المساجد بيوت الله
أحمد علي أحمد
1434/02/07 - 2012/12/20 05:44AM
هذه خطبة لإمام الحرم قمت بتعديلها واختصارها لكم
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله, ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله )
عباد الله: المساجِدُ بيوتُ الله، بُنِيت جُدرانها ورفِعَت قواعدها على اسمه وحدَه لا شريك له، يُعبَد فيها ويوحَّد، ويعظم فيها ويمجَّد، ويركَعُ له فيها ويُسجَد ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) فيها يذكر اسم الله، ومنها ينادى إلى الصلاة, وفيها تحيا القلوب وتسجد الجباه, أذِنَ الله تعالى برَفعِها وعِمارتها، وأمَرَ ببنائها وصِيانَتِها ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) بِناؤها من أعظم القُرَب لمن أخلص لله واحتَسَب، فعَن عثمانَ t قال: سمعتُ رسولَ الله r يقول " مَن بَنَى لله مَسجدًا يَبتغِي به وجهَ الله بَنى الله له بيتًا في الجنة " متفق عليه .
عباد الله: وقد أمَرَ الشرع الكريم بتطهِير المساجد, وتنظيفِها وتطيِيبِها، فعن عائشةَ t قالت: أمَرَ رسول الله r ببناء المساجِدِ في الدور -يعني في القبائل- وأن تُنَظَّف وتُطَيَّب . رواه أحمد وامرأة سوداء كان تقم المسجد فماتت, فسأل النبي r عنها فقالوا ماتت, فقال " أفلا كنتم آذنتموني بها دلوني على قبرها " فأتى قبرها فصلى عليها, والمساجد هِي أحبُّ البقاع إلى الله, فعن أبي هريرة t أنَّ رسولَ الله r قال " أحَب البلاد إلى الله تعالى مساجدُها، وأبغَضُ البلاد إلى الله أسواقُها " أخرجه مسلم ولِعظيمِ فضلها وشريفِ مكانتها, شُرِع لقاصد المسجد آدابا وسنَنا وأحكاما, يحسُن التنبيهُ عليها .
فيُستَحَبُّ لقاصِدِ المسجد أن يتجمَّل لصلاتِه بما يستطيع من ثيابِه وطيبِه وسِواكه، قال جل في علاه ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) كما عليه اجتناب الروائحِ الكريهة في ملبسِه ومأكله، فلا يؤذِي إخوانه المصلين برائحة فمِه وعرقه، فعن جابر t أنَّ رسول الله r قال " مَن أكَلَ البصلَ والثومَ والكرّاث, فلا يقربنَّ مسجدنا؛ فإنَّ الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم " وفي رواية " مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ قَالَ: فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ " فعلى قاصد بيت الله, أن يخرج من بيته طاهرا متطهرا ونظيفا, يقول r " من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيتٍ من بيوت الله, ليقضي فريضة من فرائض الله, كانت خطواته إحداهما تحطّ عنه خطيئة والأخرى ترفع درجة " .
ويقارب خُطاه، ولا يشبِّك أصابعَه، وإن سمع الإقامةَ لم يسعَ إليها، بل يأتيها بسكينة ووقار, يقول رسول الهدى r " إذا سمعتمُ الإقامةَ فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقارِ ولا تسرِعوا، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتَكم فأتمّوا " متفق عليه, ويستَحَبّ التبكير والتهجير إليها قال r " لو يعلَم الناسُ ما في النداءِ والصفِّ الأول, ثم لم يجِدوا إلا أن يستهِموا عليه لاستَهَموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتَمَة-صلاة العشاء- والصبح لأتوهما ولو حبوًا " متفق عليه, يقدِّم رجلَه اليمنى عند دخولِ المسجد، قائلا " بسم الله, والصلاة والسلام على رسول الله, اللّهمّ افتح لي أبوابَ رحمتك " ولا يجلِسُ حتى يصّلِيَ تحيّةَ المسجد ركعتين، فعن أبي قتادةَ t أنَّ رسولَ الله r قال " إذا دخل أحدُكم المسجدَ فليركع ركعتين قبل أن يجلِس " متفق عليه, وإذا خرَج قدم رجله اليسرى قائلا " بسم الله, والصلاة والسلام على رسول الله, اللّهمّ افتح لي أبواب فضلك " .
