بصلاً ثم يأتي المسجد فإن ذلك لا يجوز, لأن في ذلك ايذاء للملائكة وللمصلين, وذلك : (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ في غَزْوَةِ خَيْبَرَ: مَن أكَلَ مِن هذِه الشَّجَرَةِ - يَعْنِي الثُّومَ - فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا.) صحيح البخاري, وقال صلى الله عليه وسلم : (مَن أكَلَ ثُومًا أوْ بَصَلًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا - أوْ قالَ: فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا - ولْيَقْعُدْ في بَيْتِهِ .... الحديث) اخرجه البخاري واللفظ له, ومسلم. لكن من أكل ثومًا أو بصلاً ثم دخل يصلي فإن صلاته صحيحه ولكنه آثم.
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال وبلغنا فيما يرضيه الآمال إنه سميع قريب مجيب.
وصلوا وسلموا...
والله اعلم.
جامع القو 1439/10/29هـ
جامع النور 1441/5/8هـ