المراقبة سمة المحسنين

محجوب كوري
1446/03/10 - 2024/09/13 13:51PM

بسم الله الرحمن الرحيم

 خطبه المراقبه

 الحمد لله الرحيم التواب ,الحمد لله الغفور الوهاب ,الحمد لله الذي يكشف عن عباده المصاب ,الحمد لله فارج الهم وكاشف الغم فما سأله سائل فخاب ,يسمع جهر القول وخفي الخطاب ,أخذ بنواصي جميع الدواب ,فسبحانه من أله عظيم ,لا يماثل ولا يضاها ولا يرام له جناب ,وأشهد ألا اله الا الله وحده لا شريك له ,جل عن الشريك والند والكفء والنظير ,وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه ,أرسله ربه رحمةً للعالمين ,وحجةً على العباد أجمعين ,هدى به من الضلاله ,وبصر به من الجهاله ,وكثر به بعد القله ,وأغنى به بعد العيله ,فتح به أعينا عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وعلى من استن بسنته الى يوم الدين …

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )

 أما بعد عباد الله…

-فإن مراقبة الله في السر والعلن من أعظم منازل السائرين ,وأجل درجات السالكين ,بها يتم إيمان العبد حيث لا يصل إلى مقام الإحسان إلا بها وهو أكمل مقامات العابدين ,جعله النبي صلى الله عليه وسلم أعلى مراتب الدين ,لما سأله جبريل الأمين عليه السلام : (ما الإحسان؟) قال صلى الله عليه وسلم : (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ),وآيات القرآن ناطقةٌ بعظم هذه المنزلةِ وعلوِّ شأنها ,قال تعالى : (إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء) ,وقال سبحانه :(واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) ,وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم عظيم منزلة من اتصف بالإحسان ,فقال عليه الصلاة والسلام : (سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ,الإمام العادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ورجل دعته امرأةٌ ذات منصب وجمال ,فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة أخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).

-فمن علم أن الله تعالى يراه في كل أحواله مطلعٌ عليه شاهدٌ على باطنه وظاهره أورثه ذلك ثماراً عظيمةً منها :

- التأدب مع الله سبحانه ومنها دخول الجنة قال تعالى (ولمن خاف مقام ربه جنتان) وقال تعالى (وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد . هذا ما توعدون لكل أواب . حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب . ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود . لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) ومنها السعادة والانشراح وقرة العين قال شيخ الإسلام رحمه الله إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنه الاخره ومنها تعظيم الجزاء على الأعمال قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي :(كل عمل ابن آدم له الا الصيام فانه لي وأنا أجزي به )

-ومنها صحة الفراسة ,قال شاه ابن شجاع الكرماني :(من عمّر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة وكف نفسه عن الشهوات وغض بصره عن المحارم واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة )

-ومنها حفظ الأنفاس والأوقات , قال الحسن رحمه الله تعالى :( ابن ادم انما انت ايام كلما ذهب يومك ذهب بعضك )

 قلت ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم 

الخطبة الثانية

 الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين…

 أيها المؤمنون…

 -من اراد ان يكون من اهل منزله الاحسان اهل المراقبه ,فليستحضر معاني اسماء الله الحسنى ,منها :اسم الله (الرقيب)أي الحافظ الذي لا يغيب عما حفظه ,قال تعالى :(ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد) ومنها (الشهيد) من الشهود وهو الحضور ,فهو سبحانه مطلع عليه قال تعالى (وما تكون في شأن وماتتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرةٍ في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين) ,ومنها اسم الله (الحفيظ) الذي يحفظ اعمال عباده ويحفظهم ,واسم الله (المحيط) الذي احاط بكل شيء علما ,واسم الله العليم (الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) ,ومعنى (الخبير) العليم ببواطن الامور ومعنى (اللطيف) العليم بدقائق الامور ,واسم الله (المهيمن) و(القريب) و(السميع) و(البصير) وغيرها من الاسماء الحسنى وخير معين واعظم سبب هوقراءة القران الكريم بالتدبر.

- قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى :(ما تكلمت كلمةً ولا فعلت فعلاً الا واعددت له جوابا بين يدي الله تعالى).

- وقال زيد بن اسلم رحمه الله تعالى :مرَّ ابنُ عمر رضي الله عنهما لراعي غنم فقال :يا راعي الغنم هل من جزرةٍ؟ ,قال الراعي :ليس ها هنا ربُّها ,فقال ابن عمر :تقول اكلها الذئب ,فرفع الراعي رأسه الى السماء ,ثم قال: فأين الله؟ فأعجب به ابن عمر ,فاشترى الراعي واشترى الغنم وأعتق الراعي وأعطاه الغنم .

اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما اعطيت وقنا واصرف عنا برحمتك شر ما قضيت فانك تقضي ولا يقضى عليك انه لا يغز من عاديت ولا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت

 اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد

المشاهدات 226 | التعليقات 0