المرأة والمنافقون
الشيخ ابراهيم الغنام
1438/07/10 - 2017/04/07 18:43PM
الخطبة الأولى : ( المرأة و المنافقون ) 10 / 7 / 1438 ه
الحمد لله الملك الوهاب .. بعث رسله بالبينات .. وأيدهم بالآيات .. وأحلَّ بأعدائه المثلات .. نحمده على عطائه و إحسانه .. ونشكره على رزقه ومعافاته .. فكم من خير منحه .. وكم من شرٍ صرفه .. وله فينا ألطاف .. وفي أعطاف الألطاف ألطاف .. فله الحمدُ دائمًا و أبدًا .. وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. من أعرض عن ذكره شقي .. ومن عادى له وليًا آذنه بالحرب .. وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبده ورسوله .. أوذي في الله فصبر .. وما لان عن دعوته وما فتر .. صَلَّى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين .. أما بعد ؛؛
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه .. وتَزودوا من دار الفناء لدار البقاء .. : ( واتقوا يوماً تُرجعون فيه إلى الله ثم توفى كُلُّ نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )
أيها المُسلمون : في بعض النفوس البشرية طُغيانٌ .. يصدها عن الحق .. ويؤدي بها إلى العلو على الخلق .. !! .. ومن الناس من يصد عن سبيل الله ما أمكنه ولو أنْ ينفق من ماله ويبذل من وقته !!
ولا يَسلمُ مِنْ جَهْل نفسه وظُلمِها وطُغيانِها .. إلا من هذبها بالإيمان و العمل الصالح .. وقهرها على الإذعان للشرع .. و الاستسلام للحق : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ) ..
ومن أكثر الناس صُدودًا عن الحق .. وعُلوًا على الخلق .. وقَهرًا للناس على رؤاهم الضيقة .. ومناهجهم المنحرفة : أهلُ النفاقِ و أربابُ الشهوات : ( وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ) ..
أفلا ترون إلى حثيثِ سَعيهم في صَدِ الناس عن دين الله و فتنتهم عنه .. خُصوصاً ما يتعلق بالمرأة .. ومما قرأنا في السيرة و التأريخ .. دورُ المُنافقين في حادثة الإفك وكيف تولوا كِبْرَ إشاعتِها .. وما ذاك إلا لأن صورة الفساد للمرأة في المُجتمع .. توافقُ فسادَ قلوبهم .. وهؤلاء هم المُنافقون .. دَوماً هم من يتولى قضايا إفساد المرأة بشكلٍ خفيٍ أو علني .. و لابد أن يتظاهروا بالنُصح والإصلاح .. لنشر باطلهم .. ويتشبثوا بالعقل والحكمة .. لبث سمومهم !!
يُريدون جَرَ المرأة باسم ( حُريتها ) إلى إفسادها .. و يريدون التسويغ لاختلاط الرجال بالنساء .. حتى ولو تواترتِ الدراساتُ و البحوثُ و الإحصائيات .. التي تثبت الآثار السيئة للاختلاط .. و ( يحهم ) !! ألا يرون .. كيف تعالت أصوات الشرق و الغرب التي تُنادي بمنع الاختلاط .. والتي تُنادي بمنحِ الطالبات والموظفات حقهن في الخصوصية .. وقطع دابر التحرش .. بالحيلولة دون وصول الرجال إليهن ..
يُريد المنافقون إخراجَ الحرائرِ العفيفات باسم الحرية و المساواة .. من خِدرهن إلى حيثُ يتلاعبُ الرجالُ بهن .. إنهم يُريدون نشرَ انحرافِهم وفسادِهم على الناس ولو بقهرهم عليه .. وفرضه واقعًا لا مناص منه .. وتسويغه بحُججٍ هي أوهى من بيت العنكبوت .. واستعملوا في سبيلِ ترويج ذلك مَنْ باعوا ذممهم بثمنٍ بخسٍ .. واشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلاً .. ممن يُريدون لَعاعةً من الدُنيا ولو ببيع دينهم .. ممن يظهرون في بعض القنوات أو يستترون خلفَ جدارها .. نعوذ بالله من الزيغ والضلال .. وكنا نقرأ عبر نصوص الوحي .. كيف يتخلى المُنافق عن دينه ومبدأه .. لأجل طعم الدنيا وشهوتها .. وإذ بنا نرى الأمر واقعاً .. لنعلم أن نصوص الوحي .. لم تتنزل إلا لتكون شاهدةً على كل زمان و مكان !! ..
