المداومة على العمل الصالح

بسم الله الرحمن الرحيم

إخوة الإيمان والعقيدة ... اتقوا الله تعالى، وداوموا على العمل الصالح، فإن المداومة على العمل الصالح هي مراد الله من عباده، وأمره لرسله وأنبيائه، قال تعالى لنبيه ﷺ ]وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ[ يعني الموت. وحكاية عن عيسى بن مريم قال ]وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا[.

ووصف اللهُ أهلَ الجنّة فقال ]التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ[ والمستحقونَ لهذه الأوصاف هم المداومونَ عليها، قال الحسنُ البصريُّ رحمه الله في قولهِ ]الْعَابِدُونَ[: عَبَدوا اللهَ في أَحاييِنِهم كُلِّها، أما واللهِ ما هوَ بِشَهْرٍ ولا شَهرينِ، ولا سَنةٍ ولا سنتينِ، ولكن ْكما قال العبدُ الصالحُ ] وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا[.

وقال ﷺ: "الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ" أي إن سعادةَ العبدِ وشقاوتَهُ مُقيّدَةٌ بآخرِ العمل، فمَن كان آخرُ عملهِ عملَ أهلِ الجنةِ دخلَ الجنة، ومن كان آخرُ عملهِ عملَ أهلِ النارِ دخلَ النار، قال ﷺ "إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُخْتَمُ له عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ يُخْتَمُ له عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ".

وإذا كان الإنسانُ لا يدري متى ينتهي عمرُه فليداومْ على العملِ الصالحِ؛ حتى يفوزَ بحسنِ الخاتمةِ الموجبةِ له بإذن اللهِ دُخولَ الجنة.

فإنَ للمداومةِ على العملِ الصالح منافعَ عظيمةً منها .. الفوزُ بحُسْنِ الخاتمة، فإنَّ مَن داومَ على العملِ الصالح حَسُنتْ خاتمتُه. وكذلك الفوزُ بمحبةِ الله تعالى، فقد قال ﷺ: "إن أحبَ العملِ إلى الله أَدْوَمُهُ وإن قَلَّ". وهذه من علامةِ إرادةِ اللهِ بعبدِهِ الخيرَ، قال ﷺ: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ" فَقِيلَ: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ".

ومن منافع المداومة على العمل الصالح .. حُسْنُ المبعثِ بعدَ الموت، لقوله ﷺ: "يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ".

عباد الله .. إن الثباتَ على الاستقامة، والمداومةَ على الأعمال الصالحة لها أسبابٌ بعد توفيق الله، مِن أَهمِّها: الاستعانةُ باللهِ والتوكلُ عليه، وصِدْقُ دعائهِ والابتهالُ إليه، ومنها مجاهدةُ النفسِ ومصابَرتُها، ومنها صحبةُ أهلِ الاستقامة، والاجتهادِ في الطاعة، فإنّ المرءَ على دينِ خليله، ومنها التزامُ التوسطِ والاعتدالِ في طاعةِ الله، فمَن لَزِمَ القصْدَ والتوسطَ نال أَمَلَه، ومَن بالغ وجاوز الحدَّ مَلَّ وقَطعَ عَمَلَه.

نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

معاشر المؤمنين .. اتقوا الله حق تقاته، واستعينوا بالله وتوكلوا عليه، وتوبوا إلى الله وأنيبوا إليه، وتذكروا ما كنتم عليه قريبًا في شهر رمضان، من صيامٍ وقيام، وإحسانٍ وقراءة القرآن.

واعلموا أنّ التقربَ إلى اللهِ تعالى بفعلِ الواجباتِ فرضٌ محتَّمٌ في العمر كُلِّه، وأنّ التقرب إلى الله بنوافلِ الطاعاتِ مشروعٌ أيضاً في العمرِ كُلِّه؛ فليحرصِ المسلم ُكلَّ الحرصِ على فعلِ ما أوجبَ اللهُ عليه، وتركِ ما حرّمَ اللهُ عليه سواءٌ كان في رمضانَ أو في غيرِه.

وعلى أن يواظبَ على نوافلِ الطاعات كالسُّنَنِ الراوتب، وما تيسّرَ مِن قيامِ الليلِ والوتر، وَوِرْدٍ من كتاب الله تعالى في ليلٍ أو نهار، وليحرصْ على شيءٍ من صيامِ النافلةِ يمكنهُ المداومةُ عليه كصيامِ ثلاثةِ أيامٍ من كل شهرٍ أو غيرِ ذلك مما جاءتْ به السُّنّة.

ومَن فعلَ ذلك كان وليّاً لله، محبوباً عند الله، إن كادَهُ كائِد ٌكفاه، وإن سألَ اللهَ أعطاه، وإن استعاذَ بهِ وقاه "إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ".

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[.

اللهم أَحْسِنْ خواتيمنا، واعتِقْ رقابَنا ورقابَ والدِينا من النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار، اللهم وفق إمامنا ووليَّ عهدِه بتوفيقك، اللهم انصر بهم دينَك، وأَعلِ بهم كلمتَك، وارزقهم البطانَةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين.

وصل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المرفقات

1713513777_أثر المداومة على العمل الصالح.pdf

1713513785_أثر المداومة على العمل الصالح.docx

المشاهدات 432 | التعليقات 0