ومَن دَخَل يومَ الجمعة والإمامُ يخطُب, فلا يجلِس حتى يصّلِيَ ركعتين، يخفِّفهما ويتجوَّز فيهما، قال r " إذا جاء أحدكم يومَ الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتَين وليتجوَّز فيهما " أخرجه مسلم, وإذا أقيمَت الصّلاةُ فيحرُم على المصلّي أن يشرَعَ في نافلةٍ أو سنّة راتبة, لحديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله r " إذا أقِيمَت الصلاةُ فلا صلاةَ إلا المكتوبة " أخرجه مسلم, ثم إذا صلى السنة, جلس في مصلاه, ينتظر إقامة الصلاة, و" لا يزال أحدُكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلاَّ الصلاة " والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه, ما لم يحدث فيه, وما لم يؤذ فيه, تقول: اللهم اغفر له اللهم ارحمه .
ورعاية لحرمة بيوت الله, فإن المساجد تُصان حتى عن البيع والشراء فيها, وإنشادُ الضالة, يقول r " إذا رَأَيتم من يبيعُ أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربَحَ الله تجارتَك، وإذا رأيتم من ينشُد ضالّة فقولوا: لا ردَّ الله عَليك " أخرجه الترمذيّ, وممّا تُصان عنه المساجد, الخصومة ورفع الصوت, إما بالضحك والمزاح, أو بالخصومة والشجار, قال سعيد بن المسيّب رحمه الله تعالى " من جَلَس في المجلس فإنما يجالِس ربَّه، فما حقُّه أن يقولَ إلا خيرًا " ونهى عمر t عن اللغط في المسجد وقال: إن مسجدنا هذا لا ترفع فيه الأصوات, وإذا كان من المحظور رفع الصوت بكلام الله في المسجد، فكيف بمن يرفع صوْتَهُ فيها بجدل أو مشاجرة, فإن المساجد لم تبن لذلك, وإنما بنيت لذكر الله .
فعلى قاصِد المسجد أيضا أن لاَ يؤذِيَ إخوانه المصلّين, سواء بتخطِّي رقابهم ومضايَقَتهم ومزاحمَتِهم, ومحاولةِ اقتحام الصفّ عليهم مع تعذُّر ذلك بسبَبِ الضيق الشديد، أو بالتشويشِ عليهم بالجهر بالقراءةِ والدعاء, ومن التشويشِ والإيذاء الذي عمَّ وطمَّ في مساجدِ المسلمين, وقطَعَ عليهم خشوعَهم, ما يصدُر من أجهزةِ الجوّال اليومَ, من المقاطع الغنائيّة, والنغمات الموسيقيّة, التي آذت المسلمين إيذاء شديدا، فعَلى كل مسلم يخشى ربَّه, ويخاف عقوبتَه, أن لا يدنِّسَ بيوتَ الله التي بُنيَت للذكرِ والصلاة وقراءةِ القرآن, بهذه النَّغَمات المحرمة والأجراس الشيطانيّة، وعليه أن يسارع في محوِها والتخلُّص من شرِّها وإثمها .
عباد الله: المسجد شعيرة من شعائر الله ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) فعظموا بيوت الله, وحافظوا عليها بعمارتها وصيانتها ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ ) .
جعلني الله وإيّاكم من الهداة المهتدين المتَّبعين لسنّة سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمينَ من كلّ ذنب وخطيئَة، فاستغفِروه إنه كان للأوّابين غفورًا .
الحمدلله على إحسانه ...
عباد الله: وممّا تُصان عنه المساجد, العبث بمحتوياتها, بل الواجب المحافظة على فرشها وتكييفها وإنارتها وجدرانها وأبوابها, وخصوصا من الصبيان الذين يعبثون بالمصاحف والمرافق, فتراهم يلعبون ويلهون أثناء الصلاة, فلا بد من كفهم ومنعهم من ذلك, والمسؤولية ملقاة على الآباء ثم على الجميع .
ثم اعلموا أنما شُرِعت الجماعة في المسجد لمقاصِدَ عظمى، منها التعارف والتآلف والتعاوُن والتكاتُف، فتصافَحوا وتَسَامحوا وخُذوا بأيدي بعضكم، وطهِّروا قلوبَكم مِن الأحقاد والضغَائِن، واستبدلوا القطيعةَ والجفاء بالصِّلة والمحبة والصَّفاء، وأدّوا حقوق بعضكم على بعض، وليعطِف غنيُّكم على فقيركم, وقوِيّكم على ضعيفِكم، وكونوا عباد الله إخوانًا .