وفرعون لما جاء بالسحرة وعدهم بالزُلفى لديه .. والقربِ منه .. مع أجرهم الذي يأخذونه على سحرِهم للبس الحق بالباطل : ( وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المُقَرَّبِينَ ) .. وهو عينُ ما يفعلُه أهل التغريب والفساد .. و المُشرعون لمُقدِمات الفواحشِ .. حين يَفتحون أعمدة الإعلام .. ويطلقون قنوات الفضاء .. لمن يؤيد باطلهم .. ويُلبِسُ على الناسِ أمرَ دِينهم .. ويفسدُ أخلاقَهم وقيَمَهُم .. ويُمّردُ عليهم نساءَهم وبناتِهم ..
وهؤلاء المَأجورون .. الذين دُفعت لهم فاتورةُ التلاعبِ بدينِ الله تعالى .. وتَبديلِ أحكامِه .. و تسويغِ التغريبِ و الفساد .. يَعمِدُون ـــ أحياناً ـــ إلى المتشابهِ من النصوص فيضربونَ به المُحكم .. لإقناع الناس بباطلهم .. وجرهم إلى إثمهم .. إرضاءً لبشرٍ مثلهم .. وإسخاطًا لربهم - : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ) .. تقول عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : "فإذا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ما تَشَابَهَ منه فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى الله فَاحْذَرُوهُمْ " متفق عليه.
إن استكبار هؤلاء عن الحق .. وطُغيانهم على الخلق .. ليس أمرًا جديدًا .. فقد قال الله تعالى من قبل في المنافقين : ( اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) .. قال مجاهد -رحمه الله تعالى : "زادهم الله تعالى ضلالةً إلى ضلالتهم .. وعَمىً إلى عماهم " ..
وسببُ ذلكَ ما امتلأت به قلوبُهم من الاستكبار .. وما انعقدتْ عليه أنفسهم من الصدود .. فلا يَعون آياتِ اللهِ تَعالى وهي تُتلى عليهم .. ولا يَتدبرون سننه في غيرهم .. ولا يدركون الواقع كما هو .. يُجادلون في دين الله تعالى بلا علم و لا تحرٍّ للحق .. إنْ يُريدون إلا فرض باطلهم .. ولو بتحريف الدين ولبس الحق بالباطل : ( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ الله بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِالله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) .. وتأمل جُلَّ الآيات التي جَاءت عنهم .. تجد أنها تدور حول مافي قلوبهم وصدورهم من المرض والشُبَه .. وأنَّ ذلك .. هو الذي جَرَأَهم لشرعنةِ الفساد أو الدعوة إليه ..
إنهم قومٌ مَصروفون عن الحق .. مَهووسونَ بالباطل .. يَتركونَ ما به عافيتُهم .. ويسارعون إلى ما فيه هلاكُهم .. وليس قولٌ أبلغُ من قولِ الحَقِ جل في عُلاه : ( سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ) .. فهم إن دُعوا إلى سبيل الحق رفضوه .. ولكنهم يركضون نحو الغي ليكونَ لهم سبيلا .. نعوذ بالله تعالى من انتكاس القلوب والفطر .. وفساد العقول و الرأي ..
وحين يُذكَّرون بآيات الله تعالى .. ويخوَّفون بما وقع للأمم السابقة .. وللدول الحاضرة .. من الفتن والاضطراب واختلافِ القلوب .. لا يزيدهم هذا التذكير إلا طُغيانًا وتَمردًا على الله تعالى .. ورفضًا لشريعته .. وإصرارًا على باطلهم .. كما قال الله تعالى عنهم : ( وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ) ..
فماذا هم يريدون من المرأة ــ حين يَضعون لها .. هذه الصرخاتِ والدعواتِ والصيحات ــ
فمرةً هم يريدون منها أن تكون حُرةً : ( أي مُتمردة ) .. ومن قبل دَعوا لإسقاط الوَلاية عنها .. وثالثةً يزعمون أنها مُعطلةً .. ولابد من إخراجها من بيتها وبعثها من جديد ..
ونحمد الله أن جعل هذا المجتمع طيباً مُتديناً بأصل فطرته .. فرفض هذه الطريقة و مج أهلها ومن دعا لها !!
فتحمدُ لهذا المجتمعِ الأصيلِ غيرتَه !! .. وتحمدُ للنساءِ الكَريماتِ الشَريفاتِ .. عِفتَهن وحياءَهن ..
