المُحَافَظَةُ عَلَى الْبِيئَةِ 23 جمادى الثانية 1445هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1445/06/21 - 2024/01/03 16:06PM

الْحَمْدُ للهِ الذِي سَخَّر لَنَا مَا فِي الْأَرْضِ مِنَ الْخَيْرَات، وَشَرَعَ لَنَا الانْتِفَاعَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْثمَرَات، وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا فِيهَا بِنِعَمِ الْأَشْجَارِ وَالنَّبَاتَات، وَنَهَانَا عَنِ الْإِسْرَافِ فِي اسْتِغْلالِ الثَّرَوَات، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَات، أَمَرَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِﷺ بِتَنْظِيفِ السَّاحَات، وَنَهَانَا عَنْ تَلْوِيثِ الأَمَاكِنِ بِالقَاذُورَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَات، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبَات، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ مَا دَامَتِ الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَات.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ -وَنَفْسِي أَوَّلًا- بِتَقْوَى اللهِ وَطَاعَتِهِ، وَالاسْتِمْرَارِ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى نَلْقَاهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ دِينَنَا الْإِسْلامَ دِينُ تَعَاوُنٍ وَتَرَاحُمٍ وَتَعَاطُف، وَدِينُ طَهَارَةٍ وَنَظَافَةٍ وَعَفَاف، وَدِينٌ صَالِحٌ لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَدِينٌ عَالَمِيٌّ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَطَبِيعَتِهَا وَبِيئَتِهَا.
وَالْبِيئَةُ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ هِيَ كُلُّ مَا خَلَقَهُ اللهُ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ لِصَالِحِ الْبَشَر؛ إِنَّهَا الْهَوَاءُ النَّقِيُّ الذِي نَسْتَنْشِقُهُ، إِنَّهَا الْمَاءُ الْعَذْبُ الصَّافِي الذِي نَرْوِي بِهِ ظَمَأَنَا، وَنَسْقِي زُرُوعَنَا وَدَوَابَّنَا، إِنَّهَا هَذِهِ الْمَنَاطِقُ الْخَضْرَاءُ مِنَ النَّبَاتَاتِ وَالْأَزْهَارِ وَالْأَشْجَارِ، إِنَّهَا الْمُتَنَزَّهَاتُ التِي نَرْتَادُهَا وَنَنْتَعِشُ بِخُضْرَتِهَا؛ إِنَّهَا ذَلِكَ الْبَحْرُ الذِي يَمْتَدُّ وَنَسْتَخْرِجُ مِنْهُ خَيْرَاتٍ عَظِيمَةً، فَنَأْكُلُ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَنَأْخُذُ مِنْهُ حِلْيَةً نَلْبَسُهَا؛ فَالْبِيئَةُ هِيَ كُلُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُفِيدَةِ لِلْإِنْسَانِ وَالضَّرُورِيَّةِ لِحَيَاتِهِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ وَذَكَّرَنَا بِهَا وَحمَلَّنَا مَسْؤُولِيَّةً عَلَيْهَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون}.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ الْخُبَرَاءَ الْيَوْمَ يَدُقُّونَ نَاقُوسَ الْخَطَرِ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى، وَيُوَجِّهُونَ النِّدَاءَاتِ لِوَقْفِ مَا يُسَمَّى بِاسْتِنْزَافِ الْبِيئَةِ، لَقَدْ أَصْبَحَتْ هَذِهِ الْمُشْكِلَةُ تُهَدِّدُ الْحَيَاةَ عَلَى كَوْكَبِنَا الْأَرْضِيِّ، كُلُّ ذَلِكَ بِفِعْلِ الْإِنْسَانِ الْمُتَحَضَّرِ، فِي الْعَصْرِ الْمُتَنَوِّرِ، لَقَدْ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالْجَوِّ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ، فَأَصْبَحَ لِزَامًا عَلَى الْجَمِيعِ، أَنْ يَتَعَاوَنُوا لِدَرْءِ هَذَا الْفَسَادِ، الذِي يَضُرُّ بِالْجَمِيعِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّنَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ، وَيَكْثُرُ خُرُوجُ النَّاسِ لِلتَّنَزُّهِ وَالْفُرْجَةِ، ثُمّ بِحَمْدِ اللهِ هَطَلَتْ أَمْطَارٌ فِي بَعْضِ مَنَاطِقَ مِنَ الْمَمْلَكَةِ، عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ الْأَمْطَارَ غَيْثًا وَأَنْ يَعُمَّ بِهَا سَائِرَ بِلَادِنَا، وَلِذَلِكَ فَهَذِهِ تَوْجِيهَاتٌ نَافِعَةٌ اسْتَمِعُوا لَهَا فِي خُطْبَتِنَا هَذِهِ، لَعَلَّهَا تَكُونُ نَافِعَةً لِلْجَمِيعِ.

