المداومة على الأعمال الصالحة
خالد الكناني
المداومة على الاعمال الصالحة
الحمد لله ربّ العالمين نَحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديَ لهُ ، وأشهدُ أن إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورسُولُهُ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلَمَ تسليما كثيرا
أيها المسلمون : اتقوا الله حق التقوى ولازموها إلى أن تلقوا ربكم جل وعلا ، قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
لقد منَ الله تعالى علينا بإكمال شهر رمضان ووفقنا فيه للصيام والقيام وتلاوة القرآن ، فعلينا أن نشكر الرحمن على ذلك الفضل ، فنكبره تكبيرا ، قال تعالى : { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
ونكثر من الاستغفار ، فإن في ذلك القوة والنشاط وضمان بقاء العبد على العمل الصالح ، قال تعالى حكاية عن هود عليه السلام أنه قال لقومه : { وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ } ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستغفار ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً»
أيها المسلمون : كنتم في شهر رمضان تصومون ، وتحافظون على الصلوات المفروضة وقيام الليل والتهجد ، وتتصدقون ، وتقومون بكثير من الصالحات ، طلبا للمثوبة من الله وطاعة لربكم .
أيها المسلمون : إن من أحب الأعمال إلى الله المداومة والاستمرار على الطاعات والحسنات ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا، وَإِنْ قَلَّ )) ، وَكَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ أي داوم عليه
أيها المسلمون : للمداومة على الاعمال الصالحة ثمار عظيمة وآثار جسيمة من أهمها : دوام اتصال القلب بالله تعالى والتعلق به ، ليحصل على السعادة التامة في الدنيا والاخرة قال تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
وقال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ }
فاجتهدوا رحمكم الله وحافظوا على الفرائض ثم بادروا وتزودوا بالنوافل وأبشروا ، وأكثروا من الدعاء بقول اللهم : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ
وهذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ»، فَقَالَ: " أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وجميع الاعمال وأن يبلغنا رمضان أعواما عديدة وأزمنة مديدة ، أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . أما بعد : أيها المسلمون اتقوا الله تعالى وأحسنوا الظن بربكم وتابعوا الاحسان بالإحسان وعيشوا دهركم في رضا الرحمن ، فالموفق من اغتنم الفرصة قبل أن يحال بينه وبينها ، قال تعالى : {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }
واعلموا رحمكم الله تعالى أن المداومة على الاعمال الصالحة تحتاج منا إلى عزيمة صادقة ومجاهدة أنفسنا ، حافظوا على الصلوات الخمس المفروضة ، وصلاة الوتر فقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر، وكذلك قراءة ما تيسر من القرآن الكريم يوميا ، والحرص على أذكار الصباح والمساء ودبر الصلوات والصدقة والبر والاحسان والاستمرار على صيام النافلة كالاثنين والخميس وأيام البيض وغيرها حسب القدرة والاستطاعة ، واتباع رمضان بصيام ست من شوال ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»
اللهم اعناعلى ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
هذا وصلوا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه ، قال تعالى :
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
المرفقات
1713341058_المداومة على الاعمال الصالحة.pdf