إنَّ المنافقين لم يتحدثوا عن حُقوق المُطلقات ولا المُعلقات .. ولم يتحدثوا عن الأراملَ و لا المعنفات .. ولا الأمهاتِ و برهن .. ولا الزوجات وحُبهن والعدلِ مَعهن .. ولا البنات والرفقِ بهن ورحمتِهن ..
فعَجباً من أولئك .. ألا يَرضىون .. بكتاب الله تعالى حَكماً بيننا وبينهم .. فإنْ قالوا : لا نرضى بكتاب الله .. فقد خرجوا من الملة .. وكفروا بالله العظيم : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) !! .. وإن قالوا نرضى بكتاب الله .. فأسمعهم كلام الله فربما أنهم لأول مرةٍ يَسمعوه .. أسمعهم قول الله تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك و بناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جَلابيبهن ــــ لماذا ــــ ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ) .. و قول الحق تبارك وتعالى : ( وقل للمؤمنات يغضض من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر منها ـــ يعني مما لايمكن إخفاؤه من العباءة الظاهرة ونحوها و لذلك قال بعد ذلك مباشرة ـــ وليضربن بِخُمرهن على جُيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن .. ) .. إلى آخر ما قال ربنا .. وقال الله في قصة موسى مع المرأتين : ( فجاءته إحداهما تمشي على استحيا قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا .. ) .. إنَّ هذا الحياء من المرأة و الذي ذكره الله في سورة القَصص .. والخمار الذي ذكره الله في سورة النور .. والجلابيب التي ذكرها الله في سورة الأحزاب .. يريد المنافقون طمسها وإخفائها من المصحف .. فهم لا يرغبون بسماعها إلا على وجه التغيير والتحريف .. لأنهم يريدون نزع الجلباب و ونزع الخمار .. لِيغطوا به حياء المرأة .. لتبقى المُسلماتُ بلا حياء .. والحياء كما يقول ابن القيم رحمه الله : ( هو مادة حياة القلب ) .. فهو أصلُ كُلِّ خير .. وذهابُه ذهابُ كُلِّ خير .. فهم يُريدون أن تَبقى المرأة بلا حياء .. لتكون كلأً مُباحاً لأربابِ الشهوات .. ينظرون إليها متى شاءوا .. ويتحدثون معها كيف شاءوا .. لتتحول المرأة من أمٍ مَهيبة حاضنة .. و زوجة غاليةٍ حانية .. إلى امرأةٍ مُتمردة على زوجها وأبيها .. ومُجتمعها ودينها .. تفعل ما يحلو لها مما تُمليه عليه شهواتها .. أو ما يُمليه عليها أرباب النزوات .. أولئك الذين يتبعون الشهوات ليميل المُجتمع مَيلاً عظيماً .. وهل بعد أنْ يميل الحائطُ إلا السقوط !!
و علينا أن نُدرك أنَّ لكل زمنٍ منافقوه .. جادتهم في نشر باطلهم جادة فرعون .. وطريقتهم في تسويغ منكراتهم طريقة المنافقين .. ومنهجهم في الكذب على المصلحين هو المنهجُ الأبشع ..
: ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الفَسَادَ ) .. قلبٌ للحقائق .. وظُهورٌ للمفسدِ بوجهِ الناصحِ .. تَماماً كما يفعلُ دُعاةُ التغريبِ وإخراجِ المرأة في هذا الزمن .. عبر قنواتهم ووسائل إعلامهم .. قالوا : ( كوني حرةً ) .. قلنا : هي أَمةٌ لرب البيت علام الغيوب .. قالوا : ( كُوني حُرةً ) .. قلنا : هي درةٌ لكنكم .. قومٌ تدسون الخراب .. وتنشرون الخنا عبر الثقوب !!
مررتُ على الحرائر وهي تشكي فقلتُ لها و ما تبكي الفتاة !
أجابتني بنظراتٍ طِوالٍ وبعض الرد أبلغُه السُكاتُ !
وما لي لستُ أبكي إنَّ حَقي شريفٌ أفسدت فيه القناةُ !
وما لخواطري إلا بكاءٌ عسى قلبي يُجملِّه الثبات
اللهم ثبت نساء المؤمنين على الحق .. واصرف عنهن كيد الكائدين و خيانة المنافقين .. اللهم و بارك لنا في كِتابك وسنة نبيك .. قلتُ ماقد سمعتم وأستغفر الله لي ولكم إن ربي غفور رحيم ..