ثم صلّوا وسلِّموا.....
المساجد بيوت الله
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله, ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله )
عباد الله: المساجِدُ بيوتُ الله، بُنِيت جُدرانها ورفِعَت قواعدها على اسمه وحدَه لا شريك له، يُعبَد فيها ويوحَّد، ويعظم فيها ويمجَّد، ويركَعُ له فيها ويُسجَد ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) فيها يذكر اسم الله، ومنها ينادى إلى الصلاة, وفيها تحيا القلوب وتسجد الجباه, أذِنَ الله تعالى برَفعِها وعِمارتها، وأمَرَ ببنائها وصِيانَتِها ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) بِناؤها من أعظم القُرَب لمن أخلص لله واحتَسَب، فعَن عثمانَ t قال: سمعتُ رسولَ الله r يقول " مَن بَنَى لله مَسجدًا يَبتغِي به وجهَ الله بَنى الله له بيتًا في الجنة " متفق عليه .
عباد الله: وقد أمَرَ الشرع الكريم بتطهِير المساجد, وتنظيفِها وتطيِيبِها، فعن عائشةَ t قالت: أمَرَ رسول الله r ببناء المساجِدِ في الدور -يعني في القبائل- وأن تُنَظَّف وتُطَيَّب . رواه أحمد وامرأة سوداء كان تقم المسجد فماتت, فسأل النبي r عنها فقالوا ماتت, فقال " أفلا كنتم آذنتموني بها دلوني على قبرها " فأتى قبرها فصلى عليها, والمساجد هِي أحبُّ البقاع إلى الله, فعن أبي هريرة t أنَّ رسولَ الله r قال " أحَب البلاد إلى الله تعالى مساجدُها، وأبغَضُ البلاد إلى الله أسواقُها " أخرجه مسلم ولِعظيمِ فضلها وشريفِ مكانتها, شُرِع لقاصد المسجد آدابا وسنَنا وأحكاما, يحسُن التنبيهُ عليها .
فيُستَحَبُّ لقاصِدِ المسجد أن يتجمَّل لصلاتِه بما يستطيع من ثيابِه وطيبِه وسِواكه، قال جل في علاه ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) كما عليه اجتناب الروائحِ الكريهة في ملبسِه ومأكله، فلا يؤذِي إخوانه المصلين برائحة فمِه وعرقه، فعن جابر t أنَّ رسول الله r قال " مَن أكَلَ البصلَ والثومَ والكرّاث, فلا يقربنَّ مسجدنا؛ فإنَّ الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم " وفي رواية " مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ قَالَ: فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ " فعلى قاصد بيت الله, أن يخرج من بيته طاهرا متطهرا ونظيفا, يقول r " من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيتٍ من بيوت الله, ليقضي فريضة من فرائض الله, كانت خطواته إحداهما تحطّ عنه خطيئة والأخرى ترفع درجة " .
ويقارب خُطاه، ولا يشبِّك أصابعَه، وإن سمع الإقامةَ لم يسعَ إليها، بل يأتيها بسكينة ووقار, يقول رسول الهدى r " إذا سمعتمُ الإقامةَ فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقارِ ولا تسرِعوا، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتَكم فأتمّوا " متفق عليه, ويستَحَبّ التبكير والتهجير إليها قال r " لو يعلَم الناسُ ما في النداءِ والصفِّ الأول, ثم لم يجِدوا إلا أن يستهِموا عليه لاستَهَموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتَمَة-صلاة العشاء- والصبح لأتوهما ولو حبوًا " متفق عليه, يقدِّم رجلَه اليمنى عند دخولِ المسجد، قائلا " بسم الله, والصلاة والسلام على رسول الله, اللّهمّ افتح لي أبوابَ رحمتك " ولا يجلِسُ حتى يصّلِيَ تحيّةَ المسجد ركعتين، فعن أبي قتادةَ t أنَّ رسولَ الله r قال " إذا دخل أحدُكم المسجدَ فليركع ركعتين قبل أن يجلِس " متفق عليه, وإذا خرَج قدم رجله اليسرى قائلا " بسم الله, والصلاة والسلام على رسول الله, اللّهمّ افتح لي أبواب فضلك " .
ومَن دَخَل يومَ الجمعة والإمامُ يخطُب, فلا يجلِس حتى يصّلِيَ ركعتين، يخفِّفهما ويتجوَّز فيهما، قال r " إذا جاء أحدكم يومَ الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتَين وليتجوَّز فيهما " أخرجه مسلم, وإذا أقيمَت الصّلاةُ فيحرُم على المصلّي أن يشرَعَ في نافلةٍ أو سنّة راتبة, لحديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله r " إذا أقِيمَت الصلاةُ فلا صلاةَ إلا المكتوبة " أخرجه مسلم, ثم إذا صلى السنة, جلس في مصلاه, ينتظر إقامة الصلاة, و" لا يزال أحدُكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلاَّ الصلاة " والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه, ما لم يحدث فيه, وما لم يؤذ فيه, تقول: اللهم اغفر له اللهم ارحمه .
ورعاية لحرمة بيوت الله, فإن المساجد تُصان حتى عن البيع والشراء فيها, وإنشادُ الضالة, يقول r " إذا رَأَيتم من يبيعُ أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربَحَ الله تجارتَك، وإذا رأيتم من ينشُد ضالّة فقولوا: لا ردَّ الله عَليك " أخرجه الترمذيّ, وممّا تُصان عنه المساجد, الخصومة ورفع الصوت, إما بالضحك والمزاح, أو بالخصومة والشجار, قال سعيد بن المسيّب رحمه الله تعالى " من جَلَس في المجلس فإنما يجالِس ربَّه، فما حقُّه أن يقولَ إلا خيرًا " ونهى عمر t عن اللغط في المسجد وقال: إن مسجدنا هذا لا ترفع فيه الأصوات, وإذا كان من المحظور رفع الصوت بكلام الله في المسجد، فكيف بمن يرفع صوْتَهُ فيها بجدل أو مشاجرة, فإن المساجد لم تبن لذلك, وإنما بنيت لذكر الله .
فعلى قاصِد المسجد أيضا أن لاَ يؤذِيَ إخوانه المصلّين, سواء بتخطِّي رقابهم ومضايَقَتهم ومزاحمَتِهم, ومحاولةِ اقتحام الصفّ عليهم مع تعذُّر ذلك بسبَبِ الضيق الشديد، أو بالتشويشِ عليهم بالجهر بالقراءةِ والدعاء, ومن التشويشِ والإيذاء الذي عمَّ وطمَّ في مساجدِ المسلمين, وقطَعَ عليهم خشوعَهم, ما يصدُر من أجهزةِ الجوّال اليومَ, من المقاطع الغنائيّة, والنغمات الموسيقيّة, التي آذت المسلمين إيذاء شديدا، فعَلى كل مسلم يخشى ربَّه, ويخاف عقوبتَه, أن لا يدنِّسَ بيوتَ الله التي بُنيَت للذكرِ والصلاة وقراءةِ القرآن, بهذه النَّغَمات المحرمة والأجراس الشيطانيّة، وعليه أن يسارع في محوِها والتخلُّص من شرِّها وإثمها .
عباد الله: المسجد شعيرة من شعائر الله ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) فعظموا بيوت الله, وحافظوا عليها بعمارتها وصيانتها ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ ) .
جعلني الله وإيّاكم من الهداة المهتدين المتَّبعين لسنّة سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمينَ من كلّ ذنب وخطيئَة، فاستغفِروه إنه كان للأوّابين غفورًا .
الحمدلله على إحسانه ...
عباد الله: وممّا تُصان عنه المساجد, العبث بمحتوياتها, بل الواجب المحافظة على فرشها وتكييفها وإنارتها وجدرانها وأبوابها, وخصوصا من الصبيان الذين يعبثون بالمصاحف والمرافق, فتراهم يلعبون ويلهون أثناء الصلاة, فلا بد من كفهم ومنعهم من ذلك, والمسؤولية ملقاة على الآباء ثم على الجميع .
ثم اعلموا أنما شُرِعت الجماعة في المسجد لمقاصِدَ عظمى، منها التعارف والتآلف والتعاوُن والتكاتُف، فتصافَحوا وتَسَامحوا وخُذوا بأيدي بعضكم، وطهِّروا قلوبَكم مِن الأحقاد والضغَائِن، واستبدلوا القطيعةَ والجفاء بالصِّلة والمحبة والصَّفاء، وأدّوا حقوق بعضكم على بعض، وليعطِف غنيُّكم على فقيركم, وقوِيّكم على ضعيفِكم، وكونوا عباد الله إخوانًا .
ثم صلّوا وسلِّموا.....