فَأَوَّلًا: نُحَذِّرُ مِنَ الْمَبِيتِ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ أَيَّامَ الْأَمْطَارِ لِمَا يُتَوَقَّعُ مِنْ نُزُولِ الْمَطَرِ وَانْحِدَارِ السُّيُولِ، وَكَذَلِكَ فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ يَقْطَعُونَ الْأَوْدِيَةَ بِالسَّيَّارَاتِ أَثْنَاءَ السُّيُولِ وَهَذَا فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْهَلَاكِ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ مَعَهُ وَكَذَلِكَ خَطَرٌ عَلَى سَيَّارَتِهِ وَمَالِهِ، وَكَمْ رَأَيْنَا مِنْ أُنَاسٍ جَرَفَتْهُمُ السُّيُولُ أَوْ أَغْرَقَتْ سَيَّارَاتِهِمْ، وَرُبَّمَا بَعْضُهُمْ يَفْعَلُ ذَلِكَ تَفَاخُرًا أَوْ لِإِظْهَارِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَادَةِ فِي الْأَمَاكِنِ الْخَطِرَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ خَطَأٌ، قاَلَ اللهُ تَعَالَى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}

ثَانِيًا: يَنْبَغِي لَنَا جَمِيعًا الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْأَشْجَارِ وَالنَّبَاتَاتِ، فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهَا, سَوَاءٌ بِالْقَطْعِ أَوِ الدَّهْسِ عَمْدًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ كَيْفَ يَكُونُ الْمَكَانُ جَمِيلًا حِينَ يَكُونُ أَخْضَرَ تَكْسُوهُ الشُّجَيْرَاتُ وَالنَّبَاتَاتُ الْجَمِيلَةُ، وَكَيْفَ يَكُونُ مُحْزِنًا كَئِيبًا حِينَ لا يَكُونَ فِيهِ ذَلِكَ الْجَمَالُ، وَدِينُنَا يَأْمُرُنَا بِالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ لَا بِالْقَطْعِ وَالْإِفْسَادِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ثَالِثًا: مَا أَجْمَلَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ أَنْ تَجِدَ الْمَكَانَ الذِي تَقْصِدُهُ نَظِيفًا جَمِيلًا خَالِيًا مِنَ النِّفَايَاتِ وَالْأَوْسَاخِ، وَمَا أَقْبَحَ عَكْسَ ذَلِكَ، فَكَمَا تُحِبُّ أَنْ تَجِدَ الْمَكَانَ، فَاحْرِصْ أَنْ تَتْرُكَهَ كَذَلِكَ.

فَحَافِظْ أَيُّهَا الْفَاضِلُ عَلَى نَظَافَةِ الْمَكَانِ الذِي تَنْزِلُ فِيهِ وَاسْتَعِدَّ لِذَلِكَ، وَاتَّفَقْ أَنْتَ وَأَوْلَادُكَ أَوْ أَصْحَابُكَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ الطَّيِّبَةِ وَرَغِّبْهُمْ فِيهَا، ثُمَّ خُذُوا مَعَكُمْ مَا تَضَعُونَ فِيهِ مَا تُخِلِّفُونَهُ مِنْ بَقَايَا الطَّعَامِ أَوِ الْحَاجِيَاتِ غَيرِ الْمُسْتَعْمَلَةِ، وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَصْحَبَ الْإِنْسَانُ مَعَهُ فِي سَيَّارِتِهِ كِيسًا يَضَعُ فِيهِ مُخَلَّفَاتِهِ وَمَا لا يَحْتَاجُهُ، ثُمَّ عِنْدَ الْامْتِلاءِ يَنْظُرُ أَقْرَبَ صُنْدُوقِ قُمَامَةٍ ثُمَّ يَضَعُهُ فِيهِ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ دِينَنَا سَبَقَ الثَّقَافَاتِ الْغَرْبِيَّةَ وَالشَّرْقِيَّةَ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَمَعَ الْأَسَفِ أَنَّ بَعْضَ أَوْلادِنَا يُعْجَبُ بِهِم وَبِنَظَافَةِ طُرُقَاتِهِمْ، مَعَ أَنَّنَا قَبْلَهُمْ بِأَكْثَرَ مِنَ 1400سَنَةٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ) رَوَاهُ مُسْلِم.