الخطبة الثانية :
الحمدُ لله الذي هَدانا للإسلامِ وأكملَ لنا بُنيانَه .. وفضَّلَ ديننا على سائرِ الأديانِ وجعلَ للشرف و العفة عنوانَه .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكريمُ المنان .. أثنى على أحبَّتِه من المؤمنين بقوله : ( يحبهم ويحبونه ) .. وأشهد أنَّ مُحمدًا خليلُ الرحمن .. ورسولُه إلى الإنسِ والجَان .. صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليه .. وعلى آله وأزواجِه أُمهاتِ المُؤمنين .. وصحابتِه الغُرِّ المَيامين .. أما بعد ؛؛
أيها المُسلمون : لازال التغريبيون يَنصبون المشانق لجر المجتمع إلى الانفلات .. وهم بعد أن كانوا يسيرون في الدرج .. عَتبةً عتبة .. بَدأوا بتسريع الخُطا عتبتين أو ثلاث .. وليت أنهم يصعدون الدرج في الفضائل و الكمالات .. ولكنهم يَهبطون إلى الأسافل و الرذيلات ..
لقد أعطوا المرأة المسكينة ما لا تُريد !! وسلبوها ما تريد !! .. آلاف القضايا العادلة للمرأة مُهملة !! .. فلماذا لا تظهر من بين الثنايا .. إلا أنياب الذئاب ..
هلا تساءلتم .. لماذا هم يُصرون على إخراجِها من بيتها ؟؟
أليس كلُّ عُقلاء الأرض .. يتفقون على شريفِ مِهنةِ المرأة في بيتها .. وكبير إنجازها مع أولادها وزوجها ؟! ..
أعيدوا إلى البيتِ الحَزينِ سُرورَه ولا تَسلبوا قلبَ الحياةِ سُرورا
أميرةُ بيتِ الطُهر أم ٌكريمةٌ تُعدُّ لنا جِيلاً يَصدُّ شُرورا
فلا تَطحنوها في رحى الوهم والهوى وطاحونِ أعمالٍ تُميتُ شعورا
يقول ابن مسعود : ( ما تقرَّبت امرأةٌ إلى ربها بأعظمَ من قُعودها في بيتها ) ..
نقول ذلك لأنه الحق .. وإن لم يرغب في ذلك رجالٌ و نساء ؟
فماذا تُريدُ المرأةُ .. وينبغي لها أن تريد ؟
تريدُ المرأة : احتراماً لقضاياها الأصيلة لا الهامشية .. تريدُ المرأة أن لا يُسطِّحَ ــ المُجتمع ــ مُرادها ومطالبها !!
تريد المرأة : أن تتفيأ ظل حقوقها !! .. فالمرأة أعظم عاملة في العُرفِ الشرعي والاجتماعي .. فأنيلوها حقها من المال و الكرامة !! .. ولا تَبخسوها أو تُماطلوها !!
تريد المرأة : مشروعاتٍ تليق بها كأُنثى .. تحتفي بكرامتها وتحتفظ بخُصويتها !! .. لا محاضن يقتاتُ فيها المتحرشون ! .. أو يتطاول فيها المُغرضون !!
تريد المرأة : أنْ يَلتفتَ المُجتمعُ لقضايا : العُنوسةِ و الطَلاقِ و العَضل .. وإعدادِ الزوج الكفء .. الذي يُساهم معها في ردم مشاكلها !! .. واستنبات صلاح ذُريتها !!
تريدُ المرأة : إعزازاً حقيقياً .. لا مِسخاً مُشوهاً !! .. تريد المرأة خَوفاً عليها .. لا خوفاً مُراوغاً يبتغي استمالتها للنيل من شرفها و عفافها .. تُريد المرأة شفقةً .. ورحمةً .. وحَناناً !! .. يرتشف من فَمِ الوحي عُنونَه : " إني أحرجُ فيكم حَقَّ الضعيفين : اليتيم و المرأة " .. ومن حقها أن نَحوطَها بالحماية .. ونغمرها بالرحمة !!
اللهم اغفر للمسلمين والمُسلمات والمؤمنين والمؤمنات .. الأحياء منهم والأموات ..
اللهم اجز عنا خير الجزاءِ الأمهاتُ والبنات .. والزوجاتُ والأخوات .. اللهم من أرادنا أو أراد بلادنا بسوء وفسادٍ وفتنة .. اللهم فاهتك أستاره و شُلَّ أركانه .. وأظهر زيفه وعواره ..
الحمد لله الملك الوهاب .. بعث رسله بالبينات .. وأيدهم بالآيات .. وأحلَّ بأعدائه المثلات .. نحمده على عطائه و إحسانه .. ونشكره على رزقه ومعافاته .. فكم من خير منحه .. وكم من شرٍ صرفه .. وله فينا ألطاف .. وفي أعطاف الألطاف ألطاف .. فله الحمدُ دائمًا و أبدًا .. وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. من أعرض عن ذكره شقي .. ومن عادى له وليًا آذنه بالحرب .. وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبده ورسوله .. أوذي في الله فصبر .. وما لان عن دعوته وما فتر .. صَلَّى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين .. أما بعد ؛؛
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه .. وتَزودوا من دار الفناء لدار البقاء .. : ( واتقوا يوماً تُرجعون فيه إلى الله ثم توفى كُلُّ نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )
أيها المُسلمون : في بعض النفوس البشرية طُغيانٌ .. يصدها عن الحق .. ويؤدي بها إلى العلو على الخلق .. !! .. ومن الناس من يصد عن سبيل الله ما أمكنه ولو أنْ ينفق من ماله ويبذل من وقته !!
ولا يَسلمُ مِنْ جَهْل نفسه وظُلمِها وطُغيانِها .. إلا من هذبها بالإيمان و العمل الصالح .. وقهرها على الإذعان للشرع .. و الاستسلام للحق : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ) ..
ومن أكثر الناس صُدودًا عن الحق .. وعُلوًا على الخلق .. وقَهرًا للناس على رؤاهم الضيقة .. ومناهجهم المنحرفة : أهلُ النفاقِ و أربابُ الشهوات : ( وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ) ..
أفلا ترون إلى حثيثِ سَعيهم في صَدِ الناس عن دين الله و فتنتهم عنه .. خُصوصاً ما يتعلق بالمرأة .. ومما قرأنا في السيرة و التأريخ .. دورُ المُنافقين في حادثة الإفك وكيف تولوا كِبْرَ إشاعتِها .. وما ذاك إلا لأن صورة الفساد للمرأة في المُجتمع .. توافقُ فسادَ قلوبهم .. وهؤلاء هم المُنافقون .. دَوماً هم من يتولى قضايا إفساد المرأة بشكلٍ خفيٍ أو علني .. و لابد أن يتظاهروا بالنُصح والإصلاح .. لنشر باطلهم .. ويتشبثوا بالعقل والحكمة .. لبث سمومهم !!
يُريدون جَرَ المرأة باسم ( حُريتها ) إلى إفسادها .. و يريدون التسويغ لاختلاط الرجال بالنساء .. حتى ولو تواترتِ الدراساتُ و البحوثُ و الإحصائيات .. التي تثبت الآثار السيئة للاختلاط .. و ( يحهم ) !! ألا يرون .. كيف تعالت أصوات الشرق و الغرب التي تُنادي بمنع الاختلاط .. والتي تُنادي بمنحِ الطالبات والموظفات حقهن في الخصوصية .. وقطع دابر التحرش .. بالحيلولة دون وصول الرجال إليهن ..
يُريد المنافقون إخراجَ الحرائرِ العفيفات باسم الحرية و المساواة .. من خِدرهن إلى حيثُ يتلاعبُ الرجالُ بهن .. إنهم يُريدون نشرَ انحرافِهم وفسادِهم على الناس ولو بقهرهم عليه .. وفرضه واقعًا لا مناص منه .. وتسويغه بحُججٍ هي أوهى من بيت العنكبوت .. واستعملوا في سبيلِ ترويج ذلك مَنْ باعوا ذممهم بثمنٍ بخسٍ .. واشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلاً .. ممن يُريدون لَعاعةً من الدُنيا ولو ببيع دينهم .. ممن يظهرون في بعض القنوات أو يستترون خلفَ جدارها .. نعوذ بالله من الزيغ والضلال .. وكنا نقرأ عبر نصوص الوحي .. كيف يتخلى المُنافق عن دينه ومبدأه .. لأجل طعم الدنيا وشهوتها .. وإذ بنا نرى الأمر واقعاً .. لنعلم أن نصوص الوحي .. لم تتنزل إلا لتكون شاهدةً على كل زمان و مكان !! ..
وفرعون لما جاء بالسحرة وعدهم بالزُلفى لديه .. والقربِ منه .. مع أجرهم الذي يأخذونه على سحرِهم للبس الحق بالباطل : ( وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المُقَرَّبِينَ ) .. وهو عينُ ما يفعلُه أهل التغريب والفساد .. و المُشرعون لمُقدِمات الفواحشِ .. حين يَفتحون أعمدة الإعلام .. ويطلقون قنوات الفضاء .. لمن يؤيد باطلهم .. ويُلبِسُ على الناسِ أمرَ دِينهم .. ويفسدُ أخلاقَهم وقيَمَهُم .. ويُمّردُ عليهم نساءَهم وبناتِهم ..
وهؤلاء المَأجورون .. الذين دُفعت لهم فاتورةُ التلاعبِ بدينِ الله تعالى .. وتَبديلِ أحكامِه .. و تسويغِ التغريبِ و الفساد .. يَعمِدُون ـــ أحياناً ـــ إلى المتشابهِ من النصوص فيضربونَ به المُحكم .. لإقناع الناس بباطلهم .. وجرهم إلى إثمهم .. إرضاءً لبشرٍ مثلهم .. وإسخاطًا لربهم - : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ) .. تقول عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : "فإذا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ما تَشَابَهَ منه فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى الله فَاحْذَرُوهُمْ " متفق عليه.
إن استكبار هؤلاء عن الحق .. وطُغيانهم على الخلق .. ليس أمرًا جديدًا .. فقد قال الله تعالى من قبل في المنافقين : ( اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) .. قال مجاهد -رحمه الله تعالى : "زادهم الله تعالى ضلالةً إلى ضلالتهم .. وعَمىً إلى عماهم " ..
وسببُ ذلكَ ما امتلأت به قلوبُهم من الاستكبار .. وما انعقدتْ عليه أنفسهم من الصدود .. فلا يَعون آياتِ اللهِ تَعالى وهي تُتلى عليهم .. ولا يَتدبرون سننه في غيرهم .. ولا يدركون الواقع كما هو .. يُجادلون في دين الله تعالى بلا علم و لا تحرٍّ للحق .. إنْ يُريدون إلا فرض باطلهم .. ولو بتحريف الدين ولبس الحق بالباطل : ( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ الله بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِالله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) .. وتأمل جُلَّ الآيات التي جَاءت عنهم .. تجد أنها تدور حول مافي قلوبهم وصدورهم من المرض والشُبَه .. وأنَّ ذلك .. هو الذي جَرَأَهم لشرعنةِ الفساد أو الدعوة إليه ..
إنهم قومٌ مَصروفون عن الحق .. مَهووسونَ بالباطل .. يَتركونَ ما به عافيتُهم .. ويسارعون إلى ما فيه هلاكُهم .. وليس قولٌ أبلغُ من قولِ الحَقِ جل في عُلاه : ( سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ) .. فهم إن دُعوا إلى سبيل الحق رفضوه .. ولكنهم يركضون نحو الغي ليكونَ لهم سبيلا .. نعوذ بالله تعالى من انتكاس القلوب والفطر .. وفساد العقول و الرأي ..
وحين يُذكَّرون بآيات الله تعالى .. ويخوَّفون بما وقع للأمم السابقة .. وللدول الحاضرة .. من الفتن والاضطراب واختلافِ القلوب .. لا يزيدهم هذا التذكير إلا طُغيانًا وتَمردًا على الله تعالى .. ورفضًا لشريعته .. وإصرارًا على باطلهم .. كما قال الله تعالى عنهم : ( وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ) ..
فماذا هم يريدون من المرأة ــ حين يَضعون لها .. هذه الصرخاتِ والدعواتِ والصيحات ــ
فمرةً هم يريدون منها أن تكون حُرةً : ( أي مُتمردة ) .. ومن قبل دَعوا لإسقاط الوَلاية عنها .. وثالثةً يزعمون أنها مُعطلةً .. ولابد من إخراجها من بيتها وبعثها من جديد ..
ونحمد الله أن جعل هذا المجتمع طيباً مُتديناً بأصل فطرته .. فرفض هذه الطريقة و مج أهلها ومن دعا لها !!
فتحمدُ لهذا المجتمعِ الأصيلِ غيرتَه !! .. وتحمدُ للنساءِ الكَريماتِ الشَريفاتِ .. عِفتَهن وحياءَهن ..
إنَّ المنافقين لم يتحدثوا عن حُقوق المُطلقات ولا المُعلقات .. ولم يتحدثوا عن الأراملَ و لا المعنفات .. ولا الأمهاتِ و برهن .. ولا الزوجات وحُبهن والعدلِ مَعهن .. ولا البنات والرفقِ بهن ورحمتِهن ..
فعَجباً من أولئك .. ألا يَرضىون .. بكتاب الله تعالى حَكماً بيننا وبينهم .. فإنْ قالوا : لا نرضى بكتاب الله .. فقد خرجوا من الملة .. وكفروا بالله العظيم : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) !! .. وإن قالوا نرضى بكتاب الله .. فأسمعهم كلام الله فربما أنهم لأول مرةٍ يَسمعوه .. أسمعهم قول الله تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك و بناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جَلابيبهن ــــ لماذا ــــ ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ) .. و قول الحق تبارك وتعالى : ( وقل للمؤمنات يغضض من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر منها ـــ يعني مما لايمكن إخفاؤه من العباءة الظاهرة ونحوها و لذلك قال بعد ذلك مباشرة ـــ وليضربن بِخُمرهن على جُيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن .. ) .. إلى آخر ما قال ربنا .. وقال الله في قصة موسى مع المرأتين : ( فجاءته إحداهما تمشي على استحيا قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا .. ) .. إنَّ هذا الحياء من المرأة و الذي ذكره الله في سورة القَصص .. والخمار الذي ذكره الله في سورة النور .. والجلابيب التي ذكرها الله في سورة الأحزاب .. يريد المنافقون طمسها وإخفائها من المصحف .. فهم لا يرغبون بسماعها إلا على وجه التغيير والتحريف .. لأنهم يريدون نزع الجلباب و ونزع الخمار .. لِيغطوا به حياء المرأة .. لتبقى المُسلماتُ بلا حياء .. والحياء كما يقول ابن القيم رحمه الله : ( هو مادة حياة القلب ) .. فهو أصلُ كُلِّ خير .. وذهابُه ذهابُ كُلِّ خير .. فهم يُريدون أن تَبقى المرأة بلا حياء .. لتكون كلأً مُباحاً لأربابِ الشهوات .. ينظرون إليها متى شاءوا .. ويتحدثون معها كيف شاءوا .. لتتحول المرأة من أمٍ مَهيبة حاضنة .. و زوجة غاليةٍ حانية .. إلى امرأةٍ مُتمردة على زوجها وأبيها .. ومُجتمعها ودينها .. تفعل ما يحلو لها مما تُمليه عليه شهواتها .. أو ما يُمليه عليها أرباب النزوات .. أولئك الذين يتبعون الشهوات ليميل المُجتمع مَيلاً عظيماً .. وهل بعد أنْ يميل الحائطُ إلا السقوط !!
و علينا أن نُدرك أنَّ لكل زمنٍ منافقوه .. جادتهم في نشر باطلهم جادة فرعون .. وطريقتهم في تسويغ منكراتهم طريقة المنافقين .. ومنهجهم في الكذب على المصلحين هو المنهجُ الأبشع ..
: ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الفَسَادَ ) .. قلبٌ للحقائق .. وظُهورٌ للمفسدِ بوجهِ الناصحِ .. تَماماً كما يفعلُ دُعاةُ التغريبِ وإخراجِ المرأة في هذا الزمن .. عبر قنواتهم ووسائل إعلامهم .. قالوا : ( كوني حرةً ) .. قلنا : هي أَمةٌ لرب البيت علام الغيوب .. قالوا : ( كُوني حُرةً ) .. قلنا : هي درةٌ لكنكم .. قومٌ تدسون الخراب .. وتنشرون الخنا عبر الثقوب !!
مررتُ على الحرائر وهي تشكي فقلتُ لها و ما تبكي الفتاة !
أجابتني بنظراتٍ طِوالٍ وبعض الرد أبلغُه السُكاتُ !
وما لي لستُ أبكي إنَّ حَقي شريفٌ أفسدت فيه القناةُ !
وما لخواطري إلا بكاءٌ عسى قلبي يُجملِّه الثبات
اللهم ثبت نساء المؤمنين على الحق .. واصرف عنهن كيد الكائدين و خيانة المنافقين .. اللهم و بارك لنا في كِتابك وسنة نبيك .. قلتُ ماقد سمعتم وأستغفر الله لي ولكم إن ربي غفور رحيم ..
الخطبة الثانية :
الحمدُ لله الذي هَدانا للإسلامِ وأكملَ لنا بُنيانَه .. وفضَّلَ ديننا على سائرِ الأديانِ وجعلَ للشرف و العفة عنوانَه .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكريمُ المنان .. أثنى على أحبَّتِه من المؤمنين بقوله : ( يحبهم ويحبونه ) .. وأشهد أنَّ مُحمدًا خليلُ الرحمن .. ورسولُه إلى الإنسِ والجَان .. صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليه .. وعلى آله وأزواجِه أُمهاتِ المُؤمنين .. وصحابتِه الغُرِّ المَيامين .. أما بعد ؛؛
أيها المُسلمون : لازال التغريبيون يَنصبون المشانق لجر المجتمع إلى الانفلات .. وهم بعد أن كانوا يسيرون في الدرج .. عَتبةً عتبة .. بَدأوا بتسريع الخُطا عتبتين أو ثلاث .. وليت أنهم يصعدون الدرج في الفضائل و الكمالات .. ولكنهم يَهبطون إلى الأسافل و الرذيلات ..
لقد أعطوا المرأة المسكينة ما لا تُريد !! وسلبوها ما تريد !! .. آلاف القضايا العادلة للمرأة مُهملة !! .. فلماذا لا تظهر من بين الثنايا .. إلا أنياب الذئاب ..
هلا تساءلتم .. لماذا هم يُصرون على إخراجِها من بيتها ؟؟
أليس كلُّ عُقلاء الأرض .. يتفقون على شريفِ مِهنةِ المرأة في بيتها .. وكبير إنجازها مع أولادها وزوجها ؟! ..
أعيدوا إلى البيتِ الحَزينِ سُرورَه ولا تَسلبوا قلبَ الحياةِ سُرورا
أميرةُ بيتِ الطُهر أم ٌكريمةٌ تُعدُّ لنا جِيلاً يَصدُّ شُرورا
فلا تَطحنوها في رحى الوهم والهوى وطاحونِ أعمالٍ تُميتُ شعورا
يقول ابن مسعود : ( ما تقرَّبت امرأةٌ إلى ربها بأعظمَ من قُعودها في بيتها ) ..
نقول ذلك لأنه الحق .. وإن لم يرغب في ذلك رجالٌ و نساء ؟
فماذا تُريدُ المرأةُ .. وينبغي لها أن تريد ؟
تريدُ المرأة : احتراماً لقضاياها الأصيلة لا الهامشية .. تريدُ المرأة أن لا يُسطِّحَ ــ المُجتمع ــ مُرادها ومطالبها !!
تريد المرأة : أن تتفيأ ظل حقوقها !! .. فالمرأة أعظم عاملة في العُرفِ الشرعي والاجتماعي .. فأنيلوها حقها من المال و الكرامة !! .. ولا تَبخسوها أو تُماطلوها !!
تريد المرأة : مشروعاتٍ تليق بها كأُنثى .. تحتفي بكرامتها وتحتفظ بخُصويتها !! .. لا محاضن يقتاتُ فيها المتحرشون ! .. أو يتطاول فيها المُغرضون !!
تريد المرأة : أنْ يَلتفتَ المُجتمعُ لقضايا : العُنوسةِ و الطَلاقِ و العَضل .. وإعدادِ الزوج الكفء .. الذي يُساهم معها في ردم مشاكلها !! .. واستنبات صلاح ذُريتها !!
تريدُ المرأة : إعزازاً حقيقياً .. لا مِسخاً مُشوهاً !! .. تريد المرأة خَوفاً عليها .. لا خوفاً مُراوغاً يبتغي استمالتها للنيل من شرفها و عفافها .. تُريد المرأة شفقةً .. ورحمةً .. وحَناناً !! .. يرتشف من فَمِ الوحي عُنونَه : " إني أحرجُ فيكم حَقَّ الضعيفين : اليتيم و المرأة " .. ومن حقها أن نَحوطَها بالحماية .. ونغمرها بالرحمة !!
اللهم اغفر للمسلمين والمُسلمات والمؤمنين والمؤمنات .. الأحياء منهم والأموات ..
اللهم اجز عنا خير الجزاءِ الأمهاتُ والبنات .. والزوجاتُ والأخوات .. اللهم من أرادنا أو أراد بلادنا بسوء وفسادٍ وفتنة .. اللهم فاهتك أستاره و شُلَّ أركانه .. وأظهر زيفه وعواره ..