فَاحْرِصْ عَلَى ذَلِكَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ وَخَاصَّةً عِنْدَ الْمُغَادَرَةِ، وَاسْتَشْعِرْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ الْمُخَلَّفَاتِ الْبِلاسْتِيكِيَّةِ وَالْمَعْدَنِيَّةِ أَوِ الْقَاذُورَاتِ مِنْ إِفْسَادِ الْبِيئَةِ وَإِيذَاءِ النَّاسِ.

 رَابِعًا: مِنَ التَّوْجِيهَاتِ التِي يَنْبَغِي الالْتِزَامُ بِهَا، وَفِيهَا مُحَافَظَةٌ عَلَى الْبِيئَةِ وَدَرْءٌ لِلْأَخْطَارِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ: عَدَمُ إِشْعَالِ النَّارِ إِلَّا فِي الْأَمَاكِنِ الْمَسْمُوحِ بِهَا، ثُمَّ إِطْفَاؤُهَا عِنْدَ مُغَادَرَةِ الْمَكَانِ، فَالنَّارُ خَطِيرَةٌ، وَكَمْ حَصَلَ مِنَ الْكَوَارِثِ بِسَبَبِ إِشْعَالِ النَّارِ فِي أَمَاكِنَ غَيْرِ مُنَاسِبَةٍ أَوْ تَرْكِهَا مُشْتَعِلَةً عِنْدَ الْمُغَادَرَةِ مِنْ غَيْرِ إِطْفَاء لَهَا أَوْ دَفْنٍ، قَالَ أَبُو مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ (إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصْحَبْهِ وَالتَّابِعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَخَامِسًا مِمَّا يَنْبَغِي لَنَا: مُرَاعَاةُ الْأَنْظِمَةِ التِي أَقَرَّتْهَا وَزَارَةُ الْبيئَةِ وَالزِّرَاعَةِ وَالْمِيَاهِ، وَكَذَلِكَ الْمُدِيرِيَّةُ الْعَامَّةُ لِلدِّفَاعِ الْمَدَنِي فِي هَذَا الْجَانِبِ، وَالتِي مِنْ شَأْنِهَا تَحْقِيقُ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لِلْجَمِيعِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ دِينَنَا دِينُ انْضِبَاطٍ وَتَنْظِيمٍ, لا دِينُ هَمَجِيَّةٍ وَعَدَمِ مُبَالاةٍ بِالآخَرِينَ، وَمَعَ الْأَسَفِ الشَّدِيدِ، فَشَوَارِعُنَا بَلْ وُمُدُنُنَا لَمْ تَكُنْ فِي مُسْتَوى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ شَرِيعَتُنَا، فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يُفْرِغُونَ الْأَزْبَالَ فِي الشَّوَارِعِ، وَعَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، رَغْمَ وُجُودِ الْحَاوِيَاتِ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْأَزْبَالُ مَصْدَرًا لِلرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ، وَمَزْرَعَةً خَصْبَةً لِتَوَالُدِ شَتَّى أَنْوَاعِ الْجَرَاثِيمِ، التِي تُوَزِّعُ الْعَدِيدَ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْأَوْبِئَةِ، وَتُلَوُّثُ الْبِيئَةَ, وَهَذَا مِمَّا يَنْبَغِي التَعَاوُنُ عَلَى تَرْكِهِ.

فاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقَ إِمَامَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَاهْدِهِمْ بِهُدَاكَ وَأَصْلِحْ بِطَانَتَهُمْ وَأَعْوَانَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنَا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لَنَا, وَتَوَفَّنَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الغَضَبِ والرِّضَا، وَنَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَا وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَنَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.

المرفقات

1704287210_المُحَافَظَةُ عَلَى الْبِيئَةِ 23 جمادى الثانية 1445هـ.doc

المشاهدات 2